Você está na página 1de 3

‫ثلثون عامًا على الثورة اليرانية ‪ /‬عادل بن زيد‬

‫الطريفي‬
‫التاريخ‪ 21/2/1430 :‬الموافق ‪ | 2009-02-17‬الزيارات‪359 :‬‬

‫المختصر ‪/‬‬

‫المختصر ‪ /‬في مطار »مهر آباد« توقف إيراني مهاجر أمام مكتبة »الثورة« داخل صالة‬
‫النتظار في حين كان مئات المسافرين ينتظرون النداء على رحلتهم إلى شتى المدن‬
‫اليرانية‪ .‬ل أحد يبدو مكترثا ً بالمكتبة أو بكتب المام الخميني وغيره من آيات الله‬
‫الذين علت كتبهم الغبار وتجعدت أطرافها من ملل النتظار ‪ -‬هي الخرى ‪ -‬على‬
‫رفوف المكتبة‪ ،‬وفيما كان صاحبنا العائد توا ً لوطنه لول مرة منذ انقلب الثورة‬
‫اليرانية )فبراير ‪ (1979‬يتصفح عناوين الكتب كان قّيم المكتبة العجوز الملتحي يغط‬
‫في نوم عميق‪ ،‬لم يزعجه تطفل الزائر‪ ،‬ولكنه حين شرق بشخيره وتنبه‪ ،‬التفت إلى‬
‫صاحبنا ورمقه بنظرات استغراب ‪ -‬ربما لهتمامه بتلك الكتب ‪ -‬ثم عاود النوم من‬
‫جديد‪.‬‬

‫تعيش الجمهورية السلمية اليرانية هذه اليام أجواء احتفالية بمناسبة مرور ثلثين عاما على قيام‬
‫شاه القوي‪ ،‬فقد نظمت الحكومة بالتعاون مع بلديات المدن‬ ‫الثورة السلمية التي أسقطت حكم ال ّ‬
‫الرئيسية احتفالت شعبية تستمر لعشرة أيام تحت عنوان »أيام الفجر العشرة«‪ ،‬واكتست المباني‬
‫بالقماش الخضر‪ ،‬فيما اعتلت أعمدة الكهرباء أعلم الثورة‪ ،‬وطليت الجدران الرئيسية باللوان الحمراء‬
‫والبيضاء‪ ،‬ومن مطار »مهر آباد« الذي شهد عودة المام روح الله الخميني من باريس بعد منفى‬
‫استمر ‪ 14‬عاما‪ ،‬ألقت طائرتان عموديتان آلف الزهار الحمراء والبيضاء على طول الطريق )‪ 21‬ميل(‬
‫الواصل بين المطار ومقبرة »بهشت الزهرا« حيث ضريح المام الخميني الذي يحج إليه اليرانيون‬
‫طوال العام‪.‬‬
‫كانت الثورة حدثا كبيرا هز العالم‪ ،‬وأثار فضول المفكرين والسياسيين شرقا ً وغربًا‪،‬‬
‫حتى حج إلى طهران كل دعاة النضال والتحرر اليساريين من جبهة التحرير‬
‫الفلسطينية إلى مثقفي فرنسا وألمانيا الكبار الذين صفقوا مع نظرائهم العرب‬
‫اليساريين لثورة الحرية والستقلل ضد المبريالية ولكن ما لبث الجمع أن انفض‬
‫وانكشفت الحالة اليرانية عن حكم حديدي ومواجهات دموية في صراع على السلطة‬
‫بين اليساريين والوطنيين من جهة وآيات الله من جهة أخرى‪ ،‬ثم حرب طويلة بين بعثيي‬
‫العراق وإسلميي الثورة امتدت رحاها ثمانية أعوام‪ ،‬قتل فيها الخضر واليابس‪ ،‬ومع أن طهران لم تبدأ‬
‫الحرب إل أنها ‪ -‬وكما يقول السيسيولوجي إحسان نراغي ‪ -‬أطالت أمدها طمعا في نشر ثورتها‬
‫وتحصين جبهتها الداخلية‪.‬‬
‫أمام هذه التجربة المليئة بالفراح والحزان يتوقف المرء متأمل ً بروح متعبة وعقل متسائل‪ :‬أين هي‬
‫اليوم؟‬
‫من مئات الكتب التي حاولت تفسير الثورة أو شرح جذورها الجتماعية والسياسية‪ ،‬تبرز كلمات‬
‫هاشمي رفسنجاني ‪ -‬أحد قادة الثورة ‪ -‬التي تكشف الكثير عن أوضاع تلك اليام معلقا على حوادث‬
‫‪ 15‬خرداد التي أشعلت الثورة‪) :‬أستطيع أن أقول إنه لم يكن هناك تخطيط مسبق لما جرى من أي‬
‫طرف من الطراف‪ :‬ل نحن ول الحكم ول العوامل الخارجية(‪ .‬لقد بدأت الثورة كحلم‬
‫»رومانسي« على وقع خطب المام الخميني المسجلة على أشرطة الكاسيت وكتيبات‬
‫الثائر علي شريعتي‪ ،‬وغذاها مزيج من الضغط السياسي والحرمان الجتماعي وقادها‬
‫توحد في المصير بين قوى وطنية ومنظمات يسارية مسلحة انضوت في نهاية‬
‫المطاف تحت عباءة الحركة السلمية‪.‬‬
‫يتساءل المرء‪ ،‬هل حققت هذه الثورة لليرانيين الحرية والستقلل؟ ربما‪ ،‬ولكنها لم تمنحهم أي عوائد‬
‫مادية أو تحسن في أحوالهم الداخلية‪ .‬أكثر من ‪ 14‬مليون إيراني يعيشون تحت خط الفقر ‪ -‬بحسب‬
‫تقارير البنك الدولي ‪ -‬رغم كل مشروعات الدعم الحكومية للمواد الغذائية والكهرباء والماء‬
‫والمحروقات‪ ،‬بل يقبع أكثر من ‪ 25‬بالمائة من السكان تحت البطالة الصريحة في ظل تضخم يتجاوز‬
‫‪ 30‬بالمائة‪ .‬أما الديمقراطية التي وعد بها الخميني فقد تحولت إلى تصويت صوري بحيث يختار مجلس‬
‫صيانة الدستور من يترشحون ويحرم آلف المرشحين من الصلحيين )وهم يسار الحركة السلمية(‬
‫من حق المشاركة في النتخابات البرلمانية الماضية‪.‬‬
‫من يصدق أن خبراء دوليين يحذرون من أن إيران ‪ -‬التي لم تحدث مصافيها أو معامل‬
‫تكرير النفط منذ الثورة ‪ -‬مهددة بتوقف صادراتها من النفط بين ‪ ،2015 - 2014‬في‬
‫ر وإساءة إدارة لحوال البلد القتصادية‪ ،‬حتى علقت صحيفة »أفتاب‬ ‫ظل فساد مستش ٍ‬
‫يزد« قبل أسبوعين أن أولد الثورة قد خانوا عهدهم بالحرية والعدالة‪ .‬في بلد تشكل‬
‫عائدات النفط أكثر من ‪ 85‬بالمائة من دخله‪ ،‬ولديه عجز يتراوح ما بين ربع إلى ثلث‬
‫الموازنة‪ ،‬فإن إيران في حال أسوأ مما كانت عليه قبل الثورة‪ .‬حين تولى محمد خاتمي‬
‫الرئاسة استبشر القتصاديون بارتفاع النمو اليراني إلى ‪ 7‬بالمائة‪ ،‬ولكن بعد مرور أربعة أعوام على‬
‫حكم الرئيس محمود أحمدي نجاد تراجع النمو إلى ‪ 3‬بالمائة‪ ،‬ولجل معارضته للستثمار الجنبي في‬
‫التنقيب‪ ،‬فإن إيران تستورد اليوم ما ل يقل عن ‪ 40‬بالمائة من حاجتها من وقود المركبات والمعدات‪،‬‬
‫وبسبب من مشروعات إدارته الساعية لمغازلة الطبقات الفقيرة )البالغة ‪ 28‬مشروعا حتى الن(‬
‫طبعت الجمهورية مليين الريالت اليرانية بل رصيد‪ ،‬وتسبب المشروع النووي اليراني بثلث عقوبات‬
‫دولية وأخرى أمريكية وأوربية للحد الذي أعلن معه محمد شهرودي ‪ -‬وزير العدل ‪ -‬أن أكثر من ‪300‬‬
‫مليار دولر قد هجرت البنوك اليرانية إلى بنوك أجنبية وخليجية في العوام الخيرة‪.‬‬
‫أما مظاهرات السخط فأكثر من أن تعد‪ ،‬إذ قادت مظاهرات الطلبة الشهيرة في‬
‫‪ ،1996‬و ‪ ،1999‬و ‪ 2003‬إلى رفض كامل لمشروعية »ولية الفقيه« من قبل الشباب‬
‫الذين ولدوا بعد تقلد السلميين للثورة ‪ -‬أو كما يطلق عليهم »أطفال الثورة« ‪ ،-‬ول‬
‫يكاد يمر عام حتى تحصل مواجهات بين الطلبة و»الباسيج« )مليشيا الثورة السلمية(‬
‫في أنحاء متفرقة من الجمهورية‪ .‬وليس الطلبة وحدهم‪ ،‬ففي الخريف الماضي عطل إضراب‬
‫عمال الطرق ‪ -‬البرز من نوعه منذ أيام الثورة ‪ -‬أكثر من عشرين مدينة إيرانية )يسكنها ‪ 15‬مليونًا(‬
‫في مشهد تحدٍ لدارة الرئيس نجاد‪ .‬رغم كل تلك الخفاقات فإن النظام اليراني ليس ضعيفا‪ ،‬فقد‬
‫استطاعت الثورة أن تخلق لدى الغلبية شعورا بالوطنية والقبول الجتماعي للحكم الديني‪ .‬معارضو‬
‫إيران يصفون ذلك بالشعور »الزائف«‪ ،‬ولكن انبعاث الثورة من جديد على يد المحافظين بعد سقوط‬
‫عدوي إيران التقليديين )بعثي العراق‪ /‬وطالبان أفغانستان(‪ ،‬إضافة إلى تحويل المشروع النووي إلى‬
‫مسألة استقلل وطني ضد الغرب قد قاد إلى تأييد قوي لسياسات إيران المتشددة لسيما عبر دعم‬
‫حزب الله في إيران وحماس في غزة‪ ،‬ونشر »جنود الحرية« في أرجاء الشرق الوسط والخليج ‪ -‬كما‬
‫صرح بذلك حسين حميداني نائب قائد »الباسيج« ‪ -‬ولعل السؤال البرز هنا‪ :‬لماذا لم تنفتح إيران على‬
‫العالم بعد مرور ثلثة عقود؟ ولماذا لجأت لتصدير الثورة مرة أخرى بعد خطاب »حوار الحضارات«‬
‫والنفاح القليمي في عهد خاتمي؟‬
‫ل أحد يملك الجابة الشافية‪ ،‬ولكن خبيرا مضطلعا بالشؤون اليرانية قال ذات مرة )أن‬
‫لكل ثورة قمتين ارتفاعا وهبوطا‪ ،‬وها نحن نشهد الرتداد الثاني للثورة(‪ .‬يخطأ كثيرا ً‬
‫من يظن أن بوسع إيران عقد صفقة تفضي إلى إقامة علقات صداقة وتحالف مع‬
‫أمريكا في ظل نظامها الراهن‪ ،‬أو الستغناء عن مشروعها الثوري )الطائفي(‪ ،‬أو‬
‫ل‪ ،‬بنيت على ثورة أصولية معادية للغرب‬ ‫المصالحة الشاملة مع محيطها لنها أو ً‬
‫والجيران‪ ،‬وثانيًا‪ ،‬لنها لم تتخل أبدا عن أوهام القوة في خليج فارسي‪ .‬طبعا‪ ،‬هذا ل‬
‫يعني أن ليس بوسع إيران التغير‪ ،‬ولكنه ووفقا للمناخ الراهن فإن ذلك صعب جدا‪.‬‬
‫في عيد ميلدها الثلثيني ل تبدو الثورة بصدد المصالحة مع نفسها والجيران‪ .‬فهي تخلت عن أبنائها‬
‫الذين طالبوا بالصلح والنفتاح‪ ،‬واستأنفت نشاطها الثوري‪ ،‬وأجرت عشرات التجارب الصاروخية‪،‬‬
‫وعارضت المجتمع الدولي عبر مشروعها النووي‪ .‬هي تمتلك اليوم قرابة ‪ 5‬آلف جهاز طرد مركزي‪،‬‬
‫وقامت بتخصيب ‪ 630‬كليوغراما من اليورانيوم المنخفض التخصيب‪ .‬وبعملية حسابية قصيرة‪ ،‬أمامهم‬
‫سنة إلى سنتين ‪ -‬على الكثر ‪ -‬بحسب بعض التقديرات للوصول إلى تخصيب بمستوى يصلح لنتاج‬
‫السلح النووي‪ .‬هذا هو الرهان اليراني للسف‪.‬‬
‫أتمنى لو كانت هذه الصورة عن إيران مغلوطة‪ ،‬وأن تكذبها انتخابات يونيو القادم‪ ،‬فيراجع آيات الله‬
‫سياساتهم السلبية في المنطقة‪ .‬إيران بلد عظيم‪ ،‬وحضارته الغنية هي التي قدمت لنا كتاب الملوك‬
‫للفردوسي‪ ،‬وروض الورد لسعدي‪ ،‬وديوان حافظ الشيرازي وعمر الخيام‪ ،‬وفلسفة الفارابي‪ ،‬ومفكرين‬
‫عظماء كداريوش شايغان وسيد حسين نصر‪ ،‬وفنانين كبارا ً كعلي تجويدي وغلم حسين بنان‪،‬‬
‫والسينمائي المبدع محسن مخملباف‪ ،‬والمغني القدير عليرضا افتخاري‪ ،‬وعشرات من المبدعين الذين‬
‫أثروا الثقافة العالمية‪.‬‬
‫لقد قيل إن الشاه سأل عشية مظاهرات الثورة‪) :‬أين هم أنصاري(‪ ،‬فكان الجواب )في الشانزليزيه(‪،‬‬
‫كار‪ ،‬وغزة(‪ .‬مفارقة كبيرة ولشك‪،‬‬ ‫ولو قدر ليات الله السؤال نفسه اليوم لقيل لهم )في البصرة‪ ،‬وع ّ‬
‫ولكن تذكروا أن الثورات تموت في المركز حين تبلغ أوج تمددها‪ ،‬فهل تدرك الثورة قدرها!‬
‫المصدر‪ :‬العربية نت‬

Você também pode gostar