Você está na página 1de 4

‫النظرية الواقعية‬

‫تتضمن الواقعية أو االتجاه الواقعي في تحليل العالقات الدولية ع ددا من المقارب ات‬
‫النظرية التي يجمع بينها افتراضها بأن العالقات الدولية مجرد صراع‪ ،‬تسعى فيه كل دول ة‬
‫للحفاظ على بقائها في ظل بيئة عدائية‪ .‬وبذلك فإن البيئة الدولي ة بالنس بة للواقع يين بيئ ة‬
‫فوضوية ينتفي فيها أي شكل من أشكال السلطة الفوقية التي يمكن للدول االحتكام إليها‪ .‬ه ذه‬
‫الظروف تساهم في تكريس ما يسميه الواقعيون بالمعضلة األمنية المتأتية من سعي كل دولة‬
‫لزيادة مستويات أمنها بشكل منفرد‪ ،‬عبر حيازة مصادر القوة خاصة في ش قيها العس كري‬
‫واالقتصادي‪.‬‬
‫وبذلك فإن الواقعيين يميلون إلى تبني سياسة القوة ‪ power politics‬التي ال تع ير‬
‫اهتماما لالعتبارات األخالقية لدى صياغة األجندة السياسية الخارجية ألن األمر يتعلق هن ا‬
‫بصراع من أجل البقاء‪ ،‬حيث يعتبر االعتماد على الذات ‪ self-help‬السبيل الوحيد لض مان‬
‫استمرارية الدولة‪.‬‬
‫يمكن تقفي آثار هذه المدرسة الفكرية بالعودة إلى كتابات المفكر االستراتيجي الصيني‬
‫سان تسو ‪ ، Sun Tzu‬وبالخصوص مؤلفه‪" :‬فن الحرب" (القرن الخامس قبل الميالد)؛ وكذلك‬
‫مؤَلَف‪" :‬تاريخ الحرب البيلوبونيزية" للمؤرخ اإلغريقي ثوس يديدس ‪( Thucydides‬وال ذي‬
‫عاش كذلك في القرن الخامس قبل الميالد) وقد ترك عبارته الش هيرة‪" :‬الق وي يفع ل م ا‬
‫يستطيع القيام به‪ ،‬أما الضعيف فيتحمل مشقة القيام بما يملى عليه"؛ يضاف إليهما رجل الدولة‬
‫الهندي شاناكيا ‪ Chanakya‬في مؤلفه "آرثاشسترا" (بلغة السانسكريت) ومعناه "علم الكس ب‬
‫المادي" (كتب في القرن الثالث قبل الميالد)‪.‬‬
‫غير أن أكبر األثر على تطور النظرية الواقعية كان بفضل أعمال‪" :‬األم ير" (‪)1513‬‬
‫لـ نيكولو ميكيافيللي‪ ،‬ومن خالل طرحه عمل ميكيافيللي على عزل العمل السياسي عن أي‬
‫مضمون أخالقي مجسدا مبدأ الغاية تبرر الوسيلة‪ ،‬وهو جوهر النصائح التي همس بها لألمير‬
‫والتي تتعلق بمجملها بكيفية االستيالء على السلطة والحفاظ عليها؛ وبعده بقرن كتب توم اس‬
‫هوبز "الوحش" )‪ ،Leviathan (1651‬وإليه يعود الفضل في صقل التصور الرئيسي للواقعيين‬
‫وهو "الفوضى"‪ ،‬وذلك من خالل تصويره لحالة الطبيع ة أو الفط رة ال تي س بقت العق د‬
‫االجتماعي‪ ،‬تلك الحالة التي اتسمت باالضطرابات والخوف وحرب الكل ضد الكل من أج ل‬
‫البقاء‪.‬‬
‫إذن الفوضى هي السمة الرئيسية للبيئة التي تتفاعل فيها الدول م ع بعض ها حس ب‬
‫الواقعيين‪ ،‬وبذلك فإن صانعي القرار مدعوون ألخذ بعين االعتبار "المصلحة العلي ا للدول ة"‬
‫قبل أي شيء آخر‪ ،‬باستعارة عبارة الوزير األول الفرنسي الكاردينال دي ريشيليو ‪Cardinal‬‬
‫)‪ ،de Richelieu (1585-1642‬وااللتزام بسياسة واقعية ‪ Real Politik‬والتي سبق ودعا إليها‬
‫المستشار األلماني بيسمارك (‪ Otto Von Bismark)1898-1815‬باعتبارها السبيل الوحيد‬
‫للحفاظ على توازن القوى ‪ Balance of power‬كآلية كفيلة بصيانة السالم الدولي‪.‬‬
‫لقد اكتسبت الواقعية قوة تأثيرية كبيرة بين األكاديميين وصناع القرار على حد سواء‪،‬‬
‫حيث أن كت اب ه انس مورقينتو ‪- Hans Morgenthau‬مؤس س المدرس ة الواقعي ة‬
‫الكالسيكية‪ -‬المعنون بـ‪" :‬السياسة بين األمم" )‪ Politics Among Nations (1948‬ظل‬
‫ولفترة طويلة الكتاب المرجعي في العالقات الدولية‪ ،‬وفيه يشرح المبادئ الستة ال تي تس ند‬
‫الطرح الواقعي في العالقات الدولية‪:‬‬
‫‪      ‬أنه يمكن تطوير نظرية عقالنية تعكس القوانين الموضوعية التي تس ير وفقه ا‬
‫السياسة طالما أنها تستند إلى الطبيعة اإلنسانية (غير الخيرة‪ ،‬ذلك أن اإلنسان شرير بطبع ه‬
‫حسب مورقينتو) وهذه الطبيعة ثابتة ال تتغير بأي حال من األحوال؛‬
‫‪      ‬المصلحة هي جوهر العمل السياسي‪ ،‬وهي تتحدد بمؤشر القوة‪ ،‬حيث أن الق وة‬
‫بالنسبة للواقعيين تعتبر وسيلة وهدفا في الوقت نفسه‪ ،‬وتعرف القوة على أنه ا الق درة على‬
‫التأثير في سلوك اآلخرين أو تغييره وفق االتجاه المرغوب به‪ ،‬من جهة‪ ،‬ومن جهة أخ رى‬
‫القدرة على مقاومة محاوالت اآلخرين للتأثير في السلوك؛‬
‫‪      ‬يفترض الواقعيون أن المصلحة التي تتحدد بالقوة تعتبر مفهوما موضوعيا يتمتع‬
‫بصالحية غير قابلة للجدل‪ ،‬ومع ذلك فإن مضامين المصلحة ليست ثابتة بالنسبة لكل ال دول‬
‫كما أنها ليست ثابتة على امتداد فترات تاريخية متعاقبة؛‬
‫‪      ‬الواقعية ليست نظرية غير أخالقية ‪ ،immoral‬بل أنها فقط نظري ة ال تب الي‬
‫بالمعايير األخالقية على اختالفها ‪ ،amoral‬وذلك ألنها وفي الوقت الذي تعي فيه التبع ات‬
‫األخالقية للعمل السياسي‪ ،‬فإنها واعية أيضا ب التوتر ال ذي يمكن أن يح دث بين القي ادة‬
‫المتمسكة بالمضامين األخالقية وبين مقتضيات نجاح العمل السياسي؛‬
‫‪      ‬ترفض الواقعية ادعاء دولة من الدول بأن قيمها األخالقية يجب أن تكون بمثابة‬
‫قوانين كونية تستوجب خضوع الجميع لها‪ .‬وبدال من ذلك ترى أن المص لحة هي التص ور‬
‫الذي يتبوأ مكانة القانون الكوني ألنه يحول دون اإلقدام على مغامرات سياس ية نابع ة من‬
‫محاولة فرض المنظومة القيمية واألخالقية لدولة معينة على الدول األخ رى‪ ،‬وك ذلك ألن‬
‫تحقيق المصلحة شيء يشترك يحظى بإجماع الكل؛‬
‫‪      ‬السياسة من المنظور الواقعي حقل مستقل بذاته وللحصول على تحليل جيد يتوجب‬
‫استبعاد أي مجال آخر من مجاالت االهتمام اإلنساني‪.‬‬
‫وبهذه االفتراضات التي كانت تتوافق إلى حد كبير مع ظ روف م ا بين الح ربين‬
‫العالميتين‪ ،‬استطاعت الواقعية التفوق على الطرح الليبرالي المثالي‪ ،‬وباندالع الحرب العالمية‬
‫الثانية كان ذلك بمثابة تأكيد على قوة الطرح الواقعي‪ ،‬فالقانون الدولي وعصبة األمم لم يتمكنا‬
‫من درأ اندالع حرب عالمية جديدة كما ادعى الليبراليون المثاليون‪ ،‬ومصالح ال دول لم تكن‬
‫متناغمة حسب الطرح الكانطي‪ ،‬وقد كانت كل هذه المؤشرات كفيلة بإنهاء النقاش النظ ري‬
‫األول‪ first debate‬لصالح رواد الواقعية من أمثال إدوارد كار ‪ Edward H. Carr‬وهانس‬
‫مورقينتو ‪ .Hans J. Morgenthau‬لكن كان على الواقعية عقب ذلك أن تواجه نقاشا نظريا‬
‫آخر أكثر حدة مع المنظورات الوظيفية والكمية والتي طالت البعد المنهجي للمسعى البح ثي‬
‫الواقعي الذي يعتمد على المنهج التاريخي‪.‬‬
‫وبالرغم من صمود الواقعية أمام هجوم المقاربات النظرية األخرى إال أنها تعرض ت‬
‫لعملية تنقيح ساهمت في ظهور تيارات عدة ضمن هذه المقاربة مثل‪ :‬النيوواقعية أو الواقعية‬
‫البنيوية؛ إضافة إلى الواقعية النيوكالس يكية؛ والواقعي ة الليبرالي ة (المعروف ة بالمدرس ة‬
‫اإلنجليزية)‪.‬‬
‫االنتقادات الموجهة للواقعية الكالسيكية التي تزعمها مورقينتو تتعلق بع دم دقت ه في‬
‫استخدام المفاهيم المفتاحية‪ ،‬فمصطلح القوة الذي يبني عليه طرحه النظري يحتمل مض امين‬
‫عدة‪ ،‬كما أن تبريره لقيام الحروب بالنزعة الشريرة لإلنسان ال تصمد كثيرا أم ام الح االت‬
‫العديدة لسيادة منطق السالم والتعايش‪ ،‬وفي هذه النقطة بالذات يتساءل أتباع منظور الس الم‬
‫الديمقراطي إن كان الطرح الواقعي ال ينطبق على الدول الديمقراطية ال تي ال تلج أ أب دا‬
‫الستخدام القوة ضد بعضها البعض حتى لو لم تكن مصالحها متناغمة‪ .‬وهذا يجرن ا لط رح‬
‫استفهامات حول مدى صالبة مفهوم الدولة كفاعل موحد‪ ،‬والذي يستند إليه الواقعيون لتبرير‬
‫تماثل ردود أفعال الدول تجاه البيئة الدولية‪ ،‬فالواقع يظهر أن الدولة هي مجم وع الفواع ل‬
‫الداخليين المشكلين لها‪ ،‬وبذلك فإن ردود أفعالها تتباين بحسب توجهات السياسة الداخلية التي‬
‫تدخل ضمن مستوى تحليلي آخر غير المستوى النظمي‪ ،‬وهو المستوى الوطني‪.‬‬

Você também pode gostar