أصدق المناهج في تمييز الإباضية عن الخوارج

‫شبكة الدرة السلمية‬
‫‪www.aldura.net‬‬
‫أصدق المناهج‬
‫في تمييز الباضية عن الخوارج‬
‫تأليف الشيخ العلمة سالم بن حمود السيابي رحمه ال تعالى‬
‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬

‫[*]مقدمة‬
‫[*]الغراض التي تدعوا إلى التنفير منهم والعراض عنهم‬
‫[*]من هم الباضية ؟‬
‫[*]أين هم الباضية ؟‬
‫[*]هل لهم مذهب خاص ؟‬
‫[*]من علماء الباضية أيام ابن إباض ؟‬
‫[*]من هم الخوارج ؟‬
‫[*]ما هي أسس الحكم عند الباضية ؟‬
‫[*]ما يقول الباضية في صفات ال عز وجل ؟‬
‫[*]ما هي أعمالهم في المور العملية ؟‬
‫[*]هل للباضية في خدمة السلم العامة نصيب ؟‬
‫[*]هل كتم مخالفو الباضية شيئاً من مآثر الباضية ؟‬
‫[*]الحكم في الخوارج في نظر الباضية‬
‫[*]ما هو اليمان عند الباضية ؟‬

‫[*]ما شأن مذهب الباضية بين المذاهب الخرى ؟‬
‫[*]هل يجيز الباضية الصلة خلف أئمة غيرهم من المذاهب ؟‬
‫[*]هل هناك فرق بين الباضية وغيرهم في المواريث ونحوها ؟‬
‫[*]هل الجهاد عند الباضية وغيرهم على حد سواء ؟‬
‫[*]متى استقل الباضيون بأمرهم في السلم ؟‬
‫[*]كيف سيرة الباضية في السلم ؟‬
‫[*]على أي وضع تجري الحكام عند الباضية ؟‬
‫[*]من هم أشهر علماء الباضية في المشرق ؟‬
‫[*]هل لهل عمان تآليف مهمة غير التي اشرتم إليها ؟‬
‫[*]ماذا يقول أهل عمان في الخلفاء الربعة ؟‬
‫مقدمة‬

‫بسم ال الرحمن الرحيم‬
‫الحمد ل الذي أوجب على عباده إتباع أصدق المناهج ‪ ،‬والصلة والسلم‬
‫على الصادع بافتراق المة بعد نبيها إلى فرق ل تزال منتحية منهج من قبلها‬
‫من المم الخوارج ‪ ،‬فمنها من لزم الحق في المداخل والمخارج ‪ ،‬ومنها من‬
‫تعلق بأخطر المعارج وأخبث المناهج ‪ ،‬وعلى آله الموفين له بطاعته‬
‫وأصحابه المخلصين له في عبادته وأتباعهم السالكين مسالك الحق الموفين‬
‫له بواجباته ‪.‬‬
‫أما بعد ‪ :‬فإني طالما قرأت عشرات في عشرات من الكتب المذهبية لمذاهب‬
‫السلم وعلمائه العلم على اختلف مذاهبهم ولم أجد منهم من يقول عن‬
‫الباضية إل أنهم خوارج ‪ ،‬أو هم من الخوارج ‪ ،‬أو من أقرب الخوارج إلى‬
‫الحق ‪ .‬ولم يزالوا يتداولون هذا التعبير في كتبهم فقهية كانت أو تاريخية ‪،‬‬
‫ويميلون بهم حينا إلى الحق ‪ ،‬وآناً إلى القرب منه‪ .‬وبعضهم يصب عليهم‬
‫الويلت واللعنات لنهم عنده قتلوا علياً بعد ما قتلوا عثمان ‪ .‬وأسهل شيء‬
‫يرمونهم به أنهم خوارج مع أن الواقع يشهد أن الباضية ل تجمعهم‬
‫بالخوارج جامعة ‪ ،‬ول يمتون إليهم بصلة ‪ ،‬فما هي الحوال التي تجمعهم‬
‫بالخوارج وهم براء منهم ؟! وما هي العمال التي تصدر منهم حتى تجعلهم‬
‫في عداد الخوارج ؟!‬
‫وقد طال ما كتبنا عن الباضية الرسائل الوافية وبينا قواعدهم المذهبية‬

‫والصول العتقادية ‪ ،‬وأحكامهم العملية ‪ ،‬بحيث لم نترك في ذلك ما يرتاب‬
‫فيه أبن نهية ‪ ،‬راجين من ال أن تكون فيه الغنية إن شاء ال ‪.‬‬
‫الغراض التي تدعوا إلى التنفير منهم والعراض عنهم‬

‫أهمها حدتهم على الظلمة والفساق من الٌمراء الذين يحيدون عن جادة الحق‬
‫ومنهج العدل ويناشدونهم السير على منهاج الخلفاء الراشدين الذين هم هداة‬
‫الخلق ‪ ،‬والدعاة إلى الحق ‪ ،‬فإذا لم يجدوا منهم ذلك باينوهم وفارقوهم ‪،‬‬
‫وناصبوهم الحرب إن قدروا حتى يتركوا ظلمهم وجورهم ‪ ،‬ويرجعوا إلى‬
‫الحق عملً بأوامر ال عز وجل في كتابه وعلى لسان نبيه الصادق المصدوق‬
‫عليه الصلة والسلم ‪ .‬فتراهم يقاتلون حتى ملوكهم الذين هم على مذهبهم ‪،‬‬
‫ومن أبناء جلدتهم ومن أهل وطنهم ‪ ،‬إذا تركوا الحق ‪ ،‬وركنوا إلى الباطل ‪.‬‬
‫فكيف بملوك غيرهم الذين هم أعمدة الظلم ورؤساء الفساد في الرض ودعاة‬
‫حرُمات‬ ‫الباطل في المة ‪ ،‬الذين تدار كؤوس الخمر على موائدهم ‪ ،‬وتنتهك ُ‬
‫ال عز وجل بين أظهرهم جهارًا وتقوم القينات والمغنيات على رءوسهم‬
‫بالعود والمزمار وآلت اللهو والطرب ‪ .‬ومنها أن الباضية ل يتولون الظلمة‬
‫من كانوا وأين كانوا ‪ ،‬فإذا رأوا منهم حقاً قبلوه ‪ ،‬وإذا رأوا باطلً أعرضوا‬
‫عنه وأنكروه ‪ .‬فلذلك ل تحبهم الملوك الجورة ول تدنى مجالسهم ‪ ،‬ول تجيب‬
‫دعوتهم ‪ ،‬بل ول تزال عاملة على إقصائهم وإضعافهم لنها ترى أنهم أخطر‬
‫على الملك ‪ ،‬وداء عضال على الزعامة الحائدة عن خطة الحق ‪ ،‬إذ كانوا‬
‫عاملين بإقتضاء قوله عليه الصلة والسلم ‪ (( :‬ل طاعة لمخلوق في معصية‬
‫خالق )) فلهذا ترى الملوك على إختلف منازعهم ‪ ،‬والمراء على تباين‬
‫مقاصدهم ينسبون إلى الباضية ما يبغضهم في أعين المم ‪ ،‬ويقصيهم مناهج‬
‫الحياة الصالحة في هذا العالم ‪ ،‬ومنها أن علماء الباضية وقد عرفت شيئا‬
‫عنهم ممن يصدع بالحق ل ل يراعون رغبة النفوس ‪ ،‬بل يراعون واجب‬
‫الشريعة في البعيد والقريب ‪ ،‬والبغيض والحبيب ‪ ،‬ويتحرون عن مجاري‬
‫رغبة أهل الدنيا وإن جلت مناصبهم ‪ ،‬فما عندهم شيء لغير ال أبداً ‪ ،‬فلذلك‬
‫حسدهم مخالفوهم ‪ ،‬إذ لم ينالوا مكانهم في الدين ‪ ،‬وقد عرفوا بذلك ‪ ،‬وبذلك‬
‫أضافوهم إلى الخوارج لعلمهم أن الخوارج ممقوتون عند أهل الحق ‪،‬‬
‫فجعلوهم منهم ‪ ،‬ونددوا بهم في كتبهم ورسائلهم ورسلهم ‪ ،‬ونشروا عنهم‬
‫في العالم ما ليس منه في قبيل ول دبير ‪ ،‬فنفروا الناس عنهم بذلك ‪ ،‬ونسبوا‬
‫إليهم غير الذي هم عليه ‪ .‬فأين الباضية من الخوارج ؟ أين الباضية من أمم‬
‫السلم كلها ؟ قوم ل يرضون بغير الحق أحسن الدهر إليهم أم أساء ‪ .‬أنكر‬
‫الباضية أشياء وقعت في الدين ‪ ،‬فاتخذ أهل الهواء إنكارهم ذريعة إلى النداء‬
‫بحدة الباضية وشدتهم ‪ ،‬والحق ل يزال فيما أنكروا معهم لما اطلع الباضية‬
‫على ما نسب الصحابة إلى عثمان ‪ ،‬وقاموا به عليه وناشدوه الحق والسير‬
‫به والبعاد لهل الباطل وزجرهم عنه ‪ ،‬وعرفوا الحق ‪ ،‬صوبوا المحق وأيدوا‬
‫الحق وأعانوا على العدل بالمستطاع يداً ولساناً ‪ ،‬وبذلك نسبوا إليهم ما نسبوا‬
‫بغير موجب ‪.‬‬
‫من هم الباضية ؟‬

‫الباضية أمة من أمم السلم إمامهم عبد ال بن إباض التميمي المعروف‬

‫زعيم ديني وإمام رضي ‪ ،‬شهر مقامه بين رجال الحق وزعماء الرشد ‪ .‬لم‬
‫يزل داعياً إلى ال جاداً مجداً هماماً مرشداً ‪ ،‬ولياً من أولياء ال ‪ ،‬رضياً في‬
‫دينه ‪ ،‬ل يهاب الجبابرة ‪ ،‬ول يحابي الظلمة ‪ ،‬ول يداهن في الدين ‪ ،‬ول يميل‬
‫إلى أهل الهواء والبدع ‪ ،‬وهذه لهجة أهل الحق في السلم ‪ ،‬وسيرة التقياء‬
‫العلم ‪ .‬فلما فشى خبره بهذا في المة السلمية ‪ ،‬وشاع نبأه في أقطار‬
‫السلم وعوالمه ‪ ،‬أضيف إليه من كانوا كذلك من المة ونسبوهم إليه ‪ ،‬وهو‬
‫كما ترى لم يكن إماماً له مذهب خاص ‪ ،‬ول مسألة واحدة في الدين ‪.‬‬

‫أين هم الباضية ؟‬
‫الباضية في عمان أعرق منهم في غيرها من بلد السلم ‪ ،‬وفي بلد العراق‬
‫إذ كان ابن إباض عراقياً ‪ ،‬وفي أرض اليمن ‪ ،‬وبالخص حضرموت إلى نهاية‬
‫القرن السابع ‪ .‬وفي المغرب أشهر من نار على علم ‪ ،‬وأرسى من رضوى‬
‫على الثرى ‪ .‬وفي زنجبار من أفريقيا ‪ ،‬وفي أمكنة متعددة من بلد ال ‪.‬‬

‫هل لهم مذهب خاص ؟‬

‫ليس للباضية مذهب خاص يتقيدون به تبعاً لعالم خاص من علماء المم‬
‫كأبي حنيفة ‪ ،‬وأحمد بن حنبل ‪ ،‬والشافعي ‪ ،‬أو مالك ‪ ،‬أو الثوري ‪ ،‬أو غيرهم‬
‫من علماء السلم ‪ .‬فل توجد لبن إباض مسألة واحدة تؤثر عنه في الدين ‪.‬‬
‫ومن هنا يعلم مقام الباضية في السلم ‪ ،‬فإن الباضية رجال تقييد ل رجال‬
‫تقليد ‪ ،‬وأهل اعتماد على الحق ل على الخلق ‪ ،‬فل يتقيدون إل بال ورسوله‬
‫فقط ‪.‬‬

‫من علماء الباضية أيام ابن إباض ؟‬

‫علماء الباضية أيام ابن إباض أجلة العلماء ‪ .‬وفي مقدمتهم المام الوحد‬
‫جابر بن زيد الزدي العماني أبو الشعثاء ‪ ،‬الذي أجمعت المة على ثقته‬
‫وعدالته وأمانته رواية ودراية ‪ ،‬وقد عرفه كل أحد ‪.‬‬
‫وأبو عبيدة مسلم بن أبي كريمة ‪ ،‬وضمام بن السائب الندبي العماني ‪،‬‬
‫وصاحب الصحيح المام الربيع بن حبيب الفراهيدي العماني البصري ‪،‬‬
‫وأمثالهم ممن لهم المقام العلى والمرام الوفى ‪ ،‬والسبق في السلم على‬
‫علماء المذاهب المعروفة ‪.‬‬
‫من هم الخوارج ؟‬
‫الخوارج في الصل جمع خارجة ‪ ،‬وهي طوائف تخرج في السلم ضالة‬

‫ومحقة ‪ .‬وفي عرف الفقهاء فرق من فرق السلم رأسهم نافع بن الزرق ‪،‬‬
‫ونجدة بن عامر ‪ ،‬وعبد ال الصفار ‪ .‬وأتباعهم خرجوا على أهل الحق في‬
‫زمن التابعين وتابعيهم ‪ .‬وحكموا على مرتكب الكبيرة من الذنوب بالشرك ‪،‬‬
‫وفرعوا عليه حلية ماله فيغنم ‪ ،‬ودمه فيسفك ‪ .‬ورأوا أن ذلك هو الحق ‪.‬‬
‫واشتدوا على الناس ‪ ،‬وثقلت وطأتهم على من تسلطوا عليه ‪ ،‬واشتدت‬
‫شوكتهم ‪ ،‬وعظمت محنتهم على المة السلمية ابتلً من ال لها بمثل هؤلء‬
‫‪ .‬وتعلقوا بتأويلت خالفوا فيها غيرهم من سائر المم السلمية ‪ .‬ولم يصغوا‬
‫على قول غيرهم من أهل الحق ‪ ،‬فاستعرضوا الناس بالسيف ‪ ،‬وقتلوا من لم‬
‫يحل قتله ‪ ،‬ونهبوا الموال ‪ ،‬واستعبدوا النساء والرجال لنهم في نضرهم‬
‫مشركون ‪ .‬فكان لهم خطب جسيم في السلم ‪ ،‬واستحلوا ما حرم ال‬
‫بالمعصية متأولين قوله تعالى ‪ (( :‬وإن أطعتُموهُم إنكم لمُشركون ))( النعام‪:‬‬
‫‪ . )121‬وكان معنى الية ‪ :‬وإن أطعتم المشركين في القول بتحليل الميتة‬
‫فأنتم مشركون مثلهم ‪ .‬ولكن هؤلء تأولوها على غير وجهها ‪ ،‬فكان معناها‬
‫معهم ‪ :‬وإن أطعتموهم في أكل الميتة ‪ ،‬فأخطأوا بذلك في تأويل الية وجه‬
‫الحق ‪ .‬ول يخفى أن استحلل ما حرم ال رد على ال عز وجل ‪ ،‬وهو شرك‬
‫محض ل يرتاب فيه من له تمييز بين الحق والباطل ‪.‬‬
‫ولما كان ما كان من تأويلهم هذا ‪ ،‬ومشوا به في المة مشية اشمأزت منها‬
‫المسلمون ‪ ،‬أنكرها عليهم أهل الحق ‪ ،‬فزادوا في عنادهم ‪ ،‬وتمردهم في‬
‫منهجهم ‪ .‬ولم يقتصروا بذلك بل تجاوزوه إلى الفعل ‪ ،‬فعلموا بمقتضى‬
‫تأويلهم ‪ ،‬وعمموا تشريك مرتكبي ‪ .‬فحلت لهم دماء أمة محمد عليه الصلة‬
‫والسلم ‪ ،‬ورأوا أنها تقربهم من ال زلفى ‪ ،‬فاستحلوا الموال غنيمة سائغة‬
‫فقتلوا من تمكنوا من قتله ممن ل يقول بقولهم هذا ‪ ،‬وسبوا من شاءوا‬
‫بذلك ‪ ،‬والواضح ـنهم على الباطل الذي ل مرية فيه ‪ .‬ولذلك قال فيهم أئمة‬
‫المسلمين كالربيع بن حبيب ‪ ،‬صاحب الصحيح ‪ ،‬وأبي عبيدة بن أبي كريمة ‪،‬‬
‫وضمام بن السائب ‪ ،‬وأمثالهم ‪ ،‬نرى ما داموا على قولهم فخطأهم محمول‬
‫عليه ‪ ،‬فإذا تجاوزوه إلى الفعل حكمنا بكفرهم ‪ .‬أي يصح تركهم وتأويلهم ما‬
‫لم يفعلوا بمقتضاه ‪ ،‬فإذا فعلوا فل يسع إل تكفيرهم والقيام في وجوههم لرد‬
‫ضللتهم وبدعتهم ‪ ،‬وزجرهم وقتلهم حتى يرجعوا إلى الحق ‪ .‬فإن المسلمين‬
‫كلهم لم يقولوا بذلك أبداً ‪ ،‬وبذلك طردهم المسلمون من مجالسهم وأقصوهم‬
‫منهم معلنين منهم لبراءة مباعدين لهم ‪ .‬وبذلك أيضاً أعلنوا كفرهم لن من‬
‫أحل ما حرم ال ‪ ،‬أو حرم ما أحل ال ‪ ،‬فل شك في كفره بنص الكتاب والسنة‬
‫وإجماع المة ‪.‬‬
‫ولما عظم خطب الخوارج ‪ ،‬وتكاتف فلهم ‪ ،‬أثار ال لهم القائد الكبير المهلب‬
‫بن أبي صفرة سارف بن ظالم بن صبح بن كندة بن عمرو بن عدي بن وائل‬
‫بن الحارث بن العتيك بن السد بن عمران بن عامر ماء السماء الزدي‬
‫العماني المشهور ‪ ،‬فأضرم بينهم نيران الحرب والدهاء ‪ ،‬حتى دقهم دق‬
‫العصف وأبادهم حتى عرفت البصرة به فقالوا ‪ ( :‬بصرة المهلب )‬
‫وكان الخوارج من جملة منكري التحكيم وكان الباضية أيضاً كذلك أدمجوهم‬
‫في عداد الخوارج ليشوهوا بذلك سمعة الباضية ظلما وعدواناً ‪ .‬وحسداً‬
‫منهم للباضية أرادوا أن يلطخوا بذلك طهارتهم من السواء حتى يرتفع لهم‬
‫صوت في عالم المم السلمية ‪ ،‬ولم يقوم لهم بناء ديني مهما كان يقوم على‬
‫منهاج الخلفاء الراشدين ن ويعرف بين المم بالعدالة المحضة فتؤيده رجال‬
‫الحق رغم العراقيل ‪.‬‬
‫وقد اعتد الباضية على الصحيح الصريح من الوامر الشرعية واتباع سنن‬
‫الخليفتين الرضيين المرضيين أبي بكر وعمر بن الخطاب رضي ال عنهما ‪.‬‬
‫وعلى كل حال فإن الفئة الباغية هي التي قتلت عمار بن ياسر رضي ال‬
‫عنه ‪ ،‬وأن المبغي عليها هي الخرى ‪ ،‬ول بد من هذا إل عند من غالط نفسه‬
‫وتعصب للهوى ‪.‬‬
‫ومما روجوا به بضاعة الطعن ما قالوه أن وقعة النهروان بين علي‬

‫والباضية ‪ ،‬وأنهم خرجوا عن المام العدل علي بن أبي طالب ‪ ،‬وشقوا عصا‬
‫الختلف ‪ ،‬وطولوا به مسافة الفتراق ‪ ،‬وأن المام العالم العظيم – وصي‬

‫النبوة على السلم – قتلهم ‪ .‬والواقع أن أهل النهروان رأوا إمامهم ألقى عن‬
‫كاهله عبء المامة حين حكم فيها الرجال ‪ ،‬وقد خرج من عهدتها وتنازل‬
‫عنها تاركاً لها ‪ .‬فانحازوا لينظروا المر السديد لهم وللمسلمين ‪ .‬فبايعوا عبد‬
‫ال بن وهب الراسبي على ما بويع عليه الئمة من قبله ‪ ،‬ورأوا أنهم الحجة‬
‫في ذلك العهد وأن لهم الحق في ذلك ‪ ،‬فدخل أهل الهواء على المام علي بن‬
‫أبي طالب قائلين له بقصد الغراء إن هؤلء من جملة شغبهم ذهبوا بالمامة‬
‫عن القرشية أصل ‪ ،‬وأن الرسول عليه الصلة والسلم يقول ‪ ( :‬الئمة من‬
‫قريش ) ‪ .‬وأن فعل النهروان هذا دليل على عدم استقامتهم ‪ ،‬وأضافوا إلى‬
‫ذلك ما أضافوا من قتل المرأة الحامل وزوجها ‪ ،‬وما هنالك من أفعال تقشعر‬
‫منها الجلود ‪ ،‬والقصد من ذلك إذلل الحق وتأييد الباطل ‪ ،‬والذين يرون أن ل‬
‫مقام لهم إل معه ‪.‬‬
‫وأهل الحق وأهل الباطل ضدان فكان بذلك ما كان والمر ل ‪.‬‬
‫فالباضية لم يشاركوا في سفك قطرة دم من دماء المسلمين ‪ ،‬وقد علم أن تلك‬

‫الفتن كلها لم يعرف للباضية فيها ناقة ول جمل ‪ .‬فإضافة الباضية إلى‬
‫الخوارج إضافة طعن وقدح ‪ ،‬ول يخفى ذلك على من له أدنى فهم ‪ ،‬وللناس‬
‫أهواء تحملهم على دس الدسائس وضم الكيد إلى جانب من يحاولون فيه ما‬
‫تقتضيه الغراض النسانية ‪.‬‬
‫ما هي أسس الحكم عند الباضية ؟‬

‫أسس الحكم عند الباضية الكتاب والسنة والجماع ‪ .‬وعلى هذه الثلثة‬
‫المعتمد ‪ ،‬فحللها حلل ‪ ،‬وحرامها حرام ل هوادة في ذلك ول اختيار لحد بعد‬
‫ما جاء في هذه الصول الثلثة ‪ ،‬ثم القياس ‪ ،‬ثم الستدلل ‪.‬‬
‫ومن القدح الكبير في الباضية قولهم أن الباضية ل يقولون بالجماع ‪ ،‬وأنت‬
‫خبير أن الجماع أحد الصول الثلثة ‪ ،‬فكيف ل يقول به الباضية ؟!‬
‫وهذا أمر قد تداوله مؤرخوهم وكاتبوهم ونشروه في صحائفهم ‪ ،‬وقد علم‬

‫القصد منه والباضية منه في معزل ‪ ،‬فهو افتراء عليهم وال على لسان كل‬
‫ناطق ‪.‬‬
‫ما يقول الباضية في صفات ال عز وجل ؟‬

‫الباضية يصفون ال عز وجل بالصفات التي ل بد منها ول محال عنها ‪.‬‬

‫فتراهم يصفونه بمقتضى قوله عز وجل ‪ ( :‬ليس كمثله شيء )(الشورى‪)11:‬‬
‫فقطعت هذه الجوهرة الباهرة كل ما ل يليق بالجلل اللهي ول يتفق مع‬
‫الكمال الرباني ‪ ،‬ول يرضى به الجمال المقدس الواجب الوجود ‪ .‬ومن يفهم‬
‫هذه الية حق الفهم اهتدى بها في ليالي الجهل المظلمة ‪ ،‬واسترشد بها في‬
‫المواقف التي يحتار فيها المتخبطون في دياجير الهواء ‪ .‬ل وصف يليق‬
‫بجلل ال العظيم إل هو داخل تحت حيطة هذه الية ‪ ،‬ول نعت يأباه الكمال‬
‫العلى إل تفته عنه ‪ .‬وكل اليات التي تصف جلل ال عز وعل تعتبر عن‬
‫معنى هذه الية الفذة ‪.‬‬
‫وللباضية حسب مقتضاها المنهج المتبع ‪ ،‬والمرتبع المقصود ‪ ،‬فهي العمود‬

‫الذي احتمل عليه من أوصاف ال وأكملها وأوفاها ‪ ،‬حتى الرؤية التي يقول‬
‫بها القائلون ‪ ،‬فإن الية دالة على نفيها ‪ .‬فإن الرؤية لو ثبتت لجلل ال عز‬
‫وجل لكان خارقاً ذلك عموم هذه الية الزاهرة والحكمة الباهرة ‪ ،‬فإن المرئي‬
‫ل بد وأن يكون كشيء من الشياء التي نفاها ال تعالى عنه فهو يقول ‪:‬‬
‫(ليس كمثله شيء ) والمرئي ل بد له أن يكون مثل شيء قطع ًا وفي شيء‬
‫كذلك ومع شيء أيضاً ‪ .‬وكذلك الشفاعة لهل المعاصي ل تصح بعدما صاروا‬
‫أعداء ل فل يكون فيهم مرضى ‪ ،‬فلن الخرة دار جزاء ول دار عمل ‪ ،‬وقد‬
‫ثبت عقل أن الشفاعة للعاصي رضاء بعصيانه وإغضاءً عن بطلن وقبول‬
‫لعدوانه ‪.‬‬
‫وكذلك القول بخروج العصاة من النار بعد ما صاروا أعداء ال عز وجل‬

‫فأوجب لهم النار وأدخلهم فيها ‪ ،‬وقد حكم بين العباد وقرر من أول المر أن‬
‫عاصيه يصير إلى النار رغم أنفه بعد ما هدم حمى ال تعالى وعاث فساداً في‬
‫أرضه ‪ .‬فلو أخرجه من النار كما يقولون مجازياً على قدر عصيانه كما‬
‫يزعمون قياساً منهم للغائب بالشاهد ‪ ،‬لكان هذا خارقاً لقاعدة تلك الية‬
‫الكريمة ‪ ،‬والدرة اليتيمة المعبرة بمنطوقها ومفهومها على رد ذلك كله من‬
‫أن النصوص النقلية مصرحة بعدم الخروج من النار ‪ .‬وكذلك السمع والبصر‬
‫واليد والساق والجنب والحفظ وما أشبهها من الدفاع عن المؤمنين‬

‫والمناصرة لهم وموالتهم ومعاداة الكافرين ومباينتهم ‪ .‬ورفع العمال إليه‬
‫وصعود الطيب إلى حضرته العليا ‪ ،‬والقرب والدنو منه ‪ ،‬والخذ بحبله ‪ ،‬وما‬
‫دل على اليمين ‪ ،‬وكلتا يديه بيمين ونحو ذلك من غيرته على أوليائه وحبه‬
‫لصفيائه وبغضه لعدائه إلى غير ذلك من سائر الحوال والعتبارات ‪ ،‬فكل‬
‫ما أوهم التشبيه فمردود إلى المحكم بنص الكتاب ‪.‬‬
‫ما هي أعمالهم في المور العملية ؟‬

‫أعمال الباضية في المور العملية أعمال الرسول عليه الصلة والسلم لم‬
‫يفارقوها قيد شعرة ‪ .‬وأعمال المامين الراشدين بعده أبي بكر وعمر ‪ ،‬فما‬
‫كان لهما فتراه للباضية ‪ ،‬وما مشيا عليه مشى عليه الباضية أيضاً في كل‬
‫لحظة وهكذا ‪ .‬ول يرون القرشية في المامة شرط ًا لن ذلك يخالف المعقول ‪.‬‬
‫ولم يجعل ال النبوة في قوم خاصين فكيف يجعل المامة كذلك مع أن القرآن‬
‫ل يدل على ذلك بل يدل على ( إن أكرمكم عند ال أتقاكم )( الحجرات‪، )13:‬‬
‫وأن ل فضل لعربي على عجمي إل بالتقوى وإن كان عبداً مجدع الطراف ‪.‬‬
‫ول ينال عهد ال الظالمين في أمثالهم ‪ .‬ولم يثبت النصار القرشية في‬
‫المامة وهم من أعلم علماء الصحابة ‪ ،‬ولو أثبتوها لما طالبوا في المامة‬
‫ولرد عليهم المهاجرون بها ‪ ،‬وإنما رغبة الباضية العدل في المة وإقامة‬
‫شعائر ال عز وجل على السنن الولى ‪ .‬فلهذا تعاديهم الدنيا بأسرها على ذلك‬
‫لن أنصار الباطل غالب المم وأتباع الحق هم القلون في كل وقت حتى في‬
‫زمن النبيين عليهم الصلة والسلم ‪.‬‬
‫ومن الجرائم التي يعدها الباضية على مخالفيهم تسميتهم إياهم خوارج غمزاً‬
‫لهم وطعناً في الدين ‪ .‬وحسبك على نزاهتهم دليل حبهم لبي بكر وعمر رضي‬
‫ال عنهما ‪ ،‬وكف ألسنتهم عن عثمان وعلي لما ألما به من الفتن وتقلب‬
‫الحوال ‪ ،‬وقبولهم لعمر بن عبد العزيز الموي وتركهم ما سواه من بني أمية‬
‫‪ ،‬وإعراضهم عن بني العباس معاً ‪ .‬فلول نزاهة الباضية لجروا مع هؤلء‬
‫كما جرى معهم غيرهم من الناس ونادوهم بأمير المؤمنين بد ًل من ندائهم‬
‫بأمير الفاسقين ‪.‬‬
‫ومن نزاهة الباضية نقاشهم لعمر بن عبد العزيز المذكور في إبطال أعمال‬
‫بني أمية ‪ ،‬وتشددهم عليه ‪ ،‬وكان ولده معهم ‪ ،‬ولما مات تولوا جهازه ودفنه‬
‫والصلة عليه إذ كان معهم وعلى طريقتهم ‪ ،‬وهو الذي يقول لبيه المذكور‬
‫حين اقترح عليه الوفد قيام الواجب على رد بدع بني أمية واحداثهم قال ‪:‬‬
‫علي أن أحي كل يوم سنة ‪ ،‬وأميت كل يوم بدعة ‪ .‬فقال له الوفد ‪ :‬المام العدل‬
‫ل تسعه التقية ‪ ،‬ففارقوه ثم وعدهم أن ينادي في الناس غداً عند اجتماعهم‬
‫للصلة ‪ ،‬فقال له ابنه عبد الملك المذكور ‪ :‬ومن لك أن تعيش إلى الغد‬
‫‪....‬إلخ ؟!‬
‫وأكبر دليل على نزاهة الباضية معاملتهم لعدائهم في الحرب حين تكون لهم‬
‫السلطة فل تراهم ينأون عن أوامر الكتاب والسنة قيد شعرة ‪ .‬حتى في مثل‬
‫تلك الزمات فل يغنمون أموال أهل القبلة ‪ ،‬ول يجهزون على جريح ‪ ،‬ول‬
‫يتبعون مدبراً ‪،‬ول يمثلون بقتيل مهما كان ‪.‬‬
‫واقرأ التاريخ عنهم سواء كان عنهم أو عن غيرهم ‪ .‬أنظر في تاريخ المغرب‬
‫وحروبه ‪ ،‬وفي تاريخ عمان وحضرموت واليمن ترى الحق ناصعاً والحمد ل‬
‫‪.‬‬
‫وكما أن الباضية يجيزون مناكحة مخالفينا من بقية مذاهب السلم وتجيز‬

‫موارثتهم ‪ ،‬خلفاً للخوارج فإنهم ل يجيزون شيئاً من ذلك لن مخالفيهم‬
‫عندهم مشركون كسائر اليهود والنصارى ‪.‬‬
‫فانظر الحقائق بعين العقل تدرك الفارق بين الحق والباطل وتعلم نهج‬
‫الباضية من بين سائر المم ‪.‬‬
‫ولقد أساء مخالفونا معاملتنا ‪ ،‬والحال أنا نحسن معاملتهم كل الحسان ولقد‬
‫حاولوا إلصاق التهامات السيئة بالباضية من كل ناحية غير مراقبين أوامر‬
‫ال عز وجل في كتابه ‪ .‬فكم من أية تمنع مثل هذه الحوال إجما ًل وتفصيلً !!‬
‫وكم من سنة رسول ال عليه الصلة والسلم من ذلك زواجر ونصائح‬
‫ومواعظ !! ولكن القول كما قيل ‪ :‬لمن تقرأ زبورك يا داود ؟‬
‫ونحن حين نكتب مثل هذا أو نقول في المحاضرات غير مهتمين ول مكترثين‬
‫من مخالفينا ‪ ،‬ولكن المسلم يعوا إلى ال ‪ ،‬وإلى كتابه ‪ ،‬وإلى رسوله ‪ ،‬وإلى‬
‫أصحابه ‪ ،‬وإلى أتباع الحق والنصح ‪ ،‬واجب مفروض ل ولرسوله ولكتابه‬
‫ولئمة المسلمين وعامتهم آسفين على هذه الحوال تصدر في غير مصدرها‬
‫‪.‬‬
‫هل للباضية في خدمة السلم العامة نصيب ؟‬

‫نعم للباضية في خدمة السلم العامة النصيب الوفر ‪ ،‬والحظ الكبر ولهم‬
‫السبق فيه ‪ .‬فلهم في الوجه العلمية الرعيل الول لمامهم جابر بن زيد‬

‫الزدي العماني ‪ ،‬الذي قل أن يخلو منه ديوان من دواوين الفقه إل واسمه‬

‫جمال ذلك الديوان ‪.‬‬
‫ولقد علم أن أول من دون علم الحديث هذا المام العلمة المجيد ‪ .‬ذكر ديوانه‬
‫العظيم بسبق مطاق ‪ ،‬ثم مشى تلميذه من بعده على نهجه كالربيع ين حبيب‬
‫صاحب المسند ‪ ،‬وأبي عبيدة مسلم ‪ ،‬وضمام بن السائب ‪ ،‬وغيرهم من حملة‬
‫العلم إلى بلد السلم ‪.‬‬
‫ومؤلفات الباضية في القديم ل مثيل لها ‪ ،‬ولقد خدم الباضية السلم من‬
‫جميع نواحيه باليد واللسان والسنان ‪ .‬وحسب المطلع على التاريخ العام في‬
‫السلم ‪ ،‬فمتى جاءنا الشافعي فقال ‪ :‬أنا هلموا !! ومتى ظهر مالك بن أنس‬
‫ونادى بأنه إمام دار الهجرة !! وإمامها رسول ال عليه الصلة والسلم ‪،‬‬
‫ومتى استجيب لحمد بن حنبل وقد أضاء أفق السلم بنور الحق قبله !!‬
‫وأين أبو حنيفة أيام كبكبة العلم في الصدر الول ؟!‬
‫كما أن الباضية رفعوا أعلم السلم في الفاق شرقاً وغرباً ‪ .‬كذلك أقاموا‬
‫دولً ومعاهد عدل بأئمة فضلء وملوك نبلء يعرفهم التاريخ في أعظم بلد‬
‫السلم ‪.‬‬
‫هل كتم مخالفو الباضية شيئاً من مآثر الباضية ؟‬

‫ل ريب أن مخالفي الباضية استحكم في قلوبهم داء كتمان فضائل الباضية ‪.‬‬

‫فكتموا كل شيء من فضائل الباضية فإذا ذكروا مشاهير السلم وأفاضله‬

‫وجاء الذكر على من له علقة بالباضية ذكروه بما لم يذكروا به علماء‬
‫اليهود والنصارى ‪ ،‬وإذا لم يكن بد من الذكر خلطوا بين الباضية والخوارج ‪،‬‬
‫ومزجوا الحق بالباطل ‪ ،‬وزيفوا الصحيح ‪ ،‬وجلبوا إلى الباضية كل سيئ ‪،‬‬
‫وأقل شيء ينسبون الباضية إليه بأنهم غلة مارقون وال على لسان كل قائل‬
‫‪ .‬وال عز وجل يقول ‪ (( :‬واعتصموا بحبل ال جميعاً ‪)) ....‬الية ‪.‬‬
‫وهل في رجال الحق كأبي بلل المرداس بن حدير ‪ ،‬وطالب الحق عبد ال بن‬
‫يحيى الكندي في اليمن ‪ ،‬وعبد ال بن إباض التميمي الكريم الذي توفي إلى‬
‫رحمة ال تعالى في أواخر أيام عبد الملك بن مروان ‪.‬‬
‫الحكم في الخوارج في نظر الباضية‬

‫اعلم أن الخوارج في حكم الباضية مشركون ‪ .‬ذلك أن الذنب معهم قسمان‬
‫صغير وكبير ‪ :‬فالصغير معفو باجتناب الكبير ‪ ،‬والكبير أيضاً قسمان ‪ :‬كبائر‬

‫شرك ‪ ،‬وكبائر نفاق ‪ .‬فكبائر الشرك هي كل ما أخل بالعتقاد كاستحلل ما‬

‫حرم ال أو العكس ‪ ،‬أو إنكار ما علم من الدين بالضرورة ‪ ،‬أو إنكار حكم من‬
‫أحكام ال عز وجل كإنكار الرجم وقد ثبت بإجماع المة في أمثالها ‪ .‬وكبائر‬
‫النفاق وهي كبائر الكفر بنعم ال عز وجل وهي عديدة ‪.‬‬
‫وأهل الحديث يطلقون عليها كفراً دون كفر ول يعرف معنى ذلك إل بتكلف‬
‫التأويل ن وتارة يقولون ‪ :‬كفر ل تراد حقيقته ‪.‬‬
‫ويقول آخرون إنه ورد للزجر والمبالغة والتنفير منه ‪ ،‬وهكذا لنهم لم يقدروا‬
‫على رد الحاديث الصحيحة الصريحة الثابتة بالجماع ‪ ،‬ولم يفهموا من الكفر‬
‫إل الشرك ‪.‬‬
‫وعليه فالخوارج معروفون بهذا المذهب مشركون وشركهم ظاهر مما تراه‬
‫أيها المسلم ‪ .‬وقد تأول الخوارج قوله تعالى ‪ (( :‬وإن أطعتموهم إنكم‬
‫لمشركون )) أي إن أطعتموهم في أكل الميتة هكذا تأولوا الية وهو تأويل‬
‫فاسد العتبار ‪ ،‬ظاهر الفساد ‪ ،‬ل غيم على فساده ن وبه ضلوا ‪ .‬وكان‬
‫الصحيح معنى الية إن أطعتموهم في استحلل الميتة ‪ ،‬وهذا شرك قطعاً ‪.‬‬
‫ما هو اليمان عند الباضية ؟‬

‫اليمان عند الباضية قول وعمل واعتقاد ‪ .‬بالقول تعصم الدماء والموال ‪.‬‬
‫وبالعمل يصح اليمان العملي ز وبالعتقاد يتحقق اليمان الصادق وهو الذي‬
‫يقول فيه الباضية بأنه يزيد ول ينقص بل إذا انهدم بعضه إنهدم كله للدلة‬
‫الصحيحة الصريحة التي ل يرتاب فيها أحد ‪ .‬أما اليمان العملي هو الذي يزيد‬
‫وينقص كما معلوم ‪ .‬فالباضية موافقون على زيادته ونقصانه ‪ ،‬وقول ل إله‬
‫إل ال محمد رسول ال صلى ال عليه وسلم إلى آخر عروة اليمان ‪ ،‬وابتناء‬
‫السلم على قواعده الخمس صحيح عند الباضية ‪.‬‬
‫والولية والبراءة بالمعنى المعروف لم يثبتا إل عند الباضية وهما محور‬

‫اليمان وبهما تقوم دعائمه ‪ .‬واعتقاد تصديق النبيين والمرسلين عند‬
‫الباضية فيما بقي وما نسخ ‪ .‬وثبوت الحشر والنشر والجزاء على ذلك‬
‫صحيح أيض ًا ل مرية فيه وليس لحد أن يقول فيه برأيه ‪ ،‬واليمان بال‬
‫وبأعماله وأوامره وصفاته كذلك ‪ .‬زمن أخل بشيء من صفات ال عز وجل‬
‫الواجبة له ‪ ،‬والجائزة عليه ‪ ،‬والمستحيلة في حقه ‪ ،‬هالك ل ينفعه علمه‬
‫مهما كان ‪ .‬وحديث من قال ك ل إله إل ال دخل الجنة وإن زنى وإن سرق –‬
‫على فرض صحته – وإن زنى وإن سرق ثم تاب ‪ ،‬فالزنى والسرقة ل يمنعان‬
‫من دخول الجنة للتائب ‪ ،‬فإن التائب من الذنب كمن ل ذنب له ‪ ،‬وهو الصحيح‬
‫على الصول الصحيحة ‪ ،‬وكذلك عند من يقول معناه ‪.‬‬
‫وإن زنى وإن سرق قبل السلم أو قبل البلوغ وتوجه التكليف ‪ ،‬فإن فضل ال‬
‫على عبده المسلم عظيم ‪ .‬وعبر عن الزنى و السرقة ‪ ،‬لكون هذين الحالين‬
‫عظيمين في السلم ‪ .‬فالول قال فيه رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ ( :‬من‬
‫كان يؤمن بال واليوم الخر فل يسقي ماءه أرض غيره ) ‪ .‬ومفهومه من‬
‫فعل ذلك سلب اليمان بال واليوم الخر ‪ ،‬وهو عظيم ‪ .‬وفي السرقة هتك‬
‫حرمة المسلم ‪ ،‬وهضم النفوس ونهب الموال ‪ ،‬وبث الروعة في القلوب وكل‬
‫ذلك عظيم ‪ .‬فالمران يقضيان على الحال والمال ول ثالث لهما ‪.‬‬
‫واليمان في قلوب أهله أثبت من الجبال الرواسي على قرارها ‪ ( .‬فل يزني‬
‫الزاني حين يزني وهو مؤمن ) إلخ ‪ .‬أي ل يبقى إيمان مع الزنى ‪ ،‬فإنه إذا‬
‫أقدم على الزنى خلع رقبة اليمان من عنقه فيزني وهو خارج حيطة اليمان‬
‫الصحيح ‪ ،‬إذ صار منتهكاً لحُرم ال عز وجل ‪ ،‬مرتكباً للخلف مع ربه الذي‬
‫يقول له ل تفعل ‪ .‬فهو ل يقف على حدود طاعة ال تعالى ‪ ،‬ومن كان كذلك فل‬
‫فرق بينه وبين الحيوان ‪ ،‬كما ل فرق بينه وبين الكفار ‪ ،‬الذين ل يعرفون حق‬
‫الله القادر القهار كما صح في الحديث السابق قوله عليه الصلة والسلم ‪( :‬‬
‫ما من مفتاح إل وله أسنان ) فغن جئت بمفتاح له أسنان فتح لك وإل لم يفتح‬
‫لك ‪ ،‬وأسنان المفتاح واجباته تعالى العلمية من نحو الصلة والزكاة والصوم‬
‫والحج وساير خصال السلم المتعلقة بفحوى ل إله إل ال ‪ .‬فإن ال أوجب‬
‫خصل عديدة في السلم ل تغني عنها ل إله إل ال وحدها ‪ ،‬ولول ذلك‬
‫لنهدت دعائم السلم من أساسها وانتقض بناؤه المكين من أصله ‪.‬‬
‫وأما قوله عليه الصلة والسلم ‪ ( :‬يخرج من النار من كان في قله مثقال ذرة‬
‫من إيمان ) ‪ .‬فمعناه واضح عند من يفهم عن ال وعن رسوله صلى ال عليه‬
‫وسلم ‪ .‬فإن اليمان ل يوزن بالمثاقيل ول غيرها لن اليمان عرض ل يتصور‬
‫وزنه خصوصاً اليمان العتقادي ‪ ،‬فإنه معان تقع في القلب ‪ .‬ومعنى يخرج‬
‫من النار ‪ ،‬أي ل يدخلها أبداً ‪ ،‬والمعنى يخرج من حكم دخولها ‪ ،‬ل أنه يدخلها‬
‫ثم يخرج منها كما هو المتبادر فمن شك فليقرأ قوله عز وجل ‪ (( :‬إن ال ل‬
‫يظلم مثقال ذرة )) وقوله ‪ (( :‬فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ‪ .‬ومن يعمل‬
‫مثقال ذرة شرًا يره )) ‪.‬‬
‫فالمراد بذلك عن أحقر الشياء في العتبار ‪ ،‬لنه ليس للذرة مثقال ‪ ،‬فافهم!‬
‫قوله عليه الصلة والسلم ‪ ( :‬من مات من أمتك ل يشرك بال ‪ )....‬الحديث ‪.‬‬
‫وقوله عليه الصلة والسلم ‪ ( :‬ثنتان موجبتان ‪ :‬من مات يشرك بال دخل‬
‫النار ‪ ،‬ومن مات ل يشرك دخل الجنة ) غير بعيد المعنى فإن الشرك بال ل‬
‫ينفع معه عمل ما ‪ ،‬وإن من خلى منه فقد خلى من أعظم الذنوب كلها ‪ .‬فإذا‬
‫مات غير مقترف لثم دخل الجنة ‪ ،‬ل لنه يعني أنه من مات ل يشرك بال‬
‫فقط مع باقي المعاصي ‪ ،‬فإن المعاصي تدخل أهلها النار إذا لم يتوبوا منها‬
‫قطعاً ‪.‬‬
‫وداخل النار ل ينفعه اليمان القولي مع رفضه لخصال اليمان ‪ ،‬وهي العمال‬
‫كما في حديث ( اليمان سبعون شعبة ‪ )..‬الحديث ‪ .‬وحديث ‪ ( :‬أسعد الناس‬
‫بشفاعتي يوم القيامة من قال ل إله إل ال خالص ًا من قلبه ) معناه واضح هو‬
‫أن من قال ‪ :‬ل إله إل ال خالصاً من قلبه معناه ‪ :‬إذا كان ذلك القول عن‬
‫إخلص فل يقترف معه مأثم ًا بأن يوفق للعمل الصالح ‪ ،‬أو أنه قال ذلك فهلك‬
‫قبل توجه العمال إليه ثم مات ‪ ،‬أو أنه قال ذلك مخلصاً فإذا أذنب من حيث ل‬
‫يدري ثم بان له تداركه بالتنصل والتباعد عنه ‪.‬‬
‫وحديث الصراط المستقيم ‪ .‬قال عبد ال بن مسعود رضي ال عنه ‪ ( :‬تركنا‬

‫محمد في أدناه وطرفه في الجنة وعن يمينه جواد وعن يساره جواد ‪ ،‬وثم‬
‫رجال يدعون من مر بهم ‪ ،‬فمن أخذ في تلك الجواد انتهت به إلى النار ‪ .‬ومن‬
‫أخذ على الصراط المستقيم انتهى به إلى الجنة ‪ .‬ثم قرأ ابن مسعود ‪ (( :‬وان‬
‫هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ول تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله )) الية‬
‫‪ .‬والمعنى واضح لمن له عقل ‪ ،‬أو ألقى السمع وهو شهيد ‪.‬‬
‫والمراد بالجواد الطرق المتعددة المتشعبة بأهلها إلى مختلف المقاصد فمن‬
‫أخذ في تلك الطرق ذهبت به إلى النواحي النائية عن الحق ‪ ،‬والصراط‬
‫المستقيم بين واضح يسلكه من وفقه إلى الخير فل يضل عنه قيد شعرة ‪.‬‬
‫وقد أشار رسول ال صلى ال عليه وسلم إلى الرجال الذين يدعون إلى تلك‬
‫الجواد من أطاعهم ليضلوهم بها سلوكهم ‪ ،‬فمن أطاعهم تاه في فيافي تلك‬
‫الجواد الموحشة النائية ‪ :‬جواد اليهود والنصارى وأتباعهم ‪ ،‬جواد أهل‬
‫المعاصي من مطلق المم على اختلف أحوالهم ‪ ،‬جواد أهل المذاهب المتعددة‬
‫‪ ،‬جواد الضلل من القدرية والمرجئة ونحوهم ‪ ،‬جواد الظلمة والفساق من‬
‫هذه المة ومن سائر المم ‪.‬‬
‫واليمان هو عزيمة القلب بوجود ال عز وعل وجوداً لم يسبق بشيء ‪،‬‬

‫وببقائه إلى غير غاية ‪ ،‬وبإيجاده الشياء ل لحاجة إليها ‪ ،‬ول علة ول‬
‫معول ‪ ،‬وبأنه المعبود بحق دون ما سواه ‪ ،‬وبأنه المستحق للعبادة دون غيره‬
‫‪ ،‬وأنه غير محتاج إليها ول لشيء من مخلوقاته ‪ ،‬وأنه مجاز كل أحد بعمله ‪،‬‬
‫وأن أعماله ل عيب فيها ول نقد ول نظر ‪, ،‬انه ل يسأل عما يعمل ‪ ،‬وأن‬
‫الخلق هم المسؤولون من قبله لكونه المر الحقيقي والناهي عما يشاء ‪ ،‬وأن‬
‫إرادته ومشيئته ليستا كإرادة غيره ومشيئته ‪ .‬وأنه أوجد عالم الحياة‬
‫وسيفنيه ويوجد عالماً آخر يبقيه ‪ ،‬ول غرض له في ذلك مهما كان ‪ ،‬ول‬
‫عبث في إيجاد ما أوجد ‪ ،‬أو إفناء ما أفنى ‪ ،‬بل يجب إعتقاد أن ذلك كله‬
‫لحكمة منه تعالى علمها من علمها وجهلها من جهلها من عباده ‪ .‬وأنه الفعال‬
‫لما يريد ن وأن ل قبح في مصنوعاته ‪ ،‬ول شين في مخلوقاته ‪ ،‬ول فساد في‬
‫أعماله ‪ .‬غير مستعين بخلقه ول محتاج إليهم في شيء ما من مخترعاته ‪.‬‬
‫قوي أمد من خلقه بما شاء من قوته ‪ ،‬فالقوى كلها منه وكلها إليه ترجع‬
‫راغمة ‪ .‬وهو الباسط لما شاء من سعة لي جنس من خلقه ‪ ،‬وهو القابض‬
‫لها رغم أنفها ‪ ،‬وهو العالم بكل شيء علماً أزلياً باقياً أبدي ًا ل يتطرق عليه‬
‫جهل ‪ ،‬ول يلم به خلل ما ‪ ،‬وخلصة القول أن ذاته العلية كافية لنكشاف‬
‫المعلومات لها ‪ ،‬والمبصرات ونحوها وكافية لرجوع الكائنات كلها إليها‬
‫رجوعا ًصحيحاً رغم الرادات المنافية ‪ .‬فالذات العلية هي قطب دائرة الكون‬
‫بأسره ‪ ،‬منها يتبلج وعنها ينفرج وإليها ‪ ، ....‬وبها تعزز ‪ ،‬فل شيء من هذا‬
‫الكون إل ما قضى وقدر ‪ ،‬ول يمكن إل ذلك ‪ ،‬وليس للطبيعة من هي وأين يقع‬
‫زمن أي شيء كانت ‪ ،‬والطوارئ تتلعب بها ‪.‬‬
‫وكيف يكون سلطان يوجد ويعدم ن ويفعل ويمنع ؟ لهذا فإن الشرك أخفى من‬
‫دبيب النمل على الصخر الصم في الليل المظلم ‪ .‬نعوذ بال من الوقوع في‬
‫شباكه ونسأله تعالى الهداية لبلياه وآفاته ‪ .‬فإن من حاد عما دررنا ضل في‬
‫دينه وهلك بضلله رغم أنفه ‪.‬‬
‫وعنه صلى ال عليه وسلم ‪ ( :‬قل آمنت بال ثم استقم ) فتراه اشترط مع‬
‫اليمان القولي الستقامة وهي اسم جامع عظيم أمور الدين وأعظمها ‪ .‬ول‬
‫ريب فإن رسول ال صلى ال عليه وسلم أوتي جوامع الكلم بإجماع المة ‪،‬‬
‫وهذا الحديث هو معنى قوله عز وحل ‪ ( :‬إن الذين قالوا ربنا ال ثم استقاموا‬
‫‪ ) ....‬أي نطقوا بذلك ‪ ،‬ثم استقاموا في أمور الدين التي نثرها لهم رسول‬
‫صلى ال عليه وسلم نثار الجوهرة ‪ ،‬وعرفهم إياها إجما ًل وتفصيلً ‪ ،‬وأمرهم‬
‫بها ‪ ،‬وأيدهم على الستقامة ن ووعدهم عليها بالخير العميم الذي تسعد به‬
‫عاقتهم ‪ ،‬وتنصلح به آخرتهم ‪.‬‬
‫وقال عليه الصلة والسلم ‪ ( :‬اليمان بضع وسبعون شعبة ) الحديث ‪ .‬وفي‬
‫آخره ( الحياة شعبة من شعب اليمان ) وفي الحديث ( ‪ ....‬فأفضلها قول ل‬
‫إله إل ال ‪ ،‬وأدناها إماطة الذى عن الطريق ) ‪.‬‬
‫فالحديث جامع لليمان العتقادي واليمان العملي ‪ ،‬وبيان أعله وأدناه ‪.‬‬
‫ومن أعلن اليمان وتظاهر بأعماله حرم ماله ودمه ‪ ،‬ومُنح أحكام السلم في‬
‫الظاهر ‪ ،‬ولو أضمر النفاق فلنا ما ظهر ول ما ظهر وما بطن ‪.‬‬
‫ما شأن مذهب الباضية بين المذاهب الخرى ؟‬

‫مذهب الباضية بالنسبة إلى المذاهب السلمية الخرى خيرها ‪ .‬أقول هذا فيه‬
‫وما سوف أقول فوق ما قلت – ل لنه مذهبي فأتعصب له تعصباً مذهبياً كما‬
‫يقولون – ولكن أقول ذلك للحق ‪ ،‬والحق يقال ‪ .‬ولذلك أدلة ‪ ،‬من ذلك نزاهته‬
‫عن كل ما يخل بالعتقاد ‪ ،‬أو ينقص من العمال ‪ ،‬أو يتساهل في القوال ‪،‬‬
‫كما أنه ل يوافق أهوية الضلل ‪.‬‬
‫من نزاهته في الصفات تأويله اللفاظ التي تدل بظاهرها على المعاني‬
‫المخلوقية كالعلم والقدرة والسمع والبصر والعين والحفظ والوجه واليد‬
‫ونحوها ‪ ،‬فل يقبل الباضية معاني هذه العبارات بحسب ظاهرها ‪ ،‬بل‬
‫يؤولونها بمعان تليق بالكمال العلى جل وعز ‪ .‬ومن ذلك أقوالهم في التوحيد‬
‫اللهي الذي عرفه الصحابة رضوان ال عليهم ‪ .‬فكل ما أخل بشيء من ذلك‬
‫لم تره في مذهب الباضية حتى بألفاظ السؤال عن المعاني الوضعية ‪ .‬ترى‬
‫الباضية يمنعون عن السؤال بها عن ال وعن صفاته ‪ .‬فل يسأل عنه معهم‬
‫بكيف هو ؟ لن هذا السؤال دال بأصل وضعه على نقض ‪،‬إذ الكيفية في حق‬
‫ال عز وجل مستحيلة فل يقال كيف هو ؟ إذ ل كيفية له عز وعل ‪ ،‬ل يسأل‬
‫عنه ‪ ،‬أو عن شيء من أفعاله بلِم ؟ ( بكسر اللم ) لنه سؤال عن علة ‪ ،‬ول‬
‫علة له تعالى ‪ .‬ول بمن أين ؟ ( بكسر الميم ) ‪ ،‬ول بهل ؟ ( بفتح الهاء ) ول‬
‫بمن ؟ ( بفتح الميم ) ‪ ،‬ول بأي ؟ ( وحدها ) ول ب َمتَى ؟ ( بفتح الميم والتاء )‬
‫‪ ،‬وأمثالها ‪.‬‬
‫فإذا كان السؤال عن ال عز وعل بهذه اللفاظ ممتنعاً في اعتبار الباضية ‪،‬‬
‫فما ظنك بألفاظ ظاهرها دال على التجسيم والتحديد والنقص ‪ .‬ولذلك قالوا‬
‫أيضاً بعدم الرؤية وعدم جوازها لنها دالة على نقص في الذات العلية ‪،‬‬
‫وقادحة في الكمال الرباني العظيم ‪.‬‬
‫وقد قام المذهب الباضية على أعمدة الحق ودعائم الصطفاء المحض ‪ ،‬ولم‬
‫يرض ما رضي به غيره من المذاهب التي تقول للسفاح أمير المؤمنين ‪،‬‬
‫وعبد الملك بن مروان ‪ ،‬وهارون الرشيد ‪ ،‬وأضرابهم ‪ .‬فيقولون رضي ال‬
‫عنهم ‪ ،‬وعن معاوية ‪ ،‬وعمرو بن العاص ‪ ،‬ومن هو مثلهم ‪ ،‬إذ تلعبوا‬
‫بأوامر ربهم ‪ ،‬وهجموا على قواعد السلم بمعول البغي والهوى ‪ ،‬وركبوا‬
‫متون الشهوات السيئة ‪ ،‬وقاتلوا بعضهم بعضا على الدنيا ‪ ،‬ولم يراعوا حق‬
‫ال فيما يأتون ويذرون ‪ ،‬بل يراعون مقاماتهم وحظوظهم العاجلة ورئاستهم‬
‫في الدنيا ‪ .‬وقد سجل التاريخ عنهم من الخلعات والمجون ما ل يرضى به‬
‫أوغاد الناس وغوغاؤهم ‪ ،‬ومن ارتكاب الكبائر أنواعاً من سفك دم بباطل‬
‫ونحوه ‪.‬‬
‫هل يجيز الباضية الصلة خلف أئمة غيرهم من المذاهب ؟‬

‫أما بالنظر إلى المعتقدات الفاسدة التي يعتقدها بعض أهل المذاهب في الدين ‪،‬‬
‫فل لن من فسد أصله ل يصح فرعه ‪ ،‬وأما بالنظر إلى قوله عليه الصلة‬
‫والسلم ‪ ( :‬صلوا خلف كل بار وفاجر وصلوا على كل بار وفاجر ) ز فل‬
‫مانع من الصلة خل من ل يفعل ما يفسدها ‪ .‬وان كانت تشير إلى ما يفعله‬

‫قومنا في الصلة من نحو التأمين بعد قراءة الفاتحة ‪ ،‬ونحو رفع اليدي عند‬
‫التكبير ‪ ،‬ووضع إحداهما على الخرى في حال القيام في الصلة ونحو ذلك‬
‫فهذا من المختلف فيه عند أهل المذهب الحق ‪ .‬منهم من يراه مفسداً للصلة‬
‫لنه زيادة عمل فيها لم يكن منها ولم يفعل لصلحها ‪ ،‬وعليه ل صلة لفاعل‬
‫ذلك ‪.‬‬
‫ومنهم من يراه ناقض لها ‪ ،‬لنه ورد عن الشارع عليه الصلة والسلم ‪،‬‬
‫وعليه فل بأس بالصلة خلف من يفعل ذلك ل سيما أن الخلف بين أهل العلم‬
‫ثابت في هل صلة المأموم مرتبطة بصلة المام أم ل ‪ ،‬نظراً لقوله عليه‬
‫الصلة والسلم ‪ ( :‬إنما جعل المام ليؤتم به ) الحديث ‪ .‬ونرى الصلة خلف‬
‫أئمة قومنا أولى من فعلها فرادى ‪ .‬والمسلم أخو المسلم ‪ ،‬ومن ضل بالتأويل‬
‫هو في نفسه مجتهد وإن كان ليس كل مجتهد مصيباً بل غالب أحوال الجتهاد‬
‫على هذا ‪ .‬وإن كان ل اجتهاد في المور الدينية ‪ ،‬لكن الخطأ ينشأ من‬
‫المفهوم فيتعلق به الناظر فيه يثبت في نفسه ما ينافيه غيره ‪ ،‬وهذا في كل‬
‫المجمل سواء كان قرآن ًا أو سنة أو نحو ذلك ‪.‬‬
‫هل هناك فرق بين الباضية وغيرهم في المواريث ونحوها ؟‬

‫ل فرق بين الباضية وغيرهم في المواريث المنصوص عليها في الكتاب‬
‫العزيز والسنة الغراء فيما نعلمه إل ما قيل فيه مما لم يبلغ حد الشهرة‬
‫كخلفهم في الجد مع الخوة ‪ ،‬وكخلفهم في ميراث ذوي الرحام ‪ ،‬وميراث‬
‫المولى للمعتق ( بفتح التاء المثناة من فوق ) أما ما عدا ذلك فالمسلمون فيه‬
‫سواء(‪ )1‬ز وخلف الشيعة ل يعتد به إذ لم يوافقهم عليه أحد من أهل مذاهب‬
‫السلم ‪.‬‬
‫وكذلك ل فرق أيضاً في الزكاة إل فروقاً ل تقدح في الدين ‪ .‬إذ منشأها اختلف‬
‫في المفهوم ل غيرها ‪.‬‬
‫وكذلك أعمال الحج إل ما كان من بعض الناس الذين ل يثبتون الزيارة أصلً ‪،‬‬
‫وليست قادحة في الدين لنها سنة عند المسلمين ثبتت بالدليل الصحيح لمن‬
‫أنكرها ‪.‬‬
‫وكذلك الشفاعة بالمخلوق الذي له عند ال مقام ل مانع منها ن وهل محمد‬
‫عليه الصلة والسلم إل مخلوق كانت له عند ال منزلة دل عليها ‪:‬‬
‫( فاستغفروا ال واستغفر لهم الرسول ) الية ‪ ( ،‬يا أبانا استغفر لنا ) استغفر‬
‫لهم ‪ ،‬فالغافر الحقيقي هو ال عز وجل وعل ‪ ،‬والمالك للمر وحده ل شريك‬
‫له ‪.‬‬
‫وكذلك زيارة الرسول صلى ال عليه وآله وسلم سنة ثبتت كما قلنا ‪ ،‬وهي‬
‫ليست خصوصية له عليه الصلة والسلم ل على الوجوب ‪ .‬وكذلك زيارة‬
‫غيرهم من إخوانهم المؤمنين من كانوا وأين كانوا ‪.‬‬
‫_____________________________‬
‫(‪ )1‬يشير الستاذ أبو زهرة العالم المصري السني إلى أن القوانين المصرية‬
‫اقتبست في المواريث بعض آراء الباضية فيقول ‪ " :‬وقد اقتبست القوانين‬
‫المصرية في المواريث بعض آرائهم ‪ ،‬وذلك في الميراث بولء العتاقة ‪ ،‬فإن‬
‫القانون المصري أخره عن كل الورثة حتى عن الرد على أحد الزوجين ‪ ،‬مع‬
‫أن المذاهب الربعة كلها تجعله عق العصبة النسبية ‪ ،‬ويسبق الرد على‬
‫أصحاب الفروض القارب ‪ .‬انظر ‪ :‬محمد أجمد أبو زهرة ‪ /‬المذاهب السلمية‬
‫ص ‪. 127‬‬

‫هل الجهاد عند الباضية وغيرهم على حد سواء ؟‬

‫أما الجهاد لهل الشرك فل خلف فيه بين ملل السلم لن الناس إما مسلم‬
‫وإما كافر ل ثالث لهما ‪ .‬وإن كان الكفر في نفسه فيه بين بالملل السلمية ما‬
‫فيه ‪ .‬فإن الحق ل مرية فيه أن الباضية يجيزون الخروج على أئمة الجور‬
‫وقتال الفساق كما شرع ال ذلك ‪.‬‬
‫وأما غيرهم من الفرق السلمية فل يرون ذلك لن من قال ‪ :‬ل إله إل ال‬
‫دخل الجنة ( وإن وإن ) ‪.‬‬

‫فل ريب أن أهل الجنة ل يجوز قتلهم ول قتالهم لن المسلم أخو المسلم ل‬
‫يخذله ( ول ول ول ) ‪ .‬وسباب المسلم فسوق وقتاله كفر ‪ ،‬وبهذا انتهت‬
‫القضية معهم ‪ ،‬وتبعثر أساس الدين وانتقض بناؤه وانهدت أركانه ‪ .‬فإن‬
‫الفاسق مسلم ‪ ،‬والباغي كذلك ‪ ،‬والسارق ‪ ،‬والزاني ‪ ،‬وشارب الخمر ‪ ،‬كلهم‬
‫من أهل السلم ز وقد شرع ال فيهم وفي أمثالهم أحكاماً ل تزال قائمة العين‬
‫باقية الثر ‪ ،‬تتلى في كتاب ال عز وجل ‪ ،‬وما زال المسلمون عاملين بها في‬
‫من بعد أو قرب ‪ .‬وال لو فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها صلى ال‬
‫عليه وآله وسلم ورضي ال عن الزهراء البتول وصانها ‪ ،‬ول زال قتال‬
‫الباغي في السلم من الفروض الواجبة على أولي المر ‪ ،‬فقاتلوا التي تبغي‬
‫حتى تفيء إلى أمر ال ‪.‬‬
‫وما زال الحكم في قطاع الطرق والمفسدين في الرض باقياً بقاء دليله‬
‫القرآني ( إنما جزاء الذين يحاربون ال ورسوله ويسعون في الرض فساداً )‬
‫الية ‪.‬‬
‫ول بد للسلم من قائم بأمره ‪ ،‬منفذ لحكامه ‪ ،‬محارب لعدائه ‪ ،‬مؤيد‬

‫لوامره ‪ ،‬قائم بحقوقه ن مستقيم في دينه ‪ ،‬مرتضي في أعماله ‪ ،‬ولي في‬
‫الدين ‪ ،‬رحيم بالمؤمنين ‪ ،‬تقي ‪ ،‬أمين ‪ ،‬يوالي في ال ‪ ،‬ويعادي فيه ‪ ،‬ل‬
‫تأخذه في ال لومة لئم ‪ .‬إن أمكن هذا فهو عين المراد ‪ ،‬وإل فحسب‬
‫المكان ‪ ،‬فإن ترك الناس أوامر ال هلكوا ‪.‬‬

‫متى استقل الباضيون بأمرهم في السلم ؟‬

‫الباضيون مستقلون بأمرهم من أول السلم إلى آخر أيامهم ‪ .‬وذلك أن‬
‫الباضية هم أهل الحق من أول المر قبل ابن إباض وبعده ‪ ،‬لن المام ابن‬
‫إباض ما كان إل رجلً واحداً من المسلمين ‪ ،‬لم يكن صاحب مذهب خاص به‬
‫دون غيره من المسلمين فيكون متبوع ًا عليه ومقلداً فيه فيظهر بظهوره ‪،‬‬
‫فيكون قبل ظهوره في حكم المعدوم إلى أن وجد في وقته ‪ .‬فالباضية تسمية‬
‫اصطلحية في عرف المم المتمذهبة في السلم ‪.‬‬
‫وقد انفصل الباضية في أول القرن الثاني من الهجرة فبايعوا أبا الخطاب‬
‫المعافري إماماً لهم بالمغرب ‪ ،‬وبايعوا أحمد بن سليمان إمام ًا لهم باليمن ‪،‬‬
‫وبايعوا الجلندى بن مسعود إماماً لهم بعمان في سنة واحدة وهي سنة ثلثين‬
‫ومائة ‪ ،‬أو سنة اثنين وثلثين ومائة ‪ ،‬أو سنة ثلث وثلثين ومائة وهو‬
‫الصحيح ‪ ،‬فكانت هي سنة المامة في هذه القاليم السلمية الثلثة ‪.‬‬
‫وأقاموا لهم دول لها شأنها ‪ ،‬وحكومات لها مقامها ‪ ،‬وإن طاردتهم عليها‬
‫الملوك من بقية المم الخرى ‪ .‬فهذا أول العهد الذي انحازت فيه الباضية‬
‫بدولها وملوكها عن بقية المم السلمية حين ركنوا على الهوى وعطلوا‬
‫نهج العدل ‪ ،‬وأقاموا على متن البغي ‪ ،‬وصار المر ملك ًا عضوضاً كما أخبر‬
‫عنه صلى ل عليه وسلم ‪.‬‬
‫كيف سيرة الباضية في السلم ؟‬

‫سيرة الباضية سيرة الخلفاء الراشدين في السلم ‪ .‬ول دليل أدل على ذلك‬
‫من كون المامة هي المرجع العام في المسلمين ‪ ،‬ول فرق معها بين صغير‬
‫وكبير ‪ ،‬وغني وفقير ‪ ،‬ورئيس ومرءوس كما كان ذلك الحال عهد الخلفاء‬
‫الراشدين ‪ .‬وهذا أصدق شاهد في السلم يدل بطبعه وبوضعه على صدق‬
‫الباضية في الحق حيث لم يروا للملك العضوض حقاً ( ول طاعة لمخلوق في‬
‫معصية الخالق ) ‪.‬‬
‫وليست القرشية عند الباضية شرطاً في الزعامة العامة نظراً لقوله تعالى ‪:‬‬
‫(( إن أكرمكم عند ال أتقاكم ) ‪ ،‬ل كما يزعمون ‪ .‬فإن أنشودة الحق ذلك ‪ :‬ل‬

‫نسب ول حسب مع الباطل ‪ ،‬ول ينفع مع الجور النسب ‪ ،‬ول يضر مع الحق‬
‫عدمه ‪ .‬ولو أن الصحابة بايعوا هاشمي ًا من أول المر وثانيه وثالثه لقالت‬
‫المة بعد ذلك ‪ :‬ل إمام إل هاشمي قطعاً ‪ .‬وأنت خبير أن الحق لم يجعله ال‬
‫هاشمي ًا ول قرشياً ‪ ،‬وإنما جعله ضالة المؤمن يأخذها حيث وجدها ‪ .‬ولم يول‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم على المم قرشياً قط ‪ ،‬وهذه الوليات‬
‫والمارات فرع عن المامة العظمى التي هي المامة ‪ .‬فما جاز فيها جاز‬
‫فرعها ‪ ،‬وما امتنع فيها تفرع عنها قطع ًا ‪ .‬ول يوجد النتخاب للصالح في‬
‫المة بعد نبيها وبعد الخليفتين الراشدين إل في الباضية ‪.‬‬
‫على أي وضع تجري الحكام عند الباضية ؟‬

‫الحكام عند الباضية تجري على قانون الكتاب والسنة والجماع ‪ ،‬ثم القياس‬
‫والستدلل والستحسان(‪ )1‬والستصحاب(‪. )2‬‬
‫ويتساوى فيها الرئيس والمرءوس ن والدني والشريف في المجالس‬

‫والمنطق والقرشي والعجمي ‪ ،‬والقريب والبعيد ‪ ،‬والبغيض والحبيب ‪ .‬هذا‬
‫فيما كان من الحقوق النسانية مطلقاً ‪ ،‬والبينة على المدعي واليمين على من‬
‫أنكر ‪.‬‬
‫ول يحكمون بيمين وشاهد ‪ ،‬ول يقبلون في الشهادة غير العدل المرضي البر‬

‫التقي الذي ل يرتابون في عدالته ‪ ،‬ول يشكون في ثقته ‪ ،‬ول يتحرجون من‬
‫قبله في شيء ما ‪ ،‬تبعا للقرآن إذ قال ‪ (( :‬ممن ترضون من الشهداء )) بعد‬
‫ما قال ‪ (( :‬ذوى عدل منكم )) ‪.‬‬
‫______________________________‬
‫(‬
‫‪ )1‬الستحسان ‪ :‬ترك القياس والخذ بما هو أرفق للناس ‪ .‬ويرد الستحسان‬
‫كثيرًا في كلم الفقهاء الحنفية وجعلوه دليلً شرعياً يعرض دليلً مثله ويرجح‬
‫عليه ‪ .‬وخالفهم المام الشافعي وعدد من الصوليين ‪ ،‬وعلماء الكلم وعدوا‬
‫الستحسان من الدلة التي ل يصح العتماد عليها في استنباط الحكام ‪.‬‬
‫(‪ )2‬الستصحاب ‪ :‬يراد به في علم الصول ثلثة معان ‪:‬‬
‫الول ‪ :‬استصحاب حكم العقل بالبراءة الصلية قبل الشرع ( كأن يكون العمل‬
‫مباح قبل الشرع والعقل يؤيده ) ‪.‬‬
‫الثاني ‪ :‬استصحاب العموم إلى أن يرد تخصيص واستصحاب النص إلى أن‬
‫يرد نسخه ‪.‬‬
‫الثالث ‪ :‬استصحاب حكم دل الشرع على ثبوته ودوامه كالملك عند جريان‬
‫العقد الذي يوجبه فإن هذا حكم شرعي دل الشرع على ثبوته ‪.‬‬
‫والستصحاب ليس بحجة في الشرع إل فيما دل دليل على ثبوته ودوامه ‪.‬‬

‫من هم أشهر علماء الباضية في المشرق ؟‬

‫اعلم أن مشاهير علماء الباضية في المشرق ل يمكن حصرهم ‪ ،‬ول يستطاع‬
‫ذكرهم وبالخص مشاهيرهم ‪ ،‬وبالخص أيضاً في عمان فضلً عن غيرها ‪.‬‬
‫ولكنا سنذكر أشهر مشاهيرهم ‪ ،‬وأظهر علمائهم الذين هم الحجة بين‬
‫المسلمين وعليهم المعول في الدين ‪ .‬أولهم وهو أشهر مشاهيرهم أبو‬
‫الشعثاء جابر بن زيد اليحمدي الزدي من أهل ( فرق ) من عمان وشهرته‬
‫عند الموافق والمخالف أشهر من نار على علم ‪ ،‬وقل أن يخلوا ديوان من‬
‫دواوين العلم الشهيرة في السلم من اسمه ومن أقوال خاصة به ‪ .‬وناهيك‬
‫بثناء ابن عباس رضي ال عنهما عليه بين رجال العلم ‪.‬‬
‫ومن أشهر مشاهيرهم ضمام بن السائب رحمه ال الندبي العماني من شمس‬

‫الزد بعمان ‪ ،‬علمة جليل ‪ ،‬وفقيه نبيل ‪ ،‬أحد رواة الحديث عن المام أبي‬
‫الشعثاء رحمهما ال تعالى ‪.‬‬
‫ومنهم ‪ ،‬وهو من أشهرهم ‪ ،‬المام العالم الماهر التقي الرضي الراوية المتقن‬
‫أبو عمرو الربيع بن حبيب بن عمرو الفراهيدي ‪ ،‬أصله من ودام من الباطنة‬
‫‪.‬‬
‫كان أحد الئمة العلم الذين حفظ ال بهم قسم ًا مهماً من تراث الرسول عليه‬
‫الصلة والسلم ‪ .‬فهو صاحب المسند الصحيح الذي صار قذًى في أعين‬
‫بعض أهل العلم من الناس ‪.‬‬
‫ومن أشهر مشاهير علمائهم المام الضرير القدوة النحرير آية العلماء‬
‫العلم ‪ ،‬أبو عبيدة مسلم بن أبي كريمة البصري ‪ ،‬الراوية الشهير مصدر‬
‫رواية الربيع بن حبيب رحمها ال ‪ .‬وناهيك به في علم الشريعة ورواية‬
‫الحديث ‪ ،‬وله قوة الذاكرة التي هي من أكبر منن ال على عباده الذين‬
‫اصطفى ‪.‬‬
‫ومن أشعر مشاهيرهم أبو عبيدة الثاني عبد ال بن القاسم أو ابن أبو القاسم‬
‫المعروف بأبي عبيدة الصغير ‪ ،‬من قرية بسيا من عمان ‪.‬‬
‫ومن أشهر مشاهيرهم أبو الحر علي بن الحصين العنبري ‪ ،‬علمة نحرير ‪،‬‬
‫محقق فاضل كامل ‪ ،‬سيد سند رحمه ال ‪.‬‬
‫ومن أشهر مشاهيرهم الخليل بن أحمد الفراهيدي البصري المعروف عند‬

‫الخاص والعام بما ل يزيد عليه في الفنون كلها ‪.‬‬
‫ولن ننسى أبا أيوب الحضرمي بين أقرانه الجلء ‪.‬‬
‫(( ثم الطبقة الثانية ))‬

‫التي أبرزت من العلوم جواهرها العالية ‪ .‬زمن أشهر مشاهيرها المام العلمة‬
‫المجيد محبوب بن الرحيل المعروف عند المشارقة بأبي سفيان رحمه ال ‪،‬‬
‫القرشي الصحاري ‪ ،‬وابنه المام العلمة المللي الفهامة المرضي محمد بن‬
‫محبوب المعروف عند المشارقة بأبي عبد ال ‪ .‬علمة تتضاءل عنجه أجلة‬
‫العلماء ن ل أقدر على ذكر صفاته العلمية وإدراكاته الفقهية ‪.‬‬
‫ومن أشهر مشاهيرهم منير بن النبر الجعلني من بني ريام علمة منقطع‬
‫النظير في أيامه ‪ ،‬المعروف مقامه ‪ ،‬الموقر في علمه ‪ ،‬الجليل بين إخوانه ‪،‬‬
‫أحد حملة العلم من البصرة إلى عمان ‪.‬‬
‫أما ابن دريد فمن أهل قدفع من شمال عمان ‪ ،‬من عنصر مالك بن فهم ‪ ،‬وهو‬
‫إمام في الدب ‪ ،‬شهير عند الكل ‪.‬‬
‫ومن أشهر مشاهيرهم ‪ ،‬بشير بن المنذر النزواني ‪ ،‬الذمي هو من بني نافع‬
‫أهل عقر نزوى المعروف ‪ ،‬أحد حملة العلم الجلء ‪ ،‬ويعرف بالشيخ الكبير ‪.‬‬
‫وهو جد بني زياد من بني سامة بن لؤي بن غالب ‪.‬‬
‫ومن أشهر مشاهيرهم موسى بن أبي جابر الزكوي الشيخ الكبير ‪ ،‬والعيلم‬
‫الغزير ‪ ،‬الذي هو عمدة أهل عمان في أيامه ‪ ،‬ومرجع المسلمين وحجة أهل‬
‫العلم والدين ‪.‬‬
‫ول أنسى العلماء الجلء الخراسنيين ‪ ،‬الثقات الفضلء الباضيين في‬

‫خرسان ن كأبي يزيد الخوارزمي ن وهاشم بن عبد ال الخرساني المعروف‬
‫ن ونصر بن سليمان وولده محمود بن نصر ‪ ،‬وأبو منصور الفقيه ‪ ،‬وأبو‬
‫غانم بسير بن غانم ن المشهور في آثار المسلمين ومن أيامهم أشهر من نار‬
‫على علم ‪.‬‬

‫(( ثم الطبقة الثالثة ))‬
‫ومشاهير علمائها ل يحصيهم قلم الختصار ‪ ،‬فكيف بمقامنا الذي لم يتصد إل‬
‫لذكر فرد من مائة على القل ‪ .‬ومنهم من مشاهيرهم الشيخ هاشم بن غيلن‬
‫من أعل سيجا من أعمال سمائل ‪ ،‬وقبره بها معروف إلى الن ‪ ،‬ويكنى أبا‬
‫الوليد ‪ ،‬وأخوه عبد الملك ‪ ،‬وولده محمد بن هاشم وقبره عند قبر أبيه رحمهم‬
‫ال ‪ ،‬وكانوا علماء أجلء وفضلء أعزاء ‪ .‬ومنهم أبو إبراهيم محمد بن سعيد‬
‫بن أبي بكر الزكوي ‪ .‬والعلمة الفخم الواعي ‪ ،‬عزان بن الصقر ‪ ،‬من عقر‬
‫نزوى من غلفقه ‪ ،‬كان من أعلم أهل زمانه ‪ .‬والشيخ الفقيه أبو محمد الفضل‬
‫بن الحواري ‪ ،‬وكان معاصر لعزان بن الصقر ‪ ،‬كان يضرب بهما المثل في‬
‫العلم والفضل في عمان ‪ .‬وهما اللذان قيل فيهما في عمان كعينين في جبين ‪،‬‬
‫إلى آخر ما قيل فيهما كما في القاموس في الجزء الثامن منه ‪.‬‬
‫وقد قتل الفضل بن الحواري مع المام الحواري بن عبد ال بالقاع من صحار‬
‫في وقعة عظيمة بين أهل عمان ‪.‬‬
‫ومن مشاهيرهم الجلء الشيخ أبو المؤثر الصلت بن خميس الخروصي‬

‫البهلوي ‪ ،‬وكان ضريراً ‪ ،‬وكان من أجل فقهاء عمان ‪ ،‬ومن طليعة نبغاء‬
‫الفقهاء ‪ .‬وناهيك بولده أيضاً الشيخ أبو محمد عبد ال بن محمد بن أبي‬
‫المؤثر ‪ ،‬قتل في وقعة الغشب ‪.‬‬
‫ومنهم أعني المشاهير – إذا أطلقت لفظة – ومنهم ابو عبد ال نبهان بن‬
‫عثمان جد بني معمر من أهل سمد نزوى ‪ ،‬وهو المعروف بالعرج – إذ كان‬
‫كذلك – عالم فقيه ثقة نزيه ‪ ،‬ربته نزوى الطيبة الخصبة بأهل العلم من فقهاء‬
‫المسلمين ‪ .‬وكذلك أخوه النعمان ‪.‬‬
‫ومنهم العلمة الفقيه أبو جابر محمد بن جعفر الزكوي صاحب الجامع‬
‫الشهير في عمان بجامع ابن جعفر وكان أصم ‪ .‬ومن أعاجيب الزمان بل من‬
‫اليات العتبارية في الحوال ‪ ،‬أن أمر عمان ظل يديره في عهد المذكور‬
‫أعمى وهو أبو المؤثر المذكور ‪ ،‬وأعرج وهو نبهان بن عثمان ‪ ،‬وأصم وهو‬
‫محمد بن جعفر ‪ ،‬فالحمد ل الذي يرى الناس آياته في الفاق وفي أنفسهم‬
‫حتى يتبين لهم الحق ‪.‬‬
‫وكذلك أبو الحواري محمد بن الحواري القري المعروف بالعمى ‪ ،‬وأبو‬

‫الحسن محمد بن الحسن النزواني المحشي على جامع ابن جعفر ‪ .‬ومنهم أبو‬
‫مالك غسان بن الخضر الصلني الصحاري العالم الطائر الصيت في أيامه ‪.‬‬
‫ومن العلماء الجلء في هذه الطبقة أبو مروان سليمان بن الحكم ‪ ،‬والمنذر‬
‫بن الحكم ن وسعيد بن الحكم المعروف بأبي جعفر من أهل عقر نزوى ‪.‬‬
‫(( الطبقة الرابعة ومشاهير علمائها في عمان خاصة ))‬
‫منهم أبو مروان سليمان بن حبيب ‪ ،‬وأبو قحطان خالد بن قحطان صاحب‬
‫السيرة المشهورة ‪.‬‬
‫والعلمة الصولي الجليل أبو محمد عبدال بن بركة السليمي من أهالي‬
‫بهلى ‪ ،‬وكان مقامه بالضرح منها ‪ ،‬وهو الشهير بابن بركة عند الطلق ‪،‬‬
‫شهر بجده المذكور ‪ ،‬وهو علمة جليل فقه ًا وأصو ًل وما يتعلق بها ‪ .‬كان من‬
‫أجل العلماء المشهورين بعمان ‪ ،‬وهو صاحب الجامع المعروف بجامع ابن‬
‫بركة المتداول عند أهل عمان ‪.‬‬
‫ومنهم العالم العامل الشيخ أبو الحسن علي بن محمد بن علي من قرية بسيا‬
‫من أعمال بهلى ‪.‬‬
‫ومن مشاهيرهم الشيخ محمد بن خالد العمى ‪ ،‬من أهل قرية بدبد ‪ ،‬عالم‬
‫فقيه نزيه فاضل وجيه ‪ ،‬يحج إليه قصاد العلم في أيامه ‪.‬‬
‫ومنهم المقتدر بن الحكم ‪ ،‬وعبد المقتدر ‪ ،‬وصالح بن زياد بن مثوبة ‪،‬‬

‫المعروف بجده مثوبة ‪ ،‬وكلهم علماء ميامين وفضلء مشاهير ‪ .‬وغير بعيد‬
‫منهم أبو الوضاح زياد بن الوضاح بن عقبة المعروف بابن عقبة في الثر‬
‫العماني ‪ ،‬ومنازل بن جيفر ‪ ،‬وهو من أهل نزوى ‪.‬‬
‫وسعيد بن أبي بكر الزكوي ‪ ،‬وولده الشيخ محمد بن سعيد ‪ ،‬لهم في العلم‬
‫أقدام راسخة ‪ ،‬وأعلم مرفوعة ‪ ،‬وأقوال مسموعة ‪ ،‬وأحاديث مرفوعة ‪.‬‬
‫وكذلك الحواري بن محمد بن الزهر ‪ ،‬ومالك بن غسان بن خليل الملقب‬

‫الخطل ‪ ،‬من أهل بهلى ‪ .‬والعل بن أبي حذيفة ‪ ،‬والمقتدر بن جيفر ‪ ،‬وأحمد‬
‫بن محمد بن خالد ‪ ،‬وأبو بكر أجمد بن محمد بن أبي بكر من أهل نزوى ‪.‬‬
‫ومحمد بن الحسن السري ‪ ،‬والحواري بن محمد بن جيفر من أهل سمد‬
‫الشأن ‪ .‬أعلم أمجاد ‪ ،‬وفقهاء أجواد ‪ ،‬وسادة أطواد ‪ ،‬قاموا بأمر عمان في‬
‫تلك الزمات ‪ .‬وكذلك عمر بن جيفر من أهل سمد الشأن ‪ ،‬ومحمد بن عمر بن‬
‫موسى بن علي ‪ ،‬ومحمد بن عبد ال بن جساس ‪ ،‬ومحمد بن هارون ‪ ،‬وأبو‬
‫صالح ‪ ،‬منازل بن جيفر ‪ ،‬من رجال العلم المعدودين ‪.‬‬
‫والقاسم بن شعيب ‪ ،‬وأبو علي موسى بن مخلد من سمد نزوى ‪ ،‬علم فقيه ‪،‬‬
‫وهمام نزيه ن وكذلك أخوه بشير بن مخلد ‪ ،‬ومروان بن زياد ‪ ،‬ونصر بن‬
‫خراش ‪ ،‬ومحمد بن نصر المعروف بالخرساني ‪ .‬ومحمد بن زائدة السمائلي ‪،‬‬
‫وإسماعيل بن يعقوب ‪ ،‬ومسلم بن خالد السلوتي ن وعبد الواحد السري ‪،‬‬
‫وشعوة بن الفضل من أهل إبراء ‪ ،‬وطالوت السمائلي ‪.‬‬
‫(( الطبقة الخامسة من علماء عمان المشاهير))‬
‫سلمة بن مسلم العوتبي الصحاري صاحب الضياء وكتاب النساب وهو من‬
‫طاحية ‪ ،‬علمة مشهور وفقيه مذكور ‪ ،‬يخبر عنه ضياؤه المعروف ‪،‬‬
‫وموضح النساب الموصوف ‪ ،‬وكلهما شهير في فنه ‪ .‬وإمام أهل الستقامة‬
‫العبد الصالح المرضي أبو سعيد الكدمي ‪ ،‬وكان ناعبي ًا ن أغنت شهرته عن‬
‫ذكره ن وكيف ل ؟ وهو صاحب الستقامة والمعتبر ‪.‬‬
‫والشيخ أحمد بن وصاف أحد شراح ابن النضر ‪ .‬وهادية بن إبراهيم عالم‬
‫مشهور من أهل فنجا ‪ .‬وأبو مكنف من أهل إبراء ‪ .‬الشيخ فهم بن أحمد من‬
‫أهل الرستاق ‪ .‬وعمر بن علي المعقدي من أهل وبد من الرستاق ‪ .‬وعلي بن‬
‫عبد الرحمن السري ‪ ،‬ومحمد بن يوسف النخلي ‪ ،‬والشيخ أبو الحسن من‬
‫أهالي عمق من صحار ‪.‬‬
‫والشيخ محمد بن عيسى بن محمد بن عيسى بن جعفر من أهل السر ‪،‬‬

‫والشيخ محمد بن عيسى الطيوي ‪ ،‬والشيخ الفقيه النزيه معلى بن منير بن‬
‫النير ‪ ،‬والشيخ العالم محمد بن عمران الهميمي ‪ ،‬والشيخ غدانة بن يزيد من‬
‫أجلة العلماء المعدودين ‪ ،‬والمشايخ الفضلء المجاد محمد بن سليمان ‪ ،‬وأبو‬
‫الحسن بن داود ‪ ،‬وعمر بن أبي القاسم من أهل ازكي ‪ .‬والشيخ العالم مكرم‬
‫بن عبد ال ن والشيخ نصر بن سليمان ‪ ،‬من العلماء العيان ‪.‬‬
‫والعالم العلمة أحمد بن عمر بن أبي جابر المنحي ‪ ،‬وعبد ال بن الحكم‬

‫النزوي ‪ ،‬وجعفر بن المبشر ‪ ،‬وعيسى الخرساني ‪ ،‬وعمر بن محمد المنحي ‪،‬‬
‫وجعفر بن زياد الزكوي ‪ ،‬وعبد الرحمن بن جيفر الضنكي ‪ ،‬وأحمد بن محمد‬
‫بن عمر المنحي ‪ ،‬وأحمد بن عمر بن محمد المعروف بالهنقري ‪ ،‬والشيخ‬
‫مالك بن عبد ال بن عمر الغظفاني ‪.‬‬
‫ومن العلماء الجلء المشاهير ‪ ،‬العلي ين عثمان ‪ ،‬وخالد بن سعوة ‪،‬‬

‫ومسعدة بن تميم ‪ ،‬ومحمد بن نصر ‪ ،‬وعبد ال بن نصر ن وعبد ال بن‬
‫محمد ‪ ،‬ورمشقي بن راشد ‪ ،‬ويعقوب بن اسحاق من أهالي لوى من الباطنة ‪.‬‬
‫وملها بن يحيى ‪ ،‬وهاشم بن يوسف ‪ ،‬وسالم بن ذكوان ‪ ،‬وعبد ال بن قيس ‪،‬‬
‫وأبو هاشم حرز بن نافع الخرساني ن وأبو حفص عمر بن محمد بن حمد‬
‫المنحي ‪ ،‬والشيخ يحيى بن عبد ال بن محمد بن إبراهيم بن عمر السمائلي ‪،‬‬
‫ومحمد بن عثمان العقري من أهل نزوى ‪ ،‬والشيخ ابو القاسم سعيد بن‬
‫قريش العقري النزوي ‪ .‬والشيخ زمام بن سعيد بن زمام البهلوي ‪ ،‬والشيخ‬
‫أبو محمد نجدة بن الفضل النخلي أحد شيوخ المام ابن النضر ‪ .‬والشيخ‬
‫محمد بن مختار النخلي ‪ ،‬والشيخ المسبح بن عبد ال وابنه محمد بن المسبح‬
‫من أهالي هيل من أعمال سمائل ‪ ،‬والشيخ الفقيه الوجيه محمد بن روح بن‬
‫عربي المكني بأبي عبد ال من أهل نزوى ‪ ،‬والشيخ هداد بن سعيد من أهل‬
‫نزوى والشيخ القاضي العلمة نجاد بن موسى من أهل منح ‪ .‬وبقية مشائخ‬
‫علم بطول ذكرهم وتعدادهم كأبي عبد ال بن محمد بن الحسين بن الوليد‬
‫السمدي النزوي ‪ ،‬وأبي علي الحسن بن النضر الهجاري ‪ ،‬وأبي محمد بن‬
‫إبراهيم بن عمر السمائلي ‪ ،‬وأبي علي الحسن بن أحمد بن محمد بن عثمان‬
‫من عقر نزوى ‪ .‬وكذلك عثمان بن أبي عبد ال الصم من عقر نزوى ‪،‬‬
‫ومحمد بن عثمان أيضاً ‪ ،‬وعثمان بن موسى بن محمد بن عثمان العقري‬
‫أيضاً ‪ .‬والشيخ أحمد بن محمد السمدي النزوي ‪ ،‬والقاضي الشيخ محمد بن‬
‫إبراهيم بن سليمان بن محمد بن عبد ال الكندي صاحب بيان الشرع ‪،‬‬
‫والشيخ أحمد بن عبد ال بن موسى الكندي صاحب المصنف ‪ ،‬والشيخ الجليل‬
‫أحمد بن صالح النزوي ‪.‬‬
‫((الطبقة السادسة ))‬
‫من أجلة علماء عمان الشيخ مسعود بن رمضان النبهاني الرستاقي ‪ ،‬والشيخ‬
‫خميس بن سعيد الشقصي الرستاقي الذي دارت عليه مملكة المام ناصر بن‬
‫مرشد اليعربي ‪.‬‬
‫والشيخ الجليل محمد بن جمعة بن عبد ال بن عبيدان العبيداني النزوي ‪،‬‬

‫والشيخ الزاهد الوحيد درويش بن جمعة المحروقي ‪ ،‬وأصله من أدم ‪.‬‬
‫والشيخ صالح بن سعيد الزاملي النزوي العقري ‪ ،‬والشيخ عبد ال بن محمد‬
‫بن غسان مؤلف ( خزانة الخيار في بيع الخيار ) ‪ ،‬وهو من أهل نزوى ‪،‬‬
‫والشيخ أبو عبد ال محمد بن عمر بن أحمد بن مداد ‪ ،‬وزير المام ناصر بن‬
‫مرشد ومحل ثقته ‪.‬‬

‫والشيخ عدي بن سليمان الذهلي العاقد للمام سلطان بن سيف اليعربي ‪.‬‬
‫وكان زعيم العلماء يومئذ وولي رأيهم ‪ ،‬والشيخ خلف بن محمد بن خميس‬
‫زميل الشيخ الذهلي والشيخ سليمان بن مداد رحمهم ال ‪ ،‬والشيخ بشير‬
‫الصبحي ‪ ،‬علمة جليل ‪ ،‬فهامة نبيل ‪ ،‬والشيخ الجليل العليم النبيل جميل بن‬
‫خميس السعدي ‪.‬‬
‫(( الطبقة السابعة ))‬
‫الشيخ الرباني المعروف بأسراره الزاهرة ‪ ،‬وأعماله الباهرة ‪ ،‬ناصر بن‬

‫جاعد بن خميس الخروصي ‪ ،‬والشيخ العلمة الكامل سعيد بن خلفان بن أحمد‬
‫الخليلي ‪ ،‬والشيخ الفاضل الماجد ماجد بن خميس العبري ‪ ،‬والشيخ محمد بن‬
‫مسعود البوسعيدي ‪ ،‬والشيخ العالم العامل أحد أقطاب الزعماء ‪ ،‬صالح بن‬
‫علي بن ناصر بن عيسى بن صالح ‪ ،‬والشيخ القدوة المرضي سعيد بن ناصر‬
‫الكندي ‪.‬‬
‫(( الطبقة الثامنة وهي طبقة عصرنا ))‬
‫وأول علمة ظهر في القرن الرابع عشر المام العلمة نور الدين عبد ال بن‬
‫حميد السالمي قطب دائرة العلماء بعمان ‪ ،‬ثم العلمة الثاني الزميل للمام نور‬
‫الدين الشيخ عامر بن خميس المالكي ‪ ،‬ثم الشيخ العلمة محمد بن سالم بن‬
‫زاهر الرقيشي ‪ ،‬ثم الشيخ الزاهد الوحد عبد ال بن محمد بن رزيق‬
‫المعروف بأبي زيد الريامي الزكوي ‪.‬‬
‫ثم العلمة الرئيس الشيخ عيسى بن صالح بن علي ‪ ،‬ثم الشيخ أبي عبيد حمد‬
‫بن عبيد بن مسلم السليمي ‪ ،‬من أهل سمائل ‪.‬‬

‫ثم الشيخ العلمة الفقيه النزيه خلفان بن جميل السيابي السمائلي ‪ ،‬صاحب‬
‫سلك الدرر ‪ ،‬ثم الشيخ ناصر بن راشد بن سليمان الخروصي أخ المام سالم‬
‫بن راشد رحمهم ال ‪.‬‬
‫والشيخ راشد بن عزيز بن بخيت الخصيبي السمائلي ‪ ،‬علمة جليل فهامة‬

‫نبيل ‪ ،‬كان قوي الفهم غزير العلم ‪ ،‬يفهم من الغمز واللمز ‪ ،‬ويدرك الشارة‬
‫قبل العبارة ‪ ،‬كان جواداً ل يقاس به أحد في زمانه جوداً وكرم ًا وعلما ‪.‬‬
‫مسعنا من السن الكابر عنه ما ل يسعه المقام في هاتين الخصلتين معاً ‪،‬‬
‫أعني العلم والكرم وانهما لهيولي الشرف وعروتا المجد الطارف ‪ ،‬وله بين‬
‫أقرانه مقام ترمقه العيون وتجله النفوس التي تقدر الفضل لهله ‪ ،‬وعلى كل‬
‫حال إن قدر العلم كبير عقل ونقل ‪ ،‬والكرم الحاتمي لهذا الشيخ ل ينكره أحد‬
‫في عمان كلها ‪ ،‬ل في وادي سمائل وحده ‪ ،‬والرجال تعرف بالفعال ‪.‬‬
‫والشيخ عبد ال بن عامر العزري الضرير ‪ ،‬من أجلة علماء زمانه ‪.‬‬
‫(( تنبيه ))‬
‫اعلم أن هؤلء العلماء الذين ذكرناهم قطرة من غيث بالنسبة إلى بقية علماء‬
‫عمان ‪ ،‬فإنهم كثيرون ل يأتي عليهم قلم كاتب إل بعد عناء طويل ‪ ،‬وإنما‬
‫ذكرنا مشاهيرهم وإل ففي كل طبقة من الطبقات المذكورة علماء غير هؤلء‬
‫كثيرون لهم مقامات في العلم عالية ‪ ،‬ولهم مؤلفات سامية تدهش اللباب ‪ ،‬أل‬
‫ترانا لم نذكر من العائلة الرحيلية إل ثلثة علماء وبقي الكثر منهم كما قال‬
‫صاحب القاموس ‪ ،‬منهم سفيان بن محمد بن محبوب ‪ ،‬ومحبر بن محمد بن‬
‫محبوب ‪ ،‬و بشير بن محمد بن محبوب ‪ ،‬وعبد ال بن محمد بن محبوب وبه‬
‫يكنى ‪ ،‬وكان محبر يطلق عليه اسم ( الثقة ) ‪ ،‬وسعيد بن عبد ال بن محمد‬
‫بن محبوب الذي جمه ال له المامة مع العلم والزهد في الدنيا مع الشهادة ‪.‬‬
‫ولم نذكر من علماء آل مداد أحداً ‪ ،‬وهم عدد وافر ‪ ،‬وكذلك بقية العلماء ‪،‬‬
‫فعلى هذا القياس فإن في بني النظر ‪ ،‬من العلماء الجلء الذين لهم القدح‬
‫المعلى في العلم ‪ ،‬فهم عائلة علمية أثرت شجرتها فقهاء عمان ونبغاءها‬
‫كالمام أحمد بن سليمان صاحب ( الدعائم ) وقد شهر عند الكل ‪ .‬وكان جده‬
‫عبد ال بن أحمد أعلم أهل زمانه بإجماع العلماء بعده ‪ ،‬وكان قاضي القضاة‬
‫بدما ‪ ،‬وهو مؤلف كتاب ( البانة في الصكوك والكتابة ) أربعة مجلدات ‪،‬‬
‫وكتاب ( الرقاع في أحكام الرضاع ) مجلدان من أجل ما صنف من الثر عند‬
‫أهل اعلم والنظر ‪.‬‬
‫وكان الخضر بن سليمان جد أبيه ‪ ،‬وكان معروفاً بالعالم الكبير ‪ ،‬لشهرته ‪،‬‬
‫كان من أجلة العلماء الفطاحل الذين لهم بعمان المقام المرموق والحال‬
‫الموثوق ‪.‬‬
‫ولحمد بن سليمان صاحب الدعائم ( سلك الجمان في سيرة أهل عمان )‬

‫مجلدان ‪ ،‬وله ( الوحيد في نقد التقليد ) وبيان أحواله وعلله وما جاء فيه ‪،‬‬
‫مجلدان ‪ ،‬وله ( قرى البصر في جمع المختلف من الثر ) أربعة مجلدات ‪.‬‬

‫هل لهل عمان تآليف مهمة غير التي اشرتم إليها ؟‬

‫نعم ! إن تآليف أهل عمان أجل من أن تحصى في مختلف الفنون الشرعية‬
‫والدبية والتاريخية والصولية وغيرها ‪ ،‬فلهم مؤلفات قيمة ل نستطيع‬
‫ذكرها مفصلة وسوف نشير إن شاء ال إلى المهم منها ‪.‬‬
‫وأولها ديوان المام أبي الشعثاء جابر بن زيد رحمه ال ‪ ،‬كما قيل عنه ‪،‬‬
‫حمل خمسة أبعرة ‪ ،‬وعلى أقل النقل حمل جمل واحد‪ ،‬وناهيك بحمل جمل من‬
‫مثل جابر بن زيد رحمه ال ‪ ،‬إنه لمهم ورب الكعبة ‪.‬‬
‫وكتب المام الربيع بن حبيب رضي ال عنه ‪ ،‬وهو المتداول الن بين‬
‫الناس ‪ ،‬وعليه معول مهام المذهب ‪ ،‬وعليه يعتمد الفقهاء ‪ ،‬وهو أصح كتاب‬
‫بعد كتاب ال عز وجل ‪ ،‬وإن غاظ هذا الكلم بعض أعداء العلم ‪.‬‬
‫وككتاب المام الثالث أحد رواة الربيع بن حبيب ‪ ،‬ضمام بن السائب الندبي‬
‫العماني المشهور في علم الحديث ‪ ،‬رتبه المام العالم أبو صفرة عبد الملك‬
‫بن صفر الزدي العماني ‪ ،‬ثم كتاب أبي سفيان محبوب بن الرحيل بن سيف‬
‫بن هبيرة ‪ ،‬وكتاب محمد بن محبوب سبعون مجلداً ‪ ،‬وكتاب ( الخزانة )‬

‫للشيخ بشير بن محمد بن محبوب سبعون مجلدا ‪ ،‬وله أيضاً كتاب ( البستان‬
‫في الصول ) ‪.‬‬
‫فلو لم يكن لهل عمان من التآليف إلى هذه الكتب لكانت كفاية المذهب ‪ ،‬وبها‬
‫الغنى لهله ‪ ،‬وكيف ل ولكل واحد من علماء عمان مؤلفات كهذه ونحوها ؟‬
‫وإذا أردنا أن نحصي طبقة واحدة من طبقات العلماء الذين ذكرناهم ضاق‬
‫المجال واتسع المرام ‪ ،‬فإن ( بيان الشرع ) ثلثة وسبعون مجلدا ‪ ،‬وكتاب‬
‫( المصنف ) قريب منه واحد وأربعون مجلدا ‪ ،‬وكتاب ( الضياء ) للشيخ أبي‬
‫إبراهيم سلمة بن مسلم الصحاري العوتبي صاحب كتاب النساب ‪ ،‬أربعة‬
‫وعشرون مجلدا ‪ ،‬وهكذا إلى أن أفضت النوبة إلى الشيخ العالم جميل بن‬
‫خميس السعدي ‪ ،‬فكان كتابه تسعين مجلدا ‪ ،‬فهل بعد هذه الكتب شيء يذكر ؟‬
‫وكذلك كتاب ( الكفاية ) للشيخ محمد بن موسى الكندي أحد وخمسون مجلدا ‪،‬‬
‫وله أيضاَ ( جلء البصر ) ‪ .‬وكذلك كتاب ( التاج ) لعثمان بن أبي عبد ال‬
‫الصم العقري النزوي واحد وخمسون مجلدا ‪ ،‬وله كتاب ( النور ) وكتاب‬
‫( البصيرة ) وكتاب ( النوار ) فهذه الكتب التي تزيد مجلداتها على عقود‬
‫العشرات فما ظنك بما عداها ؟ إنه لشيء عظيم في مقامه يجدد ذكره السى‬
‫على القارئ والسامع لعمال تلك المشايخ الذين ذكرناهم في المقام الذي قبل‬
‫هذا ‪ ،‬فلن نستطيع أن نذكر تلك المؤلفات أو نعلن كل مؤلف لصاحبه ‪،‬‬
‫وحسبنا هذا ‪ ،‬ويكفي لمن ألقى السمع وهو شهيد ‪ ،‬فقس بقية العلماء على‬
‫هؤلء في أعمالهم ومؤلفاتهم ‪.‬‬
‫وإذا شئت التروي فعليك ( بقاموس الشريعة ) و ( منهج الطالبين )‬

‫وأمثالها ‪ ،‬وقد ذكر المام السالمي رحمه ال نبذة من كتب أهل عمان في‬
‫( لمعته ) ومن أراد الوقوف على ذلك فعليه بها ‪ ،‬فإنها عبية لمهام المؤلف ‪،‬‬
‫وخزانة لها ‪ ،‬ول ريب فإن أهل عمان أعلم فرق السلم بالحلل والحرام ‪،‬‬
‫وأفقههم في الحكام الشرعية خاصة ‪ ،‬ولهم في بقية الفنون مؤلفات في‬
‫ترتيبها مما يدهش الفكار ‪ ،‬فاني رأيت كتاباً يقرأ من اليمين إلى اليسار كتاب ًا‬
‫خاص ًا ‪ ،‬ويقرأ من العلى إلى السفل كتاباً خاصاً في موضوع ‪ ،‬ويقرأ أسطراً‬
‫خاصة عليها أرقام حمر كتاباً خاصاً ‪ ،‬وإذا قرئ مجموعاً أي كله مستقلً ‪،‬‬
‫فهذا من أبدع ما رأينا ‪ ،‬غاب عني الن أسمه واسم مؤلفه ‪.‬‬
‫وكم مثل هذه الكتب الفخمة والمؤلفات الضخمة في عمان قضت عليها يد‬
‫الهمال والتعطيل ‪ ،‬واستهلكتها اليام في طواياها ‪ ،‬ولو ظهرت لحيرت‬
‫أساطين العلم ببلد السلم ‪ ،‬ولكن فقر عمان لم يحرك منها ساكنا ‪ ،‬وكاد‬
‫الفقر أن يكون كفراً والمر ل من قبل ومن بعد وإليه الحول كله ‪.‬‬
‫قال المام السالمي رحمه ال بعد ما ذكر تلك الكتب والمؤلفات العظيمة الشأن‬
‫‪ ( :‬وإن في ما تركت من الكتب المتأخرة لشيئاً يذهل العقول ويحير الفكار‬
‫من كتب التفسير ‪ ،‬والحديث ‪ ،‬والصول ‪ ،‬والكلم ‪ ،‬والفقه ‪ ،‬والدب ‪ ،‬وغير‬
‫ذلك من الفنون الكثيرة ) قال ‪ ( :‬وإنما أذكر شيئاً من ذلك لن الطاعن قد طعن‬
‫في زعمه بكثرة التآليف عند المتأخرين منا دون المتقدمين حتى عد ذلك من‬
‫أشراط الساعة حيث اطلع على ما لم يطلع عليه من قبل ‪ ،‬فلذا ذكرت له ما‬
‫أمكن ذكره من الكتب القديمة دون غيرها ‪ ...‬إلخ ) فإذا أنت ألقيت نظرة إلى‬
‫ما ذكرته أنا هنا خاصة أدهشك الحال ‪ .‬فكيف بما ذكره المام المذكور فإنه‬
‫عظيم والحمد ل فكيف وإنما ذكره هو أيضاًُ قطرة من صيب وبلة من بحر ‪،‬‬
‫والمر ل وحده ) ‪.‬‬
‫وقد ذكر كتب الباضية في ( جواهر ) العلمة البرادي ‪ ،‬وخصوص ًا كتب‬

‫العمانيين في كتاب ( منهج الطالبين ) للشيخ العلمة الكبير القدوة الخطير‬
‫خميس بن سعيد الشقصي الرستاقي النزوى ‪ ،‬أي أصله من نزوى واستوطن‬
‫الرستاق ‪ .‬وهو الذي قام بإمامة المام الجل الكرم إمام المسلمين ‪ ،‬ناصر بن‬
‫مرشد بن سلطان بن أبي العرب اليعربي إمام في اليعاربة ‪ ،‬وأفضل إمام في‬
‫عمان ‪ ،‬بل هو ثالث المامين المتفق على كمال فضلهما ‪ ،‬الجلندى بن مسعود‬
‫أول إمام بعمان ‪ ،‬وسعيد بن عبد ال بن محمد بن محبوب الرحيلي القرشي ‪.‬‬
‫وكان المام ناصر بن مرشد ربيباً للشيخ خميس بن سعيد هذا ‪.‬‬
‫وكذلك جاء ذكر كتب الباضية في كتاب ( قاموس الشريعة الحاوي طرقها‬
‫الوسيعة ) الذي هممت أنا باختصاره ‪ .‬وقد شرعت فيه فسميت المختصر‬
‫المذكور ( ناموس الوسيعة في اختصار قاموس الشريعة ) ثم رأيت أن ذلك‬
‫شيء يطول ‪ ،‬ولن يبلغ العمر منه مبلغاً ‪ ،‬إذ كان تسعين مجلداً ‪ ،‬وقد ذكرت‬
‫نبذة مهمة من علماء وكتبهم ‪.‬‬
‫ثم ذكر صاحب ( فواكه العلوم ) بعضاً منها ‪ ،‬ومن يستقرأ التآليف العمانية‬
‫رأى فيها العجب على اختلف الوضاع وبأجمل الصنعة وفي كل الفنون ‪.‬‬

‫ماذا يقول أهل عمان في الخلفاء الربعة ؟‬

‫اعلم أن الخلفاء الربعة عند أهل عمان كغيرهم من الباضية يقولون إن أبا‬
‫بكر وعمر إمامان رضيان مرضيان توليا أمر المسلمين بإجماع المة لم يعب‬
‫أحد عليهما شيئاً إل التقوى والخلص وحسن السيرة وصفاء السريرة ‪ ،‬قاما‬
‫على ذلك في المسلمين وماتا عليه ‪ ،‬والكل عنهما راض رضي ال عنهما‬
‫وأرضاهما ‪ ،‬وقد صدقا ظن رسول ال عليه الصلة والسلم فيهما ‪ ،‬وحققا‬
‫أمنيته ‪ ،‬وفازا بتوفيق ال والحمد ال ‪.‬‬
‫وأما عثمان فأخذ المامة وعليه عهد ال ورسوله من زعيم شورى المسلمين‬
‫عبد الرحمن بن عوف رضي ال عنه ‪ .‬إذ أولها إياه أن يسير فيها مسيرة‬
‫صاحبيه أبي بكر وعمر وبايعوه على ذلك ‪.‬‬
‫ثم عتبوا عليه أشياء وانتقدوا عليه أخرى ‪ .‬وأنكروا عليه أموراً حصروه‬
‫عليها حتى قتلوه والكل صحابة رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬ولم‬
‫يخالطهم من الباضية أحد فالمقتول عبد صحابي وقاتلوه كذلك وهم أعلم بما‬
‫هنالك والباضية خليون من دمه وماله ‪ ،‬وأظن لم يحضر قتله أحد منهم ‪.‬‬
‫ولما قتلوه بايعوا علي بن أبي طالب على ما بايعوا عليه من قبله ‪ .‬وألزموه‬
‫سيرة الخليفتين أبي بكر وعمر ‪ .‬ثم اختلفوا عليه ‪ ،‬فشاركوه سياسته ‪،‬‬
‫وتلعبوا بأمره حتى ذهب أدراج الرياح ‪ ،‬إلى أن جاء منهم من قتله وما أظن‬
‫كذلك إباضياً شارك في قتله ‪ ،‬فهم القاتلون وهم المقتولون والحكم ال عز‬
‫وجل بينهم يوم القيامة ‪.‬‬
‫هذا خلصة القول في هذا المقام الحرج ‪ .‬نسأل ال سلمة ديننا ودنيانا من‬
‫أمور لم يكلفنا بها في حال من الحوال (( تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم‬
‫ما كسبتم ول تُسألون عما كانوا يعملون )) ‪.‬‬
‫ومن كلمنا نقتطف ما جاء في عثمان وعلي‬
‫هذه خلصة ‪ (( :‬أصدق المناهج في تمييز الباضية من الخوارج )) وال‬

‫المسئول والتوفيق لرضاه ‪ ،‬والعون على تقواه وصلى ال على سيدنا محمد‬
‫وعلى آله وصحبه وسلم ‪.‬‬
‫بقلم العبد ل محمد بن حسن بن محسن الرمضاني بيده بتاريخ اليوم الثامن‬
‫عشر من جمادى الولى عام ‪1398‬هـ ‪.‬‬

‫‪-----------------------------------------------------‬‬
‫(‪ )1‬القمقام ‪ ،‬والقمقام ‪ :‬بالفتح والضم السيد الكثير العطاء ‪ ،‬والجمع قماقم‬
‫وقماقمة ‪.‬‬
‫(‪ )2‬ذو الفقار ‪ :‬لقب سيف المام علي بن أبي طالب ‪.‬‬
‫(‪ )3‬الدعقة ‪ :‬الحملة والصيحة ‪.‬‬
‫(‪ )4‬يشير هنا إلى سياسة ودهاء رجال مثل معاوية بن أبي سفيان وعمرو بن‬
‫العاص ‪.‬‬
‫(‪ )5‬الخدن ‪ :‬الحبيب والصاحب ‪ ،‬الجمع أخدان ‪.‬‬
‫(‪ )6‬كتبت في المخطوطة ( يتبغه ) ‪.‬‬
‫(‪ )7‬ما حله ومحال وممحالة ‪ :‬كايده ‪ ،‬وماكره ‪ ،‬وعاداه ‪ ،‬ودافعه ‪ ،‬وجادله ‪.‬‬

أصدق المناهج في تمييز الإباضية عن الخوارج

Enviado por

Dados do documento

Direitos autorais

Formatos disponíveis

Compartilhar este documento

Compartilhar ou incorporar documento

Opções de compartilhamento

Você considera este documento útil?

Este conteúdo é inapropriado?

Direitos autorais:

Formatos disponíveis

أصدق المناهج في تمييز الإباضية عن الخوارج

Enviado por

Direitos autorais:

Formatos disponíveis

‫شبكة الدرة السلمية‬

‫تأليف الشيخ العلمة سالم بن حمود السيابي رحمه ال تعالى‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬

‫[*]الغراض التي تدعوا إلى التنفير منهم والعراض عنهم‬

‫[*]هل لهم مذهب خاص ؟‬

‫[*]من علماء الباضية أيام ابن إباض ؟‬

‫[*]ما هي أسس الحكم عند الباضية ؟‬

‫[*]ما يقول الباضية في صفات ال عز وجل ؟‬

‫[*]ما هي أعمالهم في المور العملية ؟‬

‫[*]هل للباضية في خدمة السلم العامة نصيب ؟‬

‫[*]هل كتم مخالفو الباضية شيئاً من مآثر الباضية ؟‬

‫[*]الحكم في الخوارج في نظر الباضية‬

‫[*]ما هو اليمان عند الباضية ؟‬

‫[*]ما شأن مذهب الباضية بين المذاهب الخرى ؟‬

‫[*]هل يجيز الباضية الصلة خلف أئمة غيرهم من المذاهب ؟‬

‫[*]هل هناك فرق بين الباضية وغيرهم في المواريث ونحوها ؟‬

‫[*]هل الجهاد عند الباضية وغيرهم على حد سواء ؟‬

‫[*]متى استقل الباضيون بأمرهم في السلم ؟‬

‫[*]كيف سيرة الباضية في السلم ؟‬

‫[*]على أي وضع تجري الحكام عند الباضية ؟‬

‫[*]من هم أشهر علماء الباضية في المشرق ؟‬

‫[*]هل لهل عمان تآليف مهمة غير التي اشرتم إليها ؟‬

‫[*]ماذا يقول أهل عمان في الخلفاء الربعة ؟‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬

‫بسم ال الرحمن الرحيم‬

‫وقد طال ما كتبنا عن الباضية الرسائل الوافية وبينا قواعدهم المذهبية‬

‫الغراض التي تدعوا إلى التنفير منهم والعراض عنهم‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬

‫الباضية أمة من أمم السلم إمامهم عبد ال بن إباض التميمي المعروف‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬

‫هل لهم مذهب خاص ؟‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬

‫من علماء الباضية أيام ابن إباض ؟‬

‫الخوارج في الصل جمع خارجة ‪ ،‬وهي طوائف تخرج في السلم ضالة‬

‫ومما روجوا به بضاعة الطعن ما قالوه أن وقعة النهروان بين علي‬

‫الختلف ‪ ،‬وطولوا به مسافة الفتراق ‪ ،‬وأن المام العالم العظيم – وصي‬

‫فالباضية لم يشاركوا في سفك قطرة دم من دماء المسلمين ‪ ،‬وقد علم أن تلك‬

‫ما هي أسس الحكم عند الباضية ؟‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬

‫وهذا أمر قد تداوله مؤرخوهم وكاتبوهم ونشروه في صحائفهم ‪ ،‬وقد علم‬

‫ما يقول الباضية في صفات ال عز وجل ؟‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬

‫الباضية يصفون ال عز وجل بالصفات التي ل بد منها ول محال عنها ‪.‬‬

‫وللباضية حسب مقتضاها المنهج المتبع ‪ ،‬والمرتبع المقصود ‪ ،‬فهي العمود‬

‫وكذلك القول بخروج العصاة من النار بعد ما صاروا أعداء ال عز وجل‬

‫واليد والساق والجنب والحفظ وما أشبهها من الدفاع عن المؤمنين‬

‫ما هي أعمالهم في المور العملية ؟‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬

‫وكما أن الباضية يجيزون مناكحة مخالفينا من بقية مذاهب السلم وتجيز‬

‫هل للباضية في خدمة السلم العامة نصيب ؟‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬

‫الزدي العماني ‪ ،‬الذي قل أن يخلو منه ديوان من دواوين الفقه إل واسمه‬

‫هل كتم مخالفو الباضية شيئاً من مآثر الباضية ؟‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬

‫فكتموا كل شيء من فضائل الباضية فإذا ذكروا مشاهير السلم وأفاضله‬

‫الحكم في الخوارج في نظر الباضية‬

‫مكتبة الكتب السلمية‬ ‫شبكة الدرة السلمية‬

‫شرك ‪ ،‬وكبائر نفاق ‪ .‬فكبائر الشرك هي كل ما أخل بالعتقاد كاستحلل ما‬

‫ما هو اليمان عند الباضية ؟‬

‫والولية والبراءة بالمعنى المعروف لم يثبتا إل عند الباضية وهما محور‬

‫وحديث الصراط المستقيم ‪ .‬قال عبد ال بن مسعود رضي ال عنه ‪ ( :‬تركنا‬

‫واليمان هو عزيمة القلب بوجود ال عز وعل وجوداً لم يسبق بشيء ‪،‬‬