انفك) وأختها األخرى( ما فتئ) من أيام الدراسة اإلعدادية؟ لم نتفهم أهميتها للخطاب آنذاك! وهكذا ،ما انفك علماء الحوزة يفاجئوننا بوقائع و(إبداعات) ال تخطر على البال بين الحين والحين! أحكي هنا عن غيث التميمي ،المعمم المنسلخ من الحوزة ومن التشيع ومن اإلسالم كله ،فهناك تسجيل له يدور على اليوتيوب منذ مدة عنوانه ( إثبات تحريف القرآن باألدلة) .هذه الموجة من محاوالت إبطال اإلسالم عبر التشكيك بالقرآن الكريم دائرة على قدم وساق منذ أحداث الحادي عشر من أيلول تلك وهي منظمة من قبل األمريكان وبشكل محموم وقد تم تجنيد فئات من المتحدثين بالعربية ليخوضوا بهذا المشروع ،وهذه المرة تطوع غيث التميمي ليكون هو رأس الحربة فصفق له ك ّل دنخا وبولص وبيطو ومن ورائهم كل ميري ونجيبه وزينه جورج من بقية عاهرات الصليب الالتي يترقبن كل فرصة ليشهرن بغضهن للقرآن ولإلسالم كله ،الكل ممنون لغيث التميمي طبعا ،فهو يمثل دور( وشهد شاه ٌد من أهلها) لكن هل هو حقا من أهلها؟! جانب مهم وكبير من دراسات الحوزة هي اللغة العربية ،ال شك في هذا، ومن يقضي عشرين عاما من عمره بدراسة العلوم الشرعية كما هو شأن مر على األساسيات وأساليب البالغة والمجاز وغير غيث التميمي فهو قد ّ أن لغة القرآن ليست اللغة العربية التيذلك دون أدنى شك ،وهو يعرف ّ نتكلمها اليوم وال تلك القديمة حتى ،إنها لغة سماوية ال تتقيد بقيود القواعد، ي شاعر يمتلك من الحرية ما يقال فيه ليس دائما وليس حتميا فالشاعر أ ّ (يحق للشاعر ما ال يحق لغيره) فكيف برب العالمين ولغة كتابه الكريم؟ في اآلية الواحدة تجد هناك أكثر من صيغة خطاب تتنقل من المفرد الحاضر (وأن هذا صراطي مستقيما ّ المتكلم للمفرد الغائب للجمع الحاضر المتكلم صاكم به لعلّكم تتّقون) فتفرق بكم عن سبيله ذلكم و ّفاتبعوه وال تتبعوا السبل ّ واألخرى (يوم يجمع هللا الرس َل فيقول ماذا أجبتم قالوا ال علم لنا إنك أنت أن الزمانعالم الغيوب ) ،وأزمان متباينة تجمعها آية مفردة في داللة على ّ كمفهوم سماوي ليس كما هو لدينا كدالة خطية بسيطة (يقدم قومه يوم القيامة النار وبئس الورد الورود) ،والمؤنث يعامل كالمذكر ( ومن يقنت َ فأوردهم سم ( ال أقسم بيوم القيامة) ألنه ال يعقل أن سم يتخذ صيغة عدم الق َ ّ منكن) والق َ ي شئ والكل هو من صنع يديه ،كيف لغيث التميمي والحالة يقسم الخالق بأ ّ هذه أن يبني إتهامه للقرآن بالتحريف على جزئية كالتي سنحكي عنها أال وهي الجهل بالمراد والبالغة اللغوية للقرآن ؟ عندما شاهدت التسجيل إنتبهت لحماسة غيث التميمي المتميزة وهو يطرح صوره بالتهويل الخطابي ذاك على أنّه ( الدليل الدامغ والبرهان الساطع ما ّ أن المسلمين حرفوا القرآن من بعد وفاة النبي ،وطبيعي ّ أن القاطع) على ّ حرفوا القرآن" ..ومن الهجمة تبتدئ بتدريج كهذا( :هم المسلمون أنفسهم َمن ّ ثم بعد تقبّل الموضوع من قبل جماهير عريضة من مسلمين ضائعين وجدانيا وفارغين فكريا (كونهم ال يقرأون ،وإن قرأوا ال يفهمون وال يتعلمون ،مسلمون ليس لهم من اإلسالم إال الهوية) ،تأتي مرحلة ( وال حتى محمد نفسه كان نبيا وال القرآن أصال كتاب سماوي) كما هو رأي معروف الرصافي ،وهذا هو غاية ما يرتجيه هؤالء ،ستربتيز تدريجي للمعتقدات وللثوابت. اآلية التي بنى عليها غيث التميمي رأيه كانت األولى من سورة اإلسراء وهي تقول "سبحان الذي أسرى بعبده ليال من المسجد الحرام إلى المسجد األقصى ."...مختصر كالمه هو: (طالما لم يكن هناك مسجد أقصى في القدس وعموم الشام وقت نزلت هذه اآلية ولعشرات السنين عقبها كذلك باعتبار المسجد األقصى الحالي بناه عبد الملك بن مروان عام 72للهجرة ،فكيف يمكن أن تكون هذه اآلية صحيحة؟ ي مسجد وكيف نعقل أنه لم يستفسر كل أولئك المسلمين األوائل من النبي :أ ّ أقصى هو هذا والقدس ليس بها مسجد واحد؟) ،بمعنى :هذه اآلية لم تكن ضمن القرآن أصال ( ولم ال تكون السورة كلها ؟ ولم ال يكون الجزء كله كذلك؟) ...بالمناسبة:هو (التميمي) لم يقل القدس بكالمه ،قال "أورشليم" و(العاقل يفتهم) كما نقول! ليس هناك في الموروث اإلسالمي ما يؤصل المسجد األقصى كمثابة إال اللهم الحديث الذي يقول ّ أن بناءه أعقب البيت الحرام بأربعين سنة ،ال أجد أية فائدة من تعقب تاريخ المسجد األقصى وإال أللزمنا وأجهدنا أنفسنا كذلك في معرفة إسم العبد الصالح بسورة الكهف وأسماء إخوة يوسف أو كيف تم رفع عيسى للسماء أو تفاصيل الفصل األخير من حياة أهل الكهف قبيل إغالق الكهف عليهم وأين هو ذلك الكهف ،هل هو حقا في شانلي أورفا أن البيت الحرام لم يبتدئ وقت محمد وال هو بتركيا أم أنّه في األردن؟ كما ّ تأسس وقت إبراهيم وإسماعيل وعلى أيديهما إال بقدر (إعادة بناء) على مثابة محددة لها تاريخ قديم لنبوات قديمة لم يطلع هللا تعالى نبيه األخير على إن مجرد ذكر هذه أسماء أنبيائها كما تحكي اآلية 78من سورة غافرّ . التسمية بمطلع سورة اإلسراء ال يخرج برأيي عن أحد هذين الرأيين :إما أن المسجد األقصى هو موضع هيكل سليمان نفسه أو أنّه إشارة ل"أقصى" ّ موضع سجد فيه الرسول قبيل معراجه للسماء فهو لم يبتعد بجهات األرض عقب الرسالة إلى أبعد من تلك البقعة .من يؤمن بقلبه وعقله ال يحاول التربص وإقتناص التناقضات فهذا يندرج ضمن معاني اآلية السابعة من ات ُه َّن أ ُ ُّم ات ُّم ْح َك َم ٌاب ِم ْنهُ آ َي ٌ علَي َْك ْال ِكتَ َ سورة آل عمران " ُه َو الَّذِي أَنزَ َل َ ات ۖ فَأ َ َّما الَّذِينَ فِي قُلُو ِب ِه ْم زَ ْي ٌغ فَيَتَّبِعُونَ َما تَشَابَهَ ِم ْنهُ ب َوأُخ َُر ُمتَشَابِ َه ٌ ْال ِكتَا ِ الرا ِس ُخونَ فِي ْال ِع ْل ِم َّللاُ ۗ َو َّا ْبتِغَا َء ْال ِفتْنَ ِة َوا ْبتِغَا َء تَأ ْ ِوي ِل ِه ۗ َو َما يَ ْعلَ ُم تَأ ْ ِويلَهُ إِ َّال َّ ب " ،عشرون سنة َيقُولُونَ آ َمنَّا ِب ِه ُك ٌّل ِ ّم ْن ِعن ِد َربِّنَا ۗ َو َما َيذَّ َّك ُر ِإ َّال أُولُو ْاأل َ ْل َبا ِ في الحوزة لم تفلح بطبع هذه اآلية بدماغ التميمي فهي إما بسبب قدراته العلمية أو بسبب برامج الحوزة وعالم تركز ! أن النبي محمد قال أما بخصوص الرأي الثاني فهناك قياس معتمد هنا مفاده ّ ( ...و ُجعلت لي األرض مسجدا وطهورا) ،فهي ليست ( جامعا) أو "مسجدا" بمفهوم اليوم كما فهمها غيث التميمي حيث المسجد هو "بناية" يؤمها المسلمون ألداء الصلوات بل هي ( مثابة سجود) ال أكثر ،كذلك، فقصور فهم التميمي هنا مع هذا التفصيل يشابه قصور فهم البعض ممن تعجبوا كيف تورد اآليتان ( 25و ) 26من سورة األحقاف النص التالي(: عذاب ألي ٌم * تدمر ك ّل شئ بأمر ربها فأصبحوا ال يرى إال ٌ ..ري ٌح فيها مساكنهم) فهم يتساءلون :كيف أمكن رؤية " مساكنهم" بعد أن دمرت الريح ك ّل شئ؟ والحقيقة هي إن "مساكنهم" هنا تعني ( مواضع سكنهم) ال بيوتهم كأبنية فهذه كلمة لها أكثر من معنى .ومن يتعجب من هذه ويعجز عن إدراكها بذاته فهو محكوم أن يستغرب من عبارة ( فأصبحوا) في اآلية الثانية أعاله كذلك ،ألن الكفار ماتوا كلهم فكيف يقال فيهم " فأصبحوا" كما لو كانوا أحياءا ال زالوا؟ هذا تساؤل آخر متوقع ،وطبعا المقصود هنا هو أسلوب لغوي ال يعني المشركين أولئك كفاعل إال بقدر قوالب الكالم العربية ،هو قال (أصبحوا) كي ال يقول ( فأصبحت مساكنهم هي الوحيدة التي يمكن رؤيتها هناك) إذ شتان بين هذا النص البديل بهزالته وبين النص األصلي ببالغته. لذا ،وبغياب كثير التفصيل بشأن مثابة قديمة محتملة شأنها شأن مثابة البيت الحرام ،فالمسجد األقصى وفق هذه الرؤية هو " أقصى" بقعة وصل إليها رسول هللا (ص) وسجد عندها ،جاء عبد الملك بن مروان عقبها بسبعين سنة تقريبا وأقام المسجد(البناية) هناك معتمدا على تسمية ذلك الموضع في سورة اإلسراء بهكذا تسمية ،بالضبط كما أقام إبراهيم (ع) وإسماعيل ورفعا قواعد البيت ،لم يختر إبراهيم أية بقعة كانت بل إعتمد نفس المثابة القديمة تلك ،وبالضبط كما أقام السلطان محمد الفاتح مسجدا على موضع دفن (أبو أيوب األنصاري) عقب فتح القسطنطينية ،واألتراك يحكون لنا أنه إستدل على ذلك الموضع من خالل رعاة األغنام هناك حيث بينوا له أنهم الحظوا شيئا غير مألوف عبر السنين تلك هو ّ أن الماشية ال تقرب تلك البقعة ،ال ترعى من عشبها وال تلقي بفضالتها فوقها .اليوم هي ضاحية أيوب سلطان في إسطنبول وهي تتمحور حول مسجد أقيم هناك بنفس اإلسم لتمجيد ذكرى صحابي قاتل لفتح القسطنطينية منذ زمن األمويين ولم يتحقق له ذلك بل إستشهد عند أسوار المدينة وتم دفنه هناك واندرس محل قبره وقت نشأ محمد الفاتح لكن معلّمه ومؤدبه في صغره حكى له عن ذلك األمر وبيّن له موضع دفن األنصاري فعاد بعد فتح المدينة ليؤسس للصحابي ما يستحقه من تخليد. هذه من دون إضاعة ساعة واحدة بالدراسات الدينية سواء في حوزة النجف أو أزهر مصر أو جامع اإلمام األعظم أو على يد الشيخ اللوطي أو البوطي ذاك ،وهذه من دون لقب شيخ أو تكلف وضع عمامة هي ليست إال هدرا للقماش بلونيه األسود واألبيض ،هدر ال يقل عن الهدر الذي يتسبب به شروال الكاكاوات ذي السبعين لفة !
الكامل في اتفاق الصحابة والأئمة أن (تخافون نشوزهن) و (يوطِئن فُرُشكم) تعني عصيان المرأة لزوجها وإدخالها البيت من لا يرضاه وإن كان من محارمها وليس يعني الزنا مع ذِكر (90) صحابيا وإماما منهم