Você está na página 1de 5

‫من أروقة املكاتب‬

‫شركة ثورية ديمقراطية! حقيقة أم خيال؟‬


‫من كتاب "من أروقة المكاتب"‬
‫المؤلف‪ :‬جمال بسيسو‬
‫استشاري في التنمية البشرية‬
‫‪freejamal@hotmail.com‬‬

‫موقف وحوار‬
‫واحد اثنين ‪ ..‬فلوس الشركة فين؟ واحد اثنين ‪ ..‬فل&&وس الش&&ركة فين؟ تل&&ك هي الهتاف&&ات ال&&تي تع&&الت به&&ا‬
‫حناجر المحتجين في باحة الشركة التي أضرب موظفوها منذ عدة أي&&ام مط&&البين بزي&&ادة رواتبهم‪ ،‬ومنحهم&‬
‫عددا من الحقوق التي حرموا منها‪ ،‬ومحاسبة الفاسدين من أصحاب النفوذ في الش&&ركة‪ .‬وفي ه&&ذه األثن&&اء‬
‫دار حوار بين ثائر ورضوان الذين كانا يرقبان المش&&هد من مك&&ان غ&ير بعي&&د‪ ،‬وق&د كش&&ف ه&ذا الح&وار عن‬
‫موقفين مختلفين تجاه ما يجري!‬

‫ثائر‪ :‬هيا بنا يا رضوان لنلتحق بالمظاهرة بسرعة‪ ،‬فقد شبعنا صمتا‪ ،‬وه&&ا نحن في عص&&ر الحري&&ة‬ ‫‪-‬‬
‫والديمقرطية‪ ،‬ويد الثورة ال بد أن تطرق باب هذه اإلدارة الظالمة في الشركة! هيا بنا‪..‬‬

‫رضوان‪ :‬ما الذي تقوله يا ثائر؟ أنا أقول نعم للحرية والديمقرطي&&ة ومرحب&&ا بهم&&ا في بالدي‪ ،‬ولكن‬ ‫‪-‬‬
‫أتدعوني للثورة في مكان عملي ومصدر رزقي؟ ثم هل هناك شيء اسمه ديمقراطية في الشركات!‬

‫ثائر‪ :‬نعم يا رضوان لماذا ال تكون شركتنا ديمقراطية؟ هذه هي فرصتنا لكي نطالب بحقوقنا‪ ،‬وأنت‬ ‫‪-‬‬
‫تعرف في قرارة نفسك ما الذي يحدث منذ زمن طويل في هذه الشركة من مظ&&الم وفس&&اد وتض&&ييع‬
‫للحقوق وسرقات وظلم و ‪..‬‬

‫رض&&وان‪ :‬أع&رف ‪ ..‬أع&رف م&ا يج&ري وكالم&ك ص&&حيح في ه&&ذا الص&دد‪ ،‬ولك&&ني ال أتف&ق مع&ك في‬ ‫‪-‬‬
‫مطالبتك بالثورة في مقر العمل! وال أعتقد بأن هناك شيء اسمه "شركة ديمقراطية"!‬

‫ثائر‪ :‬ال أستطيع أن أتهمك في شجاعتك فأنت كنت من أوائل المش&&اركين في مظ&&اهرات الحري&&ة في‬ ‫‪-‬‬
‫ميدان التحرير‪ ،‬ولكني أقول لك أنك مخطئ! أما عني فأنا ذاهب إلى المظاهرة‪..‬‬

‫رضوان‪ :‬أتمنى لك التوفيق‪ ،‬ومع ذلك أصدقك القول أني ال أرى جدوى مما تقومون فيه!‬ ‫‪-‬‬
‫والسؤال املطروح هو‬

‫مع من الحق يا ُت رى‪ ،‬هل هو مع ثائر أم مع رضوان؟ أما أن كالهما محق! هل تجوز الث&&ورة في الش&&ركات‬
‫من أجل استرداد الحقوق ومقارعة الفساد؟ وهل هناك ما يسمى بالش&&ركة الديمقراطي&&ة؟ وه&&ل يتس&&ع ع&&الم‬
‫الشركات لما يسمى بالممارسات الديمقراطية؟‬

‫أما رأي االستشاري‬

‫ال شك في أن ما يحدث في عالمنا العربي من ثورات ومطالبات بالحريات قد ألهم الكث&&يرين ب&&أن تك&&ون لهم‬
‫مستشر هنا وهناك‪ ،‬وأن يثبوا وثبة األُسد السترداد حق&&وقهم ال&&تي منعوه&&ا ردح&&ا ط&&ويال‬ ‫ٍ‬ ‫غضبة على فساد‬
‫من الزمان‪ ،‬ومع ذل&&ك فإن&&ه ال ب&&د من تحري&ر المس&&ألة وتفص&&يلها تفص&&يال دقيق&&ا لإلجاب&&ة على م&&ا تق&&دم من‬
‫أسئلة‪.‬‬

‫إن معظم من يطالبون بالثورة والديمقراطية في عالم الشركات وبالرغم من نبل مقصدهم إال أنهم يخطئ&&ون‬
‫خطأ ً جسيما ً عندما يش ّبهون مدير الشركة أو مالكها بالحاكم أو ال&&زعيم في الدول&&ة‪ ،‬في ال&&وقت ال&&ذي ي&&رون‬
‫أنفسهم فيه في مقام الشعب أو األمة! والصواب هو عكس ذلك تماما!‬

‫ولبيان خطأ المقاربة السابقة أقول بأن الحاكم هو األجير المؤتمن الذي توظفه األمة‪ ،‬وليس هو رب العم&&ل‬
‫الذي يوظف الشعب لديه! بمعنى آخر أن مالك الشركة هو الذي في مق&&ام الش&&عب وه&&و ال&&ذي يق&&وم بتع&&يين‬
‫الموظفين الذين هم في مقام الحاكم‪.‬‬

‫ومن هنا فإن الثورة والمطالبة بالديمقراطية في عالم الش&&ركات من ب&&اب التش&&ابه م&&ع حال&&ة ال&&دول مطالب&&ة‬
‫ليست في محلها! والجدول التالي يشرح العالقة التعاقدية ال&تي ترب&ط بين األم&ة والح&اكم‪ ،‬وبين رب العم&ل‬
‫والموظف في العمل الربحي‪ ،‬وبين المنتمين لعمل غير ربحي وقائدهم‪:‬‬

‫واجب رب العمل أو‬ ‫حق رب العمل أو المالك‬ ‫األجير أو‬ ‫رب العمل أو‬
‫وواجب األجير أو الموظف المالك وحق األجير أو‬ ‫الموظف‬ ‫المالك‬ ‫السياق‬
‫الموظف‬ ‫‪Agent‬‬ ‫‪Principal‬‬
‫الحكم العادل وتنمية األمة منح الصالحيات الالزمة‬ ‫الحاكم أو‬ ‫الدولة أو‬
‫واألجر المادي المناسب‬ ‫وازدهارها وحفظها‬ ‫الزعيم‬ ‫الشعب‬ ‫األمة‬
‫ورعاية وحماية حقوقها والطاعة في المعروف‬ ‫المنتخب‬
‫منح الصالحيات‬ ‫إنجاز المهام التي تقتضيها‬ ‫الموظف‬ ‫مالك الشركة‬ ‫العمل‬
‫واألدوات الالزمة واألجر‬ ‫وظيفته حسب األصول‬ ‫المختار أو‬ ‫وصاحب المال‬ ‫الربحي‬
‫المادي المناسب‬ ‫المعين‬ ‫أو من ينوب‬
‫عنه‬
‫منح الصالحيات‬ ‫التعبير عن المؤسسين أو‬ ‫الرئيس‬ ‫المؤسسون أو‬ ‫العمل غير‬
‫واألدوات الالزمة واألجر‬ ‫المنتمين للعمل غير‬ ‫المنتخب‬ ‫أصحاب الفكرة‬ ‫الربحي‬
‫المادي المناسب‬ ‫الربحي وحماية مصالحهم‬ ‫أو المنتمين‬
‫وإنجاز المهام التي‬ ‫للنقابة أو الحزب‬
‫تقتضيها وظيفته‬ ‫أو الجماعة‬

‫باإلض&&افة إلى م&&ا تق&&دم من خط&&أ المقارب&&ة الس&&ابقة ف&&إن هن&&اك ع&&ائق آخ&&ر يمكن أن تص&&طدم ب&&ه المطالب&&ة‬
‫بالديمقراطية في الشركات وهو ملكية رب العمل أوالمالك المزدوجة ألم&&رين أساس&&يين في الش&&ركة وهم&&ا‪:‬‬
‫العين أو األصل وكذلك حق التصرف والقرار واإلدارة‪.‬‬

‫فمهما أرادت الش&&ركات أن تبل&&غ من الديمقراطي&&ة مبلغ&&ا عالي&&ا فلن ُيس&&مح لموظفيه&&ا في ي&&وم من األي&&ام أن‬
‫يجردوا أصحاب الملك مما يملكون من أص&ول ثابت&ة أومنقول&&ة‪ ،‬والقاع&&دة الش&&رعية تنص على أن "الماّل ك‬ ‫ِّ‬
‫مختصون بأمالكهم ال يزاحم أحد مالكا في ملكه من غير حق مستحق"‪.‬‬

‫ولكن ومن جهة أخرى فإنه قد يتخلى أرباب العم&&ل لم&&وظفيهم& عن مس&&احات من حق&&وق التص&&رف والق&&رار‬
‫واإلدارة فيتيحون بذلك حيزا من الديمقراطية في مؤسساتهم‪.‬‬

‫هذا الحيز من الديمقراطية في الشركات يعتمد بشكل أساسي على ما نقص&&ده ونعني&&ه بديمقراطي&&ة الش&&ركة‪،‬‬
‫فالعبرة بالمسمى ال باالسم‪ ،‬وب&الجوهر ال ب&المظهر‪ ،‬والقاع&&دة الش&&رعية تنص على أن "الع&&برة في العق&ود‬
‫للمقاصد والمعاني ال لأللفاظ والمباني"‪.‬‬

‫وعلى س&&بيل المث&&ال فل&&و أدت الديمقراطي&&ة على ص&&عيد األم&&ة إلى أن يعل&&و حكم& الش&&عب على حكم هللا فهي‬
‫م&&ردودة! ول&&و أدت الديمقراطي&&ة على ص&&عيد الش&&ركات إلى تجري&&د الن&&اس من ملكي&&اتهم وحق&&وقهم فهي‬
‫مرفوض&&ة أيض&&ا! وفي المقاب&&ل فل&&و ق&&ادت الديمقراطي&&ة إلى عدال&&ة في الحكم& واإلدارة‪ ،‬وع&&دم اس&&تئثار‬
‫بالسلطات‪ ،‬ورفع لكفاءة وإنتاجية العاملين‪ ،‬وكبح للفساد المالي حينها تصبح الديمقرطية مطلوب& ً‬
‫&ة ومرحب&ا ً‬
‫سواء أكان ذلك في األمة أو في الشركات‪.‬‬ ‫ً‬ ‫بها‬

‫وبهذا المنظار نجد أن أمامنا طيفا واسعا من الممارسات الديمقراطية غير المتعارضة م&ع حق&&وق اآلخ&&رين‬
‫وثوابت المجتمع‪ ،‬وما أحوج الشركات للعمل بهذه الممارسات وترسيخها لما له من أهمية ومنعفع&ة& للعم&&ل‬
‫والعاملين‪ ،‬ونستعرض فيما يلي أهم أمثلتها‪:‬‬

‫الشورى‪ ،‬فكلنا يعلم أن رسولنا الكريم صلى هللا علي&ه وس&لم ق&د اس&تغنى ب&الوحي‪ ،‬وم&ع ذل&ك فق&د أُم&ر‬ ‫‪‬‬
‫او ْر ُه ْم فِي األَ ْم ِر" (آل عمران – ‪ ،)159‬كم&&ا امت&&دح س&&بحانه المس&&لمين‬
‫ش ِ‬‫"و َ‬
‫بالشورى في قوله تعالى َ‬
‫ورى َب ْي َن ُه ْم" (الشورى – ‪ .)38‬ومن هنا فإن في الش&&ورى‬
‫ش َ‬ ‫َ‬
‫"وأ ْم ُر ُه ْم ُ‬
‫بممارستهم الشورى عندما قال َ‬
‫بركة عظيمة تزدهر بها األعمال وترتقي‪.‬‬

‫التف&&ويض اإلداري الص&&حيح بعناص&&ره األساس&&ية من بي&&ان الواجب&&ات ومنح الص&&الحيات وممارس&&ة‬ ‫‪‬‬
‫المسؤوليات‪ ،‬وبهذا يشعر كل موظف في المؤسسة بأنه المدير التنفيذي في وظيفته‪.‬‬

‫االنتق&&ال من الهيكلي&&ة اإلداري&&ة الرأس&&ية إلى األفقي&&ة‪ ،‬ومن األقس&&ام واإلدارات إلى ف&&رق العم&&ل‪ ،‬وذل&&ك‬ ‫‪‬‬
‫لتوسيع دائرة اتخاذ القرار‪ ،‬وتشجيع عملية التص&ويت والش&ورى‪ ،‬واالس&تماع لل&رأي اآلخ&ر والح&وار‪،‬‬
‫واألخذ برأي األغلبية خصوصا في أمور العمل التشغيلية والتقنية‪.‬‬
‫تشجيع الالمركزية‪ ،‬وهذا ما تقوم به كبرى الشركات الناجحة في العالم‪ ،‬إذ أنه&&ا تس&&مح بمق&&دار واس&&ع‬ ‫‪‬‬
‫من حرية اتخاذ القرار الالمركزي مع تحمل األخطاء الناتجة عن ذلك في مقابل تجنب المركزية البطيئة‬
‫والتي قد تكون قاتلة في بعض األحيان‪.‬‬

‫احترام التخصص وإتاحة الفرصة الكاملة في تعامل المختص مع ملفاته دون تدخل مخل أو معرقل‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫اللقاءات المتواصلة بين اإلدارة والموظفين والتي تسمح بتدفق المعلومات‪ ،‬والس&&ؤال عن التفص&&يالت‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫والتعري&&ف بالتوجه&&ات‪ ،‬وت&&تيح الفرص&&ة للم&&وظفين ب&&أن يش&&تركوا في ص&&ياغة رؤي&&ة واس&&ترتيجية‬
‫مؤسستهم وبما يشعرهم بأنهم شركاء‪ ،‬كما ويضاعف لديهم الشعور بالوالء‪.‬‬

‫وجود نظام عادل للرواتب والمكافآت ال توجد فيها شبهات االستغالل لحاجة المحت&&اجين‪ ،‬باإلض&&افة إلى‬ ‫‪‬‬
‫منظومة محكمة لتوزيع أرباح الشركة اإلضافية على الموظفين(‪. )Profit Sharing Scheme‬‬

‫وجود نظام جزاءات عادل ال ينفصل عن نظام وآليات للتظلم الداخلي والخارجي‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫وجود ع&&دد من ال&&برامج التكافلي&&ة بين الم&&وظفين والمدعوم&&ة من إدارة الش&&ركة للمس&&اعدة في ح&&االت‬ ‫‪‬‬
‫احتياج الموظفين إلى المساعدات المادية أو الدعم المعنوي‪ ،‬ك&&ذلك تق&&ديم اله&&دايا في بعض المناس&&بات‬
‫االجتماعية للموظفين‪.‬‬

‫تشجيع عملية الترقية وسد الشواغر داخليا ولمرشحين من موظفي الشركة قبل غيرهم من المرشحين‬ ‫‪‬‬
‫الخارجيين‪.‬‬

‫السماح للموظفين بتقييم مدراءهم‪ ،‬وأخذ نتائج التقييم بعين االعتبار سواء أدت هذه النتائج إلى ترقي&&ة‬ ‫‪‬‬
‫المدير أو اإلبقاء عليه أو إقالته‪.‬‬

‫توفير جو من األمان الوظيفي وتدعيم العالقة التعاونية طويلة األمد بين الموظفين وإداراتهم‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫تفعيل دور النقابات في حماية حقوق العاملين وتدعيم موقفهم التعاقدي العادل مع أرباب العمل‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫تفعيل دور التدقيق الداخلي المالي واإلداري في حماية حقوق ماّل ك الشركة وموظفيها‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫تفعيل دور التدقيق الخارجي المالي واإلداري من قبل أجهزة الدول&&ة وذل&&ك لرص&&د الفاس&&دين وإيق&&افهم‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫ولحماية حقوق العاملين والمجتمع وبما يجنب هذه الش&&ركات آث&&ار اإلض&&رابات واالعتص&&امات الم&&ؤثرة‬
‫سلبا على إنتاجية العمل وعجلة الكسب‪.‬‬

‫التدوير الوظيفي أو ما ُيع&&رف بـ “‪ &”Job Rotation‬وه&&ذا يه&&دف إلى تجدي&&د الحيوي&&ة وض&&خ دم&&اء‬ ‫‪‬‬
‫جديدة في العمل‪ ،‬وتجنيب الموظف الشعور المفرط بملكي&&ة الموق&&ع ال&&وظيفي‪ ،‬وأن&&ه س&&يبقى أب&&د ال&&دهر‬
‫اآلمر الناهي فيه‪ ،‬وذلك لمنعه من الطغيان على موظفيه أو من له سلطان عليهم‪.‬‬
‫ومسك الختام‬

‫أن الديمقراطية بتجلياتها المذكورة أعاله هي أمر مطلوب وله أث&&ر ذه&&بي في االرتق&&اء بالش&&ركة والع&&املين‬
‫فيها‪ ،‬وأجزم بأنه لو أ ُخذ بها لما اضطر أحد إلى االعتصامات والمظاهرات داخل مقار العمل‪ ،‬ولما كان ه&&ذا‬
‫الخالف بين ثائر ورضوان‪.‬‬

‫المطمئن في األمر أن نسمات الحرية والديمقراطية بدأت في التحول إلى ثقاف&ة راس&خة في النف&وس س&تجد‬
‫طريقها بإذن هللا إلى كل موقع في أمتنا المجيدة والحمد هلل‪.‬‬

Você também pode gostar