Escolar Documentos
Profissional Documentos
Cultura Documentos
ويزكيهم
» -العدد الخامس :ذو القعدة 1439ه -أغسطس 2018م ملحق فصلي تصدره «
«�إن�سان»
ألجـــل عــيــنــيــك ،كـــان الــلــه كـــان لكا
وكنت أنت ألجل الله...كيف لكا؟؟
جمال المال
jamal@malcoot.net
تأمالت
ّ
ذو القعدة 1439هـ -أغسطس 2018م
2
في طبيعته ،والمؤنس في شيء من المحاورات الجانبية تــلــك الــلــحــظــة ،عــنــدمــا تميل
مهرجاناته وبرامجه السياحية مع غيره من الفارين من الجحيم بــرأســك نــحــو نــافــذة الــطــائــرة،
الممتعة ،لكنك ال تنكر أنــك األرضـــي .ال تخلو الرحلة من لتتيقن أنــك ب ــدأت تبتعد عن
أ .محمد بن موسى
تعبت كثيرا من الحركة والتردد منغصات ،من إجراءات السفر األرض ،التي ال تــزال تحتفظ
باحث ُعماني
الكثير ،وكونك في بلد غريب المعقدة ،ومقابلة أشخاص بـــأســـبـــاب ألـ ــمـ ــك وح ــك ــاي ــات
لم تألفه ،مع بعض المواجهات غــيــر ودوديـــــن ،ضــيــق الــمــكــان معاناتك وتــجــاربــك القاسية.
ثــم هــا أن ــت -أو عــقــلــك -تمل
الـــتـــي عـــكـــرت ص ــف ــو راح ــت ــك في الطائرة ،وربما طول مدة هــا هــي لحظة االرتــفــاع فوق
بسرعة ،فال تستطيع المكث
وأثـ ــارت ســاكــن انــزعــاجــك ،وال ال ــرح ــل ــة ،م ــع بــعــض اإلرهــــاق كــل ذلـــك ،والــتــحــرر مــن أغــال
واالستمرار في السفر كثيرا،
تنس المال الكثير الذي أنفقته البدني وربما المشاعري أحيانا، الضيق والمحدودية ،من سجن
لــيــس فــقــط ألن اإلمــكــانــيــات
وتـــــود لـ ــو انــتــفــعــت بـ ــه فــي ومهما كانت الــطــائــرة وسيلة الـــعـــادة وق ــي ــود االل ــت ــزام ــات،
المادية ال تساعدك ،بل حتى
مشروع أو حاجة ملحة عليك، للهروب والتخلص من األرض، لحظة االنطالق وتجاوز الحدود
حــالــتــك الــنــفــســيــة ال تسمح
لكنك تعتبر كل ذلك ضريبة ال فــهــي تــبــقــى م ــج ــرد وســيــلــة الضيقة إلى آفاق مفتوحة من
بذلك.
بد منها للمتعة والتغيير. انتقال وعبور ال مكانا للمكث االحتماالت واآلمــال المبهجة.
لقد استوفيت حظك وقضيت
لــقــد كــانــت رحــلــتــك صــخـ ًـبــا من واالســـتـــقـــرار ،فــلــيــســت هي إن ــه ــا لــحــظــة غــســيــل نفسي
نــهــمــتــك ،وأي زيــــــادة أخـــرى
نوع آخر ،لكنه ال يعدو أن يكون مهيأة لذلك وليس هذا دورها. َّ م ــن بــقــايــا األلــــم الــــذي راف ــق
ســتــنــقــلــب ع ــك ــس ــا بــالــضــيــق
صخبا ،وتكاد تجزم أنك لم تجد وكــلــمــا طــــال الـــوقـــت تصبح تــجــاربــك األرضــيــة ،ومــن رمــاد
والكدر والرغبة في المغادرة؛
السكينة الــتــي خــرجــت تبحث الــطــائــرة والــرحــلــة مصدر إزعــاج نار الحزن وآهاته المالزمة لم
ألن األرض الجديدة تبدأ في
عنها ،لكنك على األقل أحدثت وضــيــق ،تتعجل التخلص من يكن بيدك ما تطفئ به النار
الكشف عن وجــه يكاد يقترب
تغييرا مــن نــوع مــا ،وأرضــيــت أســره بالعودة مــرة أخــرى إلى العالقة بكيانك ،لكن ها أنت
في شكله من الوجه القديم
قناعتك العقلية بما حققته من األرض التي هربت منها ،وتكرر اآلن تتمكن من الهرب بعيدا
لـــــــأرض الـــقـــديـــمـــة ،وربـــمـــا
إنجاز السفر وتبديل البقعة. الــنــظــر ف ــي الــســاعــة متعجال جــدا عــن لهيبها وحــرارتــهــا ،بل
الحــظــت أن الـــوجـــوه الكئيبة
أحــد أســبــاب شــعــورك الجميل النزول ،بعد أن أرهقك البقاء ومع الوقت يغيب عنك شبحها
الــتــي صــادفــتــهــا فــي السفر
فــي السفر قــدرتــك المؤقتة في األعلى بعيدا عن منبتك وصورتها.
ال تختلف كثيرا عن التي كنت
عــلــى تحييد األفــكــار السلبية الــــتــــرابــــي .هــــا هــــي األرض تتسلل بعض الصور األليمة َّ
تقابلها في محلتك األولــى،
الــمــزعــجــة ،واســتــعــمــال بــديــل تحتضنك من جديد ،لكن في جاهدة في التشبث بذاكرتك،
وهــا أنــت تشتاق للعودة إلى
جــديــد مــن األف ــك ــار اإليــجــابــيــة ثوب جديد غير المألوف ،ربما متوسلة مرافقتك في رحلتك
ما هربت منه ،وتزعم لنفسك
المبهجة ،إنــهــا لعبة العقل، انــطــلــت عــلــيــك خ ــدع ــة تغيير الــجــمــيــلــة ،غــيــر أنـــك ال تطيل
قــلــيــا ،ولــمــعــارفــك كــثــيــرا ،أن
الـ ــذي قـــرر أن يــفــرح ،بــعــد أن ال ــم ــام ــح ،لــكــن ه ــي األرض الجدال معها ،فلم يعد الوقت
شيئا ما قد تغير في مزاجك
اقتنع أن الظروف الخارجية هي نفسها! والحال قابال لمثل هذه الدراما
وأحوالك النفسية والعاطفية،
ســبــب الــمــشــكــلــة والــمــعــانــاة، كثيرون يعدون البقعة الجديدة من جديد .مع االستمرار في
لــكــن تــدبــرا واعــيــا وموضوعيا
وليس شيئا آخر. أرضــا جديدة ،وال نــدري فربما االرت ــف ــاع أعــلــى وأب ــع ــد ،تأخذ
يــكــشــف حقيقة أن الــظــروف
رح ــل ــت لــتــؤكــد لــلــعــقــل صــدق يكون األمر كذلك ،لكن حقيقة تــنــهــيــدة ال ــش ــع ــور بــالــفــســحــة
الــمــســبــبــة لـــأحـــزان وال ــواق ــع
اعــتــقــاده ،أي أن ــك فــي واقــع األمــر أنــك قد عــدت مــرة أخرى والــفــرح ،ثم تحاول االنشغال
الــحــيــاتــي الــبــائــس واألل ــي ــم ال
األمـــــر جــئــت ت ــرض ــي الــعــقــل لتقوم بتجربة أرضــيــة جديدة، بالمتاح الممكن من األنشطة
تزال كما هي ،لم يتغير شيء
وتغذيه بأفكار ليست جديدة، وطبيعي أن تكون قريبة الشبه في الطائرة ،وأحبها إليك أخذ
ذو بال ،والمحصلة عودة إلى
بل هي ما اعتاده من تصورات مـــن الــتــجــربــة ال ــت ــي ســافــرت قسط من النوم يقتل ما بقي
الحال األول وكأنك كنت تجتهد
عن المتعة وأحــكــام عن الحياة محاوال الهروب منها ،فالتجارب من طفيليات األرض الفكرية.
في السير لكن في محلك!
وأهلها ،والتي غالبا ما يكون على اختالفها تستخدم نفس البعض تمنعهم فرحة السفر
لقد غ ــادرت البلد ،وســافــرت،
مــصــدرهــا األنــانــيــة وقــاعــدتــهــا وســــائــــل األرض وأدواتــــهــــا مــن الــنــوم ،فــيــحــاول التلهي
وعشت خارجا ثم ُعدت ،لكنك ما
الـــذاتـــيـــة ،مـــع مــيــل لــلــصــراع المعهودة .لقد قضيت أياما بما تيسر من وسائل الترفيه
زلت تحمل همومك معك ،ما
م ــع الــغــيــر وحـــب الــمــنــافــســة، جميلة في هــذا البلد الجميل أو أصناف المأكوالت ،وربما
زالت العقد النفسية تالحقك.
3 ذو القعدة 1439هـ -أغسطس 2018م
تأمالت
ّ
وبهذه التجربة ،يصل اإلنسان األمر ،فما النفس إال مجموعة الخاطئة ،ومــا لــم تتوقف عن لقد تركت كل شــيء لكنك ما
إل ــى ُعــمــقــه ال ــن ــوران ــي؛ حيث أفــكــار ال أكــثــر ،وال حقيقة لها ه ــذه الــلــعــبــة الــغــبــيــة فسوف زلت تُ مسك بأفكارك القديمة؛
ت ــس ــك ــن ال ــس ــك ــي ــن ــة وتــقــيــم سوى ذلك ،فما التمسك بها تقضي بــاقــي حــيــاتــك محاربا لذا فواقع األمــر أنه لم يتغير
الــطــمــأنــيــنــة وتــخــيــم الــقــداســة إال تمسك بمعتقدات تقادم األوهـــام ومكتسبا األوهـــام، شيء حقيقي؛ ألنك أنت لم
والــــطــــهــــارة ،ح ــي ــث الــفــطــرة عهدها في الــذاكــرة ،أو تعلق ال تجني من ورائها تلك الحياة تتغير! لقد كان سبب المعاناة
األولـــــى الــنــقــيــة والــصــافــيــة، بــأفــكــار بالية ال تتعدى كونها الــتــي هــجــرت مــألــوفــك لتفوز يرافقك فــي كــل بقعة حللت
بعيدا عن لوثة األفكار وإزعــاج ظنونا ووساوس. بها ،واآلن حــان وقــت الراحة، بـــهـــا ،ل ــق ــد كـــــان م ــع ــك فــي
اآلراء واالختالفات ،بل وحدة هناك طريقتان للتخلص من آن أن تستعيد روحك المتعبة البلد األول ،وكــان معك في
وانـــســـجـــام ،وصـــفـــاء ال كــدر ه ــذا الــوهــم اآلســـر والــخــادع، راح ــت ــه ــا ،ت ــوق ــف ع ــن الــســفــر الـــطـــائـــرة ،وكـــــان مــعــك يــوم
فيه ،وال فكرة تشوه الفطرة، الـــذي يــقــود اإلن ــس ــان لعيش ألنك في الحقيقة ال تسافر، سافرت ويوم عدت ،فما زادك
هناك حيث تحيط جاللة الهدوء حياة غير واقعية وال مثمرة، أنت تغير البقعة فقط ،لكنك الــبــعــد عــن الــوطــن إال اقــتــرابــا
وسكينة ال ــروح كيان اإلنسان ألن ــه بــمــثــابــة الــنــائــم والــمــخــدر تحمل ألــمــك وس ــوء تقديرك مما كنت تهرب .مسكينة هي
حــامــيــة لــه مــن جــهــاالت الفكر فــكــريــا ..بــل هــو نــائــم حقيقة، أينما ذهبت ،لذا اترك نفسك! األرض كـــم هـــي مــظــلــومــة،
وضالالت األهواء. كما قيل فــي األثـــر« :الــنــاس عندها فقط تستطيع السفر ومسكينة هي الحياة وظروفها
ومــــا أح ــوج ــن ــا ل ــه ــذا الــصــمــت نيام فإذا ماتوا انتبهوا». والــتــحــلــيــق ب ــح ــري ــة ال ــط ــي ــور. وأحوالها ،نحملها جريرة دوراتنا
والــهــدوء الباطني ،ما أحوجنا -الطريقة األولــى :أن يمسح يــعــبــر ع ــن هـ ــذه الــتــجــربــة في النفسية ،ونلصق بها تهمة
إليــقــاف ه ــذا الــهــديــر المزعج من سبورة فكره تلك الكلمات األدبـــيـــات ال ــروح ــي ــة بـــ»تــزكــيــة هــي بريئة منها .أمــا الــزمــان،
من األفكار ،والضجيج الداخلي بالكلية ،أمــا اللوح فيزول مع الــــنــــفــــس» ،والــــــزكــــــاة هــي فال تسل عن التهم الموجهة
من صــراعــات العقل ومعاركه ذهاب المكتوب؛ ألنه مجموع الطهارة ،أي التخلص مما علق إليه من قديم وحــديــث ..ولو
الــتــي ال تــهــدأ ،وتــلــك األفــكــار الكلمات. بالنفس من أفكار ومــا ترسخ كان لها لسان ألجابت ،ولو كان
المتزاحمة كجيش ال هم له إال ومــــع زوال ال ــح ــج ــاب تنجلي فــي ذاكــرتــهــا مــن مــعــتــقــدات لها حقيقة شعورية ألظهرت
إزعـــاج الـــروح ،كما يــزعــج جيش ال ــح ــق ــي ــق ــة ،فــــا يـــحـــتـــاج أن غربتها وأبعدتها عن حقيقتها.. سخطها وغضبها ،لكن كل ذلك
الجراد الحقل األخضر. يتكلف ليرى ،بل بمجرد النظر إنها الــعــودة للفطرة بالتخلي ال يــوجــد ،إنــهــا مــجــرد ظــروف
وهـــذه الــطــريــقــة أقـــوى وأبــلــغ هــو يــشــهــد الحقيقة ناصعة عن الفكرة..الفطرة حالة الروح، زمــانــيــة ومــكــانــيــة تستقبل ما
في األثر والنتيجة ،لكن إن عجز واضــحــة ،ألن ــه لــم يــكــن يحول والفكرة ثرثرة العقل ،الفطرة يضع اإلنسان فيها ،وهي ال
عنها فــا أق ــل مــن التمسك بينه وبينها إال ل ــوح معنوي هــي الصفاء األول ،والفكرة تملك أن تعطيه إال ما يمد إليه
بــالــطــريــقــة الــثــانــيــة ،وه ــي أن وهمي قد زال. هـــي كــــدر اآلراء واألفــــكــــار، يده برغبته واختياره.
يستعمل األفكار اإليجابية بدال أكــثــر ال ــن ــاس حــريــصــون على والتي أكثرها خطأ وسوء فهم ه ــل عــرفــت اآلن مــمــن كنت
من السلبية ،ويجتهد في تخير ملء أدمغتهم باألفكار ،والتي سبب المعاناة وأنتج المشاكل ّ ت ــه ــرب؟ ألـــم تــــدرك الشخص
الــكــلــمــات وتحسين الــعــبــارات أكثرها خــيــاالت وأوهـ ــام ،لكن والـــحـــروب والــــكــــروب ،وعـ ّـقــد الـــــذي كــــان وال يـــــزال يسبب
وتلطيف التصورات ،ويتكلف الحكيم مــن يسعى لإلطاحة الحياة. لـــــك كـــــل تـ ــلـ ــك الـ ــمـ ــعـ ــانـ ــاة؟
صرف الذهن عن السوء في بها ومحوها من عالم الوجود، اإلنــســان ال يــواجــه الــحــيــاة بل نــعــم إن ــه أنـــت ،إن ــه (األنــــا) أو
اللفظ واألفعال. ألنها هي ما يحول بينه وبين يواجه تصوره عن الحياة ،وال (الــنــفــس) الــتــي تختبئ خلف
وهـــــذه الــثــانــيــة طــريــقــة أهــل الــواقــع الــحــقــي ،إنــهــا ليست يقابل األشياء بل يقابل أفكاره األحداث واألحكام ،والتي تجد
اإليمان ،واألولى طريقة أهل أكثر من سحاب يستر شمس واعتقاداته عن األشياء ،هناك متعتها فــي هــذه اللعبة من
اإلحــــســــان ،وك ــاه ــم ــا طــريــق الحقيقة. لوحة فكرية تحول بينه وبين إثارة المشاعر وإصدار األحكام
شـــريـــف ،وإن كــــان أحــدهــمــا إن السعي للتحقق بالصفاء َّ الــرؤيــة الــصــافــيــة ،لــوحــة يقرأ غير الموفقة في الغالب ،بل ال
أشــــرف وأك ــث ــر إش ــراق ــا وأكــبــر الــفــكــري وال ــش ــف ــاء الــعــقــلــي عليها معتقداته وتــصــوراتــه، هم لها إال إغراؤك باالستمرار
عائدا. تــجــربــة روحــيــة جــديــرة بالبحث إنــهــا كلماته الــتــي يــحــاور بها في لعبتها ،ألن ذلك ما يكفل
وفــي الــواقــع ،فــإن العقل ال والـــحـــرص ،وهـــي تــجــربــة لها نــفــســه ،ي ــق ــول فــيــصــدق ما لها البقاء واالنتصار عليك في
يكف التفكير بالمطلق ،لكن وسائلها وطرقها التي يمكن يـــقـــول ،ثـــم يــتــعــامــل ويــنــفــذ هذه المعركة الخفية.
عندما يتزكى بالسلوك الروحي تــعــلــمــهــا ومــمــارســتــهــا على خطته الــحــيــاتــيــة بــنــاء عــلــى ما لقد سافرت تبحث عن سعادة
تصبح أفكاره ربانية إحسانية، أي ــدي عــارفــيــن وخــبــراء سلكوا اعتقده وآمن به ..إنه ال يمكنه وراحــــة بــعــد ألـ ــم ،فــي الحين
منبعها النور ،وطريقها الحب، الــطــريــق وأتــقــنــوه ،ثــم ع ــادوا أن يــرى غير ما في ذهنه من الـــذي أخـــذت مــعــك ســر ألمك
ومقصدها المصلحة اإلنسانية هادين ومرشدين لغيرهم من ان ــع ــك ــاس ــات فــكــريــة وظــنــون وتعاستك رفيقا وصاحبا ،وما
العامة. الطالبين وعطشى الروح. وهــمــيــة عـــن ت ــج ــارب ــه وواقــــع زلـ ــت مــاضــيــا ف ــي حــســابــاتــك
ذو القعدة 1439هـ -أغسطس 2018م
4
كاها
ا اه كَّ ز
َ ن م ح
َ ل ف
ْ َ �
أ دَ
َقد �أ ْ ْف َلح َمن ز َّ
َ ق
َ
َ َ َ
َ
َ
النفس ال تزكو إال بربها فبه تشرف وتعظم في ذاتها ألن الزكاة ربو فمن كان الحق سمعه وبصره وجميع قواه والصورة
ْ
في الشاهد صورة خلق فقد زكت نفس من هذا نعته وربت وأنبتت من كل زوج بهيج كاألسماء اإللهية لله والخلق كله
بهذا النعت في نفس األمر ولوال أنه هكذا في نفس األمر ما صح لصورة الخلق ظهور وال وجود ولذلك ( ََق ْد َخ َ
اب َمن
اها) ألنه جهل ذلك فتخيل أنه دسها في هذا النعت وما علم إن هذا النعت لنفسه نعت ذاتي ال ينفك عنه يستحيل َد َّس َ
َ
(ق ْد أ ْف َل َح) ففرض له البقاء والبقاء ليس إال لله أو لما كان عند
زواله لذلك وصفه بالخيبة حيث لم يعلم هذا ولذلك قال َ
الله وما ثم إال الله أو ما هو عنده ،فخزائنه غير نافدة فليس إال صور تعقب صورا والعلم بها يسترسل عليها استرساال
بقوله (حتى نعلم) مع علمه بها قبل تفصيلها ،فلو علمها مفصلة في حال إجمالها ما علمها فإنها مجملة ،والعلم ال
يكون علما حتى يكون تعلقه بما هو المعلوم عليه ،فإن المعلوم هو الذي يعطيه بذاته العلم ،والمعلوم هنا غير مفصل
فال يعلمه إال غير مفصل إال أنه يعلم التفصيل في اإلجمال ،ومثل هذا ال يدل على أن المجمل مفصل إنما يدل على
أنه يقبل التفصيل إذا فصل بالفعل هذا معنى (حتى نعلم) وإذا كان األمر كما ذكرناه فما ثم (من دساها) ولو كان ثم
لكان هو الموصوف بالخيبة ألن الشئ ال يمكن أن ينجعل وال يندس في غير قابل الندساسه.
5 مكانه، تأم في
الت
أغسطس 2018مواستقر
ّ
موضعه 1439هـ -
وإذا دسه فقد قبله ذلك القابل وإذا قبله فما تعدى ذلك المدسوس رتبته ألنه حل في ذو القعدة
فما خاب من دسه الخيبة المفهومة من الحرمان فله العلم وما له نيل الغرض فحرمانه عدم نيل غرضه فإن العلم ما
هو محبوب لكل أحد ولو كان العلم محبوبا لكل أحد ما قال من قال إن العلم حجاب والحجاب عن الخير تنفر منه الطباع،
ونحن إذا قلنا العلم حجاب فإنما نعني به يحجب عن الجهل فإن الوجود والعدم ال يجتمعان أعني النفي واإلثبات
فما يخيب إال أصحاب األغراض وهم األشقياء ،فمن ال غرض له ال خيبة له وأنت تعلم أنه إذا دس شئ في شئ إن
لم يسعه فال يندس فيه وإن اندس فقد وسعه وال يسعه إال ما هو له فلكل دار أهل ،وما ثم في اآلخرة إال داران
جنة ولها أهل وهم الموحدون بأي وجه وحدوا وهم الذين زكوا نفوسهم ،والدار الثانية النار ولها أهل وهم الذين لم
يوحدوا الله وهم الداسون أنفسهم فخابوا ال بالنظر إلى دارهم ولكن بالنظر إلى الدار األخرى ،فكما أنه لم يتعد أحد
هنا ما ُق ّدر له وما أعطته نشأته الخاصة به كذلك لم يتعد هنالك ما ُق ّدر له موطنه الذي هو معين لذلك الذي قدر له،
فمن خلق للنعيم فسييسره لليسرى (فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى) ومن خلق للجحيم
فسييسره للعسرى (وأما من بخل) بنفسه على ربه حيث طلب منه قلبه ليتخذه بيتا له باإليمان أو التوحيد (واستغنى)
بنفسه عن ربه في زعمه (وكذب بالحسنى) وهي أحكام األسماء الحسنى (فنيسره للعسرى) فهذا تيسير التعسير
وهو يشبع الدس ،فإن الدس يؤذن بالعسر ال بالسهولة ،فلو جهد أحد أن يدخل فيما ال يسعه ما يمكن له ذلك جملة
واحدة وما كلف الله نفسا إال وسعها في نفس األمر ،ولذلك وسعت رحمته كل شيء وزال الغضب وارتفع حكمه
وتعينت المراتب وبانت المذاهب..
محي الدين ابن عربي
الباب الثالث والثمانون وأربعمائة -الفتوحات المكية
من المقترحات حتى ال تتملئ والـــمـــعـــقـــول ،ب ــي ــن مــعــارفــنــا يقولون أن «الزكاة» جذرها من
بــمــا لـــن ُيــضــفــي فـــي مــيــزان وأخــاقــنــا وبــيــن أنــفــســنــا هي «زك ــا» ،أي نما وصـ ُـلــح .والنمو
سعادتها وزن ُيعتد به! فعندما كــعــاقــة «الـ ــطـ ــوب» بــالــجــدار. ازديــاد قد يتعلق بالمال فيكون
محمد بن رضا اللواتي يقع «وإلــيــه تقلبون» ويتحقق الجدار يتألف من الطوب ،هكذا بالعمر فيغدو كثيرا ،وقد يتعلق
ُ
كاتب ُعماني «إلــيــه راج ــع ــون» ،و»وإن إلــى النفس تتألف مــن مكتسباتها مـــديـــدا ،وقــــد يــتــعــلــق بــالــعــلــم
ربــــك الـ ـ ُـرجـ ــعـ ــى» ،ي ــك ــون وزن النفسية ،ولن يسعها في أية فــيــصــبــح غــــزيــــرا ،ولـــكـــن لــيــس
أخالق ومعارف ومكتسبات غير النفس «مكتسابتها» التي أتت مــنــزلــة مــن مــنــازل ســيــرهــا إلــى بــالــضــرورة أن تــرافــق الــحــاالت
متاح بالمرة في ذلك العالم. بها من «مزرعة األولى» ،فمن «الله» أن تفارق مكتسباتها تلك المارة من النمو «صالحا» ،إال
الــطــريــق الــثــانــي الــمــقــتــرح من الضروري ،والحال هذا ،أن تنظر أبدا. فــي حــالــة واحــــدة وهـ ــي ،نمو
قــبــلــهــم ه ــو الــتــفــكــر ف ــي مــآل وتعيد تصفية حياتها المعنوية. ومعنى ذلــك ،أن سائر أخالقنا ُ
وبالخلق «ال ــذات» معنويا أوال
السعيد فــي الــنــشــأة الثانية، يقترح العرفاء تقديم «التصفية» ومــعــارفــنــا لــيــســت إال النفس الحسن ،عندها فحسب يسري
والموعود بالحياة الطيبة ،فلعل و «اإلخالء» أوال ،ومعناه البحث حــقــيــقــة .لــيــســت هــنــالــك ذات الصالح في بقية أشكال النمو.
ذلك يدفع المرء إلى إعادة النظر فــي أعــمــاق النفس عــن رذائــل يعرض عليها العلم ،وتتصف بأن
الحكماء يعتقدون ّ لقد كان ُ
فــي أحــوالــه بغية تصفية غير األخـــاق ألجــل اقــتــاع جــذورهــا باألخالق ،كال ،وإنما هنالك ذات، ع ــاق ــة الــنــفــس بــالــمــعــنــويــات
الــمــرغــوب وتحليته بالمطلوب تدريجيا ،وفــي الخطوة الثانية تتحول إلى مكتسابتها .ال ثمة من أخــاق وفضائل ومعارف،
وإن لم يكن مرغوبا. تأتي «التحلية» أو «االمتالء»، فارق بين النفس وبين أخالقها، هــي عــاقــة الــكــتــابــة بالسبورة
أما الطريق الثالث ،فهو طريق والــمــقــصــود بـــه تــأصــيــل ُبــعــد على اإلطــاق .وعليه ،فعندما الــبــيــضــاء .فــفــي األصـــــل ،كل
الــمــحــبــة ،ويــســمــونــهــا بــطــريــق الفضيلة واألخالق الحميدة التي أبيضا ،فإن ً نقول :صار الجسم ال ــن ــف ــوس ب ــي ــض ــاء خ ــال ــي ــة مــن
«الرفع» وليس «الدفع». تتسق مع قاعدة «التوحيد». الصيرورة هنا ليست حقيقية، المكتسبات الخلقية والعلمية،
«فــالــدفــع» فــي مصطلحاتهم فلو كان بين أيدينا كأس من ماء محتفظا بكيانهً ألن الجسم يظل لكنها الحــقــا وبــعــد االكــتــســاب،
مــعــنــاه الــضــغــط عــلــى رذائــــل ولكن به شائبة نعجز بوجودها واستقالله عن البياض ،وهكذا تغدو «تتصف» بتلك الفضائل
األخــــاق الخــراجــهــا مــن مملكة فيه عــن شــربــه ،فمهما مألناه الــبــيــاض أي ــض ـ ًـا .ولــكــن ،عندما والعلوم ،كما لو كانت السبورة
الــنــفــس وط ــرده ــا خ ــارج ــا ،وثــم بــمــاء نظيف ،لــن يتسنى أبــدا ً
إنسانا، نقول :صــارت النطفة البيضاء خالية من الكتابات ،ثم
الضغط على فضائل األخــاق شربه إال بــإخــراج الشائبة أوال، هنا ،الــصــيــرورة حقيقية ،ألنها والحــقــا تــتــنــاثــر عليها الكلمات
البقائها في أعماق النفس. وعند ذلك فحسب ،يمكن ملؤه أفقدت النطفة كيانها ،وسلبته والرسوم.
أمــا «الــرفــع» ،فمعناه رفــع كل مجددا بالماء النقي. إيــاهــا تــمــامـ ًـا ،إذ غــدت النطفة هـــذه الــكــلــمــات والـــرســـوم من
القذرارات الخلقية دفعة واحدة، ويـ ــقـ ــتـ ــرح «الـــــعـــــرفـــــاء» ألجـــل عبر الــصــيــرورة ،إنــســانـ ًـا .هكذا، الــمــمــكــن مــحــوهــا ألنــهــا ليست
ذل ــك بــاكــتــشــاف مــنــبــع الــجــمــال الــتــصــفــيــة ث ــاث ــة ُطـــــرق يمكن فالنفس عندما تكتسب ُخلقا أو جــــزءا ال يــتــجــزأ م ــن الــســبــورة،
والــجــال ،فالنفس من طبعها اتباعها لظهور النتائج ،األولــى الخلق وذاك تنال معرفة ،هــذا ُ وهكذا فإن األخــاق والفضائل
عشق الــجــمــال فكيف بالجمال هي التفكر في عاقبة الحال إن العلم يقوم بصيرورة النفس وال ــم ــع ــارف تــقــبــل أن تُ ــمــحــى
الــانــهــائــي ،ه ــذا إن اكتشفته مرقت النفس من عالم المادة عين مكتسابتها تلك. عــن صفحة النفس .فالعالقة
حــقــا؟ ســوف تجد النفس أنها وانتقلت إلى العالم األخــروي، بـــاإلضـــافـــة إلــــى ال ــع ــدي ــد مــن إذن ووفــــق هـــذه الـــرؤيـــة بين
متجهة بتمامها ومنجذبة نحوه وهي قد اتحدت برذائل األخالق اآليــات والــروايــات التي ساقها المكتسبات النفسية والنفس
«حـــبـــيـــة» تـــســـري فــي ب ــح ــرك ــة ُ التي صارت حياتها وفق قاعدة «صــدر المتألهين» ،فقد قدم ليست أصيلة ،بل عارضة.
ت ــم ــام كــيــانــهــا ،عــنــدهــا تــرتــفــع إتحاد العاقل والمعقول ،تُ رى ك ــذل ــك عــــدة ب ــراه ــي ــن مــحــكــمــة ولكن «صــدر المتألهين» أطــاح
غــيــر الــمــرغــوبــات جــمــلــة واحـــدة كيف يكون مصيرها ،ال سيما على نظريته ،ولكن غرض هذه ب ــه ــذه الـ ــرؤيـ ــة عــنــد اكــتــشــافــه
وتضمحل بالمرة. وأن إجـــراء التغيير فــي العالم الــمــقــالــة االشــــارة إل ــى «نــمــو» لـــنـــظـــريـــة «إتــــــحــــــاد الـــعـــاقـــل
ويــبــقــى الـ ــسـ ــؤال األص ــع ــب: األخــروي غير ممكن أبــدا ،لذلك النفس ،وليس تقديم البراهين. والمعقول» ،فبموجبها ،عالقة
كيف يتسنى إكتشاف الجمال ينقل الكتاب المجيد أن جماعة تـــغـــدو ال ــن ــف ــس ،طــبــقــا لــهــذه المكتسبات النفسية بالنفس
الحجب اإلطالقي بين آالف من ُ تطلب العودة إلى الوراء «حتى ال ــرؤي ــة ،تــتــســع وتــنــمــو بشكل عالقة حميمة ووطيدة بحيث أن
الغليظة التي تستر وجهه ما لم إذا جاء أحدهم الموت قال رب مضطرد بناء على مكتسابتها، هــذه المكتسبات تغدو «عين»
يتم خرقها كلها فتضيء الحياة ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما من ُهنا ،فقد عنى «العرفاء» النفس وتُ صهر فيها بالنحو الذي
الباطنية بنور بهي يجذبنا إلى تركت» ألنها أدركــت أن التغيير بــشــكــل خـ ــاص بــمــوضــوع نمو ال يمكن تصور النفس إال بها!
أفق ال ُظلمة فيه؟ والتملص مما في النفس من النفس هذه ،وقدموا مجموعة العالقة بناء على إتحاد العاقل
7
نفس ُهُه منمن ََ
عرفنفس
عرف
ذو القعدة 1439هـ -أغسطس 2018م
عرفبره ّبه
ّ َ َ
عرف ر
إنارة ذو القعدة 1439هـ -أغسطس 2018م
8
مذكرات في التوحيد
معرفة الوجود ()2-2
د .محمد عبد الرب النظاري ف ــأن ــزل رحــمــة واحـــــدة فبها هـــذا االســــم ه ــو الحقيقة كما يظهر الماء من األرض
مفكر يمني تتراحم المخلوقات حتى أن الــكــبــرى القانونية اليقينية بكثرة الحفر يصير شعور قلب
الــفــرس لــتــرفــع حــافــرهــا عن والشهودية والسننية التي حس ًا ومعنى قد اإلنسان أنه ّ
الـــوجـــود الــمــحــض الــــذي ال ولــيــدهــا) وهـــذا مــطــرد في ال انــفــصــام لها مطلقا أما أصبح ســبــورة لــحــروف ذلك
شريك له في وجوده؛ وذلك رحيم وكريم وغفور وغيرها المداد الــذي كتبت به أحرف االسم األعظم ،ألنه العهد
قبل ظــهــور فعل الــلــه في مــن صــفــات الــفــضــائــل فــإن االســم فإنه طال فــإن محاه الذي خرج عليه من عالم الذر؛
المخلوقات ،التي أظهرها من اعتمد على الوسائل من اإلنسان فإنما يمحو وهمه؛ وذلك أن اسم الله األعظم
من اسمه العليم من العدم ً
متخلقا بهذه ذكر وغيره أصبح وذلك أن حقائق الحق الئحة بلفظ عربي مبين كما تقدم،
اإلضــافــي باسمه القدير، األخالق لكن مع الخلوة وقلة على الخليقة كما الحت على مكتوبا في ظاهر غرة ً يعد
وكلها أحــكــام نسبية تظهر الطعام وقلة المنام وقلة كــل غ ــرة ألنــهــا ثــابــتــة ثبوت كل الحيوانات يقرؤه كل من
في عرض مرآة الكائنات عن الكالم وقلة مخالطة األغيار الحقائق وليست منفعلة بيد يـــراه بعين الــبــصــيــرة ،حتى
حضرة غيب الغيب الوجودي، وذلك لشهوده اليقيني أن الحوادث. تابعا للبصيرة، ً يكون البصر
إلــــى ح ــض ــرة الـــعـــدم وهــو ما يراه من األشياء إنما هي لــذلــك ال بــد لــإنــســان في وسننية ذلك ظاهرة مهيمنة
القابلية العلمية. آثـــار مــن عــالــم األمـــر تنزلت ك ــل نــفــس ف ــي حــيــاتــه من باهرة وهي أن العالم عالمة
ألن الله يتجلى بذاته لذاته بــاســمــه الــقــديــر عــن اســمــه تــكــرار االس ــم المفرد (الــلــه) على مواله الواجب الوجود
ب ــغ ــي ــر شــــريــــك وال اســـم العليم بــاعــتــبــارهــا مــقــدرات الـــــذي يــعــد صـــــورة هيكله المحض الــذي ال شريك له،
وال صــفــه وال مــعــنــى من عـــن مــطــلــق الــمــعــلــومــات، نفسه؛ هذا باعتباره وصوت َ وبذلك تنتهي أحكام الغفلة
المعاني المضافة إلى الله حتى يطمئن قلبه إلى الله مظهرا ،ولكي يكون شاعرا التي توجب الضنك كما قال
م ــن الــقــهــر ف ــي األلــوهــيــة (الحق) سمعه ُّ وحتى يصير بكونه صــورة لتجليات أنــوار ض {و َم ْن َأ ْع َر َ عنها سبحانهَ :
والـــرحـــمـــانـــيـــة والــخــالــقــيــة وبصره ولسانه ويده ورجله علم المسمى فــا بــد من َ
َعن ِذ ْك ِــري َفـ ِـإ َّن لـ ُـه َم ِعيش ًة
َ
أو غــيــرهــا ول ــذل ــك فــإنــه ال وجميع شؤونه كما جاء في الذكر المقصود المستشعر نكا َو َن ْح ُش ُر ُه َي ْو َم ْال ِق َي َ
ام ِة َض ً
ً
وأبــدا، ً
أزال ً
شريكا يعلم له ــمــى} ،ولــو لــم يكن هذا َ
ـيال ــح ــدي ــث(:وم ــا تــقــرب إل ـ ّ استصحاب النية بالشعور أ ْع َ
وإنما يــدرك العبد النسبي إلي مما عبدي بشيء أحب ّ الــربــانــي بــأنــه عــدم قــد ظهر مكتوبا بيد العناية ً االســم
الحقائق بما يضاف إلى الله افترضته عليه ،وما زال عبدي عــن االســـم حــسـ ًـا وكـــذا عن ع ــل ــى كــــل ذرة وغــــــرة فــا
مــن مــنــاســبــات ،مــع األذن ـي بالنوافل حتى يتقرب إلـ ّ تــســبــيــحــه ب ــاألن ــف ــاس وأنـــه يمكن أن يكتبه العبد بيده
السنني للعبد أن يصف الله كنت سمعه ُ أحبه فإذا أحببته صورة معنوية لتجلي أخالق ومداده ثم يمحوه ويمزقه،
على قدر العبد ،وليس على الذي يسمع به وبصره الذي الله بالمهيمن الشهيد حيث بــل إن مقتضى السنن أن
قدر الله عز وجل وذلك في يبصر به ويده التي يبطش تجلت رحمته بإظهار األشياء بين اإلنــســان وبــيــن االســم
تفصيل الصمدية. بها ورجله التي يمشى بها مـــن الـــعـــدم الــمــحــض إلــى اإللهي أكمل عالقة روحية
وهــــــذه األحــــكــــام لــمــظــاهــر ولئن سألني ألعطينه ولئن الــعــدم اإلضــافــي ،ثــم جعل يقينية واضحة كل الوضوح
الــصــمــديــة ،وقــبــلــهــا أحــديــة استعاذني ألعيذنه ) ...وغير المنافسة مــن رحمته فبها وليست خفية وهي ال تنفك
تمنع أي مناسبة بين الله ذلك من األحاديث. تــتــراحــم الــخــائــق بــاألمــومــة مهما انفكت أحــكــام الحس
وخلقه ومــن بــاب أول ــى ما حــكــم الــكــمــال هــو اليقين ح ــت ــى أن الـ ــفـ ــرس وبــقــيــة بسبب الغفلة والنسيان ألن
قبل األحدية. بتجليات الله: الــحــيــوانــات لــتــرفــع حــافــرهــا ما بالذات ال يتخلف.
ول ــي ــس قــبــل األحــــديــــة إال أوال :تقرر أن الوجود المحض ً ع ــن ولــيــدهــا رحــمــة ب ــه كما ولكن اليقين السنني الذي
«الساذجية العماء المطلق» مطلقا من غير شريك إنما ً جــاء فــي الــحــديــث عنه عليه لــه برهانه فــي القلب إنما
الــذي ليس فوقه هــواء وال هو الله األحد الذي له تجليان، الــصــاة والــســام ( إن الله تــشــهــده الــبــصــائــر الــتــامــة
تحته ه ــواء وغــيــب األحــديــة التجلي األول األحدية؛ وهو جعل الرحمة تسعة وتسعين شـــــهـــــودا تــــامــــا وهــــــو أن
9 ذو القعدة 1439هـ -أغسطس 2018م
إنارة
اإلثــبــات أحــد ليس لسوى وهــو تفصيل يلي األحدية مكانة ال مناسبة بينها وبين
أحــديــتــه الــذاتــيــة المطلقة بالرتبة وليس بمهلة زمنية مطلقا كما قال عندما ً الخلق
وجــــودا وال شــأنً سبحانه سئل أين كان ربنا قال ( :كان
وال مكانية.
في أحكامها.
ال بد لإلنسان في فــي عماء ليس تحته هــواء
ألن ال ــص ــم ــدي ــة ص ــف ــة ال
ثــم تــنــزلــت أحــكــام األحــديــة كل نفس في ولــيــس فــوقــه ه ــواء أو كما
وجـــود فيها إال لــلــه وفيها
وهــــي غــيــب مــحــض إلــى حياته من تكرار ظهور األسماء التي تشرح قال).
الصمدية وهي رتبة ليس االسم المفرد اهلل( وهــــذا ال ــوج ــود الــمــحــض ال
ال ــص ــم ــدي ــة أو األوصــــــاف
لـــســـوى أح ــك ــام ــه ــا صـ ــورة الذي يعد صورة التي تبين عظمة الصمدية يقبل تــجـ ٍـل بــالــظــهــور ولكن
وجود وال فعل؛ ألن الصمد ولها تعلقان بعضها يتعلق المناسب لــأرواح والقلوب
هــو الـــذي تــفــرد بالصمود
هيكله وصوت بالله جالال كالكبير والعظيممعرفة تجلي األحــديــة وإن
ومحيطا بكل مقدور ً مهيمنا
َ
نفسه كــان هــذا التجلي هو تجلي
والمجيد والحميد.
أو صــمــد كــل مــقــدور إليه وبعضها يتعلق بفعله كالرب ذاتـــه لــذاتــه بحيث ال يقبل
ليستمد منه مظهريته. رســول الله صلى الله عليه والــمــلــك وال ــخ ــال ــق ويــجــمــع تعيين رتبه وال أثر.
والــحــصــر اليقيني للوجود وســلــم :إن يصف لهم ربه والــنــظــم الــقــرآنــي ق ــد نـ ّـبــه
األولى اسم الله.
يقسمه إلى ثالثة: فأنزل الله سبحانه وتعالى ويجمع الثانية اسم الرحمن الــنــاس وأرش ــده ــم أن الله
الوجود الحقيقي :وال يكون لبيان جالل الله ( قل هو الله كما جاء في القرآن الكريم: في ذاتــه أحد وفي صفاته
إال لله بال شريك. أحد ) فهو سبحانه له مطلق صمد وأنه لم يلد ولم يولد
( قــل ادعـ ــوا الــلــه أو ادع ــوا
الــــــوجــــــود الـــــخـــــارجـــــي :أو األحــديــة التي شأنها كمال الــرحــمــن ًأيـــا مــا تــدعــوا فله ولم يكن له كفوا أحد.
المظهرية للمخلوقات التي الــجــال واالن ــف ــراد بالوجود أن الخلق أدركـ ــوا هذه
األسماء الحسنى). ولــو َّ
تشهدها الــحــواس الخمس وبقاء.
َ قدما فــاألولــى باسم الله تتعلقالرتبة لعرفوا تنزه الله عن
فــــي ال ــم ــل ــك وال ــم ــل ــك ــوت ولـــه صــفــة الــصــمــديــة في االحتياج للتنزيه وتقدسه عن
باألحدية في القدم.
ولــيــس وجــــودا وإن ــم ــا هي اإليجاب ( ،الله الصمد ) فله والثانية باسم الرحمن تتعلق االحــتــيــاج لــلــتــقــديــس؛ ألنها
مظاهر تمر م ــرور السحاب سبحانه بها مطلق الكمال بالصفات الفاعلة ،إلظهار مــرتــبــة أحــديــة الــلــه مــن غير
ً
صورا لمعروضات إنما نرى والهيمنة. ً
آثارا اســم وال صفة وال أثــر ألي
الحوادث الجائزة لتستمر
عنها. ولقد اشتملت هذه السورة صفة فال يقبل إضافة اسم
ألعراض ال تبقى زمانين.
الــــوجــــود الـــذهـــنـــي :وه ــو المباركة على سلب النقائص الـــحـــصـــر فـــــي األحــــديــــة أو فعل لألحدية.
لــلــمــعــانــي الـ ــتـ ــي تــتــعــلــق بوصفها لله سبحانه وتعالى والصمدية:
وإنـــــمـــــا يــــضــــاف مـــــا ورد
بــاألحــكــام البدائلية كالقدرة أنه أحد صمد وأنه ( لم يلد بصحيح القرآن والسنة إلى
إن ــم ــا وردت كــلــمــة صفة
والــمــروءة والمحبة وغيرها ولم يولد ولم يكن له كفوا الصمدية إمــا بطريق نفي
فــي الــنــظــم الــقــرآنــي في
من المعاني. أحد ). األض ــداد كاألحكام العقلية
ســبــع آيــــات ( ســبــحــان الــلــه
الــخــاصــة مــمــا تــقــدم :أن ويؤيد ذلك ما جاء في صحيح عما يصفون ) ( ،وسبحان بأن يقال واحد ليس بمتعدد
األحــديــة توجب أن ال يكون مــســلــم :أن أن ــص ــاري ـ ًـا كــان ربك رب العزة عما يصفون وكــريــم ليس ببخيل وعليم
لــــه شـــريـــك فــــي الـــوجـــود يصلي في جميع الصلوات ) وغيرها من اآليــات السبع ل ــي ــس ب ــج ــاه ــل أو بــطــريــق
مطلقا وهذا هو منهاج أهل الجهرية بسورة (قل هو الله معرفة الروح والبصيرة التي
ولــكــن كــلــمــة يــصــفــون في
اإلحسان واليقين والشهود أحد ). هذا السياق ليس فيها داللة يــتــجــلــى بــهــا الــحــق ب ــأن ــواره
من األنبياء و األولياء الذين فشكاه الــنــاس إلــى رســول أن لله صفات ،ولكن معناها للصفات التي تـتنزل آثارها
يــســتــيــقــنــون ب ــأح ــدي ــة الــلــه الله صلى الله عليه وسلم ـــم يــكــذبــون، إلى البصيرة التامة ليتعرف
ســبــحــان الــلــه ّع َ
ب ــا ش ــري ــك ف ــي ال ــوج ــود، فقال ( :رســول الله» ص» وإنما يوجد اإلشعار بإثبات اإلنسان على الحق الواجب
ويستيقنون أن هــذا الدين ما حملك على ذلك) فقال: الــــوجــــود بــيــقــيــن ال يــقــبــل
الـــــصـــــفـــــات فــــــي ســــــورة
روح ونور وغيب وأنه ال يصح هذه السورة فيها صفة ربي حصرا كما جاء في ً الــمــزيــد ويــلــيــق بــالــعــبــد من
اإلخالص
في التربية الروحية والقلبية وإنـــي أحــبــهــا فــقــال :صلى حيث مكانته المتزايدة ولكنه
السيرة وفي الصحيح.
والفكرية أن يتعامل إال مع الله عليه وسلم :أحبك الله؛ ال يقدر الله حق قدره مهما
التربية االحسانية ب ــاألرواح فأقره الرسول «ص» على نبيا .نظم سورة اإلخالص: علت رتبة العبد وإن كان ً
على كمال الشهود أو الذوق هذا ذلك. التجلي الثاني :للوجود تنزل تحقيق المرتبتين كما جاء في
؛ألن مــا انــزلــه الله هــو روح فــتــبــيــن مـــن هــــذا أنــــه في ً
قريشا طلبوا من السيرة أن الصمدية.
إنارة ذو القعدة 1439هـ -أغسطس 2018م
10
بالمبديء والمعيد الغفور الــودود ولو عقلوا وذكروه ذكرا كثيرا للبحث شراكه الله في الوجود من ذاتهما
الــذي هو فعال لما يريد .تستحيل عــن نفخة الله فيهم لعلموا بعين ولكان ذالك فرض للمحال واختل كل
شــراكــة غــيــره فــي التأثير والــبــرهــان البصيرة اليقينية أن ظهور العوالم شيء في الحياة بل هو المتصرف
على ذلك بأمرين: في مــرآة الوجود عالمه لموالهم؛ المنفرد بالتأثير ولو شاء لرجح غيره
األم ــر األول :أنــه لــو وجــد غير الله كــأثــر لــوحــدانــيــة الــصــفــات واألفــعــال م ــن األش ــي ــاء الــجــائــزة الــذهــنــيــة أو
ذاتيا لم يجد العقل إلى ترجيح ً ً
وجودا وهــو كظهور أي شــيء في المرآة الخارجية التي ليس لها أدنى حضور
ً
سبيال ألنه أحد الموجودين لأللوهية وال ــش ــاش ــة الــمــرئــيــة ؛ وذلــــك ألن في أصل الوجود وإنما هي التحرك
سيكون ترجيحا من غير مرجح. الــمــظــاهــر إنــمــا يــكــون ظــهــورهــا عن للنسبي والعدمي اإلضافي في
األمـ ــر الــثــانــي :أن نــظــام الــتــغــالــب هيمنة المؤثر فال يمكن للعقول أن تشكيل ظهور مرايا العوالم بمعنى
بعلو بعضهم على بعض يقتضي تتصور ربــا بغير مربوب وال مربوبا مظهريتها بترجيح واجب الوجود ولو
يه َما
ـان ِف ِ فساد الــعــوالــم إذ َ{ل ـ ْـو َك ـ َ بغير رب وال خالقا بغير مخلوق وال ترجحت من ذاتها لكانت شريكة لله
ـسـ َـدتَ ــا} ،والــواقــع ِآلـ َـهـ ٌـة ِإ َّل الـ َّـلـ ُـه َلـ َـفـ َ مخلوقا بغير خالق ولكنها كما نرى سبحانه.
أنه لم يحصل الفساد وبرهان ذلك المرآة تحمل كل شيء وليس فيها وبــهــذا يظهر الــجــهــل والــخــلــط لــدى
المشاهدة فوجب أن يكون الله أحدا شــــيء س ــواه ــا وك ــذل ــك الــشــاشــة كثير من الناس حيث ال يفرقون بين
منفردا بالجالل والجمال والكمال ال تعرض جميع األشــيــاء وليس فيها الــوجــود الحقيقي لله ال شريك له
يشاركه شــيء وإنــمــا بنور هيمنته شيء سواها وإنما هي عرض في وما هو من سبحات نور وجهه من
يظهر ســبــحــانــه الــمــظــاهــر العدمية عرض للنسبي الذي يعد عدما في عالم األمر والروح الواجب .وبين ما
اإلضافية النسبية من اسمه العليم ذاتــه فكل ذرة فيها مخلوق ففيها هو حادث من مظاهر الخلق النسبي
باسمه القدير. هيمنة الخالق ال ينفك عنها بحيث العدمي الــتــي تعد مظاهر ذهنية
قال الله تعالى( :خلق سبع سموات ال وجود لكل ذرة إال بجميع األسماء عدمية آلثــار أســمــاء الله وصفاته،
ومــن األرض مثلهن يتنزل األمــر ً
رقيبا ً
قريبا الفاعلة بوصفه سبحانه كما قال الحق سبحانه عن هذا النوع
بينهن لتعلموا أن الــلــه على كل ـاال لــمــا يــريــد؛ منفردامهيمنا ف ـ ّـع ـ ً
ً من المشركين الذين يتوهمون أن
شيء قدير وإن الله قد أحاط بكل بالتأثير بالمهيمن ألنه قهر واستوى لله شريكا في الوجود أو أن لصفاته
علما). ً شيء بالمهيمن الشهيد الذي هو على كل {و َمـــا ُيـ ْـؤ ِمـ ُ
ـن شريكا فــي الــظــهــورَ :
وتأثيرا وإظــهـ ً
ـارا ً ً
تدبيرا شــيء قدير ون}، ْ
ال َو ُهــم ُّمش ِر ُك َ َأ ْك َث ُر ُه ْم ِب ّ
الل ِه ِإ َّ
الحائط ذو القعدة 1439هـ -أغسطس 2018م
12
روح
ُ
آلبرت آينشتاين
()1955-1879
ِ
العلم
13
13
أغسطس 2018م
2018م -1439هـ -فبراير الثانية
1439هـ جمادى
القعدة ذو
الع ْلم
روح ِ
األكوان المتوازية
وقــوع التصادم سيكون على اتاريخيا ،لم تكن أول نظرية أو ً
الطبيعة أن تحسم أمرها ،إما فكرة لألكوان المتعددة قادمة
يوسف البناي يمين أو يسار! قد تنخدع كل نسخة من علم الكون نفسه ،بل كانت
فيزيائي نظري من الكويت في التفسير األصلي لميكانيكا ّ
بأن عالمها هو الوحيد إحدى تفسيرات ميكانيكا الكم
الكم الذي قدمه نيلز بور في الحقيقي ،وليس اآلخر طبعا يعود ً الغريبة .والسبب
يمكننا التعبير عن ذلك بقولنا ثالثينيات القرن الماضي ،كان ً
محتمال ً
منافسا إال إلى مبدأ هايزنبيرغ االرتيابي
أنّ ه قبل حدوث التصادم كانت فعل المالحظة هو من يحدد غير محقق .لكن في الذي يجعل الذرة أو اإللكترون
هــنــاك نــســخــتــان متطابقتان يمينا أو يسارا .يعني قبل أن الواقع توجد جميع الذي يدور حول نواة الذرة في
من الكون ،لم تفترق أحداهما تقوم أنــت بالرصد ال معنى العوالم بشكل حــالــة كبيرة مــن عــدم اليقين.
االخـــــــرى إال مـــع حـــدوث عـــن ُ للحديث عــن شــكــل الــتــصــادم متواز
ٍ تــصــور أنـــك تــلــعــب بــلــيــاردو؛
التصادم .اآلن أنــت المراقب (كل االحتماالت موجودة يمينا عندما تــضــرب الــكــرة البيضاء
يجب أن تنقسم الى نسختين ويــســارا وغــيــرهــا) .هــل تــدرك بأحد الكرات الملونة الموجودة
كل ما علينا فعله هو تسريع
أيضا؛ واحدة منك ً متطابقتين مــدى جــنــون هــذا الــكــام؟ أي على الطاولة ،سيكون لديك
ح ــزم ــة مـــن اإللـــكـــتـــرونـــات أو
ت ــرى اإللــكــتــرون يــذهــب يسار شيء قبل أن يقع في وعيك فكرة مبدئية عن كيفية تحرك
الــفــوتــونــات لتصطدم بــذرات
االخ ــرى تــراه يذهب ونسختك ُ ال يــكــون على حــالــة مــحــددة!! الــكــرات بعد االصــطــدام .فلو
معينة في حالة سكون .اآلن
بأن يمين! قد تنخدع كل نسخة ّ يكون متراكب بكل االحتماالت ضــربــت الــكــرة الــبــيــضــاء رأس ـ ًـا
َ
بعدما يتصادم اإللكترون بأحد
عالمها هو الوحيد الحقيقي، بــشــكــل غــامــض ،حــتــى تقوم على أحد الكرات الثابتة ،فالبد
الجسيمات سوف يتشتت ،ال
ولـــيـــس اآلخــــــر إال مــنــافــسـ ًـا بـ ــرصـ ــده (ت ــف ــاع ــل مـ ــع ذرات أن تتحرك الكرة المضروبة إلى
نملك أي فكرة على اإلطالق
محتمال غير محقق .لكن في ً عينك) حتى يتخذ شكال معين! الــوراء ،أو عندما تضرب الكرة
في أي جهة سيتشتت؛ يمينا ً
الــواقــع تــوجــد جميع العوالم لقد قال آينشتاين ذات مرة، متظاهرا بأنك بزاوية معينة،
أم يــســارا؟! حسب رياضيات
متواز ،وهنا يأتي اسم ٍ بشكل مستاء من هذا التفسير :هل محترف ،سيكون لديك فكرة
ً م ــي ــك ــان ــي ــك ــا الـــــكـــــم ،تــعــطــي
النظرية (األكـ ــوان المتوازية) موجودا عندما القمر يكون غير عن كيفية تحرك الكرة المضروبة
المعادالت احتماالت متساوية
ً
طبعا أنــا هنا لميكانيكا الكم. ال أراه؟! ،ربما بطريقة ما رأى بــزاويــة معينة .سبب قدرتك
لــلــتــشــتــت ف ــي ك ــل الــجــهــات،
وضــعــت مــثــال يــمــيــن ويــســار عدد قليل من الفيزيائيين في على التنبؤ بحركات الكرات بعد
لكنها ال تعطي في أي اتجاه
ف ــق ــط ،لــكــن االحـــتـــمـــاالت ال زمـــن بـــور الــــدور الـ ــذي يلعبه أن مبدأ هايزبيرغ التصادم هو ّ
بالضبط سيتجه اإللكترون بعد
نهائية ،إذن مع كل حدث ينشق الوعي في تشكيل هذا العالم ال ينطبق على تلك الــكــرات.
التصادم .لكن بعد وقوع حدث
وعيك إلى عدد ال نهائي من مــن حــولــنــا .فــي خمسينيات فــأنــت ف ــي عــالــم كالسيكي
الــتــصــادم (الـــذي ال ن ــراه أب ـ ً
ـدا)
االح ــت ــم ــاالت ،كــل وعـــي في القرن الماضي طبق هوفت تنطبق عليه ميكانيكا نيوتن
نستطيع أن نــرصــد أي اتجاه
مواز!
ٍ كون ايفيرت تفسير بور على الكون الكالسيكية ولــيــس ميكانيكا
اتــخــذه اإللــكــتــرون .أي بعد أن
رغ ــم الــغــرابــة الــشــديــدة لهذا كله. الكم .اآلن ،سنقوم بتصغيركم
تتم التجربة.
فإن فيزيائيين كثيرين التفسيرّ ، عــنــدمــا يــصــطــدم اإللــكــتــرون باليين المرات حتى تصبح أنت
مــن ســبــل الــتــفــكــيــر فــي هــذا
يــقــبــلــونــه الــــيــــوم .خــصــوصــا فــإن احتمال اتجاهه ّ بالجسم وكرات البلياردو بحجم الذرات.
بـــأن اإللــكــتــرون
ّ األمـــر الــقــول
أولــئــك الــذيــن يعملون على إلــى اليمين واحتمال اتجاهه اآلن أرنــي براعتك في تحديد
ق ــب ــل أن ي ــرت ــط ــم بــالــجــســم
نظريات التوحيد األساسية من إلــى اليسار سيقعان بنفس مــســار الــكــرات بعد التصادم.
الساكن كان هناك عالم واحد
مثل نظرية األوتار والنظرية M الـــــدرجـــــة! ع ــن ــدم ــا يــصــطــدم لن تستطيع إلى ذلك سبيال.
لـ ــه مــســتــقــبــان مــحــتــمــان!
وغــيــرهــا .هــذا التفسير أيضا اإللــكــتــرون بــالــجــســم ينقسم فــي الحقيقة هــذه البلياردو
أحدهما يتحرك فيه اإللكترون
محبب عــنــد تطبيق ميكانيكا الــكــون إلــى نسختين :واحــدة الــمــصــغــرة إل ــى حــجــم الـــذرات
إلى اليمين واآلخر يتحرك فيه
الكم على علم الكونيات. يــتــحــرك فيها اإللــكــتــرون إلــى موجودة لدينا في المختبرات
ُ اإللكترون إلى اليسار .لكن بعد
واألخ ــرى إلــى اليسار. اليمين وهي (مسرعات الجسيمات).
ذو القعدة 1439هـ -أغسطس 2018م
14
الـ ــحـ ــيـ ــاةُ ال ــح ــق ــي ــق ــي ـ ُـة ال ـــــاص
ـــــص ِ ـــــق َــــــــم ِف ـ ـ ــي ا ْل ِ
ــــــــك ْ(ولَ ُ َ
للسائر إلــى اهلل ُ
تحصل ــــــاب) َ
ــــــــــي األ ْلــــــ َب ِ
ْ ُ
َحـــــ َيـــــاةٌ َيــــــ ْا أو ِل
ِ
نفسه،
ِ {اقتص} من ّٓ إال إذا
بمعنى أماتها بالفناء في إن هذه اآلية تعير انتباهنا إلى
ال بالحديث «موتوا اهلل ،عم ً
كــمــون األشــيــاء فــي أضــدادهــا،
قبل أن تــمــوتــوا» فحينئذ
واألصــول في فروعها ،حسبما
يــحــيــى حــيــا ًة أب ــد ّي ــةً لــقــولـ ِـه
اتـ ــضـ ــح م ـ ــن أن ف ـ ــي الـــمـــوت
اص ص ِ (ولَ ُك ْم ِفي ا ْل ِق َ تعالى َ
ـاب) وهذه َ
ـي األ ْل ـ َبـ ِ َح َياةٌ َيـ ْا ُأو ِلـ ْ الــحــيــاة ،وف ــي الــحــيــاة الــمــوت .
الناشئة بعد ُ ُ
الثانية الحياةُ وعليه فمن أراد أن يطلب شيئًا
الموت ليست هي عين األولى، ِ فليطلبه في ضده ال في نفسه،
ألن كنهية الــشــيء ال تــعــرف إال
في ضده ،ولهذا [ما ُعـ ِـر ٓف الحق
كل ما يمكن أن يكون إال في خلقه].
هو كائن «اآلن»
ش ْي ٍء َو ُه ْم َيتْ ُل َ
ون ود َع َلى َ س ِت ا ْل َي ُه ُ َّصا َرى َع َلى َش ْي ٍء َو َقالَ ِت الن َ
َّصا َرى لَ ْي َ س ِت الن َ (و َقالَ ِت ا ْل َي ُه ُ
ود لَ ْي َ َ
يه
ِ ِف ُوا ن ا كَ ا يم ف ة ام يق ْ
ل ا م و ي م ه ن
ُ َ ْ ُ َْ َ ُ ْ َْ َ ِ َ َ ِ ِ َ ي ب م كُ ح ي ه َّ
ل ال َ
ف م ه ل
ِْ ِ ْ وقَ ل َ ْ
ث م ون م َ
ل
َ ْ ُ َ ِ ع ي اَ ل ين
ِ َذلَّ ا َ
ال َ
ق كَ ل
َِذ كَ ا ْل ِ َ َ
اب ت ك
ون )َي ْخ َت ِل ُف َ
الوجود إال وهو على شيء ،وإن
ِ شيء في
ٍ يلزمنا في اآلية أن نحترم سكان العالم تمامًا إلى أن نصير نرى ما من
ٌ
طاعة من حيث اإلرادة.. الحقيقة طائع ،ألن المخالفة من حيث الرضى ،هي
ِ كان في الشريعة مخالفًا فهو في
طوق الحمامة المفقود
ذو القعدة 1439هـ -أغسطس 2018م
16