Você está na página 1de 57

‫تاريخ الكتابة‬

‫إسقاطات تاريخية‪:‬‬

‫إن عام ‪ 115‬ق م تاريخ مشهور عند العرب حيث دونته كل شعوبهم وقبائلهم وهو‬
‫اليوم الذي أنهدم فيه سد مأرب الشهير والذي كان قد بناه الملك عامر الملطوم الزدي‬
‫جد الدواسر والذي دفع العديد من القبائل العربية إلى الهجرة في جميع المصار‪.‬‬

‫العرب العاربة والعرب البادئة‪:‬‬


‫عقب سيل العرم تفرقت العرب العاربة الى ارض الجزيرة العربية ولكن كان منهم اصل‬
‫من العرب البائدة من هم في الشمال مثل الثموديين في “العل” انصهروا فيما بعد في‬
‫قضاعة الحميرية‪ ,‬وهناك الخيبريين واليثربيين في المدينة‪ ,‬وانصهروا في الوس‬
‫والخزرج “النصار الزديين”‪ ,‬وهناك “الجرهميين” وهم من قحطان في مكة الذين‬
‫انصهروا في خزاعة الزدية‪ ,‬والتي اجلت جرهم وصهرتها فيها واخذت ولية البيت‬
‫عندما كان متعاقبا علية في العرب العاربة من عهد هود عليه السلم الى عهد خزاعة‪,‬‬
‫ثم آل بعد ذالك الى العدنايين‪ ,‬والغريب بالمر أن العدنانيين يعدوا من بني إسماعيل‬
‫الذين أتوا من أرض فلسطين بهجرة إبراهيم عليه السلم إلى أرض مكة‪ ,‬وبناءه للكعبة‬
‫هو وإبنه إسماعيل عليه السلم‪ ,‬حيث قطن هو وأمه في ذلك الوادي الذي ل زرع فيه‬
‫ولهذا اعتبرهم العرب من “العرب المستعربة”‪.‬‬
‫قبيلة مذحج ‪:‬‬

‫في القرن الول الميلدي تقريبا عقب سيل العرم من اثر انهدام السد الشهير بمأرب‬
‫كانت مذحج قبيلتي (جنب وشمران)من القبائل النازحة والمهاجرة تاركة اليمن وقاصدة‬
‫مكانا اخر للعيش فيه‪ ,‬إقتربت مذحج من مكة واوديتها فرأت أن خزاعة قد سبقتها إليها‪,‬‬
‫ورأت أن مكة يسكنها من القبائل العدنانية بني عدوان ونضر وسدانة والبطحاء‪ ,‬فتكاتف‬
‫العدنانيون واتحدوا ضد هذا النزوح الذي اعتبروه استيطانا سافراً والتحم الطرفان في‬
‫حرب طاحنة تعرف بيوم البيداء بقيادة عامر بن الظرب العدناني‪ ,‬الملقب بالعدواني‪,‬‬
‫وانتصر على قحطاني مذحج وأجبرهم على النزوح إلى تهامة وهي سلسلة الجبال التي‬
‫تحجز شرق شبه الجزيرة عن غربها‪.‬‬
‫وصف ابن الظرب يوم البيداء‪ ,‬فأنشد‪:‬‬

‫أبونا مالك والصلب زيـــــد ==== معدا ابنه خير البنينــــــــــا‬


‫اتاهم من ذوي شمران آت ==== فظلت حولها أمد السنينــــا‬
‫فيا عوف بن بيت يالعـوف ==== وهل عوف لتصبح موعدينا‬
‫فل تعصوا معدا إن فيهـــا ==== بلد ال والبيت الكمينــــــــا‬

‫ومن ذالك الوقت الى يومنا هذا وما زالت “شمران العصاة” تسكن تهامة وقريبا من‬
‫مكة ولها بعض العوائل القديمة التي تسكن مكة المكرمة‪ .‬وبذالك فإن شمران كانت‬
‫معروفة في الجاهلية قبل ان تسكن السراه في القرن الثالث والرابع الهجري وكانت من‬
‫عتاة مذحج الطعان ومن جنب‪ ,‬فأحياناً تأتي تحت مسمى مذحج واحيانا تحت مسمى‬
‫جنب واحيانا تأتي صريحة هكذا كما اورد ذكرها ابن الظرب‪ ,‬وهذا ان دل عل شيء‬
‫فإنما يدل على قوة شمران وسطوتها ناهيك عن اخوانها الجنبيين والمذحجيين‪ ,‬ولكن‬
‫في نهايات القرن الثالث الهجري وبدايات القرن الرابع الهجري توسعت شمران في‬
‫نفوذها الى الحجاز اعالي السراة‪ ,‬ونجد في تبالة وبيشة‪ ,‬وكان قبلها هاهناك شهران‬
‫واكلب وناهس فتحالفت مع تلك القبائل تحت اسم الحلف التاريخي الشهير خثعم حيث‬
‫قاموا بنحر جمل ثم خثعموا ايديهم بدم البعير‪ ,‬أي لطّخوا ايديهم وتصافحوا على ان‬
‫يكونوا يدا واحدة‪ ,‬ذاك مايسمى التحالف والحلف وبسبب هذا الحلف وقع الكثير من‬
‫النسابة في اخطاء ولكن بقية شمران صريحة ونقية النسب عند اوثق النسابة في جنب‬
‫ثم في مذحج‪ ,‬ولكن بقي الخلف في القبائل الباقية وقد استطاعت شمران ان تفرض‬
‫نفسها في هذه الديار الجديدة‪ ,‬الى ان اصبح يظن الناس وبعض النسابة ان ناهس‬
‫واجزاءا من شهران هم من شمران وذالك لشهرتها ولصيتها الذائع‪.‬‬
‫ويعتبر اسم الحلف تاريخا وفخرا لهذه القبائل الربعة (شمران واكلب وشهران‬
‫وناهس ) وليس نسبا او جدا‪ ,‬آثرت كل قبيلة ان تستقل باسمها ونسبها الول القديم‪,‬‬
‫فمنها شمران وهم ابناء يزيد بن جنب بن مذحج‪ ,‬وكذالك شهران وهم ابناء انمار‪,‬‬
‫وكذالك اكلب وهم ابناء ربيعة التغلبية على ارجح القوال‪ ,‬وناهس ابناء انمار وهم الن‬
‫في شهران وبقي قليل من ناهس تحت اسم خثعم الحلف‪ ,‬وهم خثعم السيل وتفرعت‬
‫بطون من ناهس او خثعم السيل حاليا‪ ,‬واصبحت لها ايضا استقللية كاملة مثل عليان‬
‫والعوامر‪ ,‬وقد اختلف في عدنانية او قحطانية شهران واكلب (وناهس هم خثعم وعليان‬
‫والعوامر اليوم)‪.‬‬
‫اذن لقد مرت شمران عبر مراحل عدة استطاعت فيها ان تذروا سنائم المجد والعل‪.‬‬
‫ففي الجاهلية كانت مذحج تعابرها من ابناء عمومتها وأنها بطن من بطونها الفتّاكة كما‬

‫ذكرها ابن الظرب ومن ثم بجنب ومن ثم بخثعم الحلف‪.‬‬

‫توحد قبائل سبأ وحمير‪:‬‬

‫شمّر يهرعش بن ياسر يهنعم‪300،‬م و هو الملك‬ ‫أثناء حكم الملك شمر يهرعش هو َ‬
‫الذي تنسب إليه الخبار كثيرا من البطولت والمجاد‪ ،‬بل هو من أبرز الشخصيات‬
‫الملحمية في قصص أهل اليمن‪ ،‬وقد استطاع هذا الملك أن يوحد الكيانين السياسيين‬
‫الباقيين وهما سبأ وحمير في في كيان واحد‪ ،‬وأقام حكما مركزيا قويا وحمل لقب ملك‬
‫سبأ وذي ريدان وحضرموت ويمانة وانتهت مأرب كعاصمة للبلد وحلت محلها ظفار‪،‬‬
‫وقد عرفت هذه الفترة التي تبدأ بتوحيد المناطق اليمنية في وطن واحد وسلطة واحدة‬
‫مركزية عاصمتها ظفاربفترة حمير‪ ،‬وهي الفترة التي بقيت ذكراها عالقة في أذهان‬
‫الناس ‪ ،‬وتناقل الرواة أخبارها قبل السلم أكثر من أية فترة سابقة في تاريخ اليمن‬
‫القديم‪.‬‬
‫البجدية السبأية‬

‫كتابة سبأية‪.‬‬

‫ترجمة النص ‪:‬‬


‫نعش | وقبر | أخيه‬
‫ن | بن | هن عبد | بن | ع‬
‫الحرف الول غير واضح وهو واحد من أربع إحتمالت ‪:‬‬
‫“و” أو” ت” أو “ص” أو “ز” وعلى الغلب فهي “و”‬
‫ثم ‪ :‬ني | ضغا | شعدغا‬

‫” ‪Ammî'amar son of Ma'dîkarib dedicated to Almaqah‬‬


‫‪Ra'suhumû. With 'Athtar, with Almaqah, with dhât-‬‬
‫‪Himyam, with dhât-Ba'dân, with Waddum, with Karib'îl,‬‬
‫‪with Sumhu'alî, with 'Ammîrayam and with Yadhrahmalik‬‬

‫إذا طبقنا الحرف السبأية على النص نجد أن الترجمة أتت من أبجدية مختلفة‬
‫عميمر بن معد كري بحق‬
‫عب عم حص غق حقم اكين‬
‫يترعبك مقح عبضط‬
‫عندعب طضبع ميمخ‬
‫عدم عبكر كعب بم‬
‫ع ميرم عب يمعه‬
‫عضرخم ك‬

‫كتابة حميرية الخط المسند ‪:‬‬

‫ويذكر نقش يمني أن عامل شَمّر يهرعش ‪300‬م في صعدة ريمان ذو حزفر اشترك في‬
‫عدة حملت وجهها هذا الملك شمال‪ ،‬ثم استمر غازيا‪ ،‬أو في سرية حتى بلغ أرض‬
‫تنوخ‪ ،‬وتنوخ هو اتحاد القبائل العربية الذي كان أساس ما عرف بعد ذلك بدولة‬
‫اللخميين في الحيرة‪ ،‬ويبدو أن امرؤ القيس بن عمرو من مؤسسي تلك الدولة – كان‬
‫ممن وقف في سبيل تلك الحملة اليمنية‪ ،‬ويذكر نقش النمارة الذي عثر عليه على قبر‬
‫امرئ القيس أنه قام بحملت عسكرية باتجاه جنوب الجزيرة بلغت نجران مدينة شمر ‪،‬‬
‫ويشهد نقش عامل شمر يهرعش على أن كل شبه الجزيرة العربية كانت امتدادا حيويا‬
‫للدولة اليمنية حيث ل حدود إل حدود القوة والتمكن ‪ ،‬ويؤكد ذلك أيضا الحملت‬
‫العسكرية المظفرة التي شنها خلفاء شمر يهرعش في منتصف القرن الرابع الميلدي‬
‫في نجد والبحرين على الساحل الغربي للخليج العربي‪.‬‬
‫نقش النمارة ‪:‬‬

‫يقال أنه مكتوب بالحرف النبطية‪ ,‬ولكن إذا دققنا وقارنا الحرف النبطية مع النقش‬
‫لوجدنا أن النقش نبطي ولكن بشكل موصل تماماً كما يكتب الخط الشوري‪ ,‬والذي هو‬
‫بداية ولدة الخط العربي الغساني مع بعض الختلفات ‪:‬‬
‫كإختلف حرف الهاء‪ ,‬والشين وغياب حرف الصاد‪ ,‬والطاء والضاد والثاء وتشابه‬
‫حرفي الراء والدال‪ ,‬وزيادة الهمزة‪ ,‬حيث أن عرب مكة لم يستعملوا الهمزة في كتاباتهم‬
‫غير أن الغساسنة كانوا يستخدمونها كما نرى من نقش النمارة هذا‪.‬‬

‫ترجمة النص الحرفية ‪:‬‬


‫النص‪:‬‬
‫( ‪ )1‬تي نفس مر القيس بر عمرو ملك العرب يله ذو أسر التج‬
‫( ‪ )2‬وملك الشرين ونزرو وملوكهم وهرب محجوعكدي وجأ‬
‫( ‪ )3‬يزجي في حبج نجرن مدينة شمرو ملك معدو ونبل بنيه‬
‫( ‪ )4‬الشعوب ووكلهم فرس ولروم فلم يبلغ ملك مبلغه‬
‫( ‪ )5‬عكدي هلك سنت ‪ 223‬يوم ‪ 7‬بكسلول بلشعر زو ونرا‬

‫ملحظة إن عام ‪ 223‬بتقويم بصرى الموافق لـ ‪328‬م‬

‫تنوخ ‪:‬‬

‫إن تنوخ هي الوحدة الولى لقبائل العرب في العصر الجاهلي‪:‬‬

‫ورد ذكر تنوخ في النصوص السبئية والحميَرية وفي الكتابات الحسائية وفي‬
‫كتب بطليموس‪ .‬حيث تشكلت قبيلة تنوخ من اتحاد قبلي شمل أكبر القبائل العربية‪،‬‬
‫ضمت‪:‬الزد‪،‬قضاعة‪ ،‬وقبيص‪ ،‬وإياد‪ ،‬وتميم‪ ،‬والعماليق‪ .‬واتفق زعماء هذه القبائل على‬
‫تمليك زعيمهم مالك بن فهم الدوسي الزدي والمناداة به ملك ًا على المنطقة المحصورة‬
‫بين نجد غرباً والخليج العربي شرقاً وحدود عُمان جنوباً‪ ،‬وحدود البصرة شمالً‪ ،‬وقد‬
‫سميت هذه المنطقة الجغرافية الشاسعة بالبحرين‪.‬‬

‫ومن تاريخ المناطق الشمالية التابعة للفرس نورد لكم نبغة تاريخية عن أراضيها‬
‫وسكانها الصليون حيث يعتبر وادي الرافدين في المنظار الضيق‪ ،‬هو الرض‬
‫المحصورة بين نهري دجلة والفرات‪ ،‬شمالي أو شمالي غرب التخصر الواقع عند‬
‫بغداد‪ ،‬في العراق الحديث‪ ،‬والمسماة الجزيرة‪ .‬وجنوبي هذه المنطقة الممتدة من الخليج‬
‫العربي من الجنوب الشرقي الى قمم جبال طوروس في الشمال الغربي وتحدها جبال‬
‫زاغروس من الشمال الشرقي والهضبة العربية من الجنوب الغربي‪.‬‬
‫ان التفوق التراثي للقسم الشمالي لبلد مابين النهرين والذي استمر لغاية حوالي‬
‫‪ 4000‬ق‪.‬م‪ ،‬كان قد سبقه سكان الجنوب عندما استجاب السكان هناك الى التحدي الذي‬
‫يفرضه الموقف عليهم‪.‬‬
‫من النادر ان تتوسع المبراطوريات على مساحات واسعة تؤمن لنفسها واردات وذلك‬
‫بسلب او اخضاع المناطق المجاورة‪.‬‬
‫ان المادة الخام التي اختصت بها حضارة بلد مابين النهرين هي الطين‪ ,‬من خلل‬
‫المعالم المعمارية المبنية من اللبن ومن اعداد وانواع التماثيل الصغيرة وابداعات‬
‫الفخاريات‪ ،‬تحمل حضارة بلد مابين النهرين الطابع الطيني كما ل تحمله حضارة‬
‫اخرى‪ ،‬ول يوجد مكان آخر في العالم عدا بلد مابين النهرين‪ ،‬والمناطق الذي بسطت‬
‫نفوذها عليها‪ ،‬استخدم فيها الطين كواسطة للكتابة‪ .‬ان مصطلحات مثل " الحضارة‬
‫المسمارية"‪ "،‬الدب المسماري" ‪ ،‬و "القانون المسماري" ل يمكن ان تنطبق ال اناس‬
‫يمتلكون فكرة استخدام الطين الطري ل لصنع اللبن والجرار والتي كانت تختم لبيان‬
‫ملكيتها فحسب ولكن ايضا كواسطة لوضع علمات تدل على معان – انجازات ذكية ادت‬
‫الى اختراع الكتابة‪.‬‬

‫الكتابة المسمارية‬
‫امتلكت بلد مابين النهرين العديد من اللغات والحضارات؛ تاريخها مجزء الى عدة‬
‫فترات وعصور؛ ليس فيها وحدة جغرافية حقيقية‪ ،‬وفوق كل شئ ل توجد عاصمة‬
‫دائمة‪ ،‬فهي باختلفاتها تبرز متميزة عن باقي الحضارات ذات السياق الواحد‪.‬‬
‫تشكل النصوص والهياكل عامل توحيد‪ ،‬ولكن حتى في هذه تظهر بلد مابين النهرين‬
‫ميل الى التعددية والتنوع‪ ,‬جرى تصفح العديد من الوثائق المكتوبة والعديد منها غالبا‬
‫من نص واحد فقط‪ .‬احتوت الهياكل على اكثر من ‪ 1000‬معبود‪ ،‬حتى انه قد انطبق‬
‫العديد من السماء المقدسة على قائمة اسماء مختلفة لله واحد‪ .‬ولقد أثرت كل حقبة‬
‫من الزمن على الحقبات التي تتالت على هذه الرقعة الجغرافية فممكن أن نعتبر أن‬
‫الحضارة السومرية التقليدية قد اثرت بالحضارة الكدية‪ ،‬وامبراطورية اور الثالثة‪،‬‬
‫والتي مثلت بذاتها مركبا سومريا اكديا‪ ،‬والذي ظهر نفوذه في الربع الول من اللفية‬
‫الثانية قبل الميلد‪.‬‬

‫يدين عالم الرياضيات والفلك بالكثير الى البابليين – مثل‪ ،‬ان النظام الستيني لحساب‬
‫الوقت والزوايا والذي ل يزال عمليا بسبب قابلية القسمة للرقم ‪ 60‬؛ ان يوم الغريق‬
‫المؤلف من ضعف ‪ 12‬ساعة؛ والبراج الفلكية واشاراتها‪ .‬وعلى اية حال ففي الكثير‬
‫من الحالت تبقى الصول ووسائل اقتباس غامضة‪ ،‬كما هي الحال في مشكلة بقاء‬
‫النظرية القانونية لبلد مابين النهرين‪.‬‬

‫يمكن التعبير عن مآثر الحضارة نفسها بذكر افضل نقاطها – الخلقية‪ ،‬والجمالية‪،‬‬
‫والعلمية‪ ،‬و اخيرا وليس آخرا الدبية‪ .‬ان النظرية القانونية ازدهرت وكانت متميزة في‬
‫البداية‪ ،‬والتي عبر عنها بعدة مجموعات من القرارات القانونية‪ ،‬والتي سميت بشرائع‬
‫والتي كانت افضلها شريعة حمورابي‪ .‬وخلل كل هذه الشرائع يتكرر اهتمام الحاكم‬
‫بالضعيف والرملة واليتيم – حتى وان بدت النصوص احيانا وللسف تكرار ادبي‪.‬‬
‫ذكرت بلد ما بين النهرين في العهد القديم ماعدا بناء برج بابل في قرائن تاريخية حيث‬
‫غير ملوك آشور وبابل مجريات الحداث في فلسطين‪ :‬وخاصة تيكلث بليصر الثالث‬
‫وسنحاريب بسياستهما التهجيرية والسبي البابلي الذي قام به نبوخذنصر الثاني‪ .‬ومن‬
‫الغريق‪ ،‬هيرودوتس الهاليكارنيسوس (القرن الخامس ق م في عصر خرخس الول و‬
‫ارتاخرخس الول) كان اول من ذكر عن " بابل والباقي من آشور" في ذلك التاريخ‬
‫كانت المبراطورية الشورية قد اندحرت منذ مايزيد عن ‪ 100‬عام‪ .‬لقد ساهم‬
‫"خينوفون" في الحملة ( خلل ‪ 399 – 401‬ق م ) ضمن المرتزقة الغريق الذين‬
‫عبرو بلد الناضول وشقوا طريقهم على طول الفرات الى منطقة بغداد‪ ،‬وعادوا صعودا‬
‫باتجاه دجلة بعد معركة "كوناكسا " المشهورة‪ .‬في هذه الرواية يصف "خينوفون"‬
‫الصراع الخير بين سيروس الثاني والمبراطورية البابلية الجديدة‪ .‬في النهاية تبنى‬
‫الغريق جميع اشكال القصص البديعة عن الملك نينوس والملكة سميراميس والملك‬
‫ساردانوبولوص‪ .‬توصف هذه القصص عموما في العمال التاريخية ل داريوس‬
‫سيسوليوس ( القرن الول ق م ) والذي وضعها في تقرير اطباء الغريق ستيسياس (‬
‫‪ 359 – 405‬ق م) ‪.‬‬
‫راى هيرودوتس بابل بام عينه واعطى خينوفون درجا لرحلته ومعاركه‪ .‬كتب جميع‬
‫المؤرخين اللحقين بدرجة ثانية او ثالثة ماعدا بيروسوس ( ‪ 340‬ق م) والذي هاجر‬
‫بعصر متطور الى جزيرة كوس في بحر ايجة حيث قيل انه الف ثلثة كتب عن بابل‪.‬‬
‫وللسف لم ينج منها عدا مقاطع اعدها احد متعددي الثقافة الذين عايشو السكندر‬
‫( القرن الول ق م) والذي بدوره عمل كمصدر لب الكنيسة يوسيبيوس ( ‪ 342‬م)‪.‬‬
‫وتطورت بعد ذلك جهود حل رموز الخط المسماري تدريجيا لتصبح فرعا من دراسة‬
‫اللغات الشرقية القديمة‪ ،‬كانت قائمة ملوك السومريين على مر الزمان مركزا للهتمام‪.‬‬
‫ان هذا هو انشاء ادبي‪ ،‬يعود الى ايام بابل الولى والذي يصف الملوكية ( نام لوكال‬
‫بالسومرية) في بلد مابين النهرين من العصور البدائية الى نهاية سللة إيسن الولى‪.‬‬
‫وحسب النظرية – او الفكرة – لهذا العمل‪ ،‬كان هناك رسميا ملوكية واحدة في بلد‬
‫مابين النهرين‪ ،‬والتي كانت منوطة بمدينة معينة واحدة في زمن معين؛ وعليه فان تغير‬
‫السللت قد جلب معه تغيرا في كرسي الملكية‪:‬‬

‫كيش –اوروك – اور – اوان – كيش – همازي – اوروك – اور – اداب – ماري –‬
‫كيش – اكشاك – كيش – اوروك‪ -‬اكد – اوروك – غوتيانس – اوروك – اور – إيسن‪.‬‬

‫ان قائمة الملوك تعطينا حسب تسلسلها عدة سللت والتي تعرف اليوم بانها حكمت في‬
‫وقت واحد‪ .‬انها وسيلة مفيدة للتواتر الزمني والتاريخ‪ ،‬ولكن اما بالنسبة لسنوات حكم‬
‫ملك معين‪ ،‬فانها تفقد قيمتها بالنسبة للزمن الذي يسبق سلللة اكد‪ ،‬حيث ان هنا تكون‬
‫المدة التي حكم بها كل ملك او حاكم اكثر من ‪ 100‬سنة واحيانا عدة مئات من السنين‪.‬‬
‫اعتمدت مجموعة واحدة من قوائم الملوك قصة الطوفان التقليدية السومرية‪ ،‬والتي‬
‫استنادا لها فان كيش كان المقعد الملكي الول بعد الطوفان‪ ،‬في حين ان خمس سللت‬
‫للملوك البدائيين حكموا قبل الطوفان في اريدو‪ ،‬باد‪-‬تبيرا‪ ،‬لراك‪ ،‬سيبار ‪ ،‬و شروباك‪.‬‬

‫الساسانيين ‪:‬‬
‫كانت بلد مابين النهرين عند نهاية المبراطورية الخمينية مقسمة الى ولية بابل في‬
‫الجنوب‪ ،‬في حين ان القسم الشمالي من بلد مابين النهرين ضم الى سوريا ضمن ولية‬
‫اخرى‪ .‬ل يعرف كم استمر هذا التقسيم‪ ،‬ولكن عند وفاة السكندر الكبير في ‪ 323‬ق م ‪،‬‬
‫سلخ شمال مابين النهرين من ولية سوريا واصبح ولية منفصلة‪.‬‬
‫عانت بلد مابين النهرين من الحروب التي خاضها خلئف السكندرالكبير من خلل‬
‫عبور تلك الجيوش وعمليات السلب التي اقترفوها‪ .‬وعندما قسمت امبراطورية‬
‫السكندر في ‪ 321‬ق م ‪ ،‬استلم احد قادته سلجوق ( وعرف فيما بعد بسلجوق الول‬
‫نيكاتور) حكم ولية بابل ‪ .‬وعلى اية حال فمنذ حوالي ‪ 312‬ق م استولى انتيكونس‬
‫الول مونوفثالموس (اي العور) على حكم الولية كحاكم لكل بلد مابين النهرين‪،‬‬
‫وهزم سلجوق وقبل اللجوء في مصر‪ .‬وبمساعدة البطالمة المصريين تمكن من دخول‬
‫بابل في ‪ 312‬ق م ( حسب اعتقاد البابليين في ‪ ) 311‬وتمكن من الثبات بها لفترة‬
‫قصيرة تجاه جيوش انتيكونس قبل التجاه شرقا حيث اسس حكمه‪ .‬ل يعرف بالتاكيد‬
‫متى عاد الى بابل واعاد ملكه هناك؛ قد يكون في ‪ ، 308‬ولكن في ‪ 305‬اطلق على‬
‫نفسه لقب ملك‪ .‬باندحار وموت انتيكونس في معركة ايبسوس في ‪ 301‬اصبح لسلجوق‬
‫امبراطورية كبيرة تمتد من افغانستان الحالية الى البحر المتوسط‪ .‬واسس العديد من‬
‫المدن اهمها مدينة سلجوقيا على دجلة ومدينة انطاكية على نهر ارونتس في سورية‪.‬‬
‫سميت المدينة الخيرة على اسم ابيه او ابنه فكلهما يحمل اسم انطيوخوس‪ ،‬واصبحت‬
‫انطاكية العاصمة الرئيسة في حين اصبحت سلجوقية العاصمة للمقاطعات الشرقية‪.‬‬
‫ل يعرف تاريخ تاسيس هاتين المدينتين ولكن من المفترض ان سلجوق اسس سلجوقية‬
‫بعد ان اصبح ملكا‪ ،‬ولكن انطاكية تاسست بعد دحره لجيش انتيكونس‪.‬‬
‫نادرا مايذكر اسم بلد مابين النهرين في المصادر الغريقية فيما يخص السلجقة‪ ،‬لن‬
‫حكام السلجقة كانوا مشغولين مع اليونان والناضول وبحروب مع بطليموس مصر في‬
‫فلسطين وسورية‪ .‬حتى ان التقسيم السياسي لبلد مابين النهرين ليس محددا خاصة‬
‫وان كل من السكندر وسلجوق وابنه اطيوخوس الول سوتر اسسوا مدنا كانت مستقلة‬
‫مثل "بولس" الغريقية‪ .‬ان تقسيم الرض سياسيا الى ‪ 19‬او ‪ 20‬ولية‪ ،‬والذي وجد‬
‫اخيرا تحت حكم البارثيين‪ ،‬بدأ اساسا تحت حكم السلجقة‪ .‬ولكن يمكن تقسيم بلد مابين‬
‫النهرين جغرافيا‪ ،‬الى اربعة مناطق‪ :‬كراسين ( وتدعى ايضا ميسين‪ ،‬في الجنوب؛ وبابل‬
‫والتي سميت بعدئذ اسورستان‪ ،‬في الوسط؛ وشمال مابين النهرين‪ ،‬حيث كانت هناك‬
‫فيما بعد سلسلة من الوليات الصغيرة مثل كوردين‪ ،‬اوسرون‪ ،‬اديابين‪ ،‬وكراميه‪،‬‬
‫واخيرا مناطق الصحاري في شمال الفرات‪ ،‬والتي اطلق عليها في عهد الساسانيين‬
‫عربستان‪.‬لهذه المناطق الربعة سجلت تاريخية مختلفة الى غاية الحكم العربي في‬
‫القرن السابع‪ ،‬بالرغم من ان جميعها كانت تابعة للسلجقة اول ثم البارثيين‬
‫والساسانيين‪ .‬كانت قسم من هذه المناطق مستقلة تماما نظريا وعمليا‪ ،‬ولبعض الوقت‪،‬‬
‫في الوقت الذي تباينت العلقة بين بعض المدن مع الحكومة القليمية وكذلك الحكومة‬
‫المركزية‪ .‬عرف من خلل الكتابات المسمارية ان الحكومات في بلد مابين النهرين قد‬
‫مارست طقوس الديانات التقليدية اضافة الى التقاليد الخرى‪ ،‬كانت هناك بعض المراكز‬
‫الغريقية مثل سلجوقية وجزيرة ايكاروس ( جزيرة فيلكه الحالية) حيث كانت تمارس‬
‫تقاليد المدن الغريقية‪ .‬اما المدن الخرى فكان فيها القليل من الموظفين الغريق او‬
‫المعسكرات ولكنها استمرت بممارساتها السابقة‪.‬‬

‫العملة الساسانية ‪ 300‬ق م‬

‫الكتابة الساسانية‬

‫الساسيانيون في عصر الدعوات المسيحية ‪:‬‬


‫يضع العهد الساساني نهاية للعهد القديم وبداية للعهد القطاعي في تاريخ الشرق‬
‫الوسط‪ .‬الديان السماوية كالمسيحية والثنوية (الصراع بين النور والظلم) وحتى‬
‫الزرادشتية واليهودية حيث أنهم امتصوا الديانات والعبادات المحلية في بداية القرن‬
‫الثالث‪ ,‬حيث رأت كل من المبراطورية الساسانية والرومانية باتخاذ دين رسمي للدولة‪،‬‬
‫الزرادشتية للولى والمسيحية للخيرة‪ .‬اما في بلد مابين النهرين فان العبادات القديمة‬
‫مثل المندائية (الصابئية) عبادة القمرللحرانيين وعبادات اخرى قد استمرت جنبا الى‬
‫جنب الديان العظيمة‪ .‬لم يكن الحكام الساسانيون الجدد بنضج السلجوقيين والبارثيين‬
‫فظهر لديهم الضطهاد‪.‬‬

‫كتابة ساسانية على صليب الكنيسة‪.‬‬

‫النخرط العربي الفارسي بعد سقوط سد مأرب‪:‬‬


‫نلحظ أن سقوط سد مأرب وهجرة القبائل العربية إلى الشمال والشرق والغرب جلب‬
‫معه شعوباً جديدة لها أساليبها الخاصة بها فأثرت وتأثرت بما كان على مسرح الواقع‬
‫آن ذاك ففي ‪86‬م استطاع مالك بن فهم الدوسي الزدي إجلء الفرس عن عمان‬
‫وأصبح ملكاً لعمان واتخذ من مدينة قلهات عاصمه لملكه وقد حكم عمان أكثر من ‪70‬‬
‫سنة‪ ،‬وإمتد سلطان مالك في عمان حتى ضم إليها البحرين وأطراف العراق‪.‬‬

‫بعد وفاة جذيمة البرش تولى عمرو بن عدي أمور تنظيم الحكم‪ ،‬وحكم العراق وإقليم‬
‫البحرين نحو عشرين سنة خلل هذا الفترة حدثت حروب مع عدد من الممالك المحاذية‪،‬‬
‫بعد قيام دولة الساسانيين في إيران وبعد غزو الساسانيين للعراق اضطر عمرو بن‬
‫عدي للعتراف بسيادتهم‪.‬‬

‫عمرو بن عدي بن نصر بن ربيعة بن الحارث بن مسعود بن مالك بن غنم بن نمارة بن‬
‫لخم ( ‪ )288 -268‬أول ملك في سللة ملوك الحيرة‪ ,‬انتقل إليه الحكم بعد وفاة خاله‬
‫جذيمة البرش الذي كان له الفضل في تنظيم أمور الحكم حيث أنه حكم عدة مناطق في‬
‫العراق‪ .‬المعروف أن عمرو بن عدي هو ملك من بني لخم ولكن بعض الخباريين يرجع‬
‫أصله إلى الساطرون ملك الحضر‪ ,‬ويرى بعض الباحثين أنه رابع ملك من أسرة كانت‬
‫تحكم حران ثم انتقلت عاصمتهم للحيرة‪ .‬وصف الطبري عمرو بن عدي بأنه «أول من‬
‫اتخذ الحيرة منزلً من ملوك العرب‪ ،‬وأول من مجده أهل الحيرة في كتبهم من ملوك‬
‫العرب بالعراق‪ ،‬واليه ينسبون‪ ،‬وهم ملوك آل نصر‪ ،‬فلم يزل عمرو بن عدي ملكاً حتى‬
‫مات ‪ ...‬وكان منفرداً بملكه‪ ،‬مستبداً بامره‪ ،‬يغزو المغازي ويصيب الغنائم‪ ،‬وتفد عليه‬
‫الوفود دهره الطول‪ ،‬ل يدين لملوك الطوائف بالعراق‪ ،‬ول يدينون له‪ ،‬حتى قسم‬
‫أردشير بن بابك في أهل فارس»‪ .‬أي انه كان مستقل بحكمه قبل غزو الساسانيين‬
‫للعراق ولكن بعد قيام دولة الساسانيين اضطر عمرو للعتراف بسيادتهم‪ ,‬ونجد اسمه‬
‫في نقش "نرسي" ضمن قائمة الملوك الذين اعترفوا بسلطان الساسانيين عليهم‪.‬‬
‫جذيمة البرش هو جذيمة بن مالك بن فهم بن غنم بن دوس بن عدثان بن عبدال بن‬
‫زهران الزدي ‪،‬الملك المشهور وأصله من زهران أحد القبائل الزدية‪ ،‬وكان ثالث ملوك‬
‫تنوخ وأول ملك بالحيرة‪ ،‬وأول من حذا النعال‪ ،‬وأدلج من الملوك وصنع له الشمع‪،‬‬
‫وكان شاعراً‪ ،‬وقيل له البرص والوضاح لبرص كان به ‪ ،‬ويعظم أن يسمى بذلك فجعل‬
‫مكانه البرش‪.‬‬
‫كان جذيمة بن مالك ملكًا على الحيرة والبحرين وعلى ما حولها من السواد ملك خمساً‬
‫وسبعين سنة‪.‬‬
‫وكذلك ذكر في النقوش الثرية مثل نص أم الجمال الذي كتب بخط نبطي وفيه النص‬
‫التالي‪" :‬جذيمة ملك تنوخ"‪.‬‬

‫نقش أم الجمال‪.‬‬
‫ويخالط الغموض قصة الحلف التنوخي‪ ،‬وقيام الممالك العربية في سوريا والعراق‪ ،‬أل‬
‫ان مؤرخي العرب كافة أتفقوا على أن القبائل العربية بعد ان تحالفوا باسم تنوخ‬
‫وأسسوا إقليم البحرين تطلعوا إلى العراق ودخلوه‪ ،‬وكان أول ملك عربي منهم هناك هو‬
‫مالك بن فهم‪ ،‬وتولى الحكم بعده أخوه عمر بن فهم‪ ،‬فلما مات عمر تولى الملك جذيمة‬
‫البرش‪.‬‬
‫في أيام جذيمة كان قد ملك الجزيرة وأعالي الفرات ومشارق الشام رجل من العماليق‬
‫يقال له عمرو بن الضرب بن حسان العمليقي وجرى بينه وبين جذيمة حروب فانتصر‬
‫جذيمة عليه وقتلة‪.‬‬
‫وكان لعمرو بنت تدعى الزباء واسمها نائلة فملكت بعده وبنت على الفرات مدينتين‬
‫متقابلتين وأخذت في الحيلة على جذيمة فأطمعته بنفسها حتى اغتر وقدم إليها فقتلته‬
‫واخذت بثأر أبيها‪.‬‬

‫ملكة تدمر بالميرا‪.‬‬


‫الكتابة الرامية في تدمر بالميرا‪.‬‬

‫‪.‬العملة المتداولة في تدمر‬

‫‪ :‬المناذرة‬
‫النعمان بن امرؤ القيس بن عمرو من أشهر حكام المناذرة حكم في الفترة (‪-403‬‬
‫‪431‬م) ‪ ,‬ويلقب بالنعمان العور و النعمان السائح‪ ,‬وهو باني الخورنق‪ ,‬وفي عهده‬
‫ازدهرت الحيرة ازدهارا كبيرا لم تشهد مثيله بل واقترن اسمه بالحيرة فعرفت عند‬
‫بعض المؤرخين بحيرة النعمان‪ ,‬وقد وكل الملك الفارسي الساساني يزدجر الول له‬
‫رعاية أبنه بهرام الخامس فرباه منذ صغره ثم ساعده النعمان بعد ذلك على تولي‬
‫العرش بعد محاولة بعض النبلء اقصاء بهرام‪ ,‬كان يؤمن بحرية الدين فكان متسامحا‬
‫‪.‬مع المسيحيين حتى أنه صهر تمثال عشتار الذهبي ووزعه على فقراءهم‬

‫خلفه إبنه المنذر بن النعمان بن امرئ القيس سابع ملوك الحيرة‪ .‬أمه هي هند بنت زيد‬
‫مناة بن زيد ال بن عمرو الغساني‪ .‬وبلغت الحيرة بعهده مبلغا عظيما وصار لها اسم‬
‫في التاريخ‪ ,‬فقد أجبر كهنة الفرس على تتويج بهرام جور الذي رباه أبوه النعمان على‬
‫حساب مدع قوي آخر للعرش الفارسي‪ ,‬وقد شارك في الحروب اتي قامت بين الفرس‬
‫والروم‪ ,‬التي كان سببها اضطهاد المسيحيين في بلد الفرس‪ ,‬فقد حاصر الروم نصيبين‬
‫فأسرع بهرام لنقاذها ومعه المنذر واشترك في المعارك‪ ,‬كما اتجه للستيلء على‬
‫أنطاكية إل انه لم يحقق في ذلك نصرا‪ ,‬وانتهت المور بعقد الصلح بين الفرس والروم‬

‫النعمان بن المنذر بن المنذر بن امرؤ القيس اللخمي الملقب بأبو قابوس (‪-582‬‬
‫‪610‬م) تقلد الحكم بعد أبيه وهو من أشهر ملوك المناذرة في عصر ما قبل السلم‪ ,‬كان‬
‫‪.‬داهية مقداماً‪ .‬وهو ممدوح النابغة الظبياني وحسان بن ثابت وحاتم الطائي‬
‫وهو باني مدينة النعمانية على ضفة دجلة اليمنى‪ ,‬وصاحب يوم البؤس والنعيم‪ ,‬وقاتل‬
‫عبيد بن البرص الشاعر‪ ,‬في يوم بؤسة‪ ,‬وقاتل عدي بن زيد وغازي قرقيسيا ( بين‬
‫‪(.‬الخابور والفرات‬
‫وفي الصحاح الجوهري ‪ :‬قال أبو عبيدة ‪“ :‬إن العرب كانت تسمى ملوك الحيرة – أي‬
‫كل من ملكها – (النعمان) لنه كان آخرهم” كان الرش أحمر الشعر‪ ,‬قصيراً وكانت أمه‬
‫‪.‬يهودية من خيبر‬

‫‪ :‬مقتله‬
‫قد نال ملك الحيرة إرثاً عن أبيه سنة ‪582‬م واستمر في الحكم حتى نقم عليه كسرى‪,‬‬
‫فطلب منه أن يزوجه ابنته فرفض النعمان فما كان من كسرى إل أن عزل النعمان ونفاه‬
‫إلى خانقين‪ ,‬فسجن فيها إلى أن مات‪ .‬وقيل ‪ :‬ألقاه تحت أرجل الفيلة فوطئته‪ ,‬فهلك‬
‫وكانت هذه الحادثة هي الشرارة التي أدت لشتعال الحرب بين العرب والفرس في‬
‫‪.‬معركة ذي قار‪ .‬والذي انتصر فيها العرب انتصاراً كبيراً‬

‫يوم ذي قار هو يوم من أيام العرب في الجاهلية‪ ،‬وقع فيه القتال بين العرب والفرس‬
‫في العراق وانتصر فيه العرب‪.‬‬
‫كان من أعظم أيام العرب وأبلغها في توهين أمر العاجم وهو يوم لبنى شيبان من بكر‬
‫بن وائل‪ ,‬وقبيلة عنزة بن ربيعه أبناء عمهم وهو أول يوم انتصرت فيه العرب على‬
‫العجم وخبره كالتالي ‪:‬‬
‫ذكر كسرى بن هرمز يوماً الجمال العربي وكان في مجلسه رجل عربي يقال له‪ :‬زيد بن‬
‫عدي وكان النعمان قد غدر بأبيه وحبسه ثم قتله فقال له‪ :‬أيها الملك العزيز إن النعمان‬
‫بن المنذر عنده من بناته وأخواته وبنات عمه وأهله أكثر من عشرين امرأة على هذه‬
‫الصفة‪.‬‬
‫وأرسل كسرى زيداً هذا إلى النعمان ومعه مرافق لهذه المهمة‪ ،‬فلما دخل على النعمان‬
‫قال له‪ :‬إن كسرى أراد لنفسه ولبعض أولده نساءاً من العرب فأراد كرامتك وهذه هي‬
‫الصفات التي يشترطها في الزوجات‪ .‬فقال له النعمان‪ :‬أما في مها السواد وعين فارس‬
‫ما يبلغ به كسرى حاجته ؟ يا زيد سلّم على كسرى وقل له‪ :‬إن النعمان لم يجد فيمن‬
‫يعرفهن هذه الصفات وبلغه عذري‪ .‬ووصل زيد إلى كسرى فأوغر صدره وقال له‪ :‬إن‬
‫النعمان يقول لك ستجد في بقر العراق من يكفينك‪.‬‬
‫فطار صواب كسرى وسكت لكي يأمن النعمان بوائقه‪ ،‬ثم أرسل إلى النعمان يستقدمه‪،‬‬
‫فعرف النعمان أنه مقتول ل محالة فحمل أسلحته وذهب إلى بادية بني شيبان حيث لجأ‬
‫إلى سيدهم هانئ بن مسعود الشيباني وأودع عنده نسوته ودروعه وسلحه وذهب إلى‬
‫كسرى فمنعه من الدخول إليه وأهانه وأرسل إليه من ألقى القبض عليه وبعث به إلى‬
‫سجن كان له فلم يزل به حتى وقع الطاعون هناك فمات فيه‪.‬‬
‫وأقام كسرى على الحيرة ملكاً جديداً هو إياس بن قبسصة الطائي وكلفه أن يتصل بهانئ‬
‫بن مسعود ويحضر ماعنده من نساء النعمان وسلحه وعتاده‪ ،‬فلما تلقى هانئ خطاب‬
‫كسرى رفض تسليم المانات‪ ،‬فخيره كسرى إما أن يعطي مابيده أو أن يرحل عن دياره‬
‫أو أن يحارب فاختار الحرب وبدأ يعد جيشاً من بكر بن وائل ومن بني شيبان ومن عجل‬
‫ويشكر وعنزة بن اسد بن ربيعه والنمر بن قاسط وبني ذهل‪.‬‬
‫وفي أثناء ذلك جمع كسرى نخبة من قيادات الفرس ومن قبائل العرب التي كانت موالية‬
‫له وخصوصاً قبيلة إياد ووجههم ليجتاحوا هانئاً ويحضروه صاغراً إلى كسرى‪.‬‬
‫فلما وصل جيش كسرى وحلفاؤهم من العرب أرسلت قبيلة إياد إلى هانئ‪ :‬نحن قدمنا‬
‫إلى قتالك مرغمين فهل نحضر إليك ونفرّ من جيش كسرى؟ فقال لهم‪ :‬بل قاتلوا مع‬
‫جنود كسرى واصمدوا إلينا أولً ثم انهزموا في الصحراء وإذ ذاك ننقض على جيش‬
‫كسرى ونمزقهم‪.‬‬

‫وقدم الجيش الفارسي وحلفاؤهم من إياد فوجدوا جيش هانئ قد اعتصم بصحراء ل ماء‬
‫فيها ول شجر وقد استقى هانئ لجيشه من الماء ما يكفيهم‪ ،‬فبدأ الفرس يموتون من‬
‫العطش ثم انقضوا على جيش هانئ كالصواعق وبينما هم في جحيم المعركة انهزمت‬
‫قبيلة إياد أمام هانئ وانقضت على الفرس الذين حولها فضربت فيهم ومزقتهم وقتل كل‬
‫قيادات فارس الذين أرسلهم كسرى لحضار هانئ حياً‪ ،‬فلما رجعت بعض فلول الفرس‬
‫إلى كسرى إذا هم كالفئران الغارقة في الزيت‪.‬‬
‫وكانت ساحة ذي قار أرضاً يغطي الزفت والقطران كثيراً من أرضها فلما رآهم كسرى‬
‫على ذلك الشكل قال لهم‪ :‬أين هانئ ؟ وأين قياداتكم الذين ل يعرفون الفرار فسكتوا‬
‫فصاح بهم فقالوا‪ :‬لقد استقبلنا العرب في صحرائهم فتهنا فيها ومات جميع القادة‬
‫وخانتنا قبيلة إياد حين رأوا بني جنسهم‪ ،‬فكاد كسرى يفقد عقله ولم يمضي عليه وقت‬
‫قصير حتى مات حسرة فتولى مكانه ابنه شيروية‪.‬‬
‫وقد حدث بعض من حضر يوم ذي قار أن قبائل بكر استصحبوا من خلفهم نساءهم‬
‫وانقضوا على الجيش الفارسي فبرز أحد العلوج وطلب المبارزة فانقض عليه عربي من‬
‫بني يشكر اسمه برد بن حارث اليشكري فقتله‪ ،‬وكان هانئ قد نصب كميناً من وراء‬
‫الجيش الفارسي فانقض الكمين على الملك الجديد الذي كان كسرى عينه خلفاً للنعمان‬
‫بن المنذر‪ ،‬وفي أثناء ذلك أحس العرب روابط الخوة التي تنتظمهم فانسحب من جيش‬
‫فارس كثير من العرب الذين كانوا يعطون ولءهم لفارس من قبائل تميم وقيس عيلن‬
‫فانقضوا على الفرس الذين يلونهم بعد أن كانوا يدينون بالولء لهم‪ ،‬وعرف العرب أنهم‬
‫كانوا مخدوعين بملك رخيص كان كسرى يضحك به على بعض أذنابه منهم‪.‬‬
‫والحق أن انتصار العرب على العجم في ذي قار كان نواة لمعركة القادسية التي أعز ال‬
‫فيها قبائل العرب بنور السلم ونبوة محمد عليه الصلة والسلم‪.‬‬

‫لقد كوَن المناذرة مملكة قوية من أقوى ممالك العراق العربية قبل السلم فكانت هذه‬
‫المملكة هي امتداد للمالك العربية التي سبقتها مثل مملكة ميسان ومملكة الحضر‪ ،‬وقد‬
‫امتد سلطان مملكة المناذرة من بلد مابين النهرين ومشارف الشام شمالً حتى عمان‬
‫جنوباً متضمنة البحرين وهجر وساحل الخليج العربي‪ .‬واستمرت مملكتهم في الحيرة‬
‫من ( ‪266‬م‪633 -‬م)‪ .‬احتل الفرس تلك المملكة في مهدها فأصبحت مملكة شبه مستقلة‬
‫وتابعة للفرس مع ذلك اكملت الحيرة ازدهارها وقوتها‪ .‬وقد كان لهذه المملكة دور مهم‬
‫بين الممالك العربية فقد كان لها صلت مع الحضر وتدمر والنباط والقرشيين فكانت‬
‫اللهة في هذه المدن هي نفسها موجودة في الحيرة منها اللت والعزى وهبل‪ ،‬ومما‬
‫يؤكد ذلك الروايات الكثيرة بصلت جذيمة البرش بملكة تدمر زنوبيا مثل وعلقتهم‬
‫وعلقة ملوك الحيرة بملوك مملكة الحضر وأحيانا ينسب المؤرخون السللة الحاكمة في‬
‫مملكة المناذرة وهم بنو لخم إلى ملوك الحضر في بلد مابين النهرين‪ ,‬وكذلك نجد في‬
‫النقوش الثرية مثل نص أم الجمال الذي كتب بخط نبطي وفيه النص التالي‪:‬‬
‫"جذيمة ملك تنوخ" وهذا يدل على صلتهم الواسعة بالممالك العربية الخرى هذا سوى‬
‫الروايات الكثيرة من المؤرخين‪ ،‬وكان لمملكة المناذرة سوق من أشهر أسواق العرب‬
‫يقام في الحيرة وفي دومة الجندل يتبادل فيه التجار البضائع ومنها البضائع الفارسية‬
‫التي يجلبها تجار المناذرة وكذلك يتبادلون الدب والشعر والخطب‪ .‬أطلق ملوك المناذرة‬
‫على أنفسهم لقب "ملوك العرب" ومن المؤكد أن نقش قبر إمرؤ القيس الول المتوفى‬
‫سنة ( ‪ )288‬مكتوب عليه "هذا قبر إمرؤ القيس بن عمرو ملك العرب كلهم"‪ .‬وهذا‬
‫الحاكم له إنجازات عظيمة من تكوين أسطول بحري في البحرين هاجم مدن فارسية إلى‬
‫سيطرته على مدن تمتد من العراق حتى نجران‪.‬‬
‫وكانت كتابة شاهد قبره الذي عثر عليه حديثا هي من أقدم الكتابات بالخط العربي‬
‫الحالي المتطورة عن النبطية التيعثر عليها‪ ,‬لذلك يعتقد العلماء أن الحيرة هي مهد الخط‬
‫العربي ويؤيد هذا الرأي المؤرخ البلذري حيث ينسب الكتابة العربية إلى الحيرة‬
‫والنبار‪ .‬كانت الحيرة قاعدة عسكرية كذلك فقد ساند المنذر بن قابوس الجيش الفارسي‬
‫في حربهم ضد الرومان في معركة كالينيكوم" قرب الرهافي تركيا حاليا‪ .‬يروي إبن‬
‫قتيبة الحرب الشهيرة بين المناذرة والغساسنة في “يوم حليمة” في بصرى جنوبي‬
‫سورية هي مضرب للمثال على شهرتها (ما يوم حليمة بسر)‪.‬‬

‫وجاء في كتاب المؤرخ العربي البلذري أن الخط العربي قد تم إنشاءه من قبل ثلثة‬
‫أشخاص اجتمعوا في الحيرة فوضعوا الحرف الهجائية العربية مستبدينها من النبطية‬
‫القديمة وهذا هو نص الكتاب حيث قال ‪:‬‬
‫حدثنا عباس بن هشام بن محمد بن السائب الكلبي عن أبيه عن جده‪ ،‬وعن الشرقي بن‬
‫القطامي قال‪ :‬اجتمع ثلثة نفر من طىء ببقة وهم مرا مر بن مرة وأسلم بن سدرة‪،‬‬
‫وعامر بن جدرة فوضعوا الخط‪ ،‬وقاسوا هجاء العربية على هجاء السريانية‪ .‬فتعلمه‬
‫منهم قوم من النفار ثم تعلمه أهل الحيرة من أهل النبار‪ .‬وكان بشر بن عبد الملك أخو‬
‫أكيدر بن عبد الملك بن عبد الجن الكندي ثم السكوني صاحب دومة أتجندل يأتي الحيرة‬
‫فيقيم بها لحين‪ ،‬وكان نصرانياً‪ .‬فتعلم بشر الخط العربي من أهل الحيرة‪.‬‬
‫روي أن ابن عباس قال‪« :‬أول من كتب بالعربية ثلثة رجال من بولن‪ ،‬وهي قبيلة‬
‫سكنوا النبار‪ .‬وأنهم اجتمعوا فوضعوا حروفاً مقطعة وموصولة‪ .‬وهم مرار بن مرة‬
‫وأسلم بن سدرة وعامر بن جدرة‪ ،‬ويقال‪ :‬مروة وجدلة‪ .‬فأما مرامر فوضع الصور‪ ،‬وأما‬
‫أسلم ففصل ووصل‪ ،‬وأما عامر فوضع العجام‪ .‬وسئل أهل الحيرة‪ :‬ممن أخذتم العربي؟‬
‫فقالوا‪:‬من أهل النبار» الفهرست ص ‪7 - 6‬‬
‫قال ابو عمرو النقط عند العرب إعجام الحروف في سمتها وقد روى عن هشام الكلبي‬
‫انه قال اسلم بن خدرة اول من وضع العجام والنقط (نقط المصاحف ج‪ 1 :‬ص‪14 :‬‬

‫(حدثني عباس بن هشام بن محمد السائب الكلبي عن أبيه عن جده‪ ،‬وعن الشرقي بن‬
‫القطامي‪ .‬قال‪ :‬اجتمع ثلثة نفر من طيء ببقة‪ ،‬وهم مرامر بن مرة‪ ،‬وأسلم بن سدرة‬
‫وعامر بن جدرة‪ ،‬فوضعوا الخط‪ ،‬وقاسوا هجاء العربية على هجاء السريانية فتعلمه‬
‫منهم قوم من أهل النبار‪ ،‬ثم تعلمه أهل الحيرة من أهل النبار‪()،‬فتوح البلدان ج ‪ 1‬ص‬
‫‪)737‬‬

‫‪ -‬قيل لبي سفيان ممن أخذ أبوك الكتابة قال من ابن سدرة وأخبره أنه أخذها من‬
‫واضعها مرامر بن مرة قال وكانت لحمير كتابة تسمى المسند حروفها منفصلة غير‬
‫متصلة وكانوا يمنعون العامة من تعلمها فلما جاء السلم لم يكن بجميع اليمن من يقرأ‬
‫ويكتب قلت هذا فيه نظر فقد كان بها خلق من أحبار اليهود يكتبون بالعبراني‬
‫سير أعلم النبلء ج‪ 17 :‬ص‪319 :‬‬

‫‪-‬قال له أسلم بن سدرة وسأله ممن اقتبستها فقال من واضعها رجل يقال له مرامر بن‬
‫مروة وهو رجل من أهل النبار فاصل الكتابة في العرب من النبار وقال الهيثم بن عدي‬
‫وقد كان لحمير كتابة يسمونها المسند‪.‬‬

‫وبعد وفاة إمرؤ القيس في عام ‪338‬م بدأ الساسانيون العمليات الهجومية ثانية في‬
‫عهد شابور الثاني‪ ،‬واستمرت الحرب الولى من ‪ 337‬لغاية ‪350‬؛ وانتهت من دون‬
‫نتيجة لكون الرومان قد دافعوا عن نصيبس بنجاح‪ .‬وفي عام ‪ 359‬غزا شابور‬
‫الراضي الرومانية ثانية واحتل قلعة اميدا الرومانية بعد حصار طويل ومكلف‪.‬وفي عام‬
‫‪ 363‬تقدم المبراطور جوليان الى ضواحي المدائن‪ ،‬حيث توفى‪ ،‬ليخلفه جوفيان الذي‬
‫خسر نصيبس واراضي اخرى في الشمال الى الساسانيين‪ .‬اما الحرب التالية فاستمرت‬
‫من ‪ 502‬الى ‪ 506‬وانتهت دونما تغيير‪ .‬واندلعت الحرب ثانية في ‪ 527‬واستمرت‬
‫لغاية ‪ 531‬وحتى الجنرال البيزنطي بيليساريوس لم يكن قادرا على السيادة؛ كالمعتاد‪،‬‬
‫بقيت الحدود على حالها دون تغيير‪ .‬وفي عام ‪ 540‬غزا الملك الساساني خسرو الول‬
‫(خسرويس) سوريا وحتى استولى على انطاكيا‪ ،‬بالرغم من ان العديد من القلع خلفه‬
‫في شمال بلد مابين النهرين بقيت بايدي البيزنطيين‪ .‬وبعد قتال كر وفر‪ ،‬تم الجنوح الى‬
‫السلم في ‪ . 562‬استمرت الحرب مع المبراطورية البيزنطية لعشر سنوات اخرى‪،‬‬
‫واستمرت في عهد من خلف خسرو‪ ،‬هرمزد الرابع‪ .‬ولم يستعيد البيزنطيون اراضيهم‬
‫في شمال بلد مابين النهرين ال في ‪ 591‬حيث هبوا للمساعدة في استعادة العرش‬
‫الساساني الى خسرو الثاني الذي فر لجئا الى الراضي البيزنطية‪ .‬وبمقتل المبراطور‬
‫البيزنطي موريس في ‪ 602‬والذي كان لصالح خسرو‪ ،‬واغتصاب فوكاس للعرش‪ ،‬فقد‬
‫وجد خسرو الثاني فرصته الذهبية لتوسيع الملكية الساسانية وللثأر الى موريس‪.‬‬
‫استولت الجيوش الفارسية على كل شمال مابين النهرين وسوريا وفلسطين ومصر‬
‫وبلد الناضول‪ .‬وبحلول ‪ 615‬كانت القوات الساسانية في خالقيدونية مقابل‬
‫القسطنطينية‪ .‬وتغير الموقف تماما بمجئ المبراطور البيزنطي الجديد هرقل‪ ،‬الذي‪ ،‬قام‬
‫بحملة تحد شجاعة الى قلب اراضي العدو في ‪623‬م – ‪624‬م ‪ ،‬وهزم الساسانيين في‬
‫ميديا‪ .‬وتقدم في م ‪628 – 627‬م باتجاه المدائن ولكنه انسحب بعد ان نهب القصور‬
‫الملكية في داستاكرد شمال المدائن‪.‬‬
‫وبعد وفاة خسرو الثاني‪ ،‬كانت بلد مابين النهرين مدمرة‪ ،‬ليس من جراء القتال وحسب‬
‫بل من فيضانات دجلة والفرات‪ ،‬ومن انتشار الطاعون‪ ،‬ومن التتابع السريع للحكام‬
‫الساسانيين الذي اوجد حالة من الفوضى‪ .‬واخيرا في ‪ 632‬فرض آخر الملوك يزدجرد‬
‫الثالث النظام والستقرار‪ ،‬ولكن في السنة التالية بدأ التوسع العربي السلمي وانتهت‬
‫المبراطورية الساسانية بعد بضع سنوات من ذلك‪.‬‬

‫الغساسنة ‪:‬العرب الغساسنة‬


‫الغساسنة ملوك الشام من قبائل الزد وهم بنو عمرو بن مازن بن الزد‪ ،‬ومن الزد‬
‫الوس والخزرج أهل يثرب‪ ،‬والمسلمون منهم هم النصار‪ ،‬رضي ال عنهم‪ .،‬ومن‬
‫الزد‪ :‬خزاعة وبارق ودوس والعتيك وغافق‪ ،‬فهؤلء بطون الزد‪ .‬وغني عن الذكر‬
‫نجدة الغساسنة للوس والخزرج على اليهود وقتلهم لليهود جزاء أعتدائهم على الوس‬
‫و الخزرج فجميعهم أزد‪.‬‬
‫زيد ال‪ :‬بطن من عمرو بن مازن‪ ،‬من غسان الشام‪.‬‬
‫زيدان‪ :‬عشيرة مسيحية‪ ،‬مذهبها روم ارثوذكس ولتين‪ .‬تقيم بناحية جبل عجلون‪،‬‬
‫وتقطن قرية عنجرة‪ .‬ويقال‪ :‬إنها من بقايا الغساسنة‪.‬‬
‫وبنو جفنة‪ ،‬وخزاعة‪ ،‬فسموا به‪ .‬وقالوا‪ :‬الغساسنة ملوك الشام‪ ،‬وهم‪ :‬بنو عمرو بن‬
‫مازن ابن الزد‪.‬‬
‫يقول عمر رضا كحالة الصفحة ‪ 246 :‬فيهم‪:‬‬
‫كانت ديار غسان إذا جزت جبل عاملة‪ ،‬تريد قصد دمشق‪ ،‬من حمص‪ ،‬وما يليها‪ ،‬فهي‬
‫ديار غسان من آل جفنة‪ ،‬وكانوا عمالً للمبراطورية الرومانية البيزنطية يحمون‬
‫الحدود الشامية‪ ،‬من غارات الفرس‪ ،‬واللخميين‪ ،‬ولم يكن لهم عاصمة معينة‪ ،‬من أهم‬
‫مراكزهم‪ :‬الجولن‪ ،‬ومدينة الجابية‪ ،‬وجلق الواقعة بالقرب من دمشق‪ ،‬ومن ديارهم‬
‫محيل‪ .‬وكانت عاصمتهم الجابية‪ ،‬من قرى الجولن (بين دمشق والمزيريب) ثم امتد‬
‫سلطانهم إلى تدمر وضفة الفرات شمال‪ ،‬بعد أن حكموا عبر الردن ووادي اليرموك‬
‫جنوباً‪.‬‬
‫ولهم يوم عظيم على المناذرة أل وهو يوم حليمة‪.‬‬

‫عملة غسانية من بصرى الشام‬

‫‪:‬يوم حليمة‬
‫اقتباس‪:‬‬

‫لما تولى المنذر بن ماء السماء ملك الحيرة ‪ ،‬واستقر في ملكه سار إلى الحارث‬
‫الغساني ملك الغساسنة طالباً بثأر أبيه عنده ‪ ،‬وبعث إليه ‪ :‬إني قد أعددت لك‬
‫الكهول على الفحول ‪ ،‬فأجابه الحارث ‪ :‬قد أعددت لك المرد على الجرد‪ .‬وسار‬
‫المنذر حتى نزل بمرج حليمة ‪ ،‬وسار إليه الحارث أيضاً ‪ ،‬ثم اشتبكوا في القتال ‪،‬‬
‫ومكثت الحرب أياماً ينتصف بعضهم من بعض‪.‬‬
‫فلما رأى ذلك الحارث قعد في قصره ‪ ،‬ودعا ابنته حليمة ‪ ،‬وكانت من أجمل النساء‬
‫‪ ،‬فأعطاها طيباً وأمرها أن تطيب من مر بها من جنده ‪ ،‬فجعلوا يمرون بها‬
‫وتطيبهم ‪ ،‬ثم نادى ‪ :‬يا فتيان غسان ‪ ،‬من قتل ملك الحيرة زوجته ابنتي‪ .‬فقال لبيد‬
‫بن عمرو الغسائي لبيه ‪ :‬يا أبت ؟ أنا قاتل ملك الحيرة أو مقتول دونه ل محالة ‪،‬‬
‫ولست أرضى فرسي فأعطني فرسك ‪ ،‬فأعطاه فرسه ‪ ،‬فلما زحف الناس واقتتلوا‬
‫ساعة شد لبيد على المنذر فضربه ضربة ‪ ،‬ثم ألقاه عن فرسه ‪ ،‬وانهزم أصحاب‬
‫المنذر من كل وجه ‪ ،‬ونزل لبيد فاحتز رأسه ‪ ،‬وأقبل به إلى الحارث وهو على‬
‫قصره ينظر إليهم ‪ ،‬فألقى الرأس بين يديه ‪ ،‬فقال له الحارث ‪ :‬شأنك بابنة عمك –‬
‫أي حليمة ‪ ، -‬فقد زوجتكها‪ .‬فقال ‪ :‬بل أنصرف فأواسي أصحابي بنفسي ‪ ،‬فإذا‬
‫انصرف الناس انصرفت‪.‬‬
‫ورجع فصادف أخا المنذر قد رجع إليه الناس وهو يقاتل ‪ ،‬وقد اشتدت نكايته ‪،‬‬
‫فتقدم لبيد فقاتل حتى قتل ‪ ،‬ولكن لخماً انهزمت ثانية ‪ ،‬وقتلوا في كل وجه‪،‬‬
‫وانصرفت غسان بأحسن الظفر ‪ ،‬بعد أن أسروا كثيراً ممن كانوا مع المنذر من‬
‫العرب‪ .‬وكان من أسرهم الحارث مائة من بنى تميم ‪ ،‬فيهم شأس بن عبدة ‪ ،‬ولما‬
‫سمع أخوه علقمة وفد إليه مستشفعاً ‪ ،‬وأنشده هذه القصيدة ‪ ،‬ومما قيل فيها‪:‬‬
‫إلى الحارث الوهاب أعملت ناقتي‪ ................‬لكلكلها والقصـر بين وجيب‬
‫لتبلغني دار امرئ كان نائيــــــــا‪...........‬فقد قربتني من نداك قـروب‬
‫وأنت امـرؤ أفضت إليك أمانتي‪ ...................‬وقبلك ربتني فضعت ربــوب‬
‫فأدت بنو كعب بن عوف ريبها‪...................‬وغودر في بعض الجـنود ربيب‬
‫فوال لول فارس الجـون منهم ‪..................‬لبوا خـزايـا والياب حبــيب‬
‫تقدمــه حتى تغيب حجــولــــه ‪ ...............‬وأنت لبيض الدار عين ضروب‬
‫مظاهر سربالي حديد عليهمــا‪.......................‬عقيل سيوف مخذم ورسوب‬
‫فجالدتهم حتى اتقوك بكبشهم‪..................‬وقد حان من شمس النهار غروب‬
‫وقاتل من غسان أهل حفاظه ‪ .......................‬وهنب وفأس جـالدت وشبب‬
‫تخشخش أبدان الحديد عليهـم‪ ...................‬كما خشخشت يبس الحصاد جنوب‬
‫تجـود بنفس ل يجاد بمثلهــــا‪ ...............‬وأنت بها يوم اللقــاء خصيب‬
‫كأن رجال الوس تحت لبانــه ‪ ......................‬وما جمعت جل معاً وعتيب‬
‫رغا فوقهم سقب السماء فداحض‪ .....................‬بشكته لم يستلب وسـليب‬
‫كأنهم صابت عليهـم سحابـة‪ .........................‬صواقعها لطيرهـن ريب‬
‫فلم تنج إل شطبـة بلجامهـــا‪ ...................‬وإل طمر كالقناة نجيب‬
‫وإل كمي ذو حفــاظ كأنه‪ ....................‬بما ابتل من حد الظباة خصيب‬
‫وأنت الذي آثاره في عـدوه‪....................‬من البؤس والنعمى لهن ندوب‬
‫وفي كل حي قد خبطت بنعمة ‪ .......................‬فحث لشأس من نداك ذنوب‬
‫فل تحرمني نائلً عن جنابة‪ ....................‬فإني امرؤ وسط القباب غريب‬
‫ولما بلغ إلى قوله ‪ ( :‬فحق لشأس من نداك ذنوب) ‪ ،‬قال الملك ‪ :‬أي وال وأذنبة ‪،‬‬
‫ثم أطلق شأساً وقال له ‪ :‬إن شئت الحباء ‪ ،‬وإن شئت أسراء قومك‪ .‬وقال لجلسائه‬
‫‪ :‬إن اختار الحباء على قومه فل خير فيه ‪ ،‬فقال ‪ :‬أيها الملك ‪ ،‬ما كنت لختار على‬
‫قومي شيئ ًا ‪ ،‬فأطلق له السرى من تميم وكساه وحباه ‪ ،‬وفعل ذلك بالسرى‬
‫جميعهم وزودهم زاداً كثيراً ‪ ،‬فلما بلغوا بلدهم أعطوا جميع ذلك لشأس وقالوا له‬
‫‪ :‬أنت كنت السبب في إطلقنا ‪ ،‬فاستعن بهذا على دهرك ‪ ،‬فحصل له كثير من إبل‬
‫وكسوة وغير ذلك‪.‬‬
‫وفي هذا اليوم ضرب المثل ‪ :‬ما يوم حليمة بسر ‪.‬‬
‫إنتهى القتباس‪.‬‬

‫كان الغساسنة قد تأثروا بالديانة المسيحية‪ ،‬واشترك ملوكهم في الخلفات الكنسية‬


‫حول طبيعة السيد المسيح‪ .‬وكانوا من أتباع عقيدة الطبيعة الواحدة (المنوفيزيين)‪،‬‬
‫ويعود إلى الغساسنة فضل تعيين يعقوب البرادعي وغيره‪ ،‬أسقفاً في ولية الشام‪،‬‬
‫مما دعم موقف القائلين بالطبيعة الواحدة‪.‬‬

‫عملة بيزنطية عليها صورة القيصر‬


‫مزيريب وشللت تل شهاب‬

‫ملوك غسان‪:‬‬
‫وكانوا عمالً للقياصرة على عرب الشام وأصل غسان من اليمن من بني الزد ابن‬
‫الغوث بن نبت بن مالك بن أدد بن زيد بن كهلن بن سبا‪.‬‬
‫تفرقوا من اليمن بسيل العرم ونزلوا على ماء بالشام يقال له غسان فنسبوا إِليه‬
‫وكان قبلهم بالشام عرب يقال لهم الضجاعمهَ من سليح بفتح السين المهلة ثم لم‬
‫مكسورة وياء مثناه من تحتها ثم حاء مهملة فأخرجت غسان سليحاً عن ديارهم‬
‫وقتلوا ملوكهم وصاروا موضعهم‪.‬‬
‫وأول من ملك من غسان جفنة بن عمرو بن ثعلبة بن عمرو بن مزيقيا وكان‬
‫ابتداء ملك غسان قبل الِسلم بما يزيد على أربعمائة سنة وقيل أكثر من ذلك ولما‬
‫ملك جفنة المذكور وقتل ملوك سليح دانت له قضاعة ومن بالشام من الروم‪.‬‬
‫وبنى بالشام عدة مصانع ثم هلك‪.‬‬
‫وملك بعده ابنه عمرو بن جفنة وبنى بالشام عدة ديورة منها دير حالي ودير أيوب‬
‫ودير هند‪.‬‬
‫ثم ملك بعده ابنه ثعلبة بن عمرو وبنى صرح الغدير في أطراف حوران‪.‬‬
‫مما يلي البلقاء ثم ملك بعده ابنه الحارث بن ثعلبة‪.‬‬
‫ثم ملك ابنه جبلة بن الحارث وبنى القناطرْ واذرع والقسطل‪.‬‬
‫ثم ملك بعده ابنه الحارث بن جبلة وكان مسكنه بالبلقاء فبنى بها الحفير ومصنعه‪.‬‬
‫ثم ملك بعده ابنه المنذر الكبر بن الحارث بن جبلة بن الحارث بن ثعلبة ابن عمرو‬
‫بن جفنة الول ثم هلك المنذر الكبر المذكور وملك بعدها أخوه النعمان بن‬
‫الحارث‪.‬‬
‫ثم ملك بعده أخوه جبلة بن الحارث ثم ملك بعدهم أخوهم اليهم بن الحارث وبنى‬
‫دير ضخم ودير البنوة‬
‫ثم ملك أخوهم عمرو بن الحارث ثم ملك جفنة الصغر بن المنذر الكبر وهو الذي‬
‫أحرق الحيرة وبذلك سموا ولده آل محرق‪.‬‬
‫ثم ملك بعده أخوه النعمان الصغر بن المنذر الكبر ثم ملك النعمان ابن عمرو بن‬
‫المنذر وبنى قصر السويدا ولم يكن عمرو أبو النعمان المذكور ملكاً وفي عمرو‬
‫المذكور يقول النابغة الذبياني‪:‬‬
‫عليّ لعمرو نعمة بعد نعمة ‪ ....‬لوالده ليست بذات عقارب‬
‫ثم ملك بعد النعمان المذكور ابنه جبلة بن النعمان وهو الذي قاتل المنذر ابن ماء‬
‫السماء وكان جبلة المذكور ينزل بصفين‪.‬‬
‫ثم ملك بعده النعمان بن اليهم بن الحارث بن ثعلبة ثم ملك أخوه الحارث بن اليهم‬
‫ثم ملك بعده ابنه النعمان بن الحارث وهو الذي أصلح صهاريج الرصافهَ وكان قد‬
‫خربها بعض ملوك الحيرة اللخميين‪.‬‬
‫ثم ملك بعده ابنه المنذر بن النعمان ثم ملك أخوه عمرو بن النعمان ثم ملك أخوهما‬
‫حجر بن النعمان ثم ملك ابنه الحارث بن حجر ثم ملك ابنه جبلة بن الحارث ثم ملك‬
‫ابنه الحارث بن جبلة ثم ملك ابنه النعمان بن الحارث وكنيته أبو كرب ولقبه قطام‪.‬‬

‫ثم ملك بعده اليهم بن جبلة بن الحارث وهو صاحب تدمر وكان عامله بقال له‬
‫القين بن خسر وبنى له بالبرية قصراً عظيماً ومصانع وأظن أنه قصر برقع‪.‬‬
‫ثم ملك بعده أخوه المنذر بن جبلة ثم ملك بعده أخوهما شراحيل بن جبلة ثم ملك‬
‫أخوهم عمرو بن جبلة ثم ملك بعده ابن أخيه جبلة بن الحارث بن جبلة‪.‬‬
‫ثم ملك بعده جبلة بن اليهم بن جبلة وهو آخر ملوك غسان وهو الذي أسلم في‬
‫خلفة عمر رضي الّ عنه ثم عاد إِلى الروم وتنصر وسنذكر ذلك في خلفة عمر‬
‫إِن شاء الّ تعالى وقد اختلف في مدة ملك الغساسنة فقيل أربعمائة سنة وقيل‬
‫ستمائة سنة وبين ذلك‪.‬‬
‫قامت في الشام قبل السلم ثلث دول هي دولة النباط في الجنوب ودولة تدمر في‬
‫الشمال ودولة الغساسنة في الوسط‪.‬‬
‫دولة النباط ‪:‬‬
‫قامت هذة الدولة في القرن الساس قبل الميلد في المنطقة الواقعة اليوم في‬
‫الردن‪,‬‬
‫وكان التنقل والترحال الطابع السائد بين قبائل النباط ‪.‬‬
‫البتراء عاصمة النباط‪.‬‬
‫واخيرا بدا استقرارهم في اواخر القرن الثاني قبل الميلد واشتغلو في الزراعة‬
‫والتجارة وكانت عاصمتهم البتراء بسبب موقعها الطبيعي‪.‬‬
‫ويعتبر الملك الحارث الثالث ‪ 62 -87‬قبل الميلد من اشهر ملوكهم والمؤسس‬
‫لدولة النباط ‪ ,‬فقد ههم هذا الملك جيش اليهود عدة مرات وحاصرو اورشليم وقد‬
‫اصبح حاكما لدمشق سنة ‪85‬ق‪.‬م‬
‫وقد سك الحارث الثالث مسكوكات نبطية على طراز مسكوكات البطالمة (اليونان)‬
‫وقد نقش الملك النبطي على مسكوكاتهة راس رجل بوضع جانبي متجة نحو‬
‫اليمين (يحتمل ان تمثل الحارث نفسه) ‪ ,‬اما الجانب الخر للمسكوكة فانها تحمل‬
‫صورة امراة ونقش الحارث اسمة ولقبهة بالحروف اليونانية ‪.‬‬
‫عملت نبطية‬

‫وقد سك الملك النبطي عبادة الثاني مسكوكات فضية نقش عليها صورة لراس رجل وعلى‬
‫الوجة الخر لطائر النسر وعليها كتابة نبطية نصها ((الملك عبادة ملك النباط)) وتاريخ‬
‫السنة الثانية من حكمة وتطورت النقود النبطية منذ حكم الملك عبيدة الثالث ‪ 9-28‬ق‪.‬م ‪.‬‬
‫حيث حملت المسكوكات النبطية صورة الملك والملكة ويبدو ان ملوك النباط كانو قد‬
‫تزوجوا من شقيقاتهم مقلدين بذلك عادات الفراعنة والبطالمة ‪ ,‬وقد ضهر على مسكوكات‬
‫) الملك النبطي مالكو الثاني ‪ 70-40‬م وهو ابن الحارث الرابع عبارة (شقيقة الملك‬
‫وقد اصبحت بلد النباط تحت السيطرة الرومانية خلل حكم الملك النبطي رابيل الثاني‬
‫‪106-71‬م‬
‫ابن الملك النبطي مالكو الثاني الذي يعد اخر ملوك النباط بعد ذلك ضعفت دولة النباط‬
‫بتحول طرق التجارة التي كانت تمر بعاصمتهم البتراء التي كانت تربط الشرق بالغرب‬
‫‪.‬والشمال بالجنوب‬

‫‪ :‬الحجاز‬
‫لقد ذهب الكثيرون من الناس إلى أنّ العرب كانوا على أصل ولدة أمّهم‪ ،‬لم يتعلموا‬
‫الكتابة ول الحساب‪ ،‬فهم على جبلتهم الولى‪ ،‬وهذا غمط لشأن العرب‪ ،‬وافتراءات‬
‫على الحقائق التاريخية‪ ،‬ومحاولة للنيل من حضارتهم في شبه الجزيرة‪ ،‬التي‬
‫تشمل تهامة ونجد والحجاز والعروض واليمن‪.‬‬
‫ففي حقيقة المر‪ ،‬إن كُتاباً بيثرب كانوا يكتبون بكتاب مكة‪ ،‬وكان في أماكن أخرى‬
‫كُتاباً يكتبون بكتابهم أيضاً‪ ،‬فضلً عن انتشار الكتابة بـ «المسند» في العربية‬
‫الجنوبية‪ ،‬وفي مواضع أخرى من جزيرة العرب‪.‬‬
‫ونحن ل نريد أن نثبت هنا أنّ العرب قاطبة كانت أمة قارئة كاتبة؛ جماعها يقرأ‬
‫ويكتب‪ ،‬وأنها كانت ذات مدارس منتشرة في كل مكان من جزيرتهم؛ تعلّم الناس‬
‫القراءة والكتابة والعلوم الشائعة في ذلك الزمان «قبل السلم»‪.‬‬

‫خط المسند هو ذاته خط السبأية‪.‬‬


‫النصب التذكاري الذي عثر عليه في مدينة العل منقوش عليه بالخط المسند‪.‬‬

‫وهذا ل يعني أن العرب كانوا ل قارئ بينهم ول كاتب‪ .‬فقد كان بينهم من يقرأ‬
‫ويكتب؛ بدليل هذه النصوص التي ترجع إلى ما قبل السلم‪ ،‬وقد عثر عليها‬
‫مبعثرة في مواضع متناثرة من البوادي‪ ،‬وفي أماكن نائية عن الحضارة‪ ،‬وهي‬
‫كتابات أعراب ورعاة إبل وبقر وأغنام؛ َدوّنوها تسجيلً لخاطر أو للذكرى أو‬
‫رسالة لمن قد يأتي بينهم؛ فيقف على أمرهم‪.‬‬
‫ومن هنا‪ ،‬نستطيع القول أن أعراب الجزيرة قبل السلم‪ ،‬كانوا أحسن حالً من‬
‫أعراب هذا اليوم‪ ،‬فقد كان فيهم الكاتب القارئ الذي يهتم بتسجيل خواطره‪،‬‬
‫وبإثبات وجوده‪ ،‬بتدوينه هذه الكتابات‪ ،‬وأنّ المية لم تكن أمّيّة عامة جامعة‪ ،‬بل‬
‫أمّيّة نسبية‪ ،‬على نحو ما نشاهده اليوم في مجتمعاتنا‪ ،‬من غلبة نسبة المية على‬
‫نسبة المتعلمين والمثقفين‪.‬‬
‫أما أهل الحواضر‪ ،‬فقد كان بينهم من يقرأ ويكتب‪،‬كما كان بينهم المّيّ‪ ،‬أي الجاهل‬
‫بالقراءة والكتابة‪ .‬كان منهم من يقرأ ويكتب القلم المسند‪ ،‬وكان بينهم من يقرأ‬
‫ويكتب بالقلم النبط‪ ،‬وبقلم بني إرم‪ ،‬وكان بينهم من يكتب ويقرأ بقلمين أو أكثر‪.‬‬

‫أهم الخطوط التي كان يستخدمها العرب بين الشمال والجنوب والشرق والغرب‪.‬‬

‫وكان الحناف يكتبون ويقرؤون‪ ،‬وكانوا أصحاب رأي ومقالة في الدين وفي أحوال‬
‫قومهم‪ ،‬وهم قالوا عن بعضهم مثل «ورقة بن نوفل» أنه كان «يكتب الكتاب‬
‫العبراني‪ ،‬فيكتب بالعبرانية من النجيل ما شاء أن يكتب‪.‬‬
‫وقد ذكر «الهمداني» أن العرب كانت «تسمي كلّ من قرأ الكتب أو كتب‪ :‬صابئاً‪،‬‬
‫وكانت قريش تسمي النبي أيام كان يدعو الناس بمكة ويتلو القرآن‪ :‬صابئاً»‪.‬‬
‫فالصبأة على تفسير «الهمداني» هم الكتبة وكل من قرأ الكتب‪ ،‬وعلى ذلك يكون‬
‫الحنفاء في جملة الصباة‪.‬‬

‫إن العرب من الشعوب التي عرفت الكتابة ومارستها في الجزيرة العربية قبل‬
‫السلم بزمان طويل‪ ،‬وقد عثر في مواضع من جزيرة العرب على كتابات ُدوّنت‬
‫باليونانية وبلغات أخرى‪ .‬وتبيّن من دراسة النصوص‪ ،‬أن العرب كانوا يدوّنون قبل‬
‫السلم بقلم ظهر في اليمن بصورة خاصة‪ ،‬هو القلم الذي أُطلق عليه (القلم‬
‫المسند) أو (قلم حمير)‪ ،‬وهو قلم يباين القلم الذي نكتب به الن‪ .‬ثم تبيّن أنهم‬
‫صاروا يكتبون في ميلد المسيح بقلم آخر‪ ،‬أسهل وألين في الكتابة من القلم‬
‫المسند؛ أخذوه من القلم النبطي المتأخر‪ ،‬وذلك قبيل السلم‪.‬‬
‫كما بينا أنّ النبط وعرب بلد مابين النهرين وعرب بلد الشام‪ ،‬كانوا يكتبون‬
‫أمورهم بالرمية وبالنبطية‪ ،‬وذلك لشيوع القلمين بين الناس‪ ،‬حتى بين من لم يكن‬
‫من «بني إرم» ول من «النبط»‪ ،‬كالعبرانين الذين كتبوا بقلم إرمي‪ ،‬إلى جانب‬
‫القلم العبراني‪ .‬ولختلط العرب الشماليين ببني إرمن فقد تأثروا بهم ثقافيّا‪ ،‬فبان‬
‫هذا الثر في الكتابات القليلة التي وصلتنا مدوّنة بنبطية متأثرة بالعربية‪ ,‬كنقش أم‬
‫الجمال الذي يعود إلى عام ‪ 520‬م‬
‫ويظهر من عثور الباحثين على كتابات مدونة بالمسند في مواضع متعددة من‬
‫جزيرة العرب‪ ،‬ومنها سواحل الخليج العربي‪ ،‬أن بعضاً منها قديم‪ ،‬والبعض الخر‬
‫قريب من فترة ظهور السلم‪.‬‬
‫وفي أعالي الحجاز‪ ،‬عثر على أقلم تشبه القلم المسند شبهاً كبيراً‪ ،‬لذلك رأى‬
‫الباحثون أنها من صلب ذلك القلم ومن فروعه‪ ،‬ولنها متأخرة بالنسبة له‪ ،‬وقد‬
‫سُمي قلم منها بـ «القلم الثمودي» نسبة إلى قوم ثمود‪ ،‬وسمي قلم آخر بـ «القلم‬
‫اللحياني» نسبة إلى «لحيان»‪ ،‬وهي مملكة وشعبها من شعوب العربية الجنوبية‪،‬‬
‫وعرف القلم الثالث بـ«الكتابة الصفوية» نسبة إلى أرض «الصفاة»‪.‬‬
‫الثمودي والليحاني والسبأي‬
‫البجدية الصفائية‬

‫ومن الدلة على معرفة عرب اليمن للكتابة والقراءة قبل السلم؛ الوامر‬
‫والقوانين التي دونّها ملوكهم وأعلنوها للناس‪ ،‬بوصفها في المحلت العامة وفي‬
‫الماكن البارزة‪.‬‬
‫إن تدوين تلك الكتابات ووضع الحجارة الفخمة المكتوبة للعلن‪ ،‬دليل على أن في‬
‫الناس قوم ًا يقرؤون ويكتبون ويفهمون‪ ،‬وأن الحكومات إنما أمرت بتدوينها لعلم‬
‫الناس بمحتوياتها للعمل بها‪ ،‬كما تفعل الحكومات في الوقت الحاضر عند إصدارها‬
‫أمراً أو قانوناً؛ بإذاعته عبر الوسائل المعروفة على الناس‪.‬‬
‫وكان غُلمان اليمن يتعلمون الكتابة والقراءة‪ ،‬ويرددون قراءة ما يكتبون‬
‫ويقرؤون‪ ،‬وقد أُشير إلى ذلك في شعر «لبيد»‪ ،‬قال‪:‬‬
‫فنعاف صارة فالقنان كأنها‬
‫ُزبُرٌ يرجعها وليدٌ يمانِ‬
‫متعوّد لحنٌ يعيد بكفهِ‬
‫ن وبانِ‬‫قلماً على عُسب‪ ،‬ذبل َ‬

‫وذكر أهل الخبار أن قوماً من أهل يثرب من الوس والخزرج‪ ،‬كانوا يكتبون‬
‫ويقرؤون عند ظهور السلم‪ ،‬ذكروا فيهم‪ :‬سعد بن زرارة‪ ،‬والمنذر بن عمرو‪،‬‬
‫وأُبي بن كعب‪ ،‬وزيد بن ثابت‪ ،‬وكان يكتب بالكتابات العربية والعبرية والسريانية‪،‬‬
‫ورافع بن مالك‪ ،‬وأسيد بن حُضير‪ ،‬ومعن بن عدي البلوي‪ ،‬وأبو عبس بن كثير‪،‬‬
‫وأوس بن خولى‪ ،‬وبشير بن سعيد‪ ،‬وسعد بن عبادة‪ ،‬والربيع بن زياد العبسي‪،‬‬
‫وعبد الرحمن بن جبر‪ ،‬وعبدال بن أُبي‪ ،‬وسعد بن الربيع‪.‬‬

‫وقد أرجعوا أصل علم هؤلء إلى قوم من يهود يثرب‪ ،‬مارسوا تعليم الصبيان‬
‫القراءة والكتابة‪ ،‬دعوهم (بني ماسكة)‪.‬‬

‫وإن صحّت هذه الرواية يظهر أن يهود يثرب كانوا يكتبون بالعربية أيضاً‪ ،‬وأنهم‬
‫كانوا يعلمونها للعرب‪ ،‬وقد تعرض البلذري لهذا الموضوع فقال‪:‬‬
‫(كان الكُتاب من الوس والخزرج قليلً‪ ،‬وكان بعض اليهود قد علم كتاب العربية‪،‬‬
‫وكان تعلمه الصبيان بالمدينة في الزمن الول‪ ،‬فجاء السلم‪ ،‬وفي الوس‬
‫والخزرج عدّة يكتبون‬
‫ويظهر أن يهود يثرب‪ ،‬وربما بقية يهود‪ ،‬مثل يهود خيبر وتيماء وفدك ووادي‬
‫القرى‪ ،‬كانوا يكتبون بقلمهم‪ ،‬كما كانوا يكتبون بالعربية‪ .‬ويظهر من استعمال‬
‫«البلذري» جملة‪« :‬وكان بعض اليهود قد علم الكتابة العربية‪ ،‬وكان تعلمه‬
‫الصبيان بالمدينة في الزمن الول»؛ أن يهود يثرب كانوا يكتبون بالعربية‪ ،‬كما‬
‫كان يكتب بها صبيان المدينة‪ ،‬وكانوا يعلمون الكتابة لصبيان يثرب في مدارسهم‪.‬‬

‫لنحاول أن نلقي بعض الضوء على قبيلة الوس والخزرج وآثارهم ‪:‬‬

‫الوس والخزرج‬
‫يتفق المؤرخون على أن الوس والخزرج قبيلتان قحطانيتان‪ ،‬جاءتا من مملكة‬
‫سبأ في اليمن على إثر خراب سد مأرب‪ ،‬وعندما وصلتا إلى يثرب أعجبتا بما فيها‬
‫من أرض خصبة وينابيع ثرة‪ ،‬وقد كان سكانها ـ وخاصة اليهود ـ في حاجة إلى‬
‫اليدي العاملة لستثمار الراضي‪ ،‬فسمحوا لهم بالنزول قريباً منهم بين الحرة‬
‫الشرقية وقباء‪ ،‬وكانت ظروف عملهم أول المرقاسية وبمرور الزمن تحسنت‬
‫أحوالهم‪ ،‬فبدأ اليهود يخافون من منافستهم‪ ،‬فتداعى عقلء الطرفين إلى عقد حلف‬
‫ومعاهدة يلتزمان فيها بالسلم والتعايش والدفاع عن يثرب إزاء الغزاة‪ ،‬فتحالفوا‬
‫على ذلك والتزموا به مدة من الزمن‪ ،‬ازداد خللها عدد الوس والخزرج ونمت‬
‫ثرواتهم‪ ،‬ففسخ اليهود الحلف وقتلوا عدداً منهم وعملوا على إذللهم‪ ،‬وبقي‬
‫الوس والخزرج على تلك الحال إلى أن ظهر فيهم مالك بن العجلن الذي استنجد‬
‫بأبناء عمومته الغساسنة في الشام فاستجابوا له وأرسلوا جيشاً كسر شوكة اليهود‬
‫فعادوا إلى الوفاق وعاشوا فترة أخرى حياة متوازنة‪ ،‬فعندما هاجم تبع بن حسان‬
‫(يثرب) وأراد تخريبها وقف الجميع في وجهه حتى رجع عن قصده وصالحهم‬
‫وفي هذه المرحلة من الوفاق تحرك أبناء الوس والخزرج خارج الحزام الذي‬
‫كانوا محتبسين فيه وبنوا المنازل والطام في سائر أنحاء (يثرب) وتوسعوا في‬
‫المزارع وصار لكل بطن من بطونهم مواقع كثيرة‪ ،‬حينئذ خطط اليهود لستعادة‬
‫سلطتهم عليهم بطريقة جديدة ترتكز على التفريق بينهم وضرب بعضهم ببعض‬
‫فأعادوا التحالف معهم وجعلوا كل قبيلة منهم تحالف واحدة من القبيلتين الوس‬
‫والخزرج تمهيداً ليقاع الفتنة بينهم‪ ،‬فتحالف بنو النضير وبنو قريظة مع‬
‫الوسيين‪ ،‬وتحالف بنو قينقاع مع الخزرجيين‪ ،‬وبدأت كل فئة يهودية تسعر النار‬
‫في حليفتها على الطرف الخر وتذكي العداوة والشقاق بينهما‪ ،‬ونجحت الخطة‬
‫الماكرة واشتعلت الحروب الطاحنة ‪,‬‬
‫واستمرت قرابة مائة وعشرين عاماً ولم تنته حتى جاء السلم فأطفأها‪.‬‬
‫ولقد رأينا في بحث مدينة العل الثرية كيف أن عرب الوس والخزرج هم الذين‬
‫أتوا إلى المنطقة فجلبوا معهم الحرف السبأي العربي ونشروه في المنطقة وأنهم‬
‫بعد أن انتصروا على اليهود كانت لهم الصدارة والحكم في المنطقة‪ ,‬لهذا كان‬
‫انتشار كتاباتهم التي تتبع الخط المسند منتشرة في المنطقة‪.‬‬

‫وفي هذا الخبر وأمثاله ‪-‬كما يقول الدكتور جواد علي‪ -‬دللة على أن الكتابة كانت‬
‫معروفة بين أهل يثرب قبل السلم‪ ،‬وأنها كانت قديمة فيهم؛ ولهذا فل معنى لزعم‬
‫من زعم أنها انتشرت بيثرب في السلم‪ ،‬وأن الكتابة كانت قليلة ‪-‬بها قبل هذا‬
‫العهد‪ -‬وقصد أهل الخبار بجملة «وكان بعض اليهود قد علم كتاب العربية»؛‬
‫الكتابة بالخط العربي الشمالي‪ ،‬ل بالقلم المسند‪.‬‬
‫‪,‬ويظهر أن اليهود قد تعلموا الخط العربي من عرب النبار وبلد الشام وهذا يعيدنا‬
‫إلى النظرية الولى التي تقول أن الخط العربي قد جاء من العرب الشماليين‬
‫النبار( أهل الحيرة) ولكن عن طريق يهود يثرب‪.‬‬

‫الجزء الثاني ‪:‬‬


‫لقد شاهدنا في الجزء الول من هذا البحث التالي ‪:‬‬
‫‪ -1‬جميع العرب العاربة كانت تستخدم أبجدية الحرف المسند في كتابتها ‪:‬‬
‫أبجدية الحرف المسند‪.‬‬
‫كما شاهدنا أنه هناك ثلث نظريات تتحدث عن إنقلب وتغيير في البجدية إلى‬
‫إتباع الخط العربي الحديث وهي التالي ‪:‬‬
‫‪ -1‬النظرية الولى ‪:‬‬
‫جاء في كتاب المؤرخ العربي البلذري أن الخط العربي قد تم إنشاءه من قبل ثلثة‬
‫أشخاص اجتمعوا في الحيرة فوضعوا الحرف الهجائية العربية مستبدينها من‬
‫النبطية القديمة وهذا هو نص الكتاب حيث قال ‪:‬‬
‫حدثنا عباس بن هشام بن محمد بن السائب الكلبي عن أبيه عن جده‪ ،‬وعن‬
‫الشرقي بن القطامي قال‪ :‬اجتمع ثلثة نفر من طيء ببقة وهم مرا مر بن مرة‬
‫وأسلم بن سدرة‪ ،‬وعامر بن جدرة فوضعوا الخط‪ ،‬وقاسوا هجاء العربية على‬
‫هجاء السريانية‪ .‬فتعلمه منهم قوم من النفار ثم تعلمه أهل الحيرة من أهل النبار‪.‬‬
‫وكان بشر بن عبد الملك أخو أكيدر بن عبد الملك بن عبد الجن الكندي ثم السكوني‬
‫صاحب دومة أتجندل يأتي الحيرة فيقيم بها لحين‪ ،‬وكان نصرانياً‪ .‬فتعلم بشر الخط‬
‫العربي من أهل الحيرة‪.‬‬

‫‪ -2‬النظرية الثانية ‪:‬‬

‫‪ -‬قيل لبي سفيان ممن أخذ أبوك الكتابة قال من ابن سدرة وأخبره أنه أخذها من‬
‫واضعها مرامر بن مرة قال وكانت لحمير كتابة تسمى المسند حروفها منفصلة‬
‫غير متصلة وكانوا يمنعون العامة من تعلمها فلما جاء السلم لم يكن بجميع‬
‫اليمن من يقرأ ويكتب قلت هذا فيه نظر فقد كان بها خلق من أحبار اليهود يكتبون‬
‫بالعبراني‬
‫سير أعلم النبلء ج‪ 17 :‬ص‪319 :‬‬

‫النظرية الثالثة ‪:‬‬


‫أن البجدية العربية الحديثة أتت من تطور الحرف النبطي ‪:‬‬
‫وتبين لنا أن النباط الذين يعود تاريخهم إلى القرن السادس قبل الميلد والتي‬
‫بدأت مملكتهم في ‪ 85‬ق م إلى ‪ 106‬م وكان إمتداد حكمهم الجغرافي كما هو‬
‫موضح في الشكل‬
‫خ‪: 1 -‬‬
‫خ‪1 -‬‬
‫كما تعرفنا على أبجديتهم ووضحناها في بحث النباط ‪:‬‬
‫وبعد أن استعاد الغساسنة مملكتهم من النباط‪ ,‬حاول الغساسنة تطوير الكتابة‬
‫النبطية فبدأوا بتوصيل الحروف بعضها البعض تماماً كما يفعل الشوريين في‬
‫كتابتهم فنتج معنا الخط العربي الجديد‪.‬‬

‫إن بعد التدقيق في النقشين الشهيرين نقش إمرؤ القيس العائد لعام ‪ 338‬م ونقش‬
‫أم الجمال العائد لعام ‪ 565‬م تبين لنا التالي ‪:‬‬
‫نقش إمرؤ القيس‬

‫نقش أم الجمال‬

‫لقد حاولت أن أجزء الحرف الموجودة على النقش وأقارنها بالبجدية النبطية‬
‫فنتج التالي ‪:‬‬
‫البجدية رقم واحد لقد أخذتها من نقش إمرء القيس فوجدت أن الحرف نبطية مع‬
‫اختلف بسيط بطريقة كتابة حرف الياء في نهاية الكلمة وحرف الشين والهاء‪.‬‬
‫كما أن حرف الدال والذال فيهم نوع من الختلف البسيط الشبيه بكرف الكاف في‬
‫كلمة (عكدي)‬

‫(عكدي) ‪.‬‬

‫وغياب حرف الضاد والطاء والظاء والذال والثاء من النقش قط جعلنا نقع في‬
‫حيرة كيفية اختيار تلك الحرف‪.‬‬

‫كما لحظنا أنه هناك همزة يستخدمها الغساسنة في كتابتهم وهي تشبه الفاصلة ’‬
‫وهذا دليل على أن الخط العربي الجديد هو ذاته الخط النبطي القديم ولكنه متصل‪.‬‬
‫كما أن نقش أم الجمال الذي كتب اسم جذيمة نلحظ أن التاء المربوطة “ـة“ قد‬
‫اخذت من الحرف الشورية بدلً من الحرف النبطية التي تفتقر لذلك الرمز الذي‬
‫لم يكن واضحاً في كلمة (مدينة) التي كتبت (مدينت)‪,‬‬

‫جذيمة‬
‫حاول مقارنة حرف ال (ــة ) مع البجدية الشورية ستجد تطابق في الحرف‪.‬‬

‫كما نلحظ أن الشين والسين كتبت بشكل واحد ولكننا إذا دققنا لوجدنا أن الشين‬
‫تختلف عن السين بإنحناء مدتها ‪:‬‬
‫ولقد تبين لنا أنه قد جاءت فكرة توصيل الحرف من الشوريين الذين بدأوا‬
‫بتوصيل حروفهم من عام ‪ 200‬ق م كما في الشكل التالي ‪:‬‬
‫نقش بالبجدية الشورية ذات الحرف الموصلة‬

‫مخطوطة أشورية تعود إلى عام ‪ 124‬ق م‬

‫كما تبين لنا أن حرف الصاد والضاد هم حروف قد اخذت من أبجدية أخرى‬
‫موجودة في بلد ما بين النهرين تدعى بالبجدية المندائية ‪:‬‬
‫نجد من هذه البجدية أصل حرف الصاد والضاد‪ ,‬والحاء والفاء وإنقلب السين‬
‫بشكل أفقي بدلً من الشكل العامودي النبطي‪.‬‬
‫خط أشوري موصل من القرن العاشر الميلدي‬

‫ونرى أنه من أسباب انتشار البجدية الشورية في العالم العربي هو نشر الديانة‬
‫المسيحية عبر المبشرين الدينيين السريان في بلد ما بين النهرين والجزيرة‬
‫العربية‪ ,‬وأنه عندما استقر السلم على إختيار الخط النبطي الموصل الذي بدأ‬
‫بتسميته بالخط العربي فيما بعد وبوجود القرآن ونشر الديانة السلمية في البلد‬
‫العربية أن جميع البلد بدأت تتأثر بالخط العربي الجديد حيث أن الفرس وبلد‬
‫الشرق مثل الهند (الردو) والصين ومنغوليا جميعهم تأثروا بالخط الجديد وبدأو‬
‫للنتقال إلى استخدام البجدية الجديدة وإليكم بعضاً من هذه الكتابات التابعة لتلك‬
‫البلد التي تقبلت السلم وأخذت الرسالة من المسلمين العرب واتقلوا إلى إستخدام‬
‫أبجديتهم ولكن مع الحفاظ على لسانهم الغريب عن العربية ‪:‬‬
‫كتابات منغولية بعد السلم‬
‫كتابات مسلمي الصين بالخط العربي بعد السلم‬
‫بعد السلم‬

‫عملة ساسانية كتب عليها بسم ال بعد السلم‬


‫عملة تركية ‪1319‬‬

‫عملة أضيف عليها كلمة نجد‬

‫عملة مكتوب عليها بالحرف المسند العربي القديم‬


‫يعتقد أنها لملك الغساسنة الحارث‬

‫عملة غسانية للملك وشقيقته أي زوجته‬


‫عملة منغولية بعد السلم‬

‫علمة مكتوب عليها خان العادل العظم ومن الطرف الثاني محمد رسول ال بعد‬
‫إسلم المغول‪.‬‬
‫عملة سلجوقية عليها أحرف عربية‬

‫وهكذا نكون قد برهنا على أن البجدية العربية الجديدة هي تطور الحرف النبطية مع‬
‫استعارة بعض الحرف الشورية والمندائية‪.‬‬

‫تمت بعون ال‬


‫وسام الدين اسحق‬

Você também pode gostar