Você está na página 1de 3

‫التمدن الممسوخ‬

‫]‪[1‬‬

‫للشيخ أبي اليقظان إبراهيم رحمه ال‬

‫‪http://www.aboulyakdan.com/makal_attamadoun%20almamsoukh.htm‬‬

‫جرت عادة فرنسا منذ عهد قديم أن تقيم في‬


‫حوالي ‪ 21‬فيفري عيد المسخ )الكرنفال( بتغيير‬
‫الزياء المعتادة بمساخر أخرى مضحكة في‬
‫أشكال وألوان تخرج النسان عن طوره إلى‬
‫أطوار أخرى‪ ،‬تخيل للرائي أن الله قد بعث خلقا‬
‫جديدا ً لهاته الرض ل هو آدمي ول حيواني‪ ،‬ل‬
‫في الشكل و ل في اللون ول في العقل ول في‬
‫الخلق وإنما هو شيء آخر قائم بذاته يتستر‬
‫وراءه العشاق ويكمن خلف ستاره الشرار‬
‫والفتاكون‪.‬‬
‫وقد تطور التفنن في هذا العيد بتطور التمدن‬
‫الحديث وبلغ في هذا الشهر إلى آخر طراز بلغ‬
‫إليه‪.‬‬
‫وهو عادة كلت أفهامنا أن تدرك سرها وقصرت‬
‫مداركنا أن توفق بينها وبين المدنية والحضارة‬
‫التي اصطكت الذان من سماع أبواقها‪.‬‬
‫نحن ل يهمنا هذا ول نستغرب فيه فإن التجرد‬
‫من الدين يفعل كــل شيء‪ ،‬وليس من الحكمة‬
‫أن نناقش أبناء الغرب في ذلـك‪ ،‬فلهم عقلؤهم‬
‫وحـكماؤهم وأدبــاؤهم ولهم سواسهم‬
‫وحكومتهم ولهم أخلقهم وآدابهم وأذواقهم‬
‫وأساليبـهم في حياتهم‪.‬‬
‫ولكن تأخذنا الدهشة و الستغراب من كثير من‬
‫المسلمين والمسلمات الذين ارتطموا في هذه‬
‫الحياة و انغمسوا فـي هذه الوحال إلى العنـق‬
‫تقليدا لسادتهم كما تقلد القردة سيدها لكن‬
‫في أنواع اللعب والرقص فقط ل في ميادين‬
‫العلم والعمل المفيد‪.‬‬
‫لقد بلغنا أن أكثر المحتفلين في العاصمة بهذا‬
‫العيد المتزينين بأزيائه هــم من المسلمين‪،‬‬
‫والبغايا من المسلمات‪ ،‬وقد اتخذوا ذريعة إلى‬
‫نيل مآربهم الحيوانية والكيد لعدائهم‬
‫الشخصيين‪ ،‬تجتمع ثلة من أولئك النذال على‬
‫بعض إخوانهم المسلمين فيهينونه ويسبونه‬
‫بأنواع السباب الجاري على ألسنة الفرنسيين‬
‫مـــثل ) بيكو‪ ،‬سال أراب‪ ،‬إلخ ( وهذه لعمري‬
‫نهاية الجنون وأقصى درجات المسخ و النحطاط‬
‫أيتزين النسان بهذه الزياء الممسوخة ليسب‬
‫قومه ويهين أخاه ويصفع خده بيده؟ وإذا كان‬
‫ولبد من تقليد أبناء الغرب فلماذا تقلدونهم في‬
‫مخازيهم ول تقلدونهم في عظمائهم‪.‬‬
‫أتظنون أنكم بذلك تنالون لديهم حظوة ؟ كل‬
‫وألف كل‪ .‬فإن من ينسلخ من قوميته‪ ،‬ويمرق‬
‫من بيئته ل خلق ولحظ ول شأن له حتى عند‬
‫من يسخره لمئاربه بل يبقى شأنه مدة حياته‬
‫شأن القرد الممسوخ‪ ،‬لن سيده يعلم حق العلم‬
‫أنه ما انسلخ من قوميته وأندمج في عنصره أل‬
‫وهو جدير بأن يبيع هذا أيضا بقشرة بصل متى‬
‫رأى حاجياته في ذلك فهو أسير شهوة ل أسير‬
‫مبدأ‪.‬‬
‫فمتى تستفيقون أيها المسلمون من سكراتكم؟‬
‫و متى تعلمون أنكم أمة جزائرية مسلمة لها‬
‫إسلمها لها آدابها وأخلقها؟ متى تتحققون أنه‬
‫ليس من صالحكم ول من صالح فرنسا أن تكونوا‬
‫قردة ممسوخين مذبذبين ل إلى هؤلء و ل إلى‬
‫هؤلء؟‬
‫وليت شعري أين علماء المسلمين وعقلؤهم‬
‫وحكماؤهم و نوابهم إزاء هذه المخازي المبيدة‬
‫للقومية المخربة للعنصرية ؟ أفنضب منهم معين‬
‫الغيرة؟ أفتخدرت منهم أعصاب الحساس‬
‫والشعور إلى هذه الدرجة ؟ فاللهم أزح الرين‬
‫عن القلوب و ارفع الغشاوة عن البصائر حتى‬
‫يعلم المسلمون من هم؟ وأين هم؟ وما هي‬
‫مسالك الحياة التي تلئم وضعيتهم ؟‪....‬‬

‫وادي ميزاب‪ ،‬ع ‪.(2/3/1928) 72 :‬‬ ‫]‪[1‬‬

Você também pode gostar