‫إن ﻋﺪة اﻟﺸﻬﻮر ﻋﻨﺪ اﷲ اﺛﻨﺎ ﻋﺸﺮ ﺷﻬﺮا ﻓﻲ ﻛﺘﺎب اﷲ‬

‫ﯾﻮم ﺧﻠﻖ اﻟﺴﻤﺎوات واﻷرض ﻣﻨﻬﺎ أرﺑﻌﺔ ﺣﺮم‪......‬اﻟﺘﻮﺑﺔ ‪٣٦‬‬

‫ﺑﻘﻠﻢ‪ :‬د‪ .‬زﻏـﻠﻮل اﻟﻨﺠـﺎر‬

‫ﻫــــــــﺬه اﻵﯾﺔ اﻟﻜﺮﯾﻤﺔ ﺟﺎءت ﻓﻲ اﻟﺜﻠﺚ اﻷول ﻣﻦ ﺳﻮرة اﻟﺘﻮﺑﺔ‪ ،‬وﻫﻲ ﺳﻮرة ﻣﺪﻧﯿﺔ‪ ،‬آﯾﺎﺗﻬﺎ‪ ،١٢٩‬وﻫﻲ ﻣﻦ أواﺧﺮ‬
‫ﻣﺎ ﻧﺰل ﻋﻠﻰ ﺧﺎﺗﻢ اﻷﻧﺒﯿﺎء واﻟﻤﺮﺳﻠﯿﻦ) ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﻪ وﺳﻠﻢ(؛ وﻫﻲ اﻟﺴﻮرة اﻟﻮﺣﯿﺪة ﻣﻦ ﺳﻮر اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﯾﻢ اﻟﺘﻲ‬
‫ﻟﻢ ﺗﺴﺘﻔﺘﺢ ﺑﺎﻟﺒﺴﻤﻠﺔ‪ ،‬ﻻﺳﺘﻔﺘﺎﺣﻬﺎ ﺑﺘﺒﺮؤ اﷲ ورﺳﻮﻟﻪ ﻣﻦ ﻋﻬﻮد اﻟﻤﺸﺮﻛﯿﻦ ﺑﻌﺪ أن ﻧﻘﻀﻮﻫﺎ‪ ،‬وﺗﺒﺮؤﻫﻤﺎ ﻣﻨﻬﻢ‪ ،‬وﻣﻦ‬
‫ﻧﺠﺴﻬﻢ ﻋﻘﺎﺑﺎ ﻟﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺷﺮﻛﻬﻢ ﺑﺎﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﻟﻰ‪.‬‬
‫وﯾﺪور اﻟﻤﺤﻮر اﻟﺮﺋﯿﺴﻲ ﻟﻠﺴﻮرة ﺣﻮل اﻟﺘﺸﺮﯾﻊ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﺑﺼﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ‪ ،‬وﻣﺎ ﯾﺨﺺ ﻋﻼﻗﺎت اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ﺑﻐﯿﺮﻫﻢ ﻣﻦ‬
‫اﻷﻣﻢ ﺑﺼﻔﺔ ﺧﺎﺻﺔ‪.‬‬

‫ﻣﻦ أﻗﻮال اﻟﻤﻔﺴﺮﯾﻦ ﻓﻲ ﺗﻔﺴﯿﺮ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪:‬‬

‫إن ﻋﺪة اﻟﺸﻬﻮر ﻋﻨﺪ اﷲ اﺛﻨﺎ ﻋﺸﺮ ﺷﻬﺮا ﻓﻲ ﻛﺘﺎب اﷲ ﯾﻮم ﺧﻠﻖ اﻟﺴﻤﺎوات واﻷرض ﻣﻨﻬﺎ أرﺑﻌﺔ ﺣﺮم ذﻟﻚ اﻟﺪﯾﻦ‬
‫اﻟﻘﯿﻢ ﻓﻼ ﺗﻈﻠﻤﻮا ﻓﯿﻬﻦ أﻧﻔﺴﻜﻢ وﻗﺎﺗﻠﻮا اﻟﻤﺸﺮﻛﯿﻦ ﻛﺎﻓﺔ ﻛﻤﺎ ﯾﻘﺎﺗﻠﻮﻧﻜﻢ ﻛﺎﻓﺔ واﻋﻠﻤﻮا أن اﷲ ﻣﻊ اﻟﻤﺘﻘﯿﻦ) اﻟﺘﻮﺑﺔ‪.(٣٦:‬‬

‫* ذﻛﺮ اﺑﻦ ﻛﺜﯿﺮ رﺣﻤﻪ اﷲ ﻣﺎ ﻧﺼﻪ‪ :‬ﻋﻦ أﺑﻲ ﺑﻜﺮة أن اﻟﻨﺒﻲ)ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﻪ وﺳﻠﻢ( ﺧﻄﺐ ﻓﻲ ﺣﺠﺘﻪ ﻓﻘﺎل‪ :‬أﻻ إن‬
‫اﻟﺰﻣﺎن ﻗﺪ اﺳﺘﺪار ﻛﻬﯿﺌﺘﻪ ﯾﻮم ﺧﻠﻖ اﷲ اﻟﺴﻤﺎوات واﻷرض‪ ،‬اﻟﺴﻨﺔ اﺛﻨﺎ ﻋﺸﺮ ﺷﻬﺮا ﻣﻨﻬﺎ أرﺑﻌﺔ ﺣﺮم‪ ،‬ﺛﻼث‬
‫ﻣﺘﻮاﻟﯿﺎت‪ :‬ذو اﻟﻘﻌﺪة‪ ،‬وذو اﻟﺤﺠﺔ‪ ،‬واﻟﻤﺤﺮم‪ ،‬ورﺟﺐ ﻣﻀﺮ اﻟﺬي ﺑﯿﻦ ﺟﻤﺎدى وﺷﻌﺒﺎن‪ )،‬واﻟﺤﺪﯾﺚ رواه اﻹﻣﺎم أﺣﻤﺪ‬
‫و أﺧﺮﺟﻪ اﻟﺒﺨﺎري ﻓﻲ اﻟﺘﻔﺴﯿﺮ ﺑﺘﻤﺎﻣﻪ(‪.‬‬
‫وﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﻤﺮ ﻗﺎل‪ :‬ﺧﻄﺐ رﺳﻮل اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﻪ وﺳﻠﻢ ﻓﻲ ﺣﺠﺔ اﻟﻮداع ﺑﻤﻨﻰ ﻓﻲ أوﺳﻂ أﯾﺎم اﻟﺘﺸﺮﯾﻖ ﻓﻘﺎل‪:‬‬
‫أﯾﻬﺎ اﻟﻨﺎس إن اﻟﺰﻣﺎن ﻗﺪ اﺳﺘﺪار ﻓﻬﻮ اﻟﯿﻮم ﻛﻬﯿﺌﺘﻪ ﯾﻮم ﺧﻠﻖ اﷲ اﻟﺴﻤﺎوات واﻷرض‪ ،‬وإن ﻋﺪة اﻟﺸﻬﻮر ﻋﻨﺪ اﷲ اﺛﻨﺎ‬
‫ﻋﺸﺮ ﺷﻬﺮا ﻣﻨﻬﺎ أرﺑﻌﺔ ﺣﺮم أوﻟﻬﻦ رﺟﺐ ﻣﻀﺮ ﺑﯿﻦ ﺟﻤﺎدى وﺷﻌﺒﺎن‪ ،‬وذو اﻟﻘﻌﺪة‪ ،‬وذو اﻟﺤﺠﺔ واﻟﻤﺤﺮم) أﺧﺮﺟﻪ‬
‫اﺑﻦ ﺟﻮﯾﺮ واﺑﻦ ﻣﺮدوﯾﻪ‪.‬‬

‫وﻗﺎل ﺳﻌﯿﺪ ﺑﻦ ﻣﻨﺼﻮر ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس ﻓﻲ ﻗﻮﻟﻪ‪ ):‬ﻣﻨﻬﺎ أرﺑﻌﺔ ﺣﺮم( ﻗﺎل‪ :‬ﻣﺤﺮم‪ ،‬ورﺟﺐ‪ ،‬وذو اﻟﻘﻌﺪة‪ ،‬وذو اﻟﺤﺠﺔ‪،‬‬
‫وﻗﻮﻟﻪ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﻪ وﺳﻠﻢ ﻓﻲ اﻟﺤﺪﯾﺚ‪ ):‬إن اﻟﺰﻣﺎن ﻗﺪ اﺳﺘﺪار ﻛﻬﯿﺌﺘﻪ ﯾﻮم ﺧﻠﻖ اﷲ اﻟﺴﻤﺎوات واﻷرض( ﺗﻘﺮﯾﺮ‬
‫ﻣﻨﻪ ﺻﻠﻮات اﷲ وﺳﻼﻣﻪ ﻋﻠﯿﻪ‪ ،‬وﺗﺜﺒﯿﺖ ﻟﻸﻣﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺟﻌﻠﻪ اﷲ ﻓﻲ أول اﻷﻣﺮ ﻣﻦ ﻏﯿﺮ ﺗﻘﺪﯾﻢ وﻻ ﺗﺄﺧﯿﺮ وﻻ زﯾﺎدة‬
‫وﻻ ﻧﻘﺺ‪ ،‬وﻻ ﻧﺴﺊ و ﻻ ﺗﺒﺪﯾﻞ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﻗﺎل ﻓﻲ ﺗﺤﺮﯾﻢ ﻣﻜﺔ‪ ):‬إن ﻫﺬا اﻟﺒﻠﺪ ﺣﺮﻣﻪ اﷲ ﯾﻮم ﺧﻠﻖ اﻟﺴﻤﺎوات واﻷرض ﻓﻬﻮ‬
‫ﺣﺮام ﺑﺤﺮﻣﺔ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ إﻟﻰ ﯾﻮم اﻟﻘﯿﺎﻣﺔ(‪ ،‬وﻫﻜﺬا ﻗﺎل ﻫﻬﻨﺎ‪ ):‬إن اﻟﺰﻣﺎن ﻗﺪ اﺳﺘﺪار ﻛﻬﯿﺄﺗﻪ ﯾﻮم ﺧﻠﻖ اﷲ اﻟﺴﻤﺎوات‬
‫واﻷرض( أي اﻷﻣﺮ اﻟﯿﻮم ﺷﺮﻋﺎ ﻛﻤﺎ اﺑﺘﺪع اﷲ ذﻟﻚ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﯾﻮم ﺧﻠﻖ اﻟﺴﻤﺎوات واﻷرض‪ ...‬أي أﻧﻪ اﺗﻔﻖ أن ﺣﺞ‬
‫رﺳﻮل اﷲ) ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﻪ وﺳﻠﻢ( ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﺴﻨﺔ ﻛﺎن ﻓﻲ ذي اﻟﺤﺠﺔ‪ ،‬وأن اﻟﻌﺮب ﻗﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﻧﺴﺄت اﻟﻨﺴﻲء ﯾﺤﺠﻮن‬
‫ﻓﻲ ﻛﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﺴﻨﯿﻦ ـ ﺑﻞ أﻛﺜﺮﻫﺎ ـ ﻓﻲ ﻏﯿﺮ ذي اﻟﺤﺠﺔ‪...‬‬
‫وﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪ ):‬ﻣﻨﻬﺎ أرﺑﻌﺔ ﺣﺮم( ﻓﻬﺬا ﻣﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻌﺮب أﯾﻀﺎ ﻓﻲ اﻟﺠﺎﻫﻠﯿﺔ ﺗﺤﺮﻣﻪ‪ ...‬وإﻧﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻷﺷﻬﺮ اﻟﻤﺤﺮﻣﺔ‬
‫أرﺑﻌﺔ‪ :‬ﺛﻼﺛﺔ ﺳﺮد‪ ،‬وواﺣﺪ ﻓﺮد‪ ،‬ﻷﺟﻞ أداء ﻣﻨﺎﺳﻚ اﻟﺤﺞ واﻟﻌﻤﺮة‪ ،‬ﻓﺤﺮم ﻗﺒﻞ أﺷﻬﺮ اﻟﺤﺞ ﺷﻬﺮ وﻫﻮ ذو اﻟﻘﻌﺪة‪ ،‬ﻷﻧﻬﻢ‬

‫‪1‬‬

‫‪PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com‬‬

 ‫ﯾﻘﻌﺪون ﻓﯿﻪ ﻋﻦ اﻟﻘﺘﺎل‪ ،‬وﺣﺮم ﺷﻬﺮ ذي اﻟﺤﺠﺔ ﻷﻧﻬﻢ ﯾﻮﻗﻌﻮن ﻓﯿﻪ اﻟﺤﺞ‪ ،‬وﯾﺸﺘﻐﻠﻮن ﻓﯿﻪ ﺑﺄداء اﻟﻤﻨﺎﺳﻚ‪ ،‬وﺣﺮم ﺑﻌﺪه‬
‫ﺷﻬﺮ آﺧﺮ وﻫﻮ اﻟﻤﺤﺮم ﻟﯿﺮﺟﻌﻮا ﻓﯿﻪ إﻟﻰ أﻗﺼﻰ ﺑﻼدﻫﻢ آﻣﻨﯿﻦ‪ ،‬وﺣﺮم رﺟﺐ ﻓﻲ وﺳﻂ اﻟﺤﻮل ﻷﺟﻞ زﯾﺎرة اﻟﺒﯿﺖ‬
‫واﻻﻋﺘﻤﺎر ﺑﻪ ﻟﻤﻦ ﯾﻘﺪم إﻟﯿﻪ ﻣﻦ أﻗﺼﻰ ﺟﺰﯾﺮة اﻟﻌﺮب ﻓﯿﺰوره ﺛﻢ ﯾﻌﻮد ﻟﻮﻃﻨﻪ ﻓﯿﻪ آﻣﻨﺎ‪.‬‬

‫وﻗﻮﻟﻪ‪ ):‬ذﻟﻚ اﻟﺪﯾﻦ اﻟﻘﯿﻢ( أي ﻫﺬا ﻫﻮ اﻟﺸﺮع اﻟﻤﺴﺘﻘﯿﻢ ﻣﻦ اﻣﺘﺜﺎل أﻣﺮ اﷲ ﻓﯿﻤﺎ ﺟﻌﻞ ﻣﻦ اﻷﺷﻬﺮ اﻟﺤﺮم واﻟﺤﺬو ﺑﻬﺎ‬
‫ﻋﻠﻲ ﻣﺎ ﺳﺒﻖ ﻓﻲ ﻛﺘﺎب اﷲ اﻷول‪ ،‬ﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻰ‪ ):‬ﻓﻼ ﺗﻈﻠﻤﻮا ﻓﯿﻬﻦ أﻧﻔﺴﻜﻢ( أي ﻓﻲ ﻫﺬه اﻷﺷﻬﺮ اﻟﻤﺤﺮﻣﺔ ﻷﻧﻬﺎ آﻛﺪ‬
‫وأﺑﻠﻎ ﻓﻲ اﻹﺛﻢ ﻣﻦ ﻏﯿﺮﻫﺎ‪ ....‬وﻗﻮﻟﻪ‪):‬وﻗﺎﺗﻠﻮا اﻟﻤﺸﺮﻛﯿﻦ ﻛﺎﻓﺔ( أي ﺟﻤﯿﻌﻜﻢ) ﻛﻤﺎ ﯾﻘﺎﺗﻠﻮﻧﻜﻢ ﻛﺎﻓﺔ( أي ﺟﻤﯿﻌﺎ) واﻋﻠﻤﻮا‬
‫أن اﷲ ﻣﻊ اﻟﻤﺘﻘﯿﻦ(‪.‬‬
‫* وﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺗﻔﺴﯿﺮ اﻟﺠﻼﻟﯿﻦ‪ ،‬واﻟﻈﻼل‪ ،‬وﺻﻔﻮة اﻟﺒﯿﺎن ﻟﻤﻌﺎﻧﻲ اﻟﻘﺮآن‪ ،‬واﻟﻤﻨﺘﺨﺐ ﻓﻲ ﺗﻔﺴﯿﺮ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﯾﻢ‪،‬‬
‫وﺻﻔﻮة اﻟﺘﻔﺎﺳﯿﺮ‪ ،‬ﺟﺰى اﷲ ﻛﺎﺗﺒﯿﻬﺎ ﺧﯿﺮا‪ ،‬ﺟﺎء ﻛﻼم ﻣﺸﺎﺑﻪ ﺑﺘﺒﺎﯾﻦ ﻓﻲ ﻃﻮل اﻟﺴﺮد أو ﻗﺼﺮه‪ ،‬وﻟﺬﻟﻚ ﻻ داﻋﻲ‬
‫ﻟﺘﻜﺮاره ﻫﻨﺎ‪.‬‬

‫ﻣﻦ اﻟﺪﻻﻻت اﻟﻌﻠﻤﯿﺔ ﻟﻶﯾﺔ اﻟﻜﺮﯾﻤﺔ‬

‫ﻫﺬه اﻵﯾﺔ اﻟﻜﺮﯾﻤﺔ ﺗﺘﺤﺪث ﻋﻦ ﻋﺪة اﻟﺸﻬﻮر ﻓﻲ ﺳﻨﺔ ﻣﻦ ﺳﻨﻲ اﻷرض ﻷن اﻟﺨﻄﺎب اﻟﻘﺮآﻧﻲ ﻣﻮﺟﻪ ﻟﻨﺎ ـ ﻧﺤﻦ أﻫﻞ‬
‫اﻷرض ـ وﻷن ﻛﻞ ﺟﺮم ﻣﻦ أﺟﺮام اﻟﺴﻤﺎء ﻟﻪ أزﻣﻨﺘﻪ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﻪ ﻣﻦ اﻟﺴﻨﯿﻦ‪ ،‬واﻟﺸﻬﻮر‪ ،‬واﻷﺳﺎﺑﯿﻊ‪ ،‬واﻷﯾﺎم‪ ،‬وإذا‬
‫ﻛﺎن اﻟﺠﺮم ﺟﺴﻤﺎ ﻣﻌﺘﻤﺎ ﻛﺎن ﻟﻪ أﯾﻀﺎ ﻟﯿﻠﻪ وﻧﻬﺎره‪ ،‬وﯾﺘﻀﺢ ﻫﺬا اﻟﺘﺒﺎﯾﻦ ﻓﻲ أزﻣﻨﺔ ﻛﻞ ﺟﺮم ﻣﻦ أﺟﺮام اﻟﺴﻤﺎء ﺑﺎﻟﺘﺒﺎﯾﻦ‬
‫ﺑﯿﻦ أزﻣﻨﺔ أﺟﺮام ﻣﺠﻤﻮﻋﺘﻨﺎ اﻟﺸﻤﺴﯿﺔ اﻟﺬي ﺑﯿﺎﻧﻪ ﻛﻤﺎ ﯾﻠﻲ‪:‬‬
‫* ﺳﻨﺔ اﻟﺸﻤﺲ‪ ٢٢٥:‬ﻣﻠﯿﻮن ﺳﻨﺔ ﻣﻦ ﺳﻨﻲ اﻷرض‪.‬‬
‫* ﺳﻨﺔ ﻋﻄﺎرد=‪ ٠٫٢٤‬ﻣﻦ اﻟﺴﻨﺔ اﻷرﺿﯿﺔ)=‪ ٨٨‬ﯾﻮﻣﺎ ﻣﻦ أﯾﺎم اﻷرض(‪.‬‬
‫* ﺳﻨﺔ اﻟﺰﻫﺮة=‪ ٠٫٧٠‬ﻣﻦ اﻟﺴﻨﺔ اﻷرﺿﯿﺔ)=‪ ٢٥٥‬ﯾﻮﻣﺎ ﻣﻦ أﯾﺎم اﻷرض(‪.‬‬
‫* ﺳﻨﺔ اﻷرض=‪ ١‬ﺳﻨﺔ أرﺿﯿﺔ)=‪ ٣٦٥٫٢٥‬ﯾﻮم ﻣﻦ أﯾﺎم اﻷرض(‪.‬‬
‫* ﺳﻨﺔ اﻟﻤﺮﯾﺦ=‪ ١٫٨٨‬ﺳﻨﺔ أرﺿﯿﺔ)=‪ ٦٨٦٫٦٧‬ﯾﻮم ﻣﻦ أﯾﺎم اﻷرض(‪.‬‬
‫* ﺳﻨﺔ اﻟﻤﺸﺘﺮي=‪ ١١٫٨٦‬ﺳﻨﺔ أرﺿﯿﺔ)= ‪ ٤٣٣٢‬ﯾﻮﻣﺎ ﻣﻦ أﯾﺎم اﻷرض(‪.‬‬
‫* ﺳﻨﺔ زﺣﻞ=‪ ٢٩٫٤٦‬ﺳﻨﺔ أرﺿﯿﺔ)=‪ ١٠٧٦٠٫٢٧‬ﯾﻮﻣﺎ ﻣﻦ أﯾﺎم اﻷرض(‪.‬‬
‫* ﺳﻨﺔ ﯾﻮراﻧﻮس=‪ ٨٤٫٠٢‬ﺳﻨﺔ أرﺿﯿﺔ)=‪ ٣٠٦٨٨٫٣١‬ﯾﻮم ﻣﻦ أﯾﺎم اﻷرض(‪.‬‬
‫* ﺳﻨﺔ ﻧﺒﺘﯿﻮن=‪ ١٦٤٫٨٠‬ﺳﻨﺔ أرﺿﯿﺔ)=‪ ٦٠١٩٣٫٢٠‬ﯾﻮم ﻣﻦ أﯾﺎم اﻷرض(‪.‬‬
‫* ﺳﻨﺔ ﺑﻠﻮﺗﻮ=‪ ٢٤٧٫٧٠‬ﺳﻨﺔ أرﺿﯿﺔ)=‪ ٩٠٤٧٢٫٤٠‬ﯾﻮﻣﺎ ﻣﻦ أﯾﺎم اﻷرض(‪.‬‬

‫‪2‬‬

‫‪PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com‬‬

 ‫وﻫﺬا اﻟﺘﺒﺎﯾﻦ ﻓﻲ أزﻣﻨﺔ ﻛﻞ ﺟﺮم ﻣﻦ أﺟﺮام ﻣﺠﻤﻮﻋﺘﻨﺎ اﻟﺸﻤﺴﯿﺔ‪ ،‬ﺑﻞ ﻛﻞ ﺟﺮم ﻣﻦ أﺟﺮام اﻟﺴﻤﺎء ﯾﺆﻛﺪ ﻋﻠﻰ ﻧﺴﺒﯿﺔ ﻛﻞ‬
‫ﺷﻲء ﻓﻲ وﺟﻮدﻧﺎ‪ ،‬ﺣﺘﻰ ﯾﺒﻘﻰ اﻟﻌﻠﻢ‪ ،‬اﻟﺤﻘﯿﻘﻲ‪ ،‬اﻟﻤﻄﻠﻖ‪ ،‬اﻟﻜﺎﻣﻞ‪ ،‬اﻟﻤﺤﯿﻂ ﻟﺨﺎﻟﻖ ﻫﺬا اﻟﻜﻮن وﺣﺪه‪ ،‬اﻟﺬي ﻫﻮ ﻓﻮق‬
‫اﻟﺨﻠﻖ ﻛﻠﻪ‪ ،‬ﻓﻮق اﻟﻤﺎدة واﻟﻄﺎﻗﺔ واﺿﺪادﻫﻤﺎ‪ ،‬وﻓﻮق اﻟﻤﻜﺎن واﻟﺰﻣﺎن ﺑﻤﺨﺘﻠﻒ أﺷﻜﺎﻟﻬﻤﺎ وأﺑﻌﺎدﻫﻤﺎ‪ ...:‬ﻟﯿﺲ ﻛﻤﺜﻠﻪ‬
‫ﺷﻲء وﻫﻮ اﻟﺴﻤﯿﻊ اﻟﺒﺼﯿﺮ) اﻟﺸﻮرى‪.(١١:‬‬
‫وﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ إﯾﻤﺎﻧﻨﺎ ﺑﻤﺤﺪودﯾﺔ ﻋﻠﻤﻨﺎ ﻓﺈﻧﻨﺎ ﻧﺪرك أن ﻣﻦ ﺻﻮر ﺗﺴﺨﯿﺮ ﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎوات‪ ،‬وﻣﺎ ﻓﻲ اﻷرض ﻟﻬﺬا‬
‫اﻹﻧﺴﺎن اﻟﻀﻌﯿﻒ‪ ،‬اﻟﻤﺤﺪود اﻟﻘﺪرات‪ ،‬واﻟﺤﻮاس أن ﯾﻤﻜﻨﻪ رﺑﻪ ﺗﺒﺎرك وﺗﻌﺎﻟﻰ ﻣﻦ اﻟﻮﺻﻮل إﻟﻰ ﺷﻲء ﻣﻦ اﻟﺤﻖ ﻓﻲ‬
‫ﺻﻔﺤﺔ اﻟﺴﻤﺎء ﻋﻠﻰ ﺗﻌﺎﻇﻢ أﺑﻌﺎدﻫﺎ ﻣﻤﺎ ﯾﺸﻬﺪ ﻟﻠﺨﺎﻟﻖ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﻟﻰ ﺑﺎﻷﻟﻮﻫﯿﺔ واﻟﺮﺑﻮﺑﯿﺔ‪ ،‬واﻟﻮﺣﺪاﻧﯿﺔ‪ ،‬ﺑﻐﯿﺮ ﺷﺮﯾﻚ‬
‫وﻻ ﺷﺒﯿﻪ وﻻ ﻣﻨﺎزع‪.‬‬
‫واﻟﺨﻄﺎب اﻹﻟﻬﻲ‪ :‬إن ﻋﺪة اﻟﺸﻬﻮر ﻋﻨﺪ اﷲ اﺛﻨﺎ ﻋﺸﺮ ﺷﻬﺮا ﻓﻲ ﻛﺘﺎب اﷲ ﯾﻮم ﺧﻠﻖ اﻟﺴﻤﺎوات واﻷرض ﻣﻨﻬﺎ أرﺑﻌﺔ‬
‫ﺣﺮم‪....‬‬
‫ﻛﻤﺎ ﯾﺸﻤﻞ ﺳﻨﺔ اﻷرض ﻻﺑﺪ أن ﻟﻪ دﻻﻟﺔ ﻛﻮﻧﯿﺔ ﻣﻬﻤﺔ ﻣﻨﻄﻠﻘﺔ ﻣﻦ أن اﻷرض ﻓﻲ ﻣﺮﻛﺰ اﻟﻜﻮن ﺣﺴﺒﻤﺎ ﺟﺎء ﻓﻲ اﻟﻌﺪﯾﺪ‬
‫ﻣﻦ اﻵﯾﺎت اﻟﻘﺮآﻧﯿﺔ اﻟﻜﺮﯾﻤﺔ واﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﻨﺒﻮﯾﺔ اﻟﺸﺮﯾﻔﺔ‪.‬‬

‫ﻣﺮﻛﺰﯾﺔ اﻷرض ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﻟﻰ اﻟﻜﻮن‪:‬‬

‫ﯾﻤﻜﻦ اﺳﺘﻨﺘﺎج ﻣﺮﻛﺰﯾﺔ اﻷرض ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﻟﻰ اﻟﺴﻤﺎوات ﻣﻦ اﻹﺷﺎرات اﻟﺘﺎﻟﯿﺔ‪:‬‬
‫)‪ (١‬ﯾﺸﯿﺮ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﯾﻢ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﺗﺸﯿﺮ اﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﻨﺒﻮﯾﺔ اﻟﺸﺮﯾﻔﺔ ﻓﻲ ﻣﺌﺎت اﻟﻤﻮاﺿﻊ إﻟﻰ اﻟﺴﻤﺎوات واﻷرض‪ ،‬ﻓﻘﺪ‬
‫ﺟﺎءت ﻟﻔﻈﺔ اﻟﺴﻤﺎء ﻓﻲ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﯾﻢ ﺑﺎﻹﻓﺮاد واﻟﺠﻤﻊ ﻓﻲ ﺛﻼﺛﻤﺎﺋﺔ وﻋﺸﺮة ﻣﻮاﺿﻊ‪ ،‬ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎﺋﺔ وﻋﺸﺮون ﻣﺮة‬
‫ﺑﺎﻹﻓﺮاد‪ ،‬وﻣﺎﺋﺔ وﺗﺴﻌﻮن ﻣﺮة ﺑﺎﻟﺠﻤﻊ‪ .‬ﻛﺬﻟﻚ ﺟﺎءت اﻹﺷﺎرة إﻟﻰ اﻷرض ﻓﻲ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﯾﻢ ﻓﻲ أرﺑﻌﻤﺎﺋﺔ وواﺣﺪ‬
‫وﺳﺘﯿﻦ ﻣﻮﺿﻌﺎ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﯾﺸﯿﺮ إﻟﻰ اﻟﻜﻮﻛﺐ ﻛﻜﻞ‪ ،‬وﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﯾﺸﯿﺮ إﻟﻰ ﻛﺘﻞ اﻟﻘﺎرات اﻟﺘﻲ ﻧﺤﯿﺎ ﻋﻠﯿﻬﺎ‪ ،‬وﻣﺎ ﺑﻬﺎ ﻣﻦ‬
‫ﺻﺨﻮر‪ ،‬وﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﯾﺸﯿﺮ إﻟﻰ ﻗﻄﺎع اﻟﺘﺮﺑﺔ اﻟﺬي ﯾﻐﻄﻲ ﺻﺨﻮر اﻷرض‪ ،‬وﻓﻲ ﻣﻌﻈﻢ ﻫﺬه اﻵﯾﺎت ﻧﺠﺪ اﻟﻤﻘﺎﺑﻠﺔ اﻟﻘﺮآﻧﯿﺔ‬
‫اﻟﺼﺮﯾﺤﺔ ﺑﯿﻦ اﻷرض ـ ﻋﻠﻰ ﺿﺂﻟﺔ ﺣﺠﻤﻬﺎ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﻟﻰ ﺑﻘﯿﺔ اﻟﻜﻮن ـ واﻟﺴﻤﺎء ـ ﻋﻠﻰ ﺿﺨﺎﻣﺔ أﺑﻌﺎدﻫﺎ‪ ،‬وﻗﻄﺮ اﻟﺠﺰء‬
‫اﻟﻤﺮﺋﻲ ﻣﻦ اﻟﺴﻤﺎء اﻟﺪﻧﯿﺎ ﯾﻘﺪر ﺑﺄرﺑﻌﺔ وﻋﺸﺮﯾﻦ أﻟﻒ ﻣﻠﯿﻮن ﺳﻨﺔ ﺿﻮﺋﯿﺔ ـ وﻫﺬه اﻟﻤﻘﺎﺑﻠﺔ ﻻ ﯾﻤﻜﻦ أن ﺗﻘﻮم إﻻ إذا‬
‫ﻛﺎن ﻟﻸرض وﺿﻊ ﻣﺘﻤﯿﺰ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﻟﻰ اﻟﺴﻤﺎء اﻟﺪﻧﯿﺎ‪.‬‬
‫)‪ (٢‬ﻓﻲ إﺣﺪى وﻋﺸﺮﯾﻦ آﯾﺔ ﻗﺮآﻧﯿﺔ ﻛﺮﯾﻤﺔ ﺟﺎء ذﻛﺮ اﻟﻮﺻﻒ اﻹﻟﻬﻲ) اﻟﺴﻤﺎوات واﻷرض وﻣﺎ ﺑﯿﻨﻬﻤﺎ( وﻫﺬه اﻟﺒﯿﻨﯿﺔ‬
‫ﻻ ﯾﻤﻜﻦ أن ﺗﺘﻢ إﻻ إذا ﻛﺎﻧﺖ اﻷرض ﻓﻲ ﻣﺮﻛﺰ اﻟﻜﻮن(‪.‬‬
‫)‪ (٣‬ﺟﺎء ﻓﻲ ﺳﻮرة اﻟﺮﺣﻤﻦ ﻗﻮل اﻟﺤﻖ ﺗﺒﺎرك وﺗﻌﺎﻟﻰ‪:‬‬
‫ﯾﺎ ﻣﻌﺸﺮ اﻟﺠﻦ واﻹﻧﺲ إن اﺳﺘﻄﻌﺘﻢ أن ﺗﻨﻔﺬوا ﻣﻦ أﻗﻄﺎر اﻟﺴﻤﺎوات واﻷرض ﻓﺄﻧﻔﺬوا ﻻ ﺗﻨﻔﺬون إﻻ ﺑﺴﻠﻄﺎن‬
‫) اﻟﺮﺣﻤﻦ‪.(٣٣:‬‬
‫وﻗﻄﺮ أي ﺷﻜﻞ ﻫﻨﺪﺳﻲ ﻫﻮ اﻟﺨﻂ اﻟﻮاﺻﻞ ﺑﯿﻦ ﻃﺮﻓﯿﻪ ﻣﺮورا ﺑﻤﺮﻛﺰه‪ ،‬ﻓﺈذا ﻛﺎﻧﺖ أﻗﻄﺎر اﻟﺴﻤﺎوات واﻷرض واﺣﺪة‪،‬‬
‫ﻓﻼ ﺑﺪ أن ﺗﻜﻮن اﻷرض ﻓﻲ ﻣﺮﻛﺰ اﻟﻜﻮن‪.‬‬
‫)‪ (٤‬ﻓﻲ أﻏﻠﺐ اﻟﺤﻀﺎرات اﻟﻘﺪﯾﻤﺔ اﻋﺘﺒﺮت اﻷرض ﻣﺮﻛﺰا ﻟﻠﻜﻮن‪ ،‬وﻛﻞ اﻟﻤﻌﺎرف اﻟﺼﺤﯿﺤﺔ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﺤﻀﺎرات‬
‫ـ ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﻀﺎﯾﺎ اﻟﻐﯿﺒﯿﺔ‪ ،‬ﻫﻲ ﺑﺎﻟﻘﻄﻊ ﻣﻦ وﺣﻲ اﻟﺴﻤﺎء‪ ،‬أو ﻣﻦ ﺑﻘﺎﯾﺎ ﻣﺎ ﻗﺎﻟﻪ رﺑﻨﺎ ﺗﺒﺎرك وﺗﻌﺎﻟﻰ‪:‬‬
‫وﻋﻠﻢ آدم اﻷﺳﻤﺎء ﻛﻠﻬﺎ‪ )...‬اﻟﺒﻘﺮة‪.(٣١:‬‬
‫)‪ (٥‬ﺗﺒﺪو اﻟﺴﻤﺎء ﻟﻠﻨﺎﻇﺮ إﻟﯿﻬﺎ ﻣﻦ أي ﻣﻜﺎن ﻋﻠﻰ ﺳﻄﺢ اﻷرض وﻛﺄﻧﻬﺎ ﻛﺮة ﺷﺎﺳﻌﺔ اﻷﺑﻌﺎد ﺗﺤﯿﻂ ﺑﺎﻷرض ﻣﻦ ﻛﻞ‬
‫ﺟﺎﻧﺐ‪ ،‬وﻟﺬﻟﻚ ﯾﺴﻤﯿﻬﺎ اﻟﻔﻠﻜﯿﻮن ﺑﺎﺳﻢ اﻟﻜﺮة اﻟﺴﻤﺎوﯾﺔ وﯾﺮﺳﻤﻮﻧﻬﺎ داﺋﻤﺎ ﺑﺠﻌﻞ ﻛﻮﻛﺐ اﻷرض ﻣﺮﻛﺰا ﻟﻬﺎ‪ ،‬وﻣﻊ ﺗﻮزﯾﻊ‬
‫أﺟﺮام اﻟﺴﻤﺎء ﻋﻠﻰ ﺳﻄﺢ ﺗﻠﻚ اﻟﻜﺮة اﻟﺴﻤﺎوﯾﺔ‪.‬‬
‫)‪ (٦‬روي ﻛﻞ ﻣﻦ اﻹﻣﺎم اﻟﻬﺮوي ﻓﻲ ﻏﺮﯾﺐ اﻟﺤﺪﯾﺚ)‪ ،(٣/٣٦٢‬واﻹﻣﺎم اﻟﺰﻣﺨﺸﺮي ﻓﻲ اﻟﻔﺎﺋﻖ ﻓﻲ ﻏﺮﯾﺐ اﻟﺤﺪﯾﺚ‬
‫ﻋﻦ رﺳﻮل اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﻪ وﺳﻠﻢ ﻗﻮﻟﻪ‪ :‬ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻜﻌﺒﺔ ﺧﺸﻌﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺎء ﻓﺪﺣﯿﺖ ﻣﻨﻬﺎ اﻷرض واﻟﺨﺸﻌﺔ اﻷﻛﻤﺔ‬
‫اﻟﺼﻐﯿﺮة‪ ،‬واﻟﻌﻠﻢ ﯾﺜﺒﺖ اﻟﯿﻮم ﺗﻮﺳﻂ اﻟﻜﻌﺒﺔ اﻟﻤﺸﺮﻓﺔ ﻟﻠﯿﺎﺑﺴﺔ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﯾﺜﺒﺖ أن اﻷرض ﻣﺮت ﻓﻲ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﻣﻦ ﻣﺮاﺣﻞ‬
‫إﻋﺪادﻫﺎ ﻻﺳﺘﻘﺒﺎل اﻟﺤﯿﺎة ﺑﻔﺘﺮة ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻐﻤﻮرة ﻏﻤﺮا ﻛﺎﻣﻼ ﺑﺎﻟﻤﺎء‪ ،‬وﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻫﻨﺎك ﯾﺎﺑﺴﺔ‪ ،‬ﺛﻢ ﻓﺠﺮ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻗﺎع ﻫﺬا‬
‫اﻟﻤﺤﯿﻂ اﻟﻐﺎﻣﺮ ﺑﺜﻮرة ﺑﺮﻛﺎﻧﯿﺔ ﻣﻦ ﺗﺤﺖ اﻟﻤﺎء ﻓﻜﻮﻧﺖ أول ﺟﺰﯾﺮة ﺑﺮﻛﺎﻧﯿﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ‪ ،‬ﺛﻢ دﺣﯿﺖ ﺑﻘﯿﺔ اﻟﯿﺎﺑﺴﺔ ﺣﻮل ﻫﺬه‬
‫اﻟﺠﺰﯾﺮة ﻟﺘﻜﻮن ﻗﺎرة وﺣﯿﺪة اﺳﻤﻬﺎ‪ :‬اﻟﻘﺎرة اﻷم أو‪ ،Pangaea‬ﺛﻢ ﺗﻔﺘﺖ ﻫﺬه اﻟﻘﺎرة اﻷم إﻟﻰ اﻟﻘﺎرات اﻟﺴﺒﻊ اﻟﺤﺎﻟﯿﺔ‬
‫اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻮﺳﻄﻬﺎ اﻟﻜﻌﺒﺔ اﻟﻤﺸﺮﻓﺔ اﻟﯿﻮم ﻛﻤﺎ ﺗﻮﺳﻄﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﺟﻤﯿﻊ ﻣﺮاﺣﻞ ﻧﻤﻮﻫﺎ‪.‬‬

‫)‪ (٧‬ﻛﺬﻟﻚ روي ﻣﺠﺎﻫﺪ ﻋﻦ رﺳﻮل اﷲ) ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﻪ وﺳﻠﻢ( ﻗﻮﻟﻪ‪ :‬إن اﻟﺤﺮم ﺣﺮم ﻣﻨﺎء ﻣﻦ اﻟﺴﻤﺎوات اﻟﺴﺒﻊ‬

‫‪3‬‬

‫‪PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com‬‬

 ‫واﻷرﺿﯿﻦ اﻟﺴﺒﻊ‪ ،‬وﻟﻔﻈﺔ ﻣﻨﺎء ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ ﻗﺼﺪه‪ ،‬وﻓﻲ ﺣﺬاه‪ ،‬ﯾﻘﺎل‪ :‬داري ﻣﻨﺎ دار ﻓﻼن أي ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑﻠﺘﻬﺎ‪ ،‬وﻣﻌﻨﻰ ﻫﺬا‬
‫اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺸﺮﯾﻒ أن اﻟﻜﻌﺒﺔ اﻟﻤﺸﺮﻓﺔ ﻫﻲ ﻣﺮﻛﺰ اﻟﯿﺎﺑﺴﺔ ﻓﻲ اﻷرض اﻷوﻟﻰ‪ ،‬وﻣﻦ ﺗﺤﺘﻬﺎ ﺳﺖ أرﺿﯿﻦ‪ ،‬وأن ﻫﺬه‬
‫اﻷرﺿﯿﻦ اﻟﺴﺒﻊ ﻣﺤﺎﻃﺔ إﺣﺎﻃﺔ ﻛﺎﻣﻠﺔ ﺑﺎﻟﺴﻤﺎوات اﻟﺴﺒﻊ‪ ،‬وﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ﻓﺈن اﻟﻜﻌﺒﺔ اﻟﻤﺸﺮﻓﺔ ﻫﻲ ﻣﺮﻛﺰ اﻟﻜﻮن‪.‬‬
‫وﺗﺄﻛﯿﺪا ﻟﺬﻟﻚ ﻗﺎل اﻟﻤﺼﻄﻔﻰ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﻪ وﺳﻠﻢ‪ :‬اﻟﺒﯿﺖ اﻟﻤﻌﻤﻮر ﻣﻨﺎء ﻣﻜﺔ‪ ،‬وﺳﺄل ﺟﻤﻌﺎ ﻣﻦ اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﺑﻘﻮﻟﻪ‬
‫اﻟﺸﺮﯾﻒ‪ :‬أﺗﺪرون ﻣﺎ اﻟﺒﯿﺖ اﻟﻤﻌﻤﻮر؟ ﻗﺎﻟﻮا‪ :‬اﷲ ورﺳﻮﻟﻪ أﻋﻠﻢ‪ ،‬ﻗﺎل) ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﻪ وﺳﻠﻢ(‪ :‬ﻫﻮ ﺑﯿﺖ ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء‬
‫اﻟﺴﺎﺑﻌﺔ‪ ،‬ﻋﻠﻰ ﺣﯿﺎل اﻟﻜﻌﺒﺔ ﺗﻤﺎﻣﺎ ﺣﺘﻰ ﻟﻮ ﺧــﺮ ﻟﺨﺮ ﻓﻮﻗﻬﺎ‪....‬‬

‫ﻛﻞ ذﻟﻚ ﯾﺆﻛﺪ ﻣﻮﻗﻊ اﻟﻜﻌﺒﺔ اﻟﻤﺸﺮﻓﺔ ﻣﻦ اﻟﻜﻮن ﻛﻠﻪ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﯾﺸﯿﺮ إﻟﻰ ﺗﻮﺳﻂ اﻷرض ﻟﻠﻜﻮن‪ ،‬وﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﻛﺎن ﻟﺴﻨﺔ اﻷرض‬
‫اﻟﻤﻜﻮﻧﺔ ﻣﻦ اﺛﻨﻲ ﻋﺸﺮ ﺷﻬﺮا ﻣﻌﻨﻰ ﻛﻮﻧﯿﺎ ﻟﻢ ﯾﺪرﻛﻪ اﻟﻌﻠﻢ اﻟﻤﻜﺘﺴﺐ وﺗﺘﻀﺢ دﻻﻟﺘﻪ ﻣﻦ ﻗﻮل اﻟﺤﻖ ﺗﺒﺎرك وﺗﻌﺎﻟﻰ‪:‬‬
‫إن ﻋﺪة اﻟﺸﻬﻮر ﻋﻨﺪ اﷲ اﺛﻨﺎ ﻋﺸﺮ ﺷﻬﺮا ﻓﻲ ﻛﺘﺎب اﷲ ﯾﻮم ﺧﻠﻖ اﻟﺴﻤﺎوات واﻷرض ﻣﻨﻬﺎ أرﺑﻌﺔ ﺣﺮم‪.....‬‬

‫ﻣﺎﻫﻮ اﻟﺸﻬﺮ اﻟﻘﻤﺮي ؟‪:‬‬

‫ﯾﻌﺮف اﻟﺸﻬﺮ ﻟﻐﺔ ﺑﺄﻧﻪ ﻣﺪة ﻣﺸﻬﻮرة ﺑﺈﻫﻼل اﻟﻬﻼل‪،‬وﻗﯿﻞ‪ :‬اﻟﺸﻬﺮ اﻟﻘﻤﺮ‪ ،‬ﺳﻤﻲ ﺑﺬﻟﻚ ﻟﺸﻬﺮﺗﻪ وﻇﻬﻮره؛ وﻗﯿﻞ‪ :‬ﻫﻮ‬
‫اﻟﻌﺪد اﻟﻤﻌﺮوف ﻣﻦ اﻷﯾﺎم‪ ،‬ﯾﺸﻬﺮ ﺑﺎﻟﻘﻤﺮ‪ ،‬وﻓﯿﻪ ﻋﻼﻣﺔ اﺑﺘﺪاﺋﻪ واﻧﺘﻬﺎﺋﻪ؛ واﻟﺠﻤﻊ أﺷﻬﺮ وﺷﻬﻮر؛ واﻟﻌﺮب ﺗﻘﻮل‪:‬‬
‫رأﯾﺖ اﻟﺸﻬﺮ‪ ،‬أي‪ :‬رأﯾﺖ ﻫﻼﻟﻪ‪.‬‬
‫وﻗﺎل اﻹﻣﺎم اﻟﺮازي‪ :‬وأﻣﺎ اﻟﺸﻬﺮ ﻓﻬﻮ ﻋﺒﺎرة ﻋﻦ ﺣﺮﻛﺔ اﻟﻘﻤﺮ ﻣﻦ ﻧﻘﻄﺔ ﻣﻌﯿﻨﺔ ﻣﻦ ﻓﻠﻜﻪ اﻟﺨﺎص إﻟﻰ أن ﯾﻌﻮد إﻟﻰ‬
‫ﺗﻠﻚ اﻟﻨﻘﻄﺔ‪...‬‬
‫ﻫﺬا‪ ،‬وﻗﺪ ذﻛﺮت ﻟﻔﻈﺔ اﻟﺸﻬﺮ ﺑﺎﻹﻓﺮاد ﻓﻲ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﯾﻢ اﺛﻨﺘﻲ ﻋﺸﺮة ﻣﺮة‪ ،‬ﺟﺎء ﻧﺼﻔﻬﺎ ﺗﻤﺎﻣﺎ ﺑﺎﻟﺼﯿﻐﺔ اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ‬
‫اﻟﺸﻬﺮ‪ ،‬واﻟﻨﺼﻒ اﻵﺧﺮ ﺑﺎﻟﺼﯿﻐﺔ ﻏﯿﺮ اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﺷﻬﺮ أو ﺷﻬﺮا‪.‬‬
‫ﻛﻤﺎ ﺟﺎءت اﻹﺷﺎرة إﻟﻰ اﻟﺸﻬﺮ ﺑﺎﻟﺘﺜﻨﯿﺔ ﺷﻬﺮﯾﻦ ﻣﺮﺗﯿﻦ‪ ،‬وﺑﺎﻟﺠﻤﻊ ﺳﺒﻊ ﻣﺮات‪ ،‬إﺣﺪاﻫﺎ ﺑﺎﻟﺼﯿﻐﺔ اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ اﻟﺸﻬﻮر‪،‬‬
‫واﻟﺒﺎﻗﻲ ﺑﺎﻟﺼﯿﻐﺔ ﻏﯿﺮ اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ أﺷﻬﺮ‪.‬‬

‫وﯾﻌﺮف اﻟﺸﻬﺮ اﻟﻘﻤﺮي ﻓﻠﻜﯿﺎ ﺑﺄﻧﻪ دورة اﻟﻘﻤﺮ ﺣﻮل اﻷرض‪ ،‬ﻣﻨﺴﻮﺑﺔ إﻟﻰ ﻣﻮﻗﻊ اﻟﺸﻤﺲ ﻓﻲ ﺻﻔﺤﺔ اﻟﺴﻤﺎء‪ ،‬وﻫﻲ‬
‫دورة ﻣﻌﻘﺪة ﯾﺪﺧﻞ ﻓﯿﻬﺎ دوران اﻟﻘﻤﺮ ﺣﻮل اﻷرض‪ ،‬ودوراﻧﻪ ﻣﻊ اﻷرض ﺣﻮل اﻟﺸﻤﺲ‪ ،‬وﻣﻊ ﺑﺎﻗﻲ أﻓﺮاد اﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔ‬
‫اﻟﺸﻤﺴﯿﺔ ﺣﻮل ﻣﺮﻛﺰ اﻟﻤﺠﺮة‪ ،‬وﻣﺎ ﻓﻮق ذﻟﻚ ﻣﻦ ﺣﺮﻛﺎت ﻻ ﯾﻌﻠﻤﻬﺎ إﻻ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪.‬‬
‫وﻟﺘﺒﺎﯾﻦ ﺳﺮﻋﺔ ﻛﻞ دورة ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﺪورات ﻓﻲ ﺟﺮﯾﻬﺎ اﻟﺤﻘﯿﻘﻲ‪ ،‬وﻓﻲ ﺣﺮﻛﺎﺗﻬﺎ اﻟﻈﺎﻫﺮﯾﺔ اﻟﺘﻲ ﻧﺮاﻫﺎ ﺑﻬﺎ ﻣﻦ ﻋﻠﻰ‬
‫ﺳﻄﺢ اﻷرض ﻓﺈن اﻟﺤﺮﻛﺔ اﻟﻈﺎﻫﺮﯾﺔ ﻟﻠﺸﻤﺲ ﺗﺒﺪو ﻟﻨﺎ أﺳﺮع ﻣﻦ اﻟﺤﺮﻛﺔ اﻟﻈﺎﻫﺮﯾﺔ ﻟﻠﻘﻤﺮ‪ ،‬وإن ﻛﺎن ﻟﻜﻞ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻣﺪاره‬
‫اﻟﻤﺤﺪد اﻟﺨﺎص ﺑﻪ‪.‬‬

‫وﻧﺘﯿﺠﺔ ﻟﻬﺬه اﻟﺤﺮﻛﺎت اﻟﻤﺘﻌﺪدة ﻓﺈن اﻟﻘﻤﺮ ﯾﻤﺮ ﺑﯿﻦ اﻷرض واﻟﺸﻤﺲ ﻓﯿﻜﻮن وﺟﻬﻪ اﻟﻤﻨﯿﺮ ﻓﻲ اﺗﺠﺎه اﻟﺸﻤﺲ‪ ،‬ووﺟﻪ‬
‫اﻟﻤﻈﻠﻢ ﻓﻲ اﺗﺠﺎه اﻷرض‪ ،‬وﺗﺴﻤﻰ ﻫﺬه اﻟﻤﺮﺣﻠﺔ ﺑﺎﺳﻢ ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻟﻤﺤﺎق أو ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻻﻗﺘﺮا ن؛ وﺑﻤﺠﺮد ﺧﺮوج اﻟﻘﻤﺮ ﻋﻦ‬
‫ﻫﺬا اﻟﻮﺿﻊ ﯾﺒﺪأ أﻫﻞ اﻷرض ﻓﻲ رؤﯾﺔ ﺣﺎﻓﺘﻪ اﻟﻤﻨﯿﺮة اﻟﺘﻲ ﺗﺆذن ﺑﻤﯿﻼد ﺷﻬﺮ ﻗﻤﺮي ﺟﺪﯾﺪ‪.‬‬
‫وﺑﺘﻮاﺻﻞ دوران اﻟﻘﻤﺮ ﺣﻮل اﻷرض ﺗﺰداد ﻣﺴﺎﺣﺔ اﻟﺠﺰء اﻟﻤﻨﯿﺮ ﻣﻦ ﺳﻄﺤﻪ اﻟﻤﻮاﺟﻪ ﻟﻨﺎ ﻓﯿﺘﺤﺮك ﻣﻦ اﻟﻬﻼل اﻟﻮﻟﯿﺪ‬
‫إﻟﻰ اﻟﻬﻼل اﻟﻤﺘﻨﺎﻣﻲ‪ ،‬إﻟﻰ اﻟﺘﺮﺑﯿﻊ اﻷول‪ ،‬إﻟﻰ اﻷﺣﺪب اﻟﻤﺘﻨﺎﻣﻲ إﻟﻰ اﻟﺒﺪر اﻟﻜﺎﻣﻞ‪ ،‬ﺛﻢ ﺗﺒﺪأ ﻣﺴﺎﺣﺔ اﻟﺠﺰء اﻟﻤﻨﯿﺮ ﻣﻦ‬
‫ﺳﻄﺢ اﻟﻘﻤﺮ اﻟﻤﻮاﺟﻪ ﻟﻨﺎ ﻓﻲ اﻟﺘﻨﺎﻗﺺ اﻟﺘﺪرﯾﺠﻲ ﺣﺘﻰ اﻟﻤﺤﺎق‪ ،‬وﯾﻤﺮ ﺧﻼل ﻓﺘﺮة اﻟﺘﻨﺎﻗﺺ ﺗﻠﻚ ﺑﻤﺮاﺣﻞ اﻷﺣﺪب‬
‫اﻟﻤﺘﻨﺎﻗﺺ‪ ،‬ﺛﻢ اﻟﺘﺮﺑﯿﻊ اﻟﺜﺎﻧﻲ‪ ،‬ﺛﻢ اﻟﻬﻼل اﻟﻤﺘﻨﺎﻗﺺ إﻟﻰ اﻟﻤﺤﺎق ﻟﯿﺨﺘﺘﻢ ﺷﻬﺮا ﻗﻤﺮﯾﺎ‪ ،‬وﯾﺆذن ﺑﻤﯿﻼد ﺷﻬﺮ ﺟﺪﯾﺪ ﻣﻊ‬
‫ﻫﻼل وﻟﯿﺪ ﺟﺪﯾﺪ‪.‬‬

‫واﻟﻘﻤﺮ ﯾﺪور ﺣﻮل ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬وﺣﻮل اﻷرض ﺑﻨﻔﺲ اﻟﺴﺮﻋﺔ اﻟﻤﺘﻮﺳﻄﺔ اﻟﻤﻘﺪرة ﺑﻨﺤﻮ ﻛﯿﻠﻮﻣﺘﺮ واﺣﺪ ﻓﻲ اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ‪ ،‬ﻓﯿﻮاﺟﻪ‬
‫اﻷرض داﺋﻤﺎ ﺑﻮﺟﻪ واﺣﺪ‪ ،،‬وﺑﺬﻟﻚ ﯾﺼﺒﺢ ﯾﻮم اﻟﻘﻤﺮ ﺷﻬﺮا ﻗﻤﺮﯾﺎ ﻛﺎﻣﻼ ﻧﺼﻔﻪ ﻟﯿﻞ‪ ،‬وﻧﺼﻔﻪ ﻧﻬﺎر‪ ،‬وﺗﻔﺼﻞ ﺑﯿﻦ ﻫﺬﯾﻦ‬
‫اﻟﻨﺼﻔﯿﻦ داﺋﺮة ﻗﺮﯾﺒﺔ ﻣﻦ اﻟﺪاﺋﺮة اﻟﻌﻈﻤﻰ ﺗﻌﺮف ﺑﺎﺳﻢ داﺋﺮة اﻟﻨﻮر‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﺗﻔﺼﻞ ﺑﯿﻦ ﻣﺎ ﯾﺮى وﻣﺎ ﻻ ﯾﺮى ﻣﻦ ﺳﻄﺢ‬
‫اﻟﻘﻤﺮ داﺋﺮة أﺧﺮى ﺗﻌﺮف ﺑﺎﺳﻢ داﺋﺮة اﻟﺮؤﯾﺔ؛ وﻫﺎﺗﺎن اﻟﺪاﺋﺮﺗﺎن ﺗﻨﻄﺒﻘﺎن ﻓﻲ ﻣﺮﺣﻠﺘﻲ اﻟﺒﺪر اﻟﻜﺎﻣﻞ) اﻻﺳﺘﻘﺒﺎل(‪،‬‬
‫واﻟﻤﺤﺎق) اﻻﻗﺘﺮان أو اﻻﺟﺘﻤﺎع(‪ ،‬وﺗﺘﻘﺎﻃﻌﺎن ﺑﺰواﯾﺎ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﺮاﺣﻞ اﻟﻤﺘﻮﺳﻄﺔ ﺑﯿﻦ ﻫﺬﯾﻦ اﻟﺤﺪﯾﻦ؛ وﺗﻨﺸﺄ ﻋﻦ‬
‫ﺗﻄﺎﺑﻘﻬﻤﺎ وﺗﻘﺎﻃﻌﻬﻤﺎ اﻷﺷﻜﺎل اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﻟﻮﺟﻪ اﻟﻘﻤﺮ اﻟﻤﻮاﺟﻪ ﻟﻸرض‪:‬ﻣﻦ اﻟﻤﺤﺎق إﻟﻰ اﻟﺒﺪر اﻟﻜﺎﻣﻞ‪ ،‬وﻣﻨﻪ إﻟﻰ اﻟﻤﺤﺎق‬
‫اﻟﺬي ﯾﻠﯿﻪ‪ .‬ﻓﻌﻨﺪ ﺗﻄﺎﺑﻖ داﺋﺮﺗﻲ اﻟﻨﻮر واﻟﺮؤﯾﺔ ﻓﻲ وﺿﻊ اﻻﻗﺘﺮان ﯾﻜﻮن اﻟﻘﻤﺮ ﻓﻲ اﻟﻤﺤﺎق‪ ،‬وﻓﻲ وﺿﻊ اﻻﺳﺘﻘﺒﺎل‬
‫ﯾﻜﻮن اﻟﻘﻤﺮ ﻓﻲ اﻟﺒﺪر اﻟﻜﺎﻣﻞ‪ ،‬وﻋﻨﺪ ﺗﻘﺎﻃﻊ ﻫﺎﺗﯿﻦ اﻟﺪاﺋﺮﺗﯿﻦ ﻓﺈﻧﻨﺎ ﻧﺮى ﺟﺰءا ﻣﻦ ﻧﺼﻒ اﻟﻘﻤﺮ اﻟﻤﻨﯿﺮ‪ ،‬وﺟﺰءا ﻣﻦ‬

‫‪4‬‬

‫‪PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com‬‬

 ‫ﻧﺼﻔﻪ اﻟﻤﻈﻠﻢ‪ ،‬وﯾﺒﻘﻰ اﻟﻘﻤﺮ ﻓﻲ ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻟﻬﻼل اﻟﻤﺘﻨﺎﻣﻲ اﻟﺬي ﯾﺰداد ﺣﺠﻤﻪ ﺑﺎﻟﺘﺪرﯾﺞ ﺣﺘﻰ ﯾﺼﻞ إﻟﻰ ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻟﺘﺮﺑﯿﻊ‬
‫اﻷول ﻓﻲ اﻟﯿﻮم اﻟﺴﺎﺑﻊ ﻣﻦ اﻟﺸﻬﺮ اﻟﻘﻤﺮي‪ ،‬ﺛﻢ إﻟﻰ ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻷﺣﺪب اﻟﻤﺘﻨﺎﻣﻲ ﺑﻌﺪ ﻣﻀﻲ أﺣﺪ ﻋﺸﺮ ﯾﻮﻣﺎ ﻣﻦ ﺑﺪء‬
‫اﻟﺸﻬﺮ اﻟﻘﻤﺮي‪ ،‬وﯾﺼﻞ إﻟﻰ اﻟﺒﺪر اﻟﻜﺎﻣﻞ ﺑﻌﺪ ﻣﻀﻲ أرﺑﻌﺔ ﻋﺸﺮ ﯾﻮﻣﺎ أو ﻧﺤﻮﻫﺎ ﻣﻦ ﺑﺪاﯾﺔ اﻟﺸﻬﺮ اﻟﻘﻤﺮي‪ ،‬وﯾﺼﻞ إﻟﻰ‬
‫ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻷﺣﺪب اﻟﻤﺘﻨﺎﻗﺺ ﺑﻌﺪ اﻧﻘﻀﺎء أرﺑﻌﺔ أﯾﺎم ﺗﻘﺮﯾﺒﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻟﺒﺪر‪ ،‬وﺑﻌﺪ ﻣﻀﻲ‪ ٢٢‬ﯾﻮﻣﺎ ﺗﻘﺮﯾﺒﺎ ﻣﻦ اﻟﺸﻬﺮ‬
‫اﻟﻘﻤﺮي ﯾﺼﻞ إﻟﻰ ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻟﺘﺮﺑﯿﻊ اﻟﺜﺎﻧﻲ‪ ،‬وﻓﻲ اﻷﯾﺎم اﻟﺜﻼﺛﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻠﻲ اﻟﺘﺮﺑﯿﻊ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﯾﺼﻞ اﻟﻘﻤﺮ إﻟﻰ ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻟﻬﻼل‬
‫اﻟﻤﺘﻨﺎﻗﺺ‪ ،‬وﻓﻲ آﺧﺮ ﯾﻮم ﻣﻦ اﻟﺸﻬﺮ اﻟﻘﻤﺮي ﯾﻜﻮن اﻟﻘﻤﺮ ﻗﺪ أﺻﺒﺢ ﺑﯿﻦ اﻷرض واﻟﺸﻤﺲ ﻋﻠﻰ اﺳﺘﻘﺎﻣﺔ واﺣﺪة‬
‫ﻓﯿﺪﺧﻞ ﻓﻲ ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻹﻇﻼم اﻟﻜﺎﻣﻞ أو اﻟﻤﺤﺎق‪ ،‬واﻟﻤﺮاﺣﻞ اﻟﺮﺋﯿﺴﯿﺔ ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﺪورة اﻟﺘﺮﺑﯿﻊ اﻷول‪ ،‬اﻟﺒﺪر اﻟﻜﺎﻣﻞ‪،‬‬
‫اﻟﺘﺮﺑﯿﻊ اﻟﺜﺎﻧﻲ‪ ،‬اﻟﻤﺤﺎق اﻟﺘﻲ ﯾﺴﺘﻤﺮ ﻛﻞ ﻣﻨﻬﺎ ﻗﺮاﺑﺔ اﻷﯾﺎم اﻟﺴﺒﻌﺔ ﻛﺎﻧﺖ أﺳﺎس ﺗﻘﺴﯿﻢ اﻟﺸﻬﺮ اﻟﻘﻤﺮي إﻟﻰ أرﺑﻌﺔ‬
‫أﺳﺎﺑﯿﻊ‪.‬‬
‫وﻓﻲ دورة اﻟﻘﻤﺮ ﺣﻮل اﻷرض ﻓﺈﻧﻪ ﯾﻤﺮ ﻋﺒﺮ ﺑﺮج ﻣﻦ ﺑﺮوج اﻟﺴﻤﺎء اﻹﺛﻨﻲ ﻋﺸﺮ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺷﻬﺮ ﺣﺘﻰ ﯾﻌﻮد إﻟﻰ اﻟﺒﺮج‬
‫اﻟﺬي ﺑﺪأ ﺑﻪ ﻣﻊ ﻓﺮوق ﺗﻘﺪر ﺑﻨﺤﻮ‪ ١١‬ﯾﻮﻣﺎ‪ ،‬وﺑﺬﻟﻚ ﺗﺘﺤﺪد ﺳﻨﺔ ﻛﺎﻣﻠﺔ‪.‬‬
‫ﻛﺬﻟﻚ ﯾﻤﺮ اﻟﻘﻤﺮ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻟﯿﻠﺔ ﺑﻤﻜﺎن ﻣﻌﯿﻦ ﻣﻦ اﻟﺒﺮج اﻟﺸﻬﺮي‪ ،‬وﯾﻨﺴﺐ ﻫﺬا اﻟﻤﻜﺎن إﻟﻰ ﻋﺪد ﻣﻦ اﻟﻨﺠﻮم اﻟﺘﻲ ﺗﺒﺪو‬
‫ﻇﺎﻫﺮﯾﺎ أﻧﻬﺎ ﻗﺮﯾﺒﺔ ﻣﻦ اﻟﻘﻤﺮ‪ ،‬وﺗﻌﺮف ﻫﺬه اﻟﻤﻮاﻗﻊ ﺑﺎﺳﻢ ﻣﻨﺎزل اﻟﻘﻤﺮ أي أﻣﺎﻛﻦ وﺟﻮد اﻟﻘﻤﺮ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻟﯿﻠﺔ ﻣﻦ ﻟﯿﺎﻟﻲ‬
‫اﻟﺸﻬﺮ اﻟﻘﻤﺮي ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﻟﻰ ﻧﺠﻢ ﻣﻌﯿﻦ أو ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻧﺠﻤﯿﺔ ﻣﺤﺪدة؛ وﻋﺪد ﻫﺬه اﻟﻤﻨﺎزل ﺛﻤﺎﻧﯿﺔ وﻋﺸﺮون ﻣﻨﺰﻻ ﺑﻌﺪد‬
‫اﻟﻠﯿﺎﻟﻲ اﻟﺘﻲ ﯾﺮى ﻓﯿﻬﺎ اﻟﻘﻤﺮ‪ ،‬وﻣﺘﻮﺳﻂ ﻣﺪة ﻛﻞ ﻣﻨﻬﺎ‪ ١٣‬ﯾﻮﻣﺎ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﻟﻰ اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺸﻤﺴﯿﺔ‪.‬‬

‫ﻣﺎﻫﻲ اﻟﺴﻨﺔ اﻟﻘﻤﺮﯾﺔ؟‬

‫ﺗﻌﺮف اﻟﺴﻨﺔ اﻟﻘﻤﺮﯾﺔ ﺑﺎﻟﻔﺘﺮة اﻟﺰﻣﻨﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﯾﺘﻢ ﻓﯿﻬﺎ اﻟﻘﻤﺮ اﺛﻨﺘﻲ ﻋﺸﺮة دورة ﻛﺎﻣﻠﺔ ﺣﻮل اﻷرض؛ وﺗﺴﺘﻐﺮق ﻫﺬه‬
‫اﻟﻔﺘﺮة)‪ ٣٥٤٫٣٧‬ﯾﻮم( ﻷن ﻣﺘﻮﺳﻂ ﻋﺪد اﻷﯾﺎم ﻓﻲ ﻛﻞ ﺷﻬﺮ ﻗﻤﺮي ﻫﻮ ﻧﺤﻮ)‪ ٢٩٫٥٣‬ﯾﻮم(‪ ،‬وﻟﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻛﺴﻮر اﻷﯾﺎم‬
‫ﻻ ﺗﺪﺧﻞ ﻓﻲ ﺣﺴﺎب اﻟﺸﻬﻮر‪ ،‬وﻻ ﻓﻲ ﺣﺴﺎب اﻟﺴﻨﯿﻦ اﻋﺘﺒﺮت اﻟﺴﻨﺔ اﻟﻘﻤﺮﯾﺔ ﻣﺴﺎوﯾﺔ ﻟﻠﺮﻗﻢ اﻟﺼﺤﯿﺢ)‪ ٣٥٤‬ﯾﻮﻣﺎ(‪،‬‬
‫وﺗﻌﺮف ﺑﺎﻟﺴﻨﺔ اﻟﻘﻤﺮﯾﺔ اﻟﺒﺴﯿﻄﺔ‪ ،‬وﺗﺘﺠﻤﻊ اﻟﻜﺴﻮر ﻟﺘﺘﻢ ﯾﻮﻣﺎ ﻛﺎﻣﻼ ﻣﺮة ﻛﻞ ﺛﻼث ﺳﻨﻮات ﺗﻘﺮﯾﺒﺎ ﺗﺼﺒﺢ ﻣﺪة اﻟﺴﻨﺔ‬
‫اﻟﻘﻤﺮﯾﺔ ﻓﯿﻬﺎ)‪ ٣٥٥‬ﯾﻮﻣﺎ(‪ ،‬وﺗﻌﺮف ﺑﺎﺳﻢ اﻟﺴﻨﺔ اﻟﻘﻤﺮﯾﺔ اﻟﻜﺒﯿﺴﺔ‪ ،‬وﺗﻈﻬﺮ‪ ١١‬ﻣﺮة ﻓﻲ ﻛﻞ‪ ٣٠‬ﺳﻨﺔ ﺗﻘﺮﯾﺒﺎ‪.‬‬
‫واﻟﺘﻌﺒﯿﺮ اﻟﻠﻐﻮي ﺳﻨﺔ ﻣﺴﺘﻤﺪ ﻣﻦ) ﺳﻨﺎ(‪ )،‬ﺳﻨﯿﻮ(‪ ،‬ﺑﻤﻌﻨﻰ دار ﯾﺪور ﺣﺘﻰ ﯾﻌﻮد إﻟﻲ ﻣﻜﺎﻧﻪ اﻷول‪ ،‬وﻛﺬﻟﻚ ﺗﻌﺒﯿﺮ اﻟﺤﻮل‬
‫ﻣﺴﺘﻤﺪ ﻣﻦ ﺣﺎل ﯾﺤﻮل‪ ،‬وﻫﻮ ﺑﻨﻔﺲ اﻟﻤﻌﻨﻰ‪ ،‬ﻛﻤﺎ أن اﻟﺴﻨﺔ ﻫﻲ أول اﻟﺴﻦ‪.‬‬

‫ﻣﺎﻫﻲ اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺸﻤﺴﯿﺔ؟‪:‬‬

‫اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺸﻤﺴﯿﺔ ﺗﺤﺪدﻫﺎ دورة ﻛﺎﻣﻠﺔ ﻟﻸرض ﺣﻮل اﻟﺸﻤﺲ‪ ،‬وﺗﻘﺴﻢ ﻫﺬه اﻟﺴﻨﺔ ﺑﻮاﺳﻄﺔ ﺑﺮوج اﻟﺴﻤﺎء اﻻﺛﻨﻲ ﻋﺸﺮ‬
‫إﻟﻰ اﺛﻨﻲ ﻋﺸﺮ ﺷﻬﺮا‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﯾﻤﻜﻦ أن ﺗﻘﺴﻢ ﺑﻮاﺳﻄﺔ إﺛﻨﺘﻲ ﻋﺸﺮة دورة ﻛﺎﻣﻠﺔ ﻟﻠﻘﻤﺮ ﺣﻮل اﻷرض ﺑﻔﺮق ﯾﻘﺪر ﺑﻨﺤﻮ‬
‫اﻷﺣﺪ ﻋﺸﺮ ﯾﻮﻣﺎ‪ ،‬وﻫﻮ اﻟﻔﺮق ﺑﯿﻦ اﻟﺴﻨﺘﯿﻦ اﻟﺸﻤﺴﯿﺔ واﻟﻘﻤﺮﯾﺔ‪ ،‬ﻷن اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺸﻤﺴﯿﺔ ﯾﻘﺪر زﻣﻨﻬﺎ ﺑﻨﺤﻮ‪٣٦٥٫٢٥‬‬
‫ﯾﻮم‪ ،‬ﺑﯿﻨﻤﺎ ﯾﻘﺪر زﻣﻦ اﻟﺴﻨﺔ اﻟﻘﻤﺮﯾﺔ ﺑﻨﺤﻮ‪ ٣٥٤‬ﯾﻮﻣﺎ‪.‬‬

‫ﻣﺎﻫﻮ اﻟﺸﻬﺮ اﻟﺸﻤﺴﻲ؟‪:‬‬

‫ﯾﻘﻮم ﺣﺴﺎب اﻟﺸﻬﻮر اﻟﺸﻤﺴﯿﺔ أﺳﺎﺳﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺮاﻗﺒﺔ ﺑﺮوج اﻟﺴﻤﺎء اﻻﺛﻨﻲ ﻋﺸﺮ اﻟﺮﺋﯿﺴﯿﺔ‪ ،‬وﻫﺬه اﻟﺒﺮوج ﻫﻲ ﺗﺠﻤﻌﺎت‬
‫ﻣﻦ اﻟﻨﺠﻮم ﺗﻤﺮ ﺑﻬﺎ اﻷرض ﻓﻲ دورﺗﻬﺎ اﻟﺴﻨﻮﯾﺔ ﺣﻮل اﻟﺸﻤﺲ‪ ،‬وﺗﺒﺪو ﻫﺬه اﻟﺒﺮوج ﻣﻦ ﻓﻮق ﺳﻄﺢ اﻷرض ﺑﺄﺷﻜﺎل‬
‫ﻣﺤﺪدة ﺗﻤﯿﺰ ﺑﺮﺟﺎ ﻋﻦ اﻵﺧﺮ؛ وداﺋﺮة اﻟﺒﺮوج ﻫﻲ ﻣﺴﺎر اﻟﺸﻤﺲ اﻟﺴﻨﻮي ﺑﯿﻦ اﻟﻨﺠﻮم ﻛﻤﺎ ﯾﻈﻬﺮ ﻟﻨﺎ ﻣﻦ ﻋﻠﻰ ﺳﻄﺢ‬
‫اﻷرض؛ وﻫﻲ ﻓﻲ ﺣﺮﻛﺘﻬﺎ اﻟﻈﺎﻫﺮﯾﺔ ﻟﻨﺎ ﺗﺒﺪو وﻛﺄﻧﻬﺎ ﺗﻤﺮ ﺑﺎﺛﻨﻲ ﻋﺸﺮ ﺑﺮﺟﺎ ﺗﺴﻤﻰ ﺑﺎﺳﻢ ﻣﻨﺎزل اﻟﺸﻤﺲ‪ ،‬وﺗﺒﻘﻰ ﻓﻲ‬
‫ﻛﻞ واﺣﺪ ﻣﻨﻬﺎ ﻧﺤﻮ اﻟﺸﻬﺮ‪ ،‬ﺛﻢ ﺗﻌﻮد ﻓﻲ ﻧﻬﺎﯾﺔ اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺸﻤﺴﯿﺔ إﻟﻰ اﻟﺒﺮج اﻟﺬي ﺑﺪأت ﻣﻨﻪ‪ ،‬وﻫﻜﺬا دواﻟﯿﻚ‪ .‬وﻫﺬه‬
‫اﻟﺒﺮوج ﻫﻲ‪ :‬اﻟﺠﺪي‪ ،‬اﻟﺪﻟﻮ‪ ،‬اﻟﺤﻮت‪ ،‬اﻟﺤﻤﻞ‪ ،‬اﻟﺜﻮر‪ ،‬اﻟﺠﻮزاء‪ ،‬اﻟﺴﺮﻃﺎن‪ ،‬اﻷﺳﺪ‪ ،‬اﻟﻌﺬراء‪ ،‬اﻟﻤﯿﺰان‪ ،‬اﻟﻌﻘﺮب‪،‬‬
‫واﻟﻘﻮس؛ ﻣﺒﺘﺪﺋﯿﻦ ﺑﺎﻷول ﻣﻦ ﺷﻬﺮ ﯾﻨﺎﯾﺮ‪ ،‬وﻣﻨﺘﻬﯿﻦ ﺑﺸﻬﺮ دﯾﺴﻤﺒﺮ ﺗﻘﺮﯾﺒﺎ‪ ،‬وإن ﺳﻤﯿﺖ ﺗﻠﻚ اﻟﺒﺮوج ﺑﺄﺳﻤﺎء ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ‬
‫ﻓﻲ اﻟﺪول اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ‪.‬‬

‫اﻟﺸﻬﻮر ﻓﻲ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﯾﻢ ﻫﻲ اﻟﺸﻬﻮر اﻟﻘﻤﺮﯾﺔ‬

‫اﻵﯾﺔ اﻟﻘﺮآﻧﯿﺔ اﻟﻜﺮﯾﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﻧﺤﻦ ﺑﺼﺪدﻫﺎ ﺗﺆﻛﺪ أن اﻟﺸﻬﺮ اﻟﻤﻘﺼﻮد ﻓﻲ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﯾﻢ ﻫﻮ اﻟﺸﻬﺮ اﻟﻘﻤﺮي‪ ،‬وﻛﺬﻟﻚ‬
‫اﻟﻌﺪﯾﺪ ﻣﻦ اﻵﯾﺎت اﻷﺧﺮى ﻓﻲ ﻛﺘﺎب اﷲ‪ ،‬واﻟﺸﻬﻮر اﻟﻘﻤﺮﯾﺔ ﻋﺮﻓﺘﻬﺎ أﻏﻠﺐ اﻟﺤﻀﺎرات اﻟﻘﺪﯾﻤﺔ ﻛﻤﺎ اﺳﺘﺨﺪﻣﻬﺎ اﻟﻌﺮب‬
‫ﻗﺒﻞ ﺑﻌﺜﺔ ﺧﺎﺗﻢ اﻷﻧﺒﯿﺎء واﻟﻤﺮﺳﻠﯿﻦ) ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﻪ وﺳﻠﻢ(‪ ،‬وﻛﺎن ﻫﺬا ﻣﻦ ﺑﻘﺎﯾﺎ وﺣﻲ اﻟﺴﻤﺎء اﻟﺬي ﺗﻮارﺛﻮه ﻋﻦ ﻛﻞ‬

‫‪5‬‬

‫‪PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com‬‬

 ‫ﻣﻦ ﻧﺒﻲ اﷲ إﺑﺮاﻫﯿﻢ ووﻟﺪه إﺳﻤﺎﻋﯿﻞ) ﻋﻠﻲ ﻧﺒﯿﻨﺎ وﻋﻠﯿﻬﻤﺎ ﻣﻦ اﷲ اﻟﺴﻼم(‪.‬‬
‫وﯾﺆﻛﺪ ﻫﺬا أن ﺟﻤﯿﻊ اﻟﺘﻜﺎﻟﯿﻒ اﻟﺸﺮﻋﯿﺔ ﻗﺪ رﺑﻄﻬﺎ اﻟﺸﺎرع اﻟﺤﻜﯿﻢ ﺑﺎﻷﻫﻠﺔ؛ وﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ﻓﺈن اﻟﺴﻨﺔ اﻟﻤﻌﺘﺒﺮة ﻓﻲ اﻹﺳﻼم‬
‫ﻫﻲ اﻟﺴﻨﺔ اﻟﻘﻤﺮﯾﺔ‪ ،‬وأن اﻟﺸﻬﻮر اﻟﻤﻌﺘﺒﺮة ﻫﻲ اﻟﺸﻬﻮر اﻟﻘﻤﺮﯾﺔ‪.‬‬
‫ﻛﺬﻟﻚ ﻛﺎن ﻣﻦ ﺗﺮاث اﻟﻨﺒﻮة أن اﻟﻌﺮب ﻗﺒﻞ ﺑﻌﺜﺔ ﺧﺎﺗﻢ اﻷﻧﺒﯿﺎء واﻟﻤﺮﺳﻠﯿﻦ) ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﻪ وﺳﻠﻢ(ﻛﺎﻧﻮا ﯾﻌﻈﻤﻮن‬
‫اﻷﺷﻬﺮ اﻟﺤﺮم‪ ،‬وﻫﻲ ذو اﻟﻘﻌﺪة‪ ،‬وذو اﻟﺤﺠﺔ‪ ،‬واﻟﻤﺤﺮم‪ ،‬ورﺟﺐ ﺣﺘﻰ ﻓﻲ زﻣﻦ ﺷﺮﻛﻬﻢ وﺟﺎﻫﻠﯿﺘﻬﻢ‪ .‬وﻣﻌﺮوف ﺷﺮﻋﺎ‬
‫أن اﻟﻤﻌﺼﯿﺔ ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﺸﻬﻮر ﺗﻠﻘﻰ ﻋﻘﺎﺑﺎ ﻣﻦ اﷲ أﺷﺪ‪ ،‬ﻛﻤﺎ أن اﻟﻄﺎﻋﺔ ﺗﻠﻘﻰ أﺟﺮا أﻋﻈﻢ وﺛﻮاﺑﺎ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺑﻘﯿﺔ ﺷﻬﻮر‬
‫اﻟﺴﻨﺔ‪ ،‬وﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ اﻟﯿﻮم إدراك ذﻟﻚ وﻣﺘﺎﺑﻌﺘﻪ ﻛﻲ ﺗﺘﻌﺰز ﻣﻜﺎﻧﺔ ﻫﺬه اﻷﺷﻬﺮ اﻟﺤﺮم ﻓﻲ ﻗﻠﻮﺑﻬﻢ وﻋﻘﻮﻟﻬﻢ ﻓﺘﺘﺤﻘﻖ‬
‫اﻟﺤﻜﻤﺔ ﻣﻦ ﻗﻮل رﺑﻨﺎ) ﺗﺒﺎرك وﺗﻌﺎﻟﻰ(‪ ... :‬ﻓﻼ ﺗﻈﻠﻤﻮا ﻓﯿﻬﻦ أﻧﻔﺴﻜﻢ‪....‬‬
‫وﯾﺄﺗﻲ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ أن اﻟﻘﻤﺮ ﻫﻮ أﻗﺮب أﺟﺮام اﻟﺴﻤﺎء إﻟﯿﻨﺎ‪ ،‬وﺣﺮﻛﺎﺗﻪ ﻫﻲ أﻛﺜﺮ ﺣﺮﻛﺎت أي ﺟﺮم ﻣﻦ اﻷﺟﺮام اﻟﻜﻮﻧﯿﺔ‬
‫وﺿﻮﺣﺎ ﻟﻨﺎ‪ ،‬وﺿﺒﻂ اﻷزﻣﻨﺔ ﺑﻪ أﺣﻜﻢ ﻣﻦ ﺿﺒﻄﻬﺎ ﺑﺄي وﺳﯿﻠﺔ ﻛﻮﻧﯿﺔ أﺧﺮى‪.‬‬
‫وﺗﺒﻘﻰ اﻟﺤﻜﻤﺔ اﻹﻟﻬﯿﺔ واﺿﺤﺔ ﺟﻠﯿﺔ ﺑﻮﺟﻮد ﻫﺬا اﻟﻔﺎرق اﻟﺰﻣﻨﻲ اﻟﻄﻔﯿﻒ ﺑﯿﻦ اﻟﺴﻨﺘﯿﻦ اﻟﺸﻤﺴﯿﺔ واﻟﻘﻤﺮﯾﺔ ﺣﺘﻰ ﻻ‬
‫ﺗﺮﺗﺒﻂ اﻟﻌﺒﺎدات اﻟﺸﺮﻋﯿﺔ ﺑﻈﺮوف ﻣﻨﺎﺧﯿﺔ ﻣﺤﺪدة ﻋﻠﻰ ﻣﺪار اﻟﺰﻣﻦ‪ ،‬ﺑﻞ ﺗﺘﺤﺮك ﻣﻊ ﻓﺼﻮل اﻟﺴﻨﺔ وﻣﻨﺎﺧﺎﺗﻬﺎ اﻟﻤﺘﺒﺎﯾﻨﺔ‪،‬‬
‫ﻓﺘﺆدي ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻦ اﻟﺤﺮ واﻟﻘﻤﺮ‪ ،‬وﻓﻲ ﻃﻮل أي ﻣﻦ اﻟﻨﻬﺎر واﻟﻠﯿﻞ أو ﻗﺼﺮه‪ ،‬وﻣﻊ ذﻟﻚ ﻓﻼ ﯾﻮﺟﺪ ﻣﺎ ﯾﻤﻨﻊ ﻣﻦ اﻋﺘﺒﺎر‬
‫ﻛﻞ ﻣﻦ اﻟﺸﻬﻮر اﻟﻘﻤﺮﯾﺔ واﻟﺴﻨﺔ اﻟﻘﻤﺮﯾﺔ ﺟﻨﺒﺎ إﻟﻰ ﺟﻨﺐ ﻣﻊ اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺸﻤﺴﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺪدﻫﺎ دورة اﻷرض ﺣﻮل اﻟﺸﻤﺲ‬
‫دورة ﻛﺎﻣﻠﺔ ﻓﻲ ﻛﻞ اﺛﻨﺘﻲ ﻋﺸﺮة دورة ﻛﺎﻣﻠﺔ ﻟﻠﻘﻤﺮ ﺣﻮل اﻷرض‪ ،‬ﻣﻊ ﺣﺴﺎب اﻟﻔﺎرق اﻟﻤﻘﺪر ﺑﺄﺣﺪ ﻋﺸﺮ ﯾﻮﻣﺎ ﺑﯿﻨﻬﻤﺎ‪،‬‬
‫ﺑﺪﻻ ﻣﻦ اﺳﺘﺨﺪام أﺳﻤﺎء اﻟﺸﻬﻮر اﻟﻤﯿﻼدﯾﺔ‪ ،‬وأﻏﻠﺒﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﻮﺛﻨﯿﺎت اﻟﻘﺪﯾﻤﺔ‪.‬‬
‫وﺑﺬﻟﻚ ﺗﻜﻮن اﻟﺴﻨﺔ اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ ﺷﻤﺴﯿﺔ‪/‬ﻗﻤﺮﯾﺔ ﺗﺤﺪد اﻟﺴﻨﺔ ﻓﯿﻬﺎ دورة ﻛﺎﻣﻠﺔ ﻟﻸرض ﺣﻮل اﻟﺸﻤﺲ‪ ،‬وﺗﻘﺴﻢ ﻫﺬه اﻟﺴﻨﺔ‬
‫إﻟﻰ اﺛﻨﻲ ﻋﺸﺮ ﺷﻬﺮا دورة اﻟﻘﻤﺮ ﺣﻮل اﻷرض ﻓﻲ اﺛﻨﺘﻲ ﻋﺸﺮة دورة ﻛﺎﻣﻠﺔ ﻣﻊ ﺣﺴﺎب اﻟﻔﻮارق‪.‬‬

‫ﻣﻦ أوﺟﻪ اﻹﻋﺠﺎز اﻟﻌﻠﻤﻲ ﻓﻲ اﻵﯾﺔ اﻟﻜﺮﯾﻤﺔ‬

‫ﺑﺘﺤﺪﯾﺪ اﻵﯾﺔ اﻟﻜﺮﯾﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﻧﺤﻦ ﺑﺼﺪدﻫﺎ ﻋﺪة اﻟﺸﻬﻮر ﻋﻨﺪ اﷲ ﺑﺎﺛﻨﻲ ﻋﺸﺮ ﺷﻬﺮا ﺗﺤﺪﯾﺪ ﻟﻠﺴﻨﺔ اﻟﻘﻤﺮﯾﺔ ﻛﻤﺎ ﻫﻮ‬
‫ﺗﺤﺪﯾﺪ ﻟﻠﺴﻨﺔ اﻟﺸﻤﺴﯿﺔ ﻓﻜﻼﻫﻤﺎ ﻣﻜﻮن ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻌﺪد ﻣﻦ اﻟﺸﻬﻮر ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺗﺄﻛﯿﺪ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﯾﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﺸﻬﻮر‬
‫اﻟﻘﻤﺮﯾﺔ وﻣﻦ ﺛﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻨﺔ اﻟﻘﻤﺮﯾﺔ‪.‬‬
‫وﺳﻨﺔ أي ﻛﻮﻛﺐ ﻫﻲ اﻟﻔﺘﺮة اﻟﺰﻣﻨﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﯾﺴﺘﻐﺮﻗﻬﺎ ﻟﯿﺘﻢ دورة ﻛﺎﻣﻠﺔ ﺣﻮل اﻟﻨﺠﻢ اﻟﺬي ﯾﺘﺒﻌﻪ‪ ،‬وﻫﻮ ﯾﺠﺮي ﻓﻲ ﻣﺪار‬
‫ﻣﺤﺪد ﺣﻮل ذﻟﻚ اﻟﻨﺠﻢ‪ ،‬وﺑﻤﺘﻮﺳﻂ ﺳﺮﻋﺔ ﻣﺤﺪد ﻛﺬﻟﻚ‪ .‬وﯾﺤﺪد ﺳﻨﺔ اﻟﻜﻮﻛﺐ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﯾﺤﺪد ﻣﺘﻮﺳﻂ ﺳﺮﻋﺔ ﺟﺮﯾﺎﻧﻪ ﻋﺎﻣﻼن‬
‫ﺿﺎﺑﻄﺎن ﻣﻬﻤﺎن‪ :‬ﻫﻤﺎ ﻃﻮل ﻣﺪار اﻟﻜﻮﻛﺐ ﺣﻮل اﻟﻨﺠﻢ وﯾﺤﺪده ﻣﺘﻮﺳﻂ ﻧﺼﻒ ﻗﻄﺮ ﻫﺬا اﻟﻤﺪار‪ ،‬وﻛﺘﻠﺔ اﻟﻜﻮﻛﺐ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ‬
‫إﻟﻰ ﻛﺘﻠﺔ اﻟﻨﺠﻢ وﻛﻼﻫﻤﺎ ﻣﺮﺗﺒﻂ ﺑﻘﻮة اﻟﺠﺎذﺑﯿﺔ ﺑﯿﻦ ﻛﻞ ﻣﻦ اﻟﻨﺠﻢ واﻟﻜﻮﻛﺐ اﻟﺬي ﯾﺪور ﺣﻮﻟﻪ‪.‬‬

‫وﻣﺪار ﻛﻞ اﻷﺟﺮام اﻟﻤﻌﺮوﻓﺔ ﻟﻨﺎ ﻣﺜﻞ ﻣﺪار ﻛﻞ ﻣﻦ اﻟﻘﻤﺮ ﺣﻮل اﻷرض‪ ،‬واﻷرض ﺣﻮل اﻟﺸﻤﺲ ﻫﻮ ﻣﺪار إﻫﻠﯿﻠﺠﻲ‬
‫) ﺑﯿﻀﺎوي( اﻟﺸﻜﻞ‪ ،‬ﻋﻠﻰ ﺷﻜﻞ اﻟﻘﻄﻊ اﻟﻨﺎﻗﺺ‪ ،‬وﻣﻦ ﻗﻮاﻧﯿﻦ اﻟﺤﺮﻛﺔ ﻓﻲ ﻣﺪار اﻟﻘﻄﻊ اﻟﻨﺎﻗﺺ ﺧﻀﻮع اﻟﺴﺮﻋﺔ‬
‫اﻟﻤﺤﯿﻄﯿﺔ ﻟﻘﺎﻧﻮن ﺗﻜﺎﻓﺆ اﻟﻤﺴﺎﺣﺎت ﻣﻊ اﻟﺰﻣﻦ‪ ،‬وﻫﺬا اﻟﻘﺎﻧﻮن ﯾﺤﺘﻢ اﺧﺘﻼف ﻣﻘﺪار اﻟﺴﺮﻋﺔ ﻋﻠﻰ ﻃﻮل اﻟﻤﺤﯿﻂ‪ ،‬ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ‬
‫ﯾﻘﺘﺮب اﻟﻘﻤﺮ ﻣﻦ اﻷرض‪ ،‬أو ﯾﻘﺘﺮﺑﺎن ﻣﻌﺎ ﻣﻦ اﻟﺸﻤﺲ ﻻﺑﺪ ﻣﻦ أن ﺗﺰداد ﺳﺮﻋﺔ ﻛﻞ ﻣﻨﻬﻤﺎ اﻟﻤﺤﯿﻄﯿﺔ ﺣﺘﻰ ﺗﺰداد‬
‫ﺑﺎﻟﺘﺒﻌﯿﺔ ﻗﻮة اﻟﻄﺮد اﻟﻤﺮﻛﺰي ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﻣﻨﻬﻤﺎ‪ ،‬وإﻻ اﻧﻬﺎر ﻫﺬا اﻟﻨﻈﺎم ﺑﺎﻟﻜﺎﻣﻞ ﺑﺎرﺗﻄﺎم اﻟﻘﻤﺮ ﺑﺎﻷرض‪ ،‬أو ﺑﺎﻧﺪﻓﺎﻋﻬﻤﺎ‬
‫ﻣﻌﺎ إﻟﻰ ﺳﻌﯿﺮ اﻟﺸﻤﺲ‪.‬‬
‫وﺑﺎﻟﻤﻘﺎﺑﻞ ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ ﯾﺒﺘﻌﺪ اﻟﻘﻤﺮ ﻓﻲ ﻣﺪاره ﻋﻦ اﻷرض‪ ،‬أو ﯾﺒﺘﻌﺪان ﻣﻌﺎ ﻋﻦ اﻟﺸﻤﺲ‪ ،‬ﻓﺈن اﻟﺴﺮﻋﺔ اﻟﻤﺤﯿﻄﯿﺔ ﻟﻜﻞ ﻣﻨﻬﻤﺎ‬
‫ﻻﺑﺪ وأن ﺗﺘﻨﺎﻗﺺ ﺑﻨﺴﺐ ﻣﺤﺪدة ﺣﺘﻰ ﺗﻘﻞ ﻗﻮة اﻟﻄﺮد اﻟﻤﺮﻛﺰي ﻟﻜﻞ ﻣﻨﻬﻤﺎ‪ ،‬وإﻻ اﻧﻔﻠﺖ اﻟﻘﻤﺮ ﻣﻦ ﻋﻘﺎل ﺟﺎذﺑﯿﺔ‬
‫اﻷرض‪ ،‬أو اﻧﻔﻠﺘﺎ ﻣﻌﺎ ﻣﻦ ﻋﻘﺎل ﺟﺎذﺑﯿﺔ اﻟﺸﻤﺲ ﻓﯿﻀﯿﻌﺎن ﻓﻲ ﻓﺴﺤﺔ اﻟﻜﻮن‪.‬‬
‫واﻹﺷﺎرة اﻟﻘﺮآﻧﯿﺔ اﻟﻜﺮﯾﻤﺔ إﻟﻰ ﺛﺒﺎت ﻋﺪة اﻟﺸﻬﻮر ﺑﺎﺛﻨﻲ ﻋﺸﺮ ﺷﻬﺮا ﻣﻨﺬ ﺧﻠﻖ اﷲ اﻟﺴﻤﺎوات واﻷرض ﺗﺄﻛﯿﺪ ﺿﻤﻨﻲ‬
‫ﻋﻠﻰ اﻧﻀﺒﺎط ﻛﺘﻞ‪ ،‬وأﺣﺠﺎم‪ ،‬وأﺑﻌﺎد وﺳﺮﻋﺎت اﻷرض‪ ،‬وﺟﻤﯿﻊ أﺟﺮام اﻟﺴﻤﺎء ﻣﻨﺬ اﻟﻠﺤﻈﺔ اﻷوﻟﻰ ﻟﻠﺨﻠﻖ‪ ،‬وإﻟﻰ أن‬
‫ﯾﺮث اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ اﻷرض وﻣﻦ ﻋﻠﯿﻬﺎ‪ ،‬وإﻻ ﻻﻧﻬﺎر ﺑﻨﺎء اﻟﻜﻮن‪ .‬وﻓﻲ اﻧﻀﺒﺎط ﻫﺬه اﻟﻤﺴﺎﻓﺎت ﺿﺒﻂ ﻟﻜﻤﯿﺎت اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﺘﻲ‬
‫ﺗﺼﻞ ﻣﻦ اﻟﻨﺠﻢ إﻟﻰ ﻛﻞ ﻛﻮﻛﺐ ﯾﺪور ﻓﻲ ﻓﻠﻜﻪ ﻣﺜﻞ اﻷرض‪ ،‬وﻟﻮ زادت ﻛﻤﯿﺔ اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺼﻠﻨﺎ ﻣﻦ اﻟﺸﻤﺲ‪ ،‬وﻟﻮ ﻗﻠﯿﻼ‬
‫ﻷﺣﺮﻗﺘﻨﺎ وﻷﺣﺮﻗﺖ ﻛﻞ ﻣﺎ ﺣﻮﻟﻨﺎ‪ ،‬وﻟﻮ ﻗﻠﺖ ﻗﻠﯿﻼ ﻟﺠﻤﺪﺗﻨﺎ‪ ،‬وﺟﻤﺪت ﻛﻞ ﺷﻲء ﺣﻮﻟﻨﺎ‪.‬‬
‫وﻟﺬﻟﻚ ﯾﺸﯿﺮ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﯾﻢ إﻟﻰ ﻫﺬه اﻟﺤﻘﺎﺋﻖ اﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﺗﺪرك إﻻ ﻓﻲ اﻟﻌﻘﻮد اﻟﻤﺘﺄﺧﺮة ﻣﻦ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﯾﻦ‪.‬ﻛﻤﺎ ﯾﺸﯿﺮ ﻓﻲ‬
‫ﻣﻘﺎم آﺧﺮ إﻟﻰ أن أوﻟﻰ ﺑﻮادر إﻧﻬﺎء اﻟﻨﻈﺎم اﻟﻜﻮﻧﻲ ﻫﻮ اﻧﻔﻼت اﻟﻘﻤﺮ ﻣﻦ ﻋﻘﺎل ﺟﺎذﺑﯿﺔ اﻷرض‪ ،‬ووﻗﻮﻋﻪ ﻓﻲ ﺟﺤﯿﻢ‬
‫اﻟﺸﻤﺲ‪ ،‬ﻓﻘﺎل ﻋﺰ ﻣﻦ ﻗﺎﺋﻞ‪ :‬وﺟﻤﻊ اﻟﺸﻤﺲ واﻟﻘﻤﺮ‪ ،‬وﻗﺪ ﺛﺒﺖ أن ﺑﻮادر ذﻟﻚ ﻗﺪ ﻇﻬﺮت ﻓﻲ ﻗﺪر ﻣﻦ اﻟﺘﺒﺎﻋﺪ ﺑﯿﻦ‬
‫اﻟﻘﻤﺮ واﻷرض‪.‬‬

‫‪6‬‬

‫‪PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com‬‬

 ‫ﻓﺴﺒﺤﺎن اﻟﺬي أﻧﺰل اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﯾﻢ أﻧﺰﻟﻪ ﺑﻌﻠﻤﻪ ﻋﻠﻰ ﺧﺎﺗﻢ أﻧﺒﯿﺎﺋﻪ ورﺳﻠﻪ‪ ،‬ﻟﯿﻜﻮن ﻟﻠﻌﺎﻟﻤﯿﻦ ﻧﺬﯾﺮا‪ ،‬واﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم‬
‫ﻋﻠﻰ ﺧﺎﺗﻢ اﻷﻧﺒﯿﺎء واﻟﻤﺮﺳﻠﯿﻦ اﻟﺬي ﺗﻠﻘﺎه‪ ،‬واﻟﺤﻤﺪ ﷲ رب اﻟﻌﺎﻟﻤﯿﻦ‪.‬‬

‫‪7‬‬

‫‪PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com‬‬