Você está na página 1de 4

‫" صدام الحضارات" للمفكر األميركي هنتنغتون بالعربية ‪ .

‬إغواء أخير للغرب خطر يهدد سالم العالم وصراع "قبلي" على‬
‫نطاق الكون‬
‫محمود حامد | منذ ‪ 16‬أبريل ‪00:00 / 1999‬‬

‫لم يترجم الى اللغة العربية للمفكر األميركي صامويل هنتنغتون سوى كتاب وحيد هو "النظام السياسي لمجمعات متغيرة" عام‬
‫‪ 1993‬دار الساقي‪ ،‬وهو العام نفسه الذي نشرت فيه فصلية ‪ Foreign Affairs‬مقاله الشهير عن "صدام الحضارات"‪ .‬وهو‬
‫المقال الذي أثار جدالً مستمراً‪ ،‬وترجم الى غالبية اللغات الحية ومنها العربية‪.‬‬

‫وقد شجعت االصداء الواسعة للمقال ان يعمل المؤلف على توسيع اطروحته ويجيب عن كثير من االسئلة التي أثارتها ويسد ما‬
‫رآه من ثغرات‪ ،‬وعلى رغم صدور الكتاب في سنة ‪ 1996‬اال أن افكاره االساسية واالشكاالت التي تعرض لها ليست غريبة‬
‫على القارىء العربي‪ .‬فقد تحدث كثير من المفكرين العرب عن المقال‪ ،‬وانشغلوا بالرد عليه‪.‬‬

‫لذلك لم ي تورط المترجم طلعت الشايب في تقديم الكتاب وعنوانه‪" :‬صدام الحضارات‪ :‬إعادة صنع النظام العالمي" دار سطور ‪-‬‬
‫القاهرة ‪ ، 1998‬وانما اوكل هذه المهمة الستاذ متخصص في الفلسفة هو الدكتور صالح قنصوة الذي ساهم بعددد من المقاالت‬
‫في الرد على مقال صامويل هنتنغتون بل والرد على بعض فصول الكتاب بعد نشرها في الدوريات االميركية‪ ..‬وكان تقدمه‬
‫نقاش مركز ودقيق يبغي تفنيد عدد من النقاط الجوهرية التي يقيم هنتنغتون اطروحته عليها‪ ..‬مما يجعل قنصوة ينتهي بأن صدام‬
‫الحضارات سلعة مطلوبة في سوق السياسة العالمية خصوصا ً بعد انهيار االتحاد السوفياتي وتفككه‪.‬‬

‫اكتفى المترجم اذن بأن يكون امينا ً جدا ً لالصطالحات التي دشنها هنتنغتون وشاعت في العربية قبل ترجمة الكتاب‪ ،‬كما حرص‬
‫على ان يلتزم ببساطة العبارة المتوقعة من كتاب في علم المستقبليات وهو موجه باألساس الى القارئ العادي‪ .‬وتبدو اهمية‬
‫الكتاب ‪ -‬بل وخطورته ‪ -‬من ان تسلط او اغواء نظرية صدام الحضارات التي يطرحها‪ ،‬يمكن ان يساهم في ما تحدث عنه‬
‫ارنست ناجل عن "التنبؤ المحقق لذاته" وهو الذي يتألف من تنبؤات ال تصدق على الوقائع الفعلية‪ ،‬في الوقت الذي تصاغ هذه‬
‫التنبؤات‪ ،‬غير انها تصير صادقة بسبب االفعال التي تتخذ كنتيجة مترتبة على "االعتقاد" بصحة تلك التنبؤات‪.‬‬

‫من خالل "صدام الحضارات" وفصوله االثني عشر‪ ،‬يقرأ هنتنغتون الصراع في عالم ما بعد الحرب العالمية الباردة‪ ،‬ذلك العالم‬
‫الذي طوي سجله بانهيار االتحاد السوفياتي‪ ،‬واصبح هذا النموذج للعالم تبعاًًً لوماشس كوهن مؤلف "بنية الثورات العلمية"‪،‬‬
‫نموذجا ً قديما ً عاجزا ً عن تفسير حقائق جديدة او مكتشفة حديثاً‪ ،‬وال بد من احالل نموذج جديد يفسر تلك الحقائق بطريقة مقبولة‬
‫اكثر كنموذج‪ ،‬ال بد ان تبدو أفضل من النظريات التي تنافسها‪ .‬ولكنها ليست في حاجة الى ان تفسر كل الحقائق التي يمكن ان‬
‫تواجهها‪ ،‬وال هي تفعل ذلك في الواقع‪.‬‬

‫العرق والحضارات‬

‫وهذا هو ما حاوله هنتنغتون اثناء قراءته لخريطة العالم الناشئ‪ .‬ففي هذا العالم تكون السياسة المحلية هي السياسة العرقية‪،‬‬
‫والسياسة الكونية هي سياسة الحضارات‪ ،‬ومح ّل المنافسة بين القوى الكبرى يحل صدام الحضارات‪ .‬اول الشواهد على هذه‬
‫الخريطة‪ ،‬ان الغرب حاليا ً هو أقوى الحضارات وسيظل كذلك لسنوات قادمة‪ ،‬اال ان قوته تتدهور بالنسبة للحضارات االخرى‪.‬‬
‫وبينما يحاول ان يؤكد قيمه ويحمي مصالحه تواجه المجتمعات غير الغربية خياراً‪ .‬البعض يحاول ان يحاكي الغرب وان يلحق‬
‫به او "ينحاز" اليه‪ .‬المجتمعات الكونفوشية واالسالمية االخرى تحاول ان توسع قوتها االقتصادية والعسكرية‪ ،‬وان تتوازن ضد‬
‫الغرب‪ ،‬وهكذا يكون تفاعل قوة الغرب وثقافته امام قوة وثقافة الحضارات غير الغربية محوراً مركزيا ً للسياسة في العالم‪.‬‬

‫ان عالم ما بعد الحرب الباردة هو عالم مكون من سبع او ثماني حضارات هي‪ :‬الصينية‪ ،‬اليابانية‪ ،‬الهندية‪ ،‬االسالمية‪ ،‬الغربية‪،‬‬
‫االميركية الالتينية‪ ،‬االفريقية احتمال‪ .‬من هذا الرصد يقفز هنتنغتون الى مجموعة من النتائج‪ :‬وهي ان اهم دول العالم جاءت من‬
‫حضارات مختلفة‪ .‬الصراعات االكثر ترجيحا ً ان تمتد الى حروب اوسع‪ ،‬هي الصراعات القائمة بين جماعات ودول‬
‫وحضارات مختلفة‪ ،‬واشكال التطور السياسي واالقتصادي السائدة تختلف من حضارة ألخرى‪ ،‬كما ان القضايا الرئيسية على‬
‫اجندة العالم تتضمن االختالفات بين الحضارات‪ .‬وال يخفى ايضا ان القوة تنتقل من الغرب الذي كانت له السيطرة طويالً الى‬
‫الحضارات غير الغربية‪ ،‬بمعنى ان السياسة الكونية اصبحت متعددة االقطاب‪ ،‬ومتعددة الحضارات‪.‬‬

‫ان تقسيم العالم القائم على الحرب البادرة قد انتهى‪ ،‬وانقسامات البشرية على اساس العرف والدين والحضارة تظل كما هي‪،‬‬
‫وتفرخ صراعات جديدة‪ ،‬فخالل العقود االخيرة من القرن العشرين زاد عدد كل من المسلمين والمسيحيين في افريقيا‪ ،‬وحصل‬
‫تحول رئيسي في المسيحية في كوريا الجنوبية‪ ،‬وفي المجتمعات السريعة التحديث عندما ال تكون االديان او العقائد الشعبية‬
‫قادرة على التأقلم مع متطلبات التحديث توجد االمكانية النتشار المسيحية الغربية واالسالم‪.‬‬

‫وفي تلك المجتمعات اكثر ابطال الثقافة الغربية نجاحاً‪ ،‬ليسوا من طبقة االقتصاديين المحدثين وال من دعاة الديموقراطية‬
‫المتحمسين‪ ،‬وال كبار موظفي المؤسسات المتعددة الجنسيات‪ ...‬االكثر نجاحا ً هم المبشرون المسيحيون‪ .‬والمرجح ان يظلوا‬
‫كذلك‪ .‬ال آدم سميث وال توماس جيفرسون سيفيان باالحتياجات النفسية والعاطفية واالخالقية للمهاجرين الجدد الى المدنية‪ .‬او‬
‫للجيل االول من خريجي المدارس الثانوية‪ .‬وال المسيح قد يفي بها وان كانت فرصته اكبر‪ ..‬على المدى الطويل محمد سينتصر‪.‬‬

‫يفرق هنتنغتون بين التحديث والتغريب‪ .‬ويرى ان المجتمعات غير الغربية يمكن ان تتحدث‪ .‬وقد حصل ذلك بالفعل‪ ،‬من‬ ‫وهنا ّ‬
‫دون ان تتخلى عن ثقافتها المحلية الخاصة‪ .‬كما تبنت القيم والمؤسسات والممارسات الغربية بالجملة‪.‬‬

‫أما التغريب فإنه قد يكون من المستحيل حدوثه نظرا ً للعراقيل التي تضعها الحضارات غير الغربية امامه‪ .‬وربما من الحماقة ‪-‬‬
‫كما يقو ل برودل ان نعتقد ان التحديث او "انتصار الحضارة بالمفهوم المفرد" قد يؤدي الى نهاية تعددية الثقافات التاريخية التي‬
‫تجسدت في حضارات العالم الكبرى على مدى قرون‪ .‬التحديث بدالً من ذلك‪ ،‬يقوي من تلك الحضارات ويقلل من القوة النسبية‬
‫للغرب‪ .‬والعالم اذن يصبح اكثر حداث ة واقل غربية في امور اساسية‪ .‬فخريطة العالم تحدثنا بأن هناك هوة كبرى ما زالت تفصل‬
‫بين الصينيين والهنود والعرب واالفارقة عن الغربيين واليابانيين والروس‪ .‬اال انها تضيق بسرعة‪ ،‬وفي الوقت نفسه هناك هوة‬
‫اخرى مختلفة تنفتح‪ .‬متوسط العمر عند الغربيين واليابانيين والروس يزيد باضطراد‪ .‬والنسبة الكبرى من السكان الذين لم‬
‫يعودوا يعملون تفرض عبئا ً كبيرا ً على اولئك الذين مازالوا يعملون وينتجون‪ .‬الحضارات االخرى مثقلة باعداد كبيرة من‬
‫االطفال‪ .‬ولكن االطفال هم عمال الغد وجنوده‪..‬‬

‫كذلك انتشار التكنولوجيا‪ ،‬والنمو االقتصادي للدول غير الغربية في النصف الثاني من القرن العشرين‪ ،‬يؤديان اآلن الى عودة‬
‫النموذج التاريخي‪ ،‬وهذه ستكون عملية بطيئة‪ ،‬ولكن في منتصف القرن الحادي والعشرين ‪ -‬ان لم تكن قبل ذلك ‪ -‬يحتمل ان‬
‫يماثل توزع النتاج االقتصادي والنتاج الصناعي بين الحضارات الرئيسية‪ ،‬ما كان عليه في سنة ‪ .1800‬اي ان الضغط الغربي‬
‫استمر مئتي عام على االقتصاد العالمي سوف ينتهي‪ ..‬وبالطبع فإن هذا التوازن الذي ستحدثه الحضارات االخرى ينبع من‬‫ّ‬ ‫الذي‬
‫قبولها الحداثة واالخذ بشروطها‪ ،‬وفي اآلن نفسه رفض الغرب للثقافة العلمانية النسبية المتفسخة المرتبطة بها‪ ،‬انه رفض لما‬
‫يطلق عليه "التسمم بالغرب" الذي يصيب المجتمعات غير الغربية‪ ،‬وهي اعالن استقالل ثقافي عن الغرب‪ ،‬اعالن يقول‪" :‬نكون‬
‫حديثين‪ ،‬ولكننا لن نكون انتم‪".‬‬

‫غربنة العالم‬

‫ان حضارات التحدي لـ"غربنة" العالم باسم الكونية والعولمة تمارس العداء للغرب بالطريقة نفسها التي ظل الغرب يمارسه‬
‫نحوها تحت مسمى "االستشراق" الغربي للشرق‪..‬‬
‫عند الشرق آسيويين مثالً‪ :‬الرخاء االقتصادي دليل على التفوق االخالقي تبعا ً لقاعدة التوكيد الثقافي يتبع النجاح المادي‪ ،‬في حين‬
‫ان النجاج المادي عند الغرب ساهم في التردي االخالقي‪.‬‬

‫وعلى صعيد الحضارة االسالمية نجد الجيل الجديد من قيادات الصحوة االسالمية التي سوف تتسلم الزمام لن يكون اصوليا ً‬
‫بالضرورة‪ ،‬ولكنه سيكون اكثر التزاما باالسالم عن سلفه‪ ،‬التأصيل سيتعزز‪ ،‬الصحوة االسالمية ستخلف شبكة من المؤسسات‬
‫االجتماعية واالقتصادية والسياسية داخل التجمعات التي تمتد اليها‪ ،‬ستكون الصحوة قد اثبتت ان "االسالم هو الحل" لمشكالت‬
‫االخالق والهوية والمعنى واالعتقاد ولكن ليس لمشكالت الظلم االجتماعي والقمع السياسي والتخلف االقتصادي والضعف‬
‫العسكري‪.‬‬

‫ونتيجة لذلك‪ ،‬فإن السنوات االولى من القرن الحادي والعشرين من المرجح ان تشهد صحوة مستمرة في القوة والثقافة غير‬
‫الغربية‪ .‬وفي الصراع بين شعوب الحضارات غير الغربية والحضارات الغربية‪ .‬وبين بعضها البعض‪.‬‬

‫وبالطبع فإن الغرب يحاول وسوف يواصل محاوالته للحفاظ على وضعه المتفوق‪ ،‬والدفاع عن مصالحه بتعريفها على انها‬
‫مصالح "المجتمع العالمي"‪ .‬فالغرب مثالً يحاول ان يجمع اقتصاد المجتمعات غير الغربية في نظام اقتصادي عالمي يسيطر‬
‫عليه‪ .‬وعن طريق صندوق النقد الدولي والمؤسسات االقتصادية الدولية االخرى ينمي الغرب مصالحه االقتصادية ويفرض‬
‫على الدول االخرى السياسات االقتصادية التي يراها مالئمة‪ .‬وبالمقابل ال يتردد غير الغربيين في االشارة الى الفجوات بين‬
‫المبادئ والتصرفات الغربية‪ .‬وازدواجية المعايير في الممارسة العملية هي الثمن الذي ال يمكن تجنبه في مستويات المبادئ‬
‫العالمية‪ .‬وينتج عن ذلك ان تكون عالقات الغرب باالسالم والصين متوترة على نحو ثابت‪ ،‬وعدائية جداً في معظم االحوال‪،‬‬
‫وي شبه هنتنغتون الحضارات بالقبائل االنسانية النهائية من حيث العالقات المتبادلة فيما بينها‪ ،‬وصدام الحضارات هو الصراع‬
‫القبلي على نطاق الكون‪.‬‬

‫الثقة والصداقة ستكونان عملة نادرة‪ .‬وستأخذ الصراعات بين الحضارات شكلين‪ :‬على المستوى المحلي او الصغير‪ ،‬تحصل‬
‫صراعات خطوط ال تقسيم بين دول الجوار المنتمية الى حضارات مختلفة‪ ،‬وبين جماعات تنتهي الى حضارات مختلفة داخل‬
‫دولة ما‪ ،‬وبين جماعات تحاول اقامة دول جديدة على انقاض الدول القديمة كما حدث في االتحاد السوفياتي السابق‬
‫ويوغوسالفيا‪ ،‬صراعات خطوط التقسيم متفشية خصوصا ً بين المسلمين وغير المسلمين‪.‬‬

‫على المستوى الكوني الكبير‪ ،‬تحدث صراعات دول المركز بين الدول الرئيسية في الحضارات المختلفة‪ ،‬والقضايا في هذه‬
‫الصراعات هي القضايا الكالسيكية في الصراعات الدولية‪ ،‬ولكنها على المستوى الحضاري سوف تأخذ ابعاداً اخرى‪.‬‬

‫ان حروب خطوط التقسيم الحضاري تمر بعمليات عدة واالتساع واالحتواء والتوقف ونادراً ما تصل الى حل‪ .‬وتبدأ هذه‬
‫العمليات عادة متوالية ولكنها غالباًًً ما تتراكم‪ ،‬وقد تتكرر‪ ،‬وبمجرد ان تبدأ حرب خطوط التقسيم فإنها مثل غيرها من‬
‫الصراعات الطائفية يصبح لها شكلها الخاص وتتطور بأسلوب الفعل ورد الفعل والهويات التي كانت في الماضي متعددة‬
‫وعرضية تصبح مركزة ومتصلبة‪ ،‬فالصراعات الطائفية تسمى حروب هوية وهي تسمية مالئمة‪ ..‬ومع ازياد العنف فإن‬
‫القضايا المتنازع عليها الى ان يعاد تحديدها هي على وجه الحصر بـ"نحن" و"هم" حيث يتعزز تماسك الجماعة والتزامها‪،‬‬
‫حيث القادة السياسي ون يوسعون ويعمقون توسالتهم بالوالءات اإلثنية والدينية‪ .‬ويقوى الوعي بالحضارة في عالقتها بالهويات‬
‫االخرى‪.‬‬

‫ان التاريخ ينتهي مرة على االقل في تاريخ كل حضارة‪ ،‬واحيانا ً اكثر من مرة‪ ،‬وعندما تنشأ دولة الحضارة العالمية يغشى بصر‬
‫شعبها ما يطلق عليه توينبي "سراب الخلود" ويصبح مقتنعا ً بأن ما لديه هو الشكل النهائي للمجتمع االنساني‪ .‬هكذا كان االمر‬
‫بالنسبة لالمبراطورية الرومانية والخالفة العباسية واالمبراطورية المغولية واالمبراطورية العثمانية‪ .‬مواطنو مثل هذه الدول‬
‫العالمية "في تح ٍّدّ للحقائق المجردة الواضحة‪ ،‬يميلون الى اعتبارها ارض الميعاد وهدفا ً للسعي االنساني‪ ،‬وليس مجرد مأوى‬
‫ليلي في البرية‪ .‬هكذا كان االمر في اوج "السلم البريطاني" بالنسبة للطبقة المتوسطة االنكليزية في سنة ‪ 1897‬حيث كانوا‬
‫يرون ان التاريخ بالنسبة لهم قد انتهى‪ ،‬وكان لديهم من االسباب ما يكفي ليجعلهم يهنون بعضهم بعضا ً على الحالة الدائمة من‬
‫السعادة العظيمة التي خلعتها عليهم نهاية التاريخ‪.‬‬

‫اختالف الغرب‬

‫المجتمعات التي تفترض ان تاريخها قد انتهى‪ ،‬هي دائما مجتمعات يكون تاريخها على حافة االنهيار‪ .‬فهل الغرب استثناء من‬
‫هذا النمط؟‪.‬‬

‫يجيب هنتنغتون بحذر عن هذا السؤال بااليجاب‪ .‬فمن الواضح برأيه ان الغرب يختلف عن جميع الحضارات التي كانت قائمة‪،‬‬
‫في ان تأثيره طاغٍّ على كل الحضارات االخرى التي وجدت منذ سنة ‪ ،1500‬كما انه هو الذي دشن عملية التحديث التي‬
‫اصبحت عالمية‪ ،‬وكنتيجة لذلك كانت المجتمعات في الحضارات االخرى كلها تحاول اللحاق به في الثروة والحداثة‪.‬‬

‫في ظل هذه الخريطة التي حاول هنتنغتون ابراز مالمحها بامتداد الكتاب‪ ،‬بدت القالقل واضحة بين حضارة سائدة وتملك اسباب‬
‫السيادة في المستقبل المنظور وهي الحضارة الغربية‪ .‬وحضارات اخرى تحاول اللحاق والقفز فوق حواجز الزمن وحقائق‬
‫التاريخ‪ .‬لذلك بدا بديهيا ً ان يبزغ سؤال عن مستقبل الحضارات في ظل هذا الموقف المخيف‪ .‬ويحاول المؤلف ان يجيب عنه في‬
‫فصله االخير‪.‬‬

‫فاذا اخذنا في االعتبار ان النظام والقانون هما المتطلب االول للحضارة وفي انحاء كثيرة من العالم افريقيا‪ ،‬اميركا الالتينية‪،‬‬
‫االتحاد السوفياتي السابق‪ ،‬جنوب اسيا‪ ،‬الشرق األوسط يبدو ان القانون والنظام يتالشيان بينما يتعرضان ايضا ً لهجوم خطير في‬
‫الصين واليابان والغرب‪ .‬وعلى مستوى عالمي‪ ،‬تبدو الحضارات وكأنها تستسلم للبربرية في جوانب كثيرة ُمخلّفة صورة‬
‫لظاهرة غير مسبوقة‪ ،‬وربما تنزل االنسانية الى عصور كونية مظلمة‪.‬‬

‫وفي صدام الحضارات‪ ،‬سوف تتساند اوروبا واميركا معاً‪ ،‬او تتساند كل منهما على حدة‪ .‬في الصدام االكبر‪ ،‬الصدام الكوني‬
‫"الحقيقي" بين الحضارة والبربرية‪ ،‬حضارات العالم الكبرى بكل انجازاتها في الدين واالدب والفن والفلسفة والعلم والتكنولوجيا‬
‫واالخالق‪ ،‬سوف تتساند ايضا ً معا ً او تتساند فرادى في الحقبة الناشئة‪ .‬صدام الحضارات هو الخطر االكثر تهديداً للسالم‬
‫العالمي‪ .‬ومن ثم يرى صامويل هنتنغتون في نهاية كتابه ان االمل الوحيد والضمان االكيد ضد حرب عالمية هو نظام عالمي‬
‫يقوم على الحضارات ويستفيد من منجزاتها‪ ،‬على الرغم من انه هو المؤلف نفسه الذي اكد حتى آخر صفحة في كتابه ان هذا‬
‫االمل الوحيد لن يمنع سوء الفهم والتوتر بين الحضارات وبالتالي الصدام والكارثة‪ .‬والضمان االكيد ضد حرب عالمية هو نظام‬
‫عالمي يقوم على الحضارات‪.‬‬

‫‪access 1:44pm 3/9/2019‬‬ ‫‪http://www.alhayat.com/article/996626‬‬

Você também pode gostar